إيهود باراك: إسرائيل لا تملك القدرة على خوض حرب شاملة بمفردها لإسقاط إيران    إشادة قوية من المطربة أنغام على أداء محمد الشناوي أمام إنتر ميامي الأمريكي    «كنت رقم 1».. وسام أبوعلي يكشف مفاجأة عن أزمة ركلة جزاء الأهلي    التعليم: فتح ابواب اللجان الامتحانية في الثامنة صباحًا امام الطلاب    الأردن يُطلق صفارات الإنذار وسط تصاعد التوترات الإقليمية    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    250 مصابا و8 قتلى بصواريخ إيران.. سلطات إسرائيل تقيم مركزا للتعرف على الجثث    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 15 يونيو    اليوم.. مجلس النواب يناقش مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الأحد 15 يونيو    نقابة الموسيقيين تحذر مطربي المهرجانات والشعبي بسبب الراقصات    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 15-6-2025 مع بداية التعاملات    تحذير شديد بشأن حالة الطقس وانخفاض الرؤية: «ترقبوا الطرق»    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    «المركزى» يُقر خطة تحويل «إنكلود» لأكبر صندوق إقليمي في التكنولوجيا المالية    رقم تاريخي ل زيزو مع الأهلي ضد إنتر ميامي في كأس العالم للأندية    إعلام إسرائيلي: مصرع 5 وأكثر من 100 مصاب جراء القصف الإيراني على تل أبيب    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    تجاوز 63%.. مؤشر تشغيل القروض للودائع يواصل التحليق لمستويات غير مسبوقة    السينما والأدب.. أبطال بين الرواية والشاشة لجذب الجمهور    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    إصابات واستهداف منشآت استراتيجية.. الصواريخ الإيرانية تصل حيفا    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ؟    سبب دمارًا كبيرًا.. شاهد لحظة سقوط صاروخ إيراني في تل أبيب (فيديو)    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    الموعد المتوقع لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025؟.. رابط الاستعلام برقم الجلوس    "رفقة سواريز".. أول ظهور لميسي قبل مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    أعراض السكتة القلبية، علامات صامتة لا يجب تجاهلها    السفارة الأمريكية في البحرين تدعو موظفيها إلى توخي الحذر عقب الهجوم على إيران    "العسل المصري".. يارا السكري تبهر متابعيها في أحدث ظهور    القانون يحظر رفع أو عرض العلم المصرى تالفا أو مستهلكا أو باهت الألوان    ضبط كوكتيل مخدرات وأسلحة آلية.. سقوط عصابة «الكيف» في قبضة مباحث دراو بأسوان    إغلاق كلي بطريق الواحات لمدة 5 أيام.. تعرف على الطرق البديلة    بداية العام الهجري الجديد 1447.. عبارات مميزة لرسائل تهنئة وأجمل الأدعية    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    سوريا تغلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران    رسميًا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 15 يونيو 2025    كهرباء قنا تفتتح مركزًا جديدًا لخدمة العملاء وشحن العدادات بمنطقة الثانوية بنات    بمشاركة 20 ألف.. مستقبل وطن يُطلق مؤتمر شباب الدلتا بالإسكندرية    شهادة أم وضابطين وتقارير طبية.. قائمة أدلة تُدين المتهم في واقعة مدرسة الوراق (خاص)    إصابة سيدتين وطفل في انقلاب ملاكي على طريق "أسيوط – الخارجة" بالوادي الجديد    نتناولها يوميًا وترفع من نسبة الإصابة بأمراض الكلى.. أخطر طعام على الكلى    دون أدوية أو جراحة.. 5 طرق طبيعية لتفتيت وعلاج حصوات الكلى    ضمن مبادرة "100 مليون صحة".. صحة الفيوم تقدم خدمات المبادرات الرئاسية لأكثر من 18 ألف مواطن خلال عيد الأضحى    أسرار صراع المحتوى «العربي - العبري» في الفضاء الاصطناعي    كأس العالم للأندية| «ريبيرو» يعقد محاضرة فنية للاعبي الأهلي استعدادًا لمواجهة إنتر ميامي    جامعة بدر تفتح باب التقديم المبكر بكافة الكليات لطلاب الثانوية العامة والأزهري والشهادات المعادلة    النيابة تدشن المرحلة الأولى من منصتها الإلكترونية "نبت" للتوعية الرقمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    فرصة للراحة والانفصال.. حظ برج الدلو اليوم 15 يونيو    رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السابق: لا تأثيرات لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية على مصر    سر دموع عبد الفتاح الجرينى على الهواء فى "صندوق الذكريات" ب"آخر الأسبوع"    بدأت في القاهرة عام 2020| «سيرة» وانكتبت.. عن شوارع مدن مصر القديمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشهير بالناس‏..‏ جريمة في حق المجتمع
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 06 - 2010

من منا لا يذنب؟ ومن منا لم يخطئ؟‏..‏ ولكن البعض يكون عونا للشيطان علي المخطيء‏..‏ وذلك بفضح أمره وهتك ستره وتمزيق عرضه والتشهير به والحديث مع الناس عن معصيته‏..‏ فالبعض يتخذ من أعراض الناس نوعا من اللهو والتسلية وإضحاك الآخرين فلا يطيب لهم الحديث إلا بذكر عيوب الناس وتلفيق التهم إليهم ولا يبالون بما يقولون‏..‏ ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن هناك بعض ضعاف النفوس ممن يستغل قيام بعض المجرمين بتصوير جرائمهم الأخلاقية علي أشرطة فيديو فيقومون بترويجها ونشرها بين الشباب بدافع التباهي والبعض الآخر بهدف التربح غير عابئين بما يرتكبونه من جرم‏..‏ فلا خوف من الله يردعهم‏,‏ ولا حياء يمنعهم‏..‏ ولو نظر الإنسان إلي نفسه ما خاض في أعراض الناس ولا ذكر عيوبهم لأن فيه من العيوب ما يكفيه‏..‏ في هذا التحقيق سنحاول التعرف علي الأسباب والدوافع التي تجعل الناس ينشرون فضائح الآخرين؟‏..‏ وهل الإسلام يدعو إلي نشر هذه الفضائح أم أنه يدعو للستر؟‏..‏ وكيف نحتوي المذنبين؟
الستر مطلوب
الإسلام يدعو للستر وصيانة الأعراض وعدم تتبع عورات الناس والتشهير بهم‏..‏ فالله عز وجل ستير يحب الستر ويأمر عباده به‏..‏ ولقد جعل الله عز وجل الجزاء من جنس العمل‏..‏ فمن ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة‏,‏ ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتي يفضحه بها في بيته‏..‏ هذا ما أكده الدكتور محمد مختار جمعة الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر الذي قال‏:‏ الستر علاج اجتماعي يختفي معه كثير من أمراض المجتمع‏..‏ والستر واجب حتي لا تشيع الفاحشة وحتي لا يعم ذكرها بين الناس‏..‏ والإسلام أمرنا بأن نحافظ علي أعراض الناس ولا نتتبع عوراتهم إذ يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:(‏ يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلي قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته‏).‏ ولقد جعل الله عز وجل العذاب الشديد في الآخرة في انتظار الذين يخوضون في أعراض الناس‏.‏
وأشار د‏.‏ محمد إلي أن النبي صلي الله عليه وسلم كان حريصا علي ستر العاصين‏,‏ فحينما زني ماعز أمره رجل يسمي هزال بأن يذهب للنبي صلي الله عليه وسلم ويعترف أمامه بالزنا‏,‏ فأقر بالزنا أربع مرات فأمر برجمه‏,‏ وقال صلي الله عليه وسلم لهزال‏:'‏ لو سترته بثوبك كان خيرا لك‏'..‏ وهذا يفرض علي كل مسلم إذا سمع عن أخيه ما يسوؤه أن يبادر بحسن الظن به ويرد غيبته حتي لا يشارك في الإثم لحديث أبي الدرداء عن النبي صلي الله عليه وسلم قال‏:(‏ من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة‏)..‏ وإذا شاهد خطيئة تتعلق بعرض أخيه المسلم ولم يجاهر بها فعليه أن يبادر بالستر أولا وألا يفضح أمره أمام الناس ولا يتناقل الكلام‏..‏ فالإنسان مطالب بالستر علي من ليس معروفا بالأذي والفساد‏..‏ فلا ينبغي فضح امرئ ستر نفسه‏..‏ فالإنسان الذي غلبته نفسه فعصي الله في السر ولم يجهر بمعصيته لا يجوز أن نفضحه وننشر خطأه بين الناس‏..‏ فستر هذا الشخص يعتبر عونا له علي الشيطان‏,‏ وسببا في إقلاعه عن الذنب وصلاحه وابتعاده عن الوقوع في الخطأ مرة أخري‏,‏ كما أن فضحه قد يجرئه علي التمادي في ارتكاب المعصية‏..‏ويضيف‏:‏ يجب ألا نفضح أمر ذوي الهيئات وهم الذين اشتهر فضلهم بين الناس والذين كثر خيرهم لحديث عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:(‏ أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود‏)..‏ فإذا وقعت لهم عثرة يجب أن تقال عثرتهم‏,‏ وألا تكشف سوأتهم‏,‏ لئلا تنعدم قدوتهم عند الناس إلا ما كان موجبا للحد‏.‏
النصيحة في السر
إذا كان الإسلام يدعو للستر علي المخطيء فهذا ليس معناه أن نكون سلبيين معه أو أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ما يرتكبه من أخطاء‏..‏ ولكن يجب علينا أن ننصحه بالحكمة والموعظة‏..‏فالستر لا ينافي النصح بل يتطلبه‏..‏ فإن لم تؤت النصيحة ثمرتها ولم يستجب وكان الستر عليه سببا في ازدياد جرائمه مما يخل بأمن المجتمع وجب رفع أمره إلي الحاكم لأن السكوت عليه يزيده تبجحا وإفسادا‏,‏ هذا ما يوضحه الدكتور محمد السيد الجليند أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة الذي قال‏:‏ يحرص الإسلام علي سلامة المجتمع من العلل والأمراض ما ظهر منها وما بطن ويجعل مسئولية المجتمع وأمنه وسلامته مسئولية تضامنية بين جميع الأفراد كطرف وولي الأمر كطرف آخر‏..‏ فالمسئولية الاجتماعية مسئولية تضامنية‏..‏ فأنا مسئول عنك وأنت مسئول عن تقويم سلوكي إذا رأيت فيه إعوجاجا‏..‏ ورسول صلي الله عليه وسلم يقول‏:'‏ من رأي منكم منكرا فليغيره بيده‏.‏ فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه‏,‏ وذلك أضعف الإيمان‏'..‏ فإذا رأينا شخصا وقع في الخطأ فيجب علينا أن نساعده في الإقلاع عن هذا الذنب بأن نمد له يد العون حتي يتحول من شخص يرتكب الذنوب إلي إنسان يحب الطاعة ويبحث عنها وذلك بأن نفتح له باب الأمل في التوبة ونقدم له النصيحة بالرفق واللين‏..‏ فالمؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير‏..‏ ويجب أن تكون في السر لأن النصيحة علي الملأ فضيحة‏..‏ قال الإمام الشافعي‏:'‏ من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه‏,‏ ومن وعظه علانية فقد فضحه وخانه‏'..‏
‏..‏ والفضيحة أحيانا‏!‏
‏..‏ ويضيف الدكتور محمد السيد الجليند‏..‏ هناك أناس ماتت ضمائرهم ولم يرعوا لحرمة المجتمع إلا ولا ذمة وأخذوا يعيثون في الأرض فسادا ولم يخشوا الله في السر ولا في العلانية بل أخذوا يجاهرون بالفسق والمعاصي ويتفاخرون بل ويسعون لنشر الرذيلة والفساد في المجتمع‏..‏ وهؤلاء ليس لهم حرمة حتي نعمل علي صيانتها‏..‏ فهؤلاء هتكوا الستر الذي بينهم وبين الله وأحلوا للناس أعراضهم وينبغي أن يعاملوا بما يليق بهم لأنهم اسقطوا من أعينهم حرمة الله وحرمة الدين وحرمة المجتمع وينبغي أن تسقط حرمتهم من أعين الناس‏..‏ ويجب أن يواجهوا برفض المجتمع حتي يكفوا عن ارتكاب المعاصي وذلك بفضح أمرهم حتي يعرف الناس حالهم وينزلوهم منازلهم التي تليق بهم‏..‏ وحتي يتقوا شرهم ويتجنبوهم‏..‏ والجهر بالمعصية كالمجاهر بترك الطاعات كالصلاة والصيام والزكاة‏..‏ أو الإصرار علي ارتكاب الذنوب المنهي عنها كشرب الخمر والسرقة وأخذ أموال الناس وعدم ردها وظلم الضعيف وعدم الأمانة وطول اللسان وأكل أموال اليتيم والتعامل بالربا‏..‏ فإذا كان ذلك بينا مشهورا فيجب فضحهم وإظهار حقيقتهم للناس حتي لا ينخدع بهم من لا يعرف أمرهم وحتي لا يتمادوا في الإيذاء والإفساد‏..‏ وأشار إلي أن‏:‏ فضح أمر المجاهر بالمعصية من الأمور المباحة فيها الغيبة‏,‏ فقد جاء في تراثنا أنه لا غيبة لفاسق‏..‏ وعندما يباح غيبة المجاهر بفسقه فهذا ليس معناه أن تكون الغيبة علي إطلاقها وإنما تكون في الأمر الذي أعلن فيه بفسقه‏..‏ وتكون الغيبة لمصلحة كزجره وتخويف وتحذير الناس منه وعدم الاقتداء به‏..‏ أما أن تكون الغيبة من أجل المزاح واللهو وإظهار الشماتة فهذا لا يجوز‏..‏ وعندما يتوب المجاهر بالمعصية فيجب أن نكف عن غيبته‏.‏ وأكد عدم جواز الغيبة في الأعراض لأن الشائعات فيها أكثر من الحقائق‏..‏ فالجرائم المتعلقة بالعرض يصعب إثباتها‏.‏ وطالب د‏.‏ الجليند المجتمع بالتصدي لمروجي الفاحشة حتي لا ينتشر الفسق في المجتمع لأن شيوع هذه الأمراض وانتشار هذه الأوبئة في جسد الأمة وعدم إنكارها ومحاربتها نذير بانهيار المجتمع‏..‏ فهذه سنة الله في كونه‏..‏ فعندما تفشت الفاحشة في بني إسرائيل وكانوا كما ذكر القرآن الكريم‏(‏ وأني فضلتكم علي العالمين‏).‏ ولكن عندما ظهرت الفاحشة ولم يحاربوها قال عنهم الله تعالي‏:(‏ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون‏,‏ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون‏).(‏ المائدة‏:78‏‏79)..‏ وتلك سنة الله‏,‏ ولن تجد لسنة الله تبديلا‏.‏
المجاهر بعيد عن عفو الله
‏..‏واتفق معه الشيخ أحمد ترك إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية علي ضرورة عقاب ومحاربة المجاهر بالمعصية حتي لا تنهار قيم المجتمع ومبادؤه وقال‏:‏ الجهر بالمعصية جريمة وفجور‏,‏ ولا يحدث ذلك إلا بعد أن يتعدي الإنسان حدود الله ويتجرأ علي محارمه فينتقل إلي مرحلة الدعوة إليها‏..‏ فالذي يجهر بالمعصية فهو إظهار لعدم خوفه من الله عز وجل‏..‏ واستخفاف بحق الله ورسوله صلي الله عليه وسلم‏..‏ فالمؤمن يعظم شعائر الله والفاسق يستخف بحدود الله وشرعه وشرائعه‏.‏ ويضيف‏:‏ المجاهر بالمعصية يذل نفسه ويفضحها في الدنيا قبل الآخرة‏..‏ فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها أغضب ربه فلا يستره في الدنيا ولا في الآخرة‏..‏فالعبد إذا ستره الله في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر بالمعصية يحرم من ذلك‏..‏ كما أن المجاهر يجعل نفسه من المحرومين من عفو الله فلقد علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن الله يغفر الذنوب لكل المسلمين إلا المجاهرين بالمعاصي لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول‏:(‏ كل أمتي معافي إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه‏).‏
مريض نفسي
‏..‏واعتبر الدكتور نبيل السمالوطي عميد كلية الدراسات الإنسانية السابق جامعة الأزهر أن قيام بعض الأشخاص الذين يحترفون التجارة بأعراض الناس بالجهر بجرائمهم الأخلاقية من خلال تصوير من يقع فريسة لهم في أوضاع مخلة علي شرائط فيديو أو اسطوانات‏(‏ سي دي‏)‏ وتوزيعها علي الناس لا يمكن تفسيره إلا في إطار أن أصحابه مصابون بأمراض نفسية أو أمراض عقلية أو لديهم عقد دفينة أو نزعات عدوانية مكبوتة وهؤلاء لا يحاولون فضح من يرتكبون معهم الفاحشة فقط ولكنهم يتاجرون بهم عن طريق بيع هذه الأسطوانات‏..‏ والأموال التي يحصلون عليها هي أموال حرام‏..‏ فشريعتنا الإسلامية تحمي العرض والعقل والمال والدين والنفس فلا يمكن لعاقل أن يرتكب مثل هذه الآثام التي هي من الكبائر والتي يعاقب الله صاحبها في الدنيا والآخرة‏..‏ أما بالنسبة لمن يحصلون علي شرائط تمثل فضائح وآثام ومنكرات لأناس آخرين مشهورين أو غير مشهورين ويتباهون بحيازتهم لهذه الأشرطة ويتبادلونها مع الآخرين أو ينشرونها علي الإنترنت فهذه أيضا جريمة كبري في الإسلام‏.‏ وهؤلاء الناس مصابون أيضا بأمراض نفسية وعقد نقص يحاولون الفكاك منها من خلال ما يرتكبونه من آثام‏.‏
الخوض في الأعراض‏..‏ مرفوض
‏..‏ومن جانبه رفض الدكتور مصطفي مراد الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر قيام بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت بالترويج للفاحشة وذلك من خلال اتخاذ أعراض الناس وسيلة للابتزاز ولتحقيق الشهرة وحصد المكاسب المادية الضخمة‏..‏ وذلك بنشر فضائحهم وإظهار عوراتهم والاستطالة في أعراضهم تارة وبتلفيق آثام وأخطاء لم يقترفوها والتشهير بهم تارة أخري‏..‏ واعتبر أن هذه الأشياء من الأمور المحرمة في الإسلام وهؤلاء الأشخاص من المجرمين الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا إذ يقول الحق سبحانه وتعالي في سورة النور‏:(‏ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون‏)..‏ كما أن الإسلام جعل استطالة الإنسان في عرض أخيه المسلم باحتقاره أو قذفه أو سبه جريمة أشد من جريمة الربا وأشد تحريما منها لأن العرض أعز وأغلي علي النفس من المال حيث يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:(‏ إن من أربي الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق‏).‏ وطالب وسائل الإعلام بأن تتحري دقة ما تكتب فلا يجوز نشر الجرائم بناء علي الشك كما لا يجوز لإنسان أن يحمله الغضب لنفسه علي الانتقام من إنسان بريء أو فضح عورته بغير حق‏..‏ وكذلك لا يجوز نشر القضايا التي لم يجمع القضاء علي رأي فيها لأنها تعتبر في محل الشك‏..‏ أما إذا كان الأمر يقينيا ثابتا مسلما به فننظر إلي مرتكب الجريمة فإذا كان فاسقا فاجرا لا يبالي بالآثام ولا يعبأ بإنكار الناس عليه فهذا لا مانع من نشر فضيحته كأن يكون ممن يغش الناس في أموالهم وتجارتهم‏..‏ حتي يحذر الناس من الوقوع في حبائله ومكره وحتي لا يخدع الناس من مستواه المادي وصفقاته الرابحة فيقدمون له أموالهم فينهبها‏..‏ أما إذا كان مرتكب الجريمة غالبه الصلاح فالأصل ستره وعدم نشر عيبه لأنه قد يتوب من الذنب وتبقي جريمته وصمة عار في جبهته طوال حياته ويكون نشر خطئه سببا في عدم التوبة والرجوع إلي الله عز وجل‏..‏ أما مسائل الأعراض فهذه الجرائم لا يجوز نشرها من باب الحفاظ علي العورات وعدم التشهير بالناس‏.‏
الأسباب
وعن الأسباب التي تؤدي إلي قيام البعض بنشر فضائح وأخطاء الآخرين والتشهير بهم يقول الدكتور محمد عبد رب النبي من علماء الجمعية الشرعية‏:‏ الخوض في أعراض الناس له أسباب عقدية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية‏..‏ فالسبب العقدي يرجع لضعف الإيمان في القلوب والبعد عن منهج الله عز وجل وقلة الشعور بمراقبة الله للعبد فالإنسان لا يخوض في أعراض الناس إلا بسبب نسيانه لذنوبه وعيوبه ولو نظر إلي نفسه ما خاض في أعراض الناس لأن فيه من العيوب ما يكفيه عن النظر إلي عيوب الآخرين‏..‏فالإنسان يبصر القذي في عين غيره وينسي الجبء في عينه‏,‏ والسبب الأخلاقي‏:‏ أن نشر أخطاء الناس ثمرة لسوء السريرة ووجود النفس المريضة‏..‏ فبعض الأشخاص أصحاب النفوس الخبيثة عندما تقع بينه وبين أحد الأشخاص خصومة فإنه يطعن في أعراضهم ويظهر عيوبهم وأسرارهم لينتقص من قدرهم‏..‏ فإن لم يجد لهم أخطاء لفق له بعض الفضائح والتهم حتي يشفي غيظه ويبرد صدره‏,‏ ومنها الحسد فالنفس بطبيعتها جبلت علي حب الرفعة علي الآخرين‏,‏ والإنسان الحسود عندما يري أحدا علا عليه واشتهر بين الناس فإنه يكره ذلك فيسعي لإزالة هذه المكانة بالقدح فيه في المجالس والخوض في عرضه لإلصاق العيوب به حتي تزول مكانته ووجهته‏.‏
والسبب الاجتماعي‏:‏ أن الإنسان الذي يفضح الآخرين غالبا ما يكون صاحب مكانة دنيا في المجتمع ويريد لفت الأنظار إليه فيظن أنه بإشاعة الفضيحة سيرفع مكانته وأن القوم سيقدرونه وسيكثر من معارفه وأصدقائه‏,‏ ومنها المداهنة والمجاملة لأصدقاء السوء‏..‏ فعندما يجلس الإنسان في مجلس يذكر فيه أعراض الناس بالسوء فإنه يكره أن يشذ عنهم فيجاريهم في ذكر العيوب والمساوئ مخافة أن يستثقلوا مجالسته ويكرهوا صداقته فيقدم رضاهم حتي ولو كان ذلك بغضب الله‏..‏ ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس‏,‏ ومنها المزاح‏..‏ فتجد البعض يسخر ويستهزيء بالآخرين ويذكر عيوبهم ليضحك أصدقاءه‏,‏ وهذا الإنسان توعده رسول الله صلي الله عليه وسلم بالويل‏..‏ أما الأسباب الاقتصادية‏:‏ فبسبب الضيق والضنك الذي يعيش فيه بعض الناس يلجأ بعض الموظفين إلي تملق رؤسائهم بفضح زملائهم وهتك أسرارهم وإشاعة سوءتهم حتي يتقربوا من رؤساءهم ويحظوا بالمكانة العالية‏.‏
‏..‏وللتوبة شروط
‏..‏ وإذا أراد الإنسان أن يتوب إلي الله ويكفر عما ارتكبه في حق الناس من تشهير وخوض في أعراضهم يقول الشيخ عماد مالك إمام وخطيب بالأوقاف‏:‏ من فضل الله علينا أن جعل باب التوبة مفتوحا علي مصراعيه فهو يعرف ضعفنا وتسلط الغرائز علينا ووسوسة الشيطان لنا‏,‏ فالله عز وجل يغفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها فاسمه الغفار فمن شأنه أن يغفر واسمه العفو فمن شأنه أن يعفو فلا يعظم عليه ذنب‏,‏ فمهما عظم الذنب فإن مغفرته أعظم منه‏..‏لذلك يجب علي الإنسان ألا يقنط من رحمة الله مهما بلغت ذنوبه قال تعالي‏:(‏ قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم‏).(‏ الزمر‏:53)...‏ فالله عز وجل يحب التوابين ويفرح بعبده المؤمن حينما يقبل عليه ويقف بين يديه ويعترف لمولاه بذنوبه وخطاياه قال تعالي‏:(‏ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين‏).(‏ البقرة‏:222)..‏ وحتي تكون هذه التوبة صادقة فيجب أن يقلع الإنسان عن هذه المعصية وأن يندم علي فعله ويعزم ألا يعود إليه أبدا ويطلب العفو والصفح ممن مظلمته ويرد إليه مظلمته أو يتحللها منه‏,‏ فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال‏:(‏ من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه‏)..‏ فإن كان طلب العفو والصفح سيؤدي إلي وقوع مفسدة أعظم كحدوث بغضاء وشحناء وعداوة بينهم فعليه أن يكثر من الدعاء والاستغفار له وأن يذكره بين الناس بما يحب أن يذكر به لكن لابد للحقوق أن ترد‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.