ما الذي ينبغي عمله من أجل احتواء كل ما أفرزته انتخابات مجلس الشعب الأخيرة من سلبيات وتأويلات لا تتفق ومفصلية المرحلة المقبلة من تاريخ هذا الوطن الذي يتأهب لاستحقاقات انتخابية علي مقعد رئيس الدولة بعد عدة أشهر. إن التحدي الكبير الذي يواجه الوطن لا يتعلق بأغلبية حصدت معظم مقاعد البرلمان وإنما يهم كل أركان النظام السياسي في مصر والذي تعبر عنه الأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني ومن ثم فإن الجميع مطالبون بتحمل مسئولياتهم في مهمة تضميد جراح المعركة الانتخابية بمبادرات متوازية بين الحزب الوطني وأحزاب المعارضة من أجل الالتقاء علي أرضية مشتركة لتقوية وتعزيز البناء الديمقراطي بروح الحوار المتكافئ وليس تحت وطأة التهديد أو الإذعان من هنا أو هناك. أتحدث عن حاجة المجتمع إلي نشر ثقافة الديمقراطية لتوسيع نطاق المشاركة السياسية وترسيخ مفهوم المواطنة التي تشجع المواطن علي انتهاج الحوار سبيلا وحيدا للتعبير عن آرائه وأفكاره علي نحو يقبل الاختلاف ويحترم الرأي الآخر من خلال فهم صحيح لأبسط قواعد القياس الديمقراطي التي تعني ضرورة قبول نتائج التصويت مالم يكن هناك بطلان قانوني يخلو من شبهة الادعاء السياسي!. بوضوح شديد أقول: إنه بصرف النظر عن صحة أو عدم صحة ما قيل بشأن ملابسات الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب فإن الخيار الوحيد هو الحوار تحت رايات المصارحة والمكاشفة من أجل صياغة رؤية مستقبلية للاستحقاقات الوطنية الوشيكة وما عدا ذلك مجرد هوامش وتفاصيل لا أقول بعدم أهميتها وإنما أقول إنه لا ينبغي التوقف طويلا أمامها إلي أن يقول القضاء العادل كلمته النهائية بشأن أي منازعات. إن مستقبل مصر ليس حكرا علي حزب بذاته مهما يكن حجم الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها وإنما هو مسئولية كل أركان النظام السياسي المصري الذي تشكل الأحزاب السياسية عموده الفقري ومن ثم تتعاظم أهمية الدعوة لحوار وطني شامل من أرضية الثقة المتبادلة المستندة إلي القدرة علي طرح مبادرات متوازية في إطار الممكن والمتاح لضمان حماية الديمقراطية من أي انتكاسة يصنعها الجدل والعناد غير المسئول. وفي اعتقادي أن هذا الاهتمام الواسع بانتخابات مجلس الشعب الأخيرة ينبغي أن يكون منطلقا لمراجعة شاملة بكل أدوات الصدق والشجاعة من جانب الجميع- أغلبية ومعارضة- لأنه إذا قيل مثلا بأن أحزاب المعارضة تشكو من معوقات تحد من حرية حركتها- وذلك أمر يمكن فهمه- فإنه لا بد أن يقال صراحة إن معظم هذه الأحزاب لم تنجح في أن تنشئ لنفسها رصيدا جماهيريا يعبر عنه بوجود حقيقي في الشارع السياسي الذي يسيطر عليه الحزب الوطني منذ عقود استنادا إلي ما يملكه من قدرات تنظيمية هائلة لا تتوافر لأحزاب المعارضة فضلا عن الرصيد الوطني والتاريخي للرئيس مبارك في ترجيح كفة الحزب الذي يرأسه وينتمي إليه. ثم أقول في النهاية إن المسئولية الوطنية تحتم علي الجميع ضرورة وضع كل هذه المعطيات التي أشرت إليها في الاعتبار لأن مستقبل هذا الوطن وضمان أمنه واستقراره أهم وأبقي من أي شيء آخر! *** خير الكلام: ** قل بعض ما تعلم... وافعل كل ما تستطيع! [email protected]