سوهاج - امال الطرهونى : يأتيها مستشرقون من أمريكا وهولنداوألمانيا.. وميزانيتها1800 جنيه في العام ونقلها من سوهاج إلي دار الكتب.. كارثة بكل المقاييس مكتبة رفاعة الطهطاوي هي مكتبة طهطا العامة التي تضم كتبا ومخطوطات رفاعة الطهطاوي التي أهداها للمحافظة حفيده محمد بدوي قبل خمسين سنة والتي افتتحت عام1958 م ويصل عدد مخطوطات مكتبة رفاعة رافع الطهطاوي إلي أكثر من ألف مخطوطة ذلك حسب الإحصاءات الرسمية- متنوعة الموضوعات و يمكن تقسيمها إلي ثلاث مجموعات: الأولي: تضم النسخ العتيقة التي تستمد قيمتها من قدمها مما يضيف لها قيمة أثرية كبيرة ومن أمثلة هذه المجموعة تلك المخطوطة التي يرجع عمرها إلي قبل ألف سنة كاملة وهي مخطوطة كتاب الفصيح في اللغة لأبي العباس أحمد بن يحيي المعروف باسم ثعلب وهي مؤرخة بسنة398 ه وتحتوي المخطوطة علي فصيح ثعلب وشرح الإمام الجبان, وهو شرح نادر غير معروف. وحالة المخطوطة ممتازة رغم أنها تعد من أقدم المخطوطات في العالم. والمجموعة الثانية:تضم النسخ الفريدة التي يصعب أن نجد لها نظيرا في مجموعة خطية أخري, وقيمتها تنبع من ندرتها, ومن هذه المخطوطات مجموعة رسائل محمد بن يوسف الأنطاكي, والديوان الكامل لعائشة الباعونية. والمجموعة الثالثة:هي المجموعة الخاصة من المخطوطات الأصلية التي قام بكتابتها رواد النهضة منها مؤلفات رفاعة الطهطاوي نفسه مثل جغرافية بلاد الشام, مختصر عنوان البيان وشيخه حسن العطار ومن قبلهما الشيخ أحمد الدمنهوري وقيمة هذه المجموعة الأصلية من المخطوطات تنبع من أهمية مؤلفيها ودورهم الكبير في تأسيس نهضتها المعاصرة. وبالرغم من القيمة الأثرية لمكتبة رفاعة هذا الصرح العظيم والتي تعتبر كنزا حضاريا,فإن طريقة التعامل مع المكتبة.. تؤكد أننا لا نفهم ولا نقدر لا الطهطاوي ولا الكتب ولا المخطوطات, وعندما سألنا خلف سعدالله أمين المكتبة عن أسباب هذا أكد أن ميزانية المكتبة1800 جنيه في العام, فماذا نفعل بهذا المبلغ؟ فالمكتبة لا يوجد بها ماكينة تصوير أو حاسب آلي ومن المفترض أن تصبح المكتبة رقمية حتي يسهل البحث والاستفادة من المخطوطات الموجودة داخلها والمليئة بالكثير من العلوم الإنسانية, وإذا تمت الاستعانة بالوسائل الحديثة كنظام الميكروفيلم والأحدث في نظام التصوير علي شرائح أوCD فهذا سيسهل الاطلاع علي المخطوطات دون الخوف من تلفها أو ضياعها كما أن أي دولة في العالم من المستحيل أن تطلع المتعاملين علي أصل المخطوط. كما أشار إلي أن هناك مستشرقين يأتون من أمريكا وهولندا وألمانيا لعمل أبحاث فيجب أن تتم عملية التحديث للمكتبة بشكل لائق. د. بهاء الدين حسنين أستاذ مساعد قسم ترميم آثار كلية الآداب جامعة سوهاج يعلق بقوله كيف نفخر بأننا من البلد التي منها رفاعة الطهطاوي ونحن لم نفعل له ولتراثه العظيم الذي تركه لنا شيئا؟,ويستطرد قائلا: لقد قمت بعمل ثلاثة أبحاث عن مكتبة رفاعة الطهطاوي وذلك علي مدي أكثر من10 سنوات. وكان أولها: عن التلوث داخل المكتبة وكانت من أخطر نتائج البحث هو وجود بعض الفطريات داخل المكتبة والتي لها القدرة علي تحليل وتآكل مادة السليولوز والتي هي أساس تركيب الورق وثاني هذه الأبحاث كان عن نوعية الهواء داخل مكتبة رفاعة الطهطاوي, وكانت من نتائجه هو وجود مادة ثاني أكسيد الكبريت بنسبة23 مرة ضعف القياسات المسموح بها داخل المتاحف والمكتبات والتي أوصت بها ال(N.B.S) المكتب الأهلي للقياسات والذي يهتم بالأماكن الأثرية والمتاحف,والأكثر خطورة هو أن غاز ثاني أكسيد الكبريت غاز نشط يتحول خلال أيام قليلة في الجو إلي كبريتات الامونيوم وذلك لوجود الامونيا أيضا بتركيزات عالية داخل المكتبة, وعند اتحادهما تتساقط كبريتات الامونيوم في صورة أتربة عبارة عن بلورات ملحية بيضاء علي المخطوطات فتؤدي إلي تلفها. سوهاج- آمال الطرهوني كما أشار إلي كارثة أخري هي أن الفطريات الموجودة داخل المكتبة تفرز أحماضا تؤدي إلي رفع حموضة المخطوطات وبالاشتراك مع غاز ثاني أكسيد الكبريت يؤديان إلي تدهور كامل وانهيار تام لجلود المخطوطات وتحويلها إلي مسحوق أحمر وهو مايعرف بالعفن الأحمرredrot. وتعيش عدة أنواع من الحشرات الضارة بالمخطوطات منها حشرة قمل الكتب وهي حشرة خطيرة جدا تتغذي علي الفطريات ولذلك فهي عندما تتوجه إلي أكل الفطريات الموجودة علي المخطوطات تأكل أيضا الورق, كذلك وجود حشرة الصرصور الأمريكي والذي يحدث بقعا علي هيئة تهشيرة إلي جانب ثقوب صغيرة علي المخطوطات, كذلك وجود حشرة خنفساء الملابس والتي تقوم بعمل أنفاق دودية علي المخطوطات ومن المحتمل تتسبب إفرازاتها في تحلل ورق المخطوطات ويشير د. بهاء إلي أنه قام بالتنويه عن وجود هذه الحشرات في مؤتمر كلية العلوم جامعة القاهرة عام2008 وعن مظاهر التلف التي تحدثها مثل هذه الحشرات ويؤكد ضرورة عمل حجر حشري حول المكتبة حتي نمنع دخول حشرات أخري إلي المكتبة, بعد ذلك نقوم بعمل عملية سيطرة لمنع الحشرات داخل المكتبة وذلك باستخدام الأساليب العلمية الحديثة التي لا تؤثر علي مكونات المخطوطات, أيضا القيام بعملية تعقيم وإبادة لمظاهر التلف الحشري والفطري والبكتيري بشكل وقائي وأضاف أنه قام هو وزميله الدكتور عبد السلام العسيلي بتقديم مشروع وقف التدهور والذي يأخذ ما بين6 أشهر إلي سنة وذلك من نحو4 سنوات وكانت التكلفة حينئذ50 ألف جنيه أتاحت الجامعة لنا حينها مبلغ28 ألف جنيه وباقي المبلغ كان من المنتظر تكملته من المحافظة ولم يتم المشروع لعدم اكتمال المبلغ, وعن رأيه في مشروع الترميم الذي تقوم به دار الكتب والذي يتطلب نقل هذه المخطوطات إلي القاهرة أكد خطورة نقل المخطوطات حيث إن ذلك قد يؤدي إلي كارثة تدميرها وأوصي بتغيير مكان المكتبة لقربها من حركة المرور والذي يتسبب في دخول الهواء الملوث إلي داخل المكتبة وينبغي أن يخصص مكان أكثر اتساعا من الحجرة الحالية والتي مساحتها8 أمتار يوجد بها أكثر من ألف مخطوطة, حيث ينبغي عرض المخطوطات بطريقة علمية سليمة داخل فاترين موصي بها عالميا كفاترين معمل بول جيتي الأمريكي.