تنسيق الجامعات| صيدلة حلوان.. بوابة التميز والابتكار في علوم الدواء والصيدلة    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    بعد مكاسب 122 دولارا.. بورصة الذهب تعاود التداول غداً    رئيس النواب يشيد بأداء لجنة الشئون الاقتصادية    قرارات إزالة لمخالفات وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    مجلس النواب يوافق على قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها مبدئيا    مصر والسعودية.. شراكة طاقة إقليمية برؤية مستقبلية    حاج قاسم صاروخ إيراني يعيد رسم خطوط الاشتباك مع إسرائيل    النفط الإيرانية: جميع الوحدات والمنشآت في مصفاة أصفهان بحالة مستقرة    الأردن يعيد فتح مجاله الجوي أمام حركة الطيران المدني    مسلح يستهدف نواب أمريكا    نجوم الفن يدعمون الأهلي من مدرجات كأس العالم للأندية في أمريكا    «يوم الملك» ليفربول يحتفل بعيد ميلاد صلاح ال 33    محافظ الإسماعيلية: تذليل كافة العقبات التي تواجه سير العملية الامتحانية    ضبط 19 قضية مخدرات وتنفيذ 1862 حكما قضائيا في 3 محافظات    نشاط فني كبير .. يسرا 1x4    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    إقبال كثيف على فعاليات ودورات مكتبة مصر العامة بالدقي خلال الأيام الماضية    افتتاح وحدتي مشتقات الدم والأشعة المقطعية ب«الإيمان العام» في أسيوط    «قصر العيني» يحقق إنجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    أسعار الأسماك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    ارتفاع سعر الدولار اليوم الأحد 15-6-2025 إلى 50.81 جنيه أمام الجنيه المصرى    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    استمرار القصف المتبادل.. ارتفاع عدد قتلى إسرائيل في اليوم الثالث للتصعيد مع إيران    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بتعاطى المخدرات في قنا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في النصب على المواطنين بزعم توفير خطوط محمول مميزة بالقاهرة    «الداخلية»: تحرير 146 مخالفة لمحلات مخالفة لمواعيد الغلق خلال 24 ساعة    بيقولوا إني شبهك حتة منك.. ولي أمر يدعم ابنته أمام لجنة الثانوية العامة ببورسعيد    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    الاستحقاق النيابى بدأ فعليًا القائمةالموحدة مشاورات حزبية مستمرة لخوض السباق الانتخابى    وفاة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    معهد وايزمان جنوب تل أبيب: تضرر عدد من منشآتنا جراء قصف إيرانى ليلة أمس    سواريز: الشناوي نجم مباراة الأهلي وإنتر ميامي فى كأس العالم للأندية    إطلاق خدمات الجيل الخامس للمحمول    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    2923 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة فى 14 لجنة بمطروح.. فيديو    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقر منظمة أبحاث دفاعية إيرانية    وكيل الأزهر يشكِّل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    بفستان أحمر جريء.. روبي تشعل أجواء حفل الجامعة الأمريكية (صور)    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    بداية العام الهجري الجديد.. تعرف على موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمود حافظ «رئيس مجمع الخالدين» (2-2): أنا حامى اللغة العربية بأمر الرئيس حتى العام الثالث بعد المائة من عمرى

قرر محمود حافظ تغيير تخصص دراسته من الطب إلى العلوم رغبة من مدير الجامعة المصرية أحمد لطفى السيد فى خلق جيل من العلماء الشباب.. وحينها كان الأطباء كثيرين والعلماء قلة. فلم يخيب الرجل ظن هذه القيادات وتخرج أستاذاً جامعياً وعالماً شهد الجميع بفضله فى الداخل والخارج، وزاد على ذلك معرفة عميقة باللغة العربية اعترف بها طه حسين نفسه..
وتتواصل مسيرة الرجل وعطاؤه وصولاً إلى المحطة الحالية وذلك باختياره عام 2005 رئيساً لمجمع الخالدين.. وقبل عدة شهور فقط، وافق الرئيس مبارك على ترشيح الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى، المشرف على مجمع اللغة العربية، بالمد ل«حافظ» أربع سنوات جديدة تنتهى والرجل فى العام الثالث بعد المائة من عمره.. أمد الله فى عمر هذا «العلامة».
فى الجزء الثانى والأخير من حواره مع «المصرى اليوم» يركز حافظ على «مدرسة الحشرات المصرية» وأزمة الذباب التى عرفتها مصر وضايقت الرئيس عبدالناصر وضيوفه، وكذلك قضايا «أوجاع» اللغة العربية التى تتمثل فى زيادة عدد المدارس والجامعات الأجنبية على حساب المدارس والجامعات المحلية.. وانتشار الأسماء الأجنبية فى الشوارع.. ورفض الأطباء المصريين والعرب تعريب علوم الطب.
■ لماذا التحقت بكلية العلوم وليس الطب رغم تفوقك فى هذا الوقت؟
- بعد حصولى على شهادة البكالوريا بمجموع 91٪، كان تفكيرى التلقائى هو الالتحاق بكلية الطب، تحقيقاً لرغبة والدتى علشان «أديها حقن»، وبالفعل التحقت بالكلية وكان من بين زملائى الدكتور حسن إبراهيم ابن على باشا إبراهيم، ومنصور فايز طبيب الرئيس عبدالناصر، ومحمد سليمان أستاذ الطب الشرعى، ومحمد قناوى أستاذ الجراحة بجامعة عين شمس.
درست فى الطب لمدة 3 شهور.. بعد ذلك وجدت والدى يخبرنى بأن مجدى الدين حفنى ناصف مدير مكتب لطفى باشا السيد، يريد التحدث معى، وذهبت إليه فى جامعة القاهرة، وكان المشوار بعيداً جداً من العباسية للجيزة، وتحدث معى عن كلية العلوم وأنها كلية جديدة ولم يتخرج فيها إلا اثنان هما الدكتور أحمد مرسى أحمد، الذى تولى بعد ذلك منصب وزير التعليم العالى، والدكتور حامد جوهر عالم البحار الشهير الراحل، ولو تخرجت فى كلية العلوم سوف تحصل على منحة دراسية بالخارج، وستتخرج سريعاً عن زملائك بكلية الطب، ولكى تساعد إخوتك فى مصاريف المنزل.
وقتها شعرت بصدمة كبيرة وذهبت للوالدة وأخبرتها بالحوار الذى دار بينى وبين مجدى الدين حفنى ناصف، وشعرت بضيق شديد، ولكننى وعدتها بأن أساعد أخى يحيى الذى يصغرنى 7 سنوات للالتحاق بكلية الطب، وبالفعل أصبح يحيى حالياً لواء متقاعداً وخاض 5 حروب متتالية وذهبت للدكتور مصطفى مشرفة وطلبت منه قبول تحويلى إلى كلية العلوم.
والتحقت بكلية العلوم عام 1931، أى بعد عودة الدكتور مشرفة من إنجلترا بخمس سنوات، والحمد لله تفوقت وكان جميع الأساتذة يتهافتون لطلبى للعمل كمعيد فى أقسام الجيولوجيا والنبات والحيوان، واخترت «الحيوان» لأنه أقرب الأقسام لدراسة الطب، بعد ذلك حدث خلاف بينى وبين رئيس قسمى السويسرى الجنسية، لأنه أراد أن أسجل الماجستير حول الحيوانات الصحراوية والتشريح لأحد الحيوانات أو فى «علم الأجنة» لكننى أردت تحضير رسالتى عن «الحشرات»، وكاد وقتها أن يركلنى من غرفته.
■ ولماذا اخترت «الحشرات» موضوعاً للرسالة؟
- حبى للحشرات له تاريخ وبدأ ذلك وأنا فى ابتدائى حيث كنت أذهب أنا وزملائى إلى قرية صغيرة اسمها كفر أبوعضمة، وكنت وقتها أقوم بتجميع الحشرات ذات الألوان الزاهية وكذلك الفراشات، وكان الأستاذ محمد حامد مدرساً لى، علمنى كيفية اصطياد الفراشات وفرد أجنحتها، فرسخ فى وجدانى موضوع الحشرات، إلى أن التحقت بكلية العلوم، وذهبت إلى حسن أفلاطون بك ابن أفلاطون باشا، وكان من أصل شركسى، ورحب بعملى معه، وسافرت فى سنة 1937 إلى إنجلترا، لاستكمال دراستى، وحصلت على الدكتوراه فى سنة 1940، وكنت أول مصرى يحصل على الدكتوراه فى علم الحشرات فى ذلك الوقت.
وبعد الحرب سافرت إلى جامعة كمبريدج فى إنجلترا، ودرست بها لمدة عامين دراسات متعمقة، وكانت كمبرديدج وأكسفورد أعظم جامعتين فى إنجلترا، وبعدها عدت إلى كلية العلوم مرة أخرى.
■ كيف كانت الحياة البريطانية بالنسبة لمصرى مسلم فى الأربعينيات؟
- كنا نجلس فى بيوت محيطة بالجامعة خصصتها للطلاب المغتربين، وكان يسكن معى 4 مصريين، منهم الدكتور محمد القصاص عالم البيئة الشهير، ومحمد الأمير أستاذ الآثار بكلية الآداب، ومصطفى فهمى وكيل كلية التربية وكنا نصلى جماعة مع بعضنا.
■ ماذا فعلت بعد عودتك من إنجلترا؟
- أنشأت مع الدكتور أفلاطون الذى كنت أعمل تحت رئاسته أكبر مجموعة حشرية فى مصر والشرق الأوسط وصلت ل7 آلاف عينة حشرية.
■ هل قمت بدراسات على الجراد؟
- نعم اشتغلت عليه كثيراً، وعندى مدرسة وطلاب اشتغلوا عليه.. وأعدوا الكثير من رسائل الدكتوراه على هذه الحشرة، وكان بينهم علماء أجانب.
■ وماذا تعنى بمدرسة الجراد؟
- أقصد بها مدرسة علمية لطلاب الدراسات العليا، وهى تضم الطلاب الذين يحصلون على درجتى الماجستير والدكتوراه تحت إشرافى، ويصبحون بالتدريج أساتذة مساعدين وأساتذة، وبالتالى تكون مدرسة علمية.
■ ولكن لماذا لم تنجحوا فى مواجهة حشرة مثل الجراد بشكل نهائى؟
- لا يمكن أن تبيد حشرة بشكل نهائى، نظراً لكثرة أعدادها وتواجدها بشكل كبير جداً، فعندما نرسم دائرة بيولوجية للحيوان للطلاب نرسم ثلاثة أرباعها حشرات والربع الأخير بقية المملكة الحيوانية، فأنواع الحشرات الموجودة تتعدى المليون نوع، ولكن الأعداد ملايين الملايين، فلديك القرضة على سبيل المثال التى أكلت عصا سيدنا سليمان، تضع الأنثى الواحدة منها مليون بيضة.
■ وما آخر أبحاثك فى هذا المجال؟
- أبحاثى فى هذا المجال مستمرة حتى الآن رغم أن سنى تقترب من المائة وكان آخر أبحاثى فى 2006 وتتم الاستعانة بها من قبل الدارسين والباحثين، ومازلت أحتفظ بأبحاثى التى أجريتها فى أعوام 39 و40 و42 وكان أغلبها عن الذباب والحشرات الناقلة للأمراض، وأيضاً أنشأت مدرسة علمية لطلاب المعهد القومى للبحوث عن الحشرات الزراعية وأخرى عن الحشرات الصحراوية.
■ ما المواقف الطريفة التى تعرضت لها بسبب الحشرات؟
- عندما جاء الرئيس اليوغسلافى جوزيف تيتو فى زيارة إلى القاهرة لمقابلة الرئيس عبدالناصر، وبمجرد خروجه من الطائرة استقبله جيش من الذباب، وهو ما أصابه بنوع من الجنون والضيق فاستدعى عبدالناصر عدداً من المسؤولين عن البحث العلمى وعن محافظة القاهرة وعنفهم لوجود الذباب بهذه الكثرة، وطلبوا منى وقتها إيجاد حل لمكافحة الذباب، فأجريت بحثاً، وأكدت بعدها أن مصدره هو مقالب للقمامة فى عين الصيرة وشبرا والجبل الأصفر، وفكرنا خلال هذه الفترة فى استخدام أسلوب مبتكر وهو تعقيم الحشرات.
■ وكيف قاومت مشكلة الذباب بعد موقف تيتو مع عبدالناصر؟
- تم إجراء العديد من الدراسات للوقوف على مواجهة تكاثر الذباب، كان من بينها حرق القمامة وإنشاء أفران كبيرة وأرادوا وقتها هدم منطقة ميدان العتبة، ولم تفلح كل هذه المحاولات، أما حالياً القضاء على أغلب المقالب ساعد على تقليل المشكلة، خاصة أن الذباب ينقل وحده 12 مرضاً منها التيفود والبارتيفود والكوليرا.
■ ما المقصود بتعقيم الحشرة؟
- توجد مواد كيميائية عندما تتغذى عليها الحشرة فى المراحل الأولى، تجعل الحشرة عقيمة، وعندما تطلقها فى بيئة موجود بها إناث تلد الأنثى بيضاً غير مخصب، أو لا تبيض على الإطلاق، وفى أوروبا حالياً تتم عملية التعقيم بالإشعاع.
■ لماذا لم تعد زراعة القطن مجدية حالياً وهل هذا له علاقة بسوء مكافحة الحشرات ودودة القطن بالتحديد؟
- لا يوجد شك فى أن المقاومة تقضى على نسبة معينة من الحشرات الضارة، ومنظمة الأغذية الزراعية تقول إن من 30 - 40٪ من الإنتاج الزراعى العالمى تقضى عليه الحشرات والأمراض.
■ البعض تحدث عن وجود مؤامرة ضد القطن المصرى، ما رأيك فى ذلك؟
- لا توجد مؤامرة، ولكن هناك دولاً بدأت فى زراعة القطن طويل التيلة باستخدام الهندسة الوراثية وهو ما يعد تهديداً لزراعة القطن المصرى، فضلاً عن أن مصانع مثل غزل المحلة أصبحت غير منتجة بشكل اقتصادى لعدم وجود أجهزة حديثة بها.
■ كيف انضممت لمجمع اللغة العربية؟
- عندما تخرجت فى كلية العلوم جامعة القاهرة، كان يوجد جمعية اسمها الهداية الإسلامية يرأسها الشيخ محمد الخضرى حسين، الذى أصبح فيما بعد شيخاً للأزهر أيام الرئيس عبدالناصر، وأصبحت أمين هذه الجمعية منذ عام 1935 وحتى 1952، لدرجة أن الشيخ الخضرى عند سفره كان يترك لى جواباً، ويوصينى بتنفيذ ما فيه إذا وافته المنية، وهذا ساعدنى على الاختلاط بشيوخ كبار مثل الشيخ شلتوت والشيخ عبدالعزيز والدكتور وحيد رأفت أستاذ القانون الذى كان له دور كبير فى استعادة طابا فيما بعد، وكان من دفعته زكى عبدالمتعال واللواء عبدالمنعم بدر، ومن هنا ظهر عشقى للدراسات الإسلامية واللغة العربية وكان ذلك فى 1952.
وبعد ظهور الاتحاد العلمى فى 1956 التقيت نذير بك وكان أحد أعضاء مجمع اللغة العربية، وأخذنا أنا وهو نترجم بعض المصطلحات إلى اللغة العربية، وفى عام 1964 أخذونى خبيراً فى المجمع نتيجة لخلفيتى وكان ذلك أيام رئاسة طه حسين له، وكانوا يدخلون طه حسين من الشباك لأنه كان لا يستطيع صعود سلم مدخل المجمع.
ورأيت فى هذا الوقت عتاولة مجمع اللغة العربية أمثال طه حسين وإبراهيم مدكور ومنصور باشا فهمى وعباس العقاد ومرسى أحمد وحسباوى باشا والشيخ الباقورى والشيخ شلتوت والشيخ الفحام وعباس حسن والشيخ خلاف، وكنت وقتها عضو لجنة الأحياء مع توفيق باشا حفناوى وكان معنا عبدالحليم منتصر والدكتور يوسف جوهر والشيخ عطية الصغير، وبعده جاء الحفناوى باشا سنة 1977، وعرض على الترشح عضواً فى مجمع الخالدين فقلت له «كده يبقى كتير»، وكانت عضوية المجمع صعبة المنال.
ودخلت المجمع فعلياً وشاركت فى لجان الجيولوجيا والنفط والأحياء والطب، وفى عام 1984 طلب منى الدكتور مدكور كتابة محاضرة لاتحاد المجامع اللغوية فى المغرب عن تعريب التعليم الجامعى فى الربع قرن الأخير، وفى عام 1996 انتخبت بالإجماع نائباً لرئيس المجمع، ولما توفى الدكتور شوقى ضيف فى 10 مارس 2005، أشرفت على مؤتمر المجمع فى مايو من نفس العام، ونجحت فى تنظيمه بشهادة الجميع، وبعدها تم انتخابى رئيساً لمجمع اللغة العربية بالإجماع، وقالوا وقتها «لم يحدث فى تاريخ المجمع هذا الإجماع».
وتم التجديد لى بقرار جمهورى فى مايو من العام الماضى لمدة 4 سنوات أخرى.
■ هل مجمع الخالدين مازالت له هيبته كما كان فى الماضى؟
- لا.. فأعضاء المجمع فى الماضى كانوا من حماة اللغة العربية وكانوا على أعلى مستوى، أما الآن فالدنيا تطورت فى جميع مرافق الدولة، حتى نوعية الأعضاء اختلفت عن نوعية الأعضاء منذ 50 سنة من حيث تطور المعرفة والعلم والتكنولوجيا الحديثة، كان العلماء زمان تراثيين متعمقين جداً فى الدين والإسلاميات.
■ العلم تطور بشكل كبير.. هل يمكن أن يكون العيب فى المجمع لأنه لم يجد مصطلحات حديثة تواكب هذا التطور؟
- .. كيف، نحن فى المجمع نستقبل سيلاً من المصطلحات الحديثة والمستحدثة، أفرزتها الثورات العلمية والتكنولوجية الحديثة وثورة المعلومات والاتصالات وعلوم الليزر والفلك والبيئة والهندسة الوراثية والفضاء، وكل ذلك أفرز آلافاً من تلك المصطلحات لمواجهة المصطلحات الحديثة، فالمجمع أفرز حوالى ربع مليون مصطلح حتى الآن.
■ العلوم الحديثة علوم غربية، إذنً فالمصطلحات ستكون غربية وليست عربية، فلماذا أعربها؟
- نحن نرسل المصطلح باللغة الإنجليزية ونجهز شرحه باللغة العربية، ويمر كل ذلك من لجنة الدراسة إلى مجلس المجمع ومنه إلى مؤتمر المجمع الذى يضم المجامع اللغوية فى الوطن العربى، وبعد ذلك يجد الاسم أو المصطلح طريقه إلى المعجم، الذى نمد به الطلاب والدارسين، اليوم عندى ثروة لا تقدر بثمن وهى متمثلة فى المعجم الكبير والوسيط والوجيز وألفاظ القرآن.
■ هل لديكم مصطلحات لكل العلوم بما فيها علم الطب؟
- نعم، فلجنة الطب فى المجمع أصدرت حتى الآن 3 معاجم.
■ لماذا لا يتم تعريب الطب فى الكليات المصرية؟
- ثلاثة أرباع الأطباء يوافقون على بقاء الحال على ما هو عليه، والربع الآخر ليس لديه مانع، والدكتور محمد الرخاوى وضع أطالس فى التشريح، أى أن المصطلح باللغة الإنجليزية أو باللاتينية يقابله تعريفه.
■ 90٪ من لافتات البلد مكتوبة باللغة الإنجليزية.. ماذا ترى فى ذلك؟
- تلك كارثة ومؤتمرات مجمع اللغة العربية فى الماضى كانت تشير لكل ما يحدث تجاه اللغة العربية، وكانت توصيات مؤتمر المجمع يتم إرسالها إلى وزراء التعليم العالى والأساسى والإعلام والثقافة.. والآن يتم إرسالها إلى الوزارات نفسها لكنها لا تجد صدى من أحد.
وفى 2008 اتصلت بالدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، وأخبرته بأننا نريد تعديل البند الثالث من قانون المجمع لكى تكون توصياته ملزمة، فوافقنى الرأى ورحب وتبنى الموضوع، وذهبت إلى مجلس الشعب مع فاروق شوشة، أمين عام مجمع اللغة العربية، ومعنا كمال الشراح، واجتمعنا مع لجان التعليم والثقافة والإعلام، وبعد الجهود التى بذلها سرور تم إصدار القانون فى مارس 2008 وتم نشره فى الجريدة الرسمية، لكن وللعلم، فإن المسؤول عن إرسال قرارات المجلس هو وزير التعليم.
أما فيما يختص باللافتات فإننا شكلنا 3 لجان رئيسية هى لجنة اللغة العربية والتعليم ويرأسها الدكتور محمد حماسة، ولجنة اللغة العربية والإعلام ويرأسها فاروق شوشة، وانضم إليها صلاح منتصر، ولجنة خاصة باللافتات واللغة العربية والمجتمع المدنى، ونشكل حالياً إدارة جديدة للمتابعة وإرسال الشكاوى.
■ ولكن اللافتات فى مصر تتبع المحليات بالمحافظات المختلفة، فلماذا لا تخاطبون المحافظات بشكل مباشر؟
- نعم وسنعقد فى الفترة المقبلة اجتماعاً لدراسة هذا الموضوع، ولكن لا أستطيع مخاطبة المحافظ مباشرة، فمن يملك ذلك الحق هو وزير التعليم.
■ تم تكريمك فى عهد الملك.. وفى عهود عبدالناصر والسادات ومبارك.. ما الفارق؟
- التكريم هو التكريم.. فى عام 1977 حصلت على جائزة الدولة التقديرية، وسنة 1999 كنت أول واحد من الأحياء حصل على جائزة مبارك، وأخذها قبلى محمد النادى، الله يرحمه، وحصلت على عدة جوائز دولية من وزارة الزراعة الأمريكية ومكتب البحوث البحرية الأمريكية، وشهادات تقدير من جامعة القاهرة والمركز القومى للبحوث، وتم تكريمى فى أعياد العلم من كلية العلوم، وحصلت على درع المئوية مرتين من جامعة القاهرة، فزوجتى اشتكت لى قائلة: الشقة فيها 33 جائزة ووساماً ولا يوجد مكان لها.
■ فعلياً هل حصلت على التكريم المناسب واللائق بك؟
- أنا أعتبر العلم والحصول عليه تقديراً فى حد ذاته، ولحسن الحظ أنى عشت حتى وصلت إلى هذا العمر، وما زلت أعمل حتى الآن، وجمعت بين رئاستين ولم يحدث ذلك إلا مع محمود حافظ والدكتور طه حسين.
وسأروى لك حكاية، عندما احتفلوا بالدكتور مصطفى مشرفة كأول عميد مصرى فى 1936 بعد الأجانب، جاء طه حسين ولطفى السيد وجميع رؤساء الكليات المصرية، وقالوا «هاتوا أصغر واحد يتكلم وواحد كبير» وكان الكبير عبدالحليم منتصر، والصغير أنا، كان عمرى وقتها 24 سنة وكنت معيداً بالجامعة، وألقيت خطبة وبعدها أبياتاً شعرية.
وبعد انتهاء الحفل قال لى طه حسين «لم يدر بخلدى أن بكلية العلوم أدباء وشعراء»، وكأن طه حسين كان يقرأ فى علم الغيب، فأنا الشاب الصغير جلست على كرسيه بعد سنوات فى المجمع العلمى المصرى ومجمع اللغة العربية، وكانوا يقولون لم يفعل ذلك إلا طه حسين، ولما توليت منصب رئاسة مجمع الخالدين قلت: أنا جمعت بين رئاستى المجمعين العلمى واللغة العربية.. والرئيس مبارك أصدر قراراً العام الماضى بمد رئاستى لمجمع اللغة العربية لفترة ثانية.. أى أن القيادة العليا ووزير التعليم العالى يثقان فى دورى فى الحفاظ على اللغة العربية.
■ ألم تفكر فى كرسى الوزارة؟
- العالم الحق أفضل من وزير أو رئيس وزراء، فالوزير بعد فترة يذهب إلى البيت ولا يتذكره أحد، بينما العالم يظل عالماً طالما فيه نفس يتردد.
■ ما أفضل وزير عملت معه؟
- عملت مع مصطفى كمال حلمى سنين طويلة، وتقريباً كان طالباً عندى، وبعده صلاح هدايت أول وزير للبحث العلمى ثم أحمد دياب تركى، وأحمد مصطفى، وعزت سلامة، ومفيد شهاب.. وغيرهم.
■ هل علاقتك بهم طيبة؟
- نعم، حتى الوزير الحالى هانى هلال أعطانى رقم تليفون منزله وعمله ورقم هاتفه المحمول.
■ ماذا لو استمر الملك حافظ دنيا فى منصبه.. وفى مملكته.. كيف ستكون ميولك العلمية؟
- المستقبل بيد الله وكل ما يطلبه الإنسان من ربنا هو الستر، وأنا أدعو ربنا ليل نهار ليرضى عنى.. والحمد لله اليوم أنا أترأس مجمع اللغة العربية، وعلاقاتى بأعضاء المجمع علاقة محبة، والدراعمة قالوا انتخبنا الدكتور حافظ لأنه يجمع بين العلم واللغة، ولم نمسك عليه لحناً واحداً.
■ هل أنت مرتاح لفشل ثورة الوالد؟
- لا.. أنا أقدر فيه هذه الحمية والرغبة الجامحة لمواجهة المستعمر، ولذلك كتبوا عنه أنه مجاهد وبطل، وأنا كنت أقدر فيه هذه النزعة الوطنية الجامحة والرغبة العارمة فى مواجهة المستعمر، أنا بقول عن نفسى أنى شاهد على العصر وعلى التعليم الجامعى على مدى 80 عاماً، وشاهد على حركة البحث العلمى فى مصر منذ أن بدأت جامعة القاهرة.
■ ما دعاؤك وقد أمد الله فى عمرك ل99 عاماً؟
- دعائى بالنسبة لى ولعائلتى: اللهم وفقنى لما فيه رضاك، أما بالنسبة لمصر: «أن يعود إليها سابق عهدها وشموخها».
زوجته: منضبط كالساعات العريقة.. يُكثر من شرب الشعير.. ويكافئ نفسه بالاستجمام فى سويسرا
السيدة عفاف عبدالرحيم غانم، قرينة الدكتور محمود حافظ، بمثابة سكرتيرته الشخصية، وهى دائماً تشارك فى المنتديات والمؤتمرات التى يدعى إليها زوجها فى الداخل والخارج أو على هامش الحوار معه فى شقته الفاخرة فى شارع الميرغنى بمصر الجديدة، حددت لنا السيدة عفاف البرنامج اليومى النشط لزوجها وهو على أبواب المائة،
تقول: هو منضبط جداً فى حياته، أى أنه كالساعة العريقة، يستيقظ فى السادسة صباحاً ليبدأ طقوسه اليومية.. حيث يبقى فى الحمام لنحو ساعتين يأخذ خلالهما حماماً طويلاً تتبعه حلاقة ذقنه بنفسه ثم يتأنق فى اختيار ملبسه!!
وهو حريص على تكامل العناصر الغذائية فى وجباته الثلاث.. فهو يحدد سعرات كل وجبة، ولا بد أن تشمل خضروات طازجة ولحوماً..
وهو يفضل الفراخ والسمك عن اللحوم الحمراء.. ويكثر من «الخضار السوتيه» والفاكهة الطازجة، أما عن مشروباته فهو يفضل شراب «الشعير - البيريل» الذى يشربه بكثرة فى جميع وجباته.. إضافة إلى العصائر الطازجة، أما شربه للمياه فقليل جداً.
وعن نشاطه ومشاركاته فى المؤتمرات والمحاضرات، خاصة أنه رئيس لنحو 5 تجمعات علمية كبرى، أبرزها مجمع اللغة العربية والمجمع العلمى وجمعية الحشرات، فتقول: يذهب لمواعيده وفق أجندة دقيقة جداً، وهو يصل مكان المؤتمر أو الندوة أو المحاضرة قبلها بمدة كافية،
وهو بذلك يعمل حساباً لزحمة الشوارع والتكدس المرورى، وكثيراً ما وصل إلى منتدى ما وبقى إلى جوار سائقه فترة طويلة حتى وصول بقية المشاركين، وحافظ ليس لديه أولاد سواء من زوجته الأولى.. أو منى..
وتضيف السيدة عفاف: تزوجته منذ 15 عاماً وذلك بعد وفاة زوجى السابق، لكن ل«حافظ» عشرات الأبناء الروحيين كثيراً ما يلتقى بهم فى «المجمع» أو «الجامعة» أو فى النادى الذى يحرص على تأدية رياضة المشى فيه بشكل دورى، وفى الصيف لابد أن يروح عن نفسه بمصيف طويل سواء فى الإسكندرية أو بورسعيد.
وإذا شارك فى مؤتمر علمى بالخارج فلابد أن يكافئ نفسه بعده بإجازة لا تقل عن أسبوع وغالباً ما تكون فى سويسرا.
وهذه الأيام هو مشغول جداً ولديه من الحيوية والنشاط ما يكفى العشرات، لانعقاد المؤتمر السنوى لمجمع اللغة العربية ابتداء من الخميس الماضى، وكذلك فإنه تم تكريمه الأسبوع الماضى فى احتفالية الجامعة بعلمائها إلى جانب رموز كبار، وتمت الإشارة إليه باعتباره «جد» العلماء المصريين، حيث إنه عضو هيئة تدريس ل75 عاماً متصلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.