ترددت كثيرا قبل أن أبعث برسالتي اليكم خشية أن أتهم بالغيرة أو الحقد, ولكن دار بسرعة شريط حياتي داخل رأسي منذ أن حصلت علي مجموع كبير أهلني لدخول كلية الطب ثم كنت من أوائل دفعتي لأصبح عضوا بهيئة التدريس. ثم تذكرت أبحاثي التي فاقت رقم200, وهذه الاعداد من رسائل الماجستير والدكتوراه والتي قاربت هذا الرقم, ثم الدفعات التي قمت بالتدريس لها علي مدي30 عاما في غير أوقات العمل الرسمية دون مقابل لأكون بحق أستاذا جامعيا يؤمن برسالته تجاه المجتمع. تذكرت رئاسة قسم طب الحالات الحرجة بقصر العيني.. تذكرت عندما كنت مديرا عاما لمستشفيات جامعة القاهرة.. تذكرت المرضي وذويهم.. تذكرت40 عاما قضيتها في خدمة الوطن. ومرت بخيالي الأيام الجميلة في بورسعيد.. أيام العبور والنصر العظيم.. مر شريط الذكريات سريعا, وأنا أقرأ بالأهرام أن أحد الفنانين تعاقد علي عمل حلقات رمضان المقبل مقابل80 مليون جنيه. وأنا لا أكتب للمقارنة, فهي بكل تأكيد لمصلحة من أفني عمره للعلم, ولكن لايمكن للشباب ان يفهم أن قيمة الانسان في أن يعطي بلا مقابل وأن قيمته فيما استطاع أن يدخره في رأسه من علم, وما فعله ينهض مجتمعه إلي أعلي. إن هذا الجيل فقد القيم والمثل والقدرة بما يري ويقرأ ويسمع.. وهذا الرقم يجب عدم إعلانه, ليس لكونه استفزازا لشباب في مقتبل أعمارهم فقط ولكن أيضا لأنه ينأي بنا عن المصداقية في كل شيء.. ثم كيف تقوم للمجتمع قائمة والسواد الأعظم منه غير قادر علي شراء كيلو طماطم وفنان واحد يتقاضي عن عمل واحد مايوازي ميزانية محافظة بأكملها!! إنني لا ألوم الآخذ والدافع.. ولكن ألوم تداول مثل هذه الأرقام التي تدفع إلي السوء, فاستفزاز الشباب هو قمة الجهر بالسوء!! د. حسام أحمد موافي أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العيني