التعليم العالي: 62 ألفا من طلاب الثانوية العامة سجلوا لأداء اختبارات القدرات    مستقبل وطن: بيان الداخلية يُجسد يقظة مؤسسات الدولة وصلابة منظومتها الأمنية في مواجهة الإرهاب    شيحة: لدينا هيئة وطنية مستقلة تشرف على الانتخابات وتحقق نوعا من التوازن    تراجع سعر الجنيه الإسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأحد 20-7-2025 فى البنوك    المؤشر الرئيسي للبورصة يختتم جلسة الأحد متجاوزًا مستوى 34 ألف نقطة    محافظ سوهاج: استقبال أكثر من 183 ألف طن قمح بالصوامع حتى الآن    الرقابة المالية: تسريع التحول الرقمي في قطاع التأمين بدأ بإتاحة إصدار بعض الوثائق إلكترونيًا    5 زلازل تضرب شبه جزيرة "كامتشاتكا" الروسية وتحذير من تسونامي محتمل    قائد القيادة المركزية الأمريكية ينقل تحيات "ترامب" للسيسى.. الرئيس يؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن.. يشدد: نهر النيل قضية أمن قومي.. ومستمرون فى جهودنا للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة    الصحف العالمية اليوم: مساعدو ترامب ناقشوا إنهاء عقود الحكومة الفيدرالية مع شركة إيلون ماسك بعد خلافه مع الرئيس.. الاستقالات تتوالى داخل البنتاجون.. وبريطانيا فى مرمى دعوى قضائية لعدم إجلائها أطفالاً من غزة    إيران والترويكا الأوروبية تتفقان على استئناف المحادثات النووية    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    تتقدم على كل المحاور.. القوات الروسية تسيطر على بلدة جديدة    اتحاد المصارعة يوقف النشاط 3 أيام حدادا على وفاة الحكمة الدولية أمينة رفيق    كولو مواني يشعل الصراع بين أندية الدوري الإنجليزي    بايرن ميونخ يقترب من حسم صفقة لويس دياز مقابل 75 مليون يورو    «قالوا فينيسيوس جاي الزمالك!».. شوبير يسخر من شائعات صفقات اللاعبين    أحمد فتوح يجهز دليل براءته قبل جلسة التحقيق معه فى الزمالك    فتوح "الساحل الشمالي" وحسام عبدالمجيد ومحمد صبحى يقتربون من مغادرة القلعة البيضاء    محمد حمدي: الوكلاء سبب مفاوضات الأهلي.. ولم أتوقع ما فعله زيزو    تأجيل محاكمة 3 أطفال بتهمة قتل آخر بكفر الشيخ لجلسة 27 يوليو للحكم    تموين المنيا يحرر 92 مخالفة ويضبط 878 بطاقة ذكية مخزنة بمخابز مطاى    انقلاب سيارة نقل ثقيل بمحور الشهيد باسم فكرى بقنا ومحاولة لرفعها وفتح الطريق    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    تامر حسني يوجه الشكر لليوم السابع بعد تقرير "مسيرة دويتوهات ناجحة مع النجوم"    12 ليلة عرض بالمجان ل البيت الفني للمسرح ب «المهرجان القومي» (صور)    قناة "مصر قرآن كريم" تحيى ذكرى رحيل الشيخ محمود علي البنا    قبل طرحه.. تفاصيل 10 أغنيات تقدمها آمال ماهر في ألبوم «حاجة غير»    وزارة الصحة توضح خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية بين الأطفال    في الصباح أم المساء.. ما هو أفضل وقت لتناول بذور الشيا؟    محافظة الغربية تواصل العمل المكثف بطريق الشين – قطور    رحلة الرزق انتهت.. حوض المرح ابتلع الشقيقات سندس وساندي ونورسين بالبحيرة    الشيخ أحمد خليل: البركة في السعي لا في التواكل    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    إيهاب هيكل يعلق على أزمة تحذير طلاب الثانوية من "كليات الأسنان"    أول ظهور لإمام عاشور بعد أزمته الأخيرة مع فتوح (صورة)    غلق 143 محلًا لمخالفة قرار ترشيد استهلاك الكهرباء    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة تعاملات اليوم 20 يوليو    كامل الوزير يتفقد 3 مصانع متخصصة في الصناعات الغذائية والمعدنية ومواد البناء بالعبور    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR»    أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.. «الغرف التجارية» توضح    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    محافظ أسيوط يفتتح المعرض السنوي السابع لوسائل رياض الأطفال بالأزهر- صور    محافظ أسيوط يفتتح معرض الوسائل التعليمية لرياض الأطفال بالمنطقة الأزهرية (صور)    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    زكى القاضى: إسرائيل لا تريد رؤية الفلسطينيين وتسعى لتفنيذ مخطط التهجير    الابن وأمه في جنازة واحدة.. "خليل" يودع الحياة بعد والدته بساعات في بني سويف    دعوى قضائية ضد حكومة بريطانيا لقرارها عدم إجلاء أطفال مرضى من غزة    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    حنان ماضي تُعيد الزمن الجميل.. ليلة موسيقية بنكهة التسعينيات في «المكشوف»| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرعونة تغتال الطفولة
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 11 - 2010

لم يكن محمد عمر التلميذ بإحدى مدارس الجيزة يعلم عند خروجه من منزله صباحاً ليستقل أتوبيس المدرسة بأن دماءه ستكون مهدرة بسبب الرعونة واللامبالاة والإستهتار بحياته. وكذلك حياة زملائه لولا أن الإرادة الإلهية كتبت لهم النجاة وقدرت له أن يلقي حتفه..
ولم يكن يعلم أيضا أن براءته وتلقائيته كأي طفل يرغب في مشاهدة ماحوله في الشارع وهو يستقل وسيلة مواصلات وذلك باخراج رأسه من النافذة.. لم يكن يعلم أن هذه البراءة ستؤدي به إلي أن يلقي مصرعه بطريقه بشعة حيث انفصل رأسه عن جسده عندما إصطدم به اتوبيس رحلات كان يتسابق قائده مع قائد اتوبيس المدرسة الذي كان به محمد.. هذا الماراثون الإجرامي تسبب في اغتيال براءه وطفولة غضة لايتجاوز عمرها السنوات العشرة..
ليست هي المرة الأولي بالقطع التي نتناول فيها السرعة الجنونية الطائشة من قبل السائقين.. ولكن حينما يتعلق الأمر بحياة أطفال يغتال الاستهتار طفولتهم وهم داخل اتوبيس المدرسة فإنه لابد أن تكون هناك وقفة.. جادة للبحث والتحليل والمحاولة لإيجاد الحل..
الانضباط.. سلوك
اللواء كامل ياسين مدير الادارة العامة لمرور الجيزة يشير بداية إلي أن سائقي اتوبيسات المدارس علي وجه التحديد لابد أن يكونوا علي درجة عالية من الانضباط والالتزام بالقواعد المرورية لأنهم يتحملون مسئولية أطفال لاحول لهم ولاقوة وتترسخ في أذهانهم بالقطع كل سلوكيات القيادة التي يقوم بها سائق الاتوبيس الذي يستقلونه.. وفي الغالب هم بالفعل ليسوا من صانعي المشكلات في الشارع ولعل المشكلة الوحيدة التي يتسببون فيها هي الانتظار الخاطيء أو الوقوف في نهر الطريق اثناء صعود أو هبوط التلاميذ من الأتوبيسات المدرسية مما قد يؤثر سلباً علي حركة المرور ويعوقها في كثيرا من الأحيان
ولكن المشكلة تكمن في اتوبيسات الرحلات وقد يستعين به أحيانا بعض المدارس فهي بالفعل تنطبق عليها سمات سائقي سيارات الميكروباص من حيث الرعونة في القيادة والسرعة الزائدة وعدم الالتزام بخطوط السير والتوقف المستمر لتحميل الركاب والوقوف العشوائي في نهر الطريق .. وقد تلجأ اليها بعض المدارس نظرا لعدم كفاية أسطول الاتوبيسات لديها ولكن في حقيقة الأمر أن بعض أتوبيسات الرحلات ماهي إلا سيارات ميكروباص.. ولانبالغ إذا قلنا إن مثل هذه الاتوبيسات تتسبب فيما لايقل عن 02% 03% من مشكلات المرور في الشارع بسبب عدم إلتزامها بآداب المرور وقواعده..
دور المشرفة
خالد الضبع مدير إحدي مدارس اللغات يؤكد من جانبه أن المسئولية هنا لاتقع عاتقا علي سائق اتوبيس المدارس وحده وانما هي في المقام الأول تقع علي عاتق المشرفة الموجودة في الاتوبيس فدورها هو الملاحظة لأية سلوكيات خاطئة يقوم بها أي طالب ولاسيما أطفال الحضانة والابتدائي فلايدرك أي منهم خطورة إخراج رأسه من النافذة.. وبالقطع فإن دورها أيضا الإبلاغ الفوري لإدارة المدرسة إذا تكررت سلوكيات سيئة للسائق أثناء قيادته للأتوبيس وبالقطع أخطرها هو السرعة الزائدة عن الحد.. بالإضافة إلي تهديده بقيامها بالابلاغ عن ذلك.. وان كانت هنا قد تظهر مشكلة وهي أنه في بعض الأحيان يتقاسم كل من سائق ومشرفة الباص مرتبا شهريا يتقاضاه واحد منهما أو كل منهما من بعض أولياء الأمور .. وتلك هي المشكلة لذلك قد تتهاون بعض المشرفات عن هذا الدور.. وبالنسبة للسائقين فلاتوجد معايير يتم علي أساسها إختيارهم للعمل علي أتوبيسات أي مدرسة فنحن نطلب منهم فقط مصوغات التعيين المألوفة وأهمها الإطلاع علي الفيش والتشبيه الخاص به ورخصة قيادته (هل هي سارية أم لا؟) ولانتمكن حتي من معرفة أي مخالفات سابقه أثناء قيادته.. أما فيما يتعلق بمتابعة سلوكياته أثناء قيادته للأتوبيس فهي تتم من خلال المشرفة أو أي شكاوي لأولياء الأمور..
الفحص الدوري.. غائب
التحليل العلمي للمشكلة يوضحه أ. د أسامة عقيل استاذ هندسة الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس قائلا إن المشكلة ذات أبعاد كثيرة ومن الضروري فحص كل بعد علي أنه المشكلة وأن تفاديه هو العلاج في نفس الوقت فالبعد الأول هو العشوائية الشديدة التي تحكم التعامل مع السائق المهني بشكل عام حيث سواء كانوا سائقي اتوبيسات المدارس أو الرحلات أو السياحة أو الهيئات والوزارات .. حيث لايتم النظر إليهم إلا في لحظة تعيينهم فقط من حيث سجلاتهم الأمنية وصحتهم وقوة إبصارهم وشهاداتهم .. أما المتابعة فبالنظر إلي المخالفات المرورية التي قام بها إن وجدت.. وهنا يكمن الخطر حيث لايتم أي تقييم دوري لهؤلاء السائقين كما يحدث في أي مكان في العالم لمتابعة تطوره صحياً ونفسيا وما إذا كان نظام العمل يسبب له إرهاقا فيتم تغييره كذلك أي مشكلات أو ضغوط عصبية يتعرض لها أو مشكلات مادية.. نظراً لأن كل هذه العوامل تنعكس علي أدائه في عمله.. وليس خافيا علي أحد أن حدود خطأ السائق علي وجه التحديد غير قابله للإصلاح علي الإطلاق لأنها تتعلق بأرواح مواطنين فالخطأ الواحد منه قد ينتج عنه إهدار حياتهم وحياته .. ولذلك فإنه في الخارج تتم رقابة يومية وأسبوعية وشهرية للسائقين لمراعاة ومتابعة حالتهم النفسية والصحية وامكانية الإستعانة ببديل لمن يعتذر منهم لأي أسباب وبالقطع فإنه لو كان سائق شركة المقاولون العرب الذي ارتكب مذبحة بشرية منذ بضعة أشهر قد تعرض لمثل هذه المتابعة ولو حتي شهريا علي مدي سنوات عمره التي قاربت علي الستين لكان من الممكن ان نتعرف علي أسباب أزماته النفسية قبل وقوع الكارثة!!
لذلك فنحن نؤكد أهمية الفحص الدوري للسائقين واعادة تقييمهم في فترات بينيه اقل في حالة تدهور حالتهم الصحية والنفسية للتأكد من مدي سلامته وقدرته علي أداء عمله
العمل دون انقطاع
وهو الأمر الذي يقودنا إلي الحديث عن البعد الثاني من المشكلة كما يتابع د. أسامة عقيل وهو مايتعلق بأن السائق المهني في مصر يعمل تقريبا دون انقطاع فهو بعد انتهائه من أداء عمله الرسمي كسائق في مدرسة أو شركة أو هيئة أو وزارة يتجه في الفترة المسائية للعمل علي تاكسي أو ميكروباص أو كسائق سيارة خاصة لدي أشخاص وذلك لزيادة دخله بطبيعة الحال.. والنتيجة الطبيعية هي الإجهاد الشديد الذي يعاني منه مما ينعكس علي أدائه في عمله لذلك فهناك ضرورة أن يكون أحد شروط تعاقده مع الجهة التي يعمل بها هي موافقتها قبل أن يقوم بعمل في الفترة المسائية لضمان راحته وسلامته وسلامة الركاب ولا مجال هنا للحرية الشخصية .. ولانبالغ إذا تطرقنا أيضا إلي المقارنة بالخارج فيما يتعلق بهذه الجزئية حيث أن نظم العمل بالنسبة للسائقين تقتضي ألا يعمل سائق الاتوبيس أكثر من 3 ساعات متصلة أو أن يعمل 8 ساعات متفرقة خلال اليوم أما سائق الشاحنة فانه لايعمل سوي 4 ساعات فقط متصلة أو 10 ساعات متفرقة خلال اليوم..
الرقابة الغائبة
أما البعد الثالث والكلام لايزال علي لسان استاذ هندسة الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس فإنه يتجسد وبقوة في الرقابة الغائبة في الشوارع التي تسمح بقيام سباق بين سائقين لايعرفون معني الالتزام تجاه الأمانة الموجودة في أعناقهم.. فالشوارع متاحة يصعب التحكم فيها إلي حد كبير والكاميرات اللازمة لتصوير مثل هذه الكوارث لاتوجد وإن تواجد بعضها فهو معطل.. فبالقطع لوكان أي من السائقين يعلم أنه سوف يتم تصويره وبمجرد مروره علي أي نقطة سوف يتم القبض عليه ومحاسبته أو تعرضه للمحاكمة.. لما أقدم أي منهم علي مثل هذه التصرفات الطائشة غير المسئولة.. وكذلك لو كان هناك دوريات راكبة منتشرة في شوارعنا واستخدام مستمر لأجهزة حديثة تدعم من احكام الرقابة والتواجد الأمني في الشوارع لما تعرضنا لمثل هذه الكوارث لذلك فإن الحل أو العلاج يكمن في تلافي كل السلبيات المشار إليها كي يتحقق الانضباط بشكل حقيقي في الشارع ويختفي الانفلات الموجود الآن والذي يحصد معه أرواح أبرياء من المؤكد أن الطفل ذا السنوات العشر ليس أولهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.