ما أحوجنا إلي مداومة الصلة بالله عز وجل لتقوية الصلة بالله عز وجل ومواصلة دعائه. يقول الدكتور محمد السيد الجليند أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: حياة الإنسان تدور بين أمرين هما السراء والضراء وبينهما تتقلب الحياة قربا أو بعدا من الله, والله سبحانه وتعالي يحب أن يعبد بالدعاء كما يحب أن يعبد بالصلاة والصبام والزكاة, فقد أمرنا أن ندعوه كما أمرنا أن نصلي ونزكي ونصوم.فإن لم ندع الله مختارين فقد يجبرنا بنوازل القضاء أن ندعوه لكشف ما نزل به القضاء, ولذلك نقرأ قوله تعالي:( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) وندرك سر هذا الأمر نجد نوازل القضاء تحمل للإنسان الخير كله, سواء كان القضاء يحمل للإنسان مايسوؤه أو مايسره... وهذا مصداقا لحديث النبي صلي الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له فالإنسان دائما يستمر في دعاء مولاه في السراء يدعوه أن يديم الخير عليه وفي الضراء يدعوه أن يكشف عنه البلاء. ومن هنا فإن الدعاء عبادة لله عز وجل في كل وقت وحين في السراء والضراء في أثناء وقع البلاء وفي أثناء نزول الفرج وفي غير ذلك مصداقا لقوله تعالي علي لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام:( وأعتزلكم وماتدعون من دون الله وأدعو ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقيا. فلمااعتزلهم ومايعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا. ووهبنا لهم من رحمتناوجعلنا لهم لسان صدق عليا), وقال:( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) فربنا جل وعلا أضاف العباد إليه, وتولي الرد المباشر عليهم منه.. ولم يقل: فقل لهم: إني قريب.. إنما تولي بذاته العلية إجابة عباده بمجرد السؤال فإني قريب ولم يقل أسمع الدعاء.. إنما عجل بإجابة الدعاء:( أجيب دعوة الداع إذا دعان) وهذا يسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة, والود المؤنس, والرضي المطمئن, والثقة واليقين بالله جل وعلا ويجعل الإنسان يقبل علي الدعاء وهو كله رجاء وثقة بأن الله سبحانه جدير بالإجابة, وفي ظل هذا الأنس الحبيب, وهذا القرب الودود, وهذه الاستجابة الروحية.. يوجه الله عباده إلي الاستجابة له, والإيمان به, لعل هذا أن يقودهم إلي الرشد والهداية والصلاح,( فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون).. فالثمرة الأخيرة من الاستجابة والإيمان هي لهم كذلك.. وكذلك الرشد والهدي والصلاح.فالله غني عن العالمين.