«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفيد شهاب: نعم أنا محامي الحكومة التي يكرهها الناس ويكرهون من يمثلها
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 07 - 2010

المناصب ليست "تكية".. ومصر مش عزبة أبونا.. ولا يجب اعتبار الحكومة كلها "حرامية" لمجرد أن هناك وزيرا بيسرق
مفيد شهاب
خصنا الدكتور مفيد شهاب- وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية- بحوار خاص جداً حدثنا فيه عن حياته ونشأته وذكرياته بالإسكندرية.. تحدث عن طفولته التي قضاها بشارع زين العابدين بحي محرم بك.. حدثنا عن أسرته ووالده الوفدي الكبير ووالدته وأشقائه وزوجته وابنه هاني، كما تذكر أيام مدرسة «ليسيه فرنسيه» وكلية الحقوق وقهوة الغرفة التجارية وشاطئ الشاطبي وكابينة المندرة.
حدثنا عن عمله كماحمٍ للحكومة.. ومعركة انتصاره في قضية طابا وعلاقته بزكريا عزمي وكمال الشاذلي ومصطفي الفقي.. حدثنا عن ذلك الشاب الذي كان يحلم بأن يكون مدرس فرنساوي ليصبح واحداً من أمهر السياسيين في مصر.
حدثنا عن مفيد شهاب الإنسان الذي لا يعرفه أحد.
ولدت بالإسكندرية وعشت بها.. وتعلمت في مدارسها. ودرست في جامعتها.. وعملت بها في أول وظيفة في حياتك.. ماذا تبقي في ذاكرتك منها؟
- كل الأماكن في الإسكندرية عالقة في ذهني.. ذكرياتي مع الأسرة وفي الحضانة والمدرسة والجامعة والوظيفة.. وهي بلا شك أجمل فترات حياتي.. أتذكر كل تفاصيلها.. بيتنا الذي ولدت فيه بشارع أحمد سعد المتفرع من شارع زين العابدين بحي الرصافة بمحرم بك والحضانة والمدرسة ومدرسة الليسيه الفرنسية وكلية الحقوق ومبني الاتحاد السكندري وكلية فيكتوريا والقهوه التجارية وقهوه ميرامار وشواطئ الشاطبي وكامب شيزار والإبراهيمية وسيدي جابر وسيدي بشر.. أتذكر شوارعها النظيفة وهدوءها الشديد في فترة الخمسينيات والستينيات والجاليات الأجنبية التي كانت تسكن شوارعها.. أتذكر كل أصدقائي وجيراني وأساتذتي.. أتذكر غرفتي في بيتنا المغلق منذ سنوات بحي الرصافة وجدران المنزل والأثاث الذي مازال علي حاله.. وكل فترة أذهب لأزور البيت وأدخل غرفتي التي ولدت بها وقضيت بها طفولتي وشبابي وأجلس بها بعض الوقت ثم أرحل.
عندما تدخل غرفتك ببيت الأسرة بشارع زين العابدين.. ماذا تري؟
- «سرحت عيناه» أري طفولتي.. أري أسرتي التي كانت شديدة الترابط.. أري إخواتي محمد ومنير ومي وماجده ومجدي.. أري والدتي رحمها الله والدي الصارم الحنون الذي تعلمت منه كل شيء في الحياة.. أري جيراننا، وكيف كنا نلعب في بيوتهم ويلعب أطفالهم في بيتنا وأري والدي يعود للمنزل في تمام الثانية والنصف ظهر كل يوم في موعد الغداء الذي كان مقدساً تجتمع حوله كل أفراد الأسرة.
لكنك تخص والدك بذكريات كثيرة في هذا الشأن؟
- والدي كان من رجال التعليم.. ترك قريته بساط كريم الدين بمركز شبين بالدقهلية وجاء إلي القاهرة وتعلم هناك حتي حصل علي دبلوم في الآداب ثم سافر إنجلترا وعاد منها للإسكندرية وعين مدرساً في مدرسة سعيد الأول الابتدائية وكانت علي محطة جليم علي الترام.. تدرج فيها حتي صار ناظراً لمدرسة العروة الوثقي الثانوية.. ثم ناظراً لمدرسة الرمل الثانوية وناظر لمدرسة الليسيه الفرنسية.. ثم مدير التعليم الأجنبي في الإسكندرية.. ثم مدير المنطقة التعليمية.. وقضي حياته كلها بالإسكندرية ورفض أن يغادرها حتي نقل عقاباً من وزير التربية والتعليم إلي مدرسة سوهاج الثانوية لأن والدي كان شديد الاعتداد بذاته وكرامته.. وقد تعلمت منه الكثير ودايماً رافع رأسي لفوق، وكان مهتماً للقراءة.. يأخذني إلي دار المعارف في محطة الرمل ويشتري لي كتباً مازلت أحتفظ بها.. كان يحتفظ بصورة لزعماء مصر وعلمائها وأدبائها في مكتبته.. وكان يجيد الإنجليزية والفرنسية وتعلم الألمانية وعمره 55 عاماً.
كان والدك ناظر مدرسة الليسيه الفرنسية.. بينما كنت أنت طالباً بها.. كيف تري تلك المرحلة؟
- كانت عقدة حياتي أن والدي هو ناظر المدرسة التي أدرس بها.. كنت رغم تفوقي محل اتهام من زملائي لأن المدرسين بيجاملوني لأن والدي هو الناظر.. وكثيراً ما طلبت من أبي نقلي لمدرسة أخري لكنه رفض. .وقال لي: إستني لما تدخل الكلية ولو لم تتفوق يبقي المدرسين كانوا بيجاملوك.. لذلك لم أفعل شيئاً في الجامعة سوي كيف أتفوق في الجامعة لأثبت أن تفوقي في المدرسة كان بسبب جهودي وليس لأن والدي هو الناظر.. وفي كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية طلعت التالت علي دفعتي في سنة أولي.. ثم الثاني في سنة ثانية.. والأول في سنة تالته ورابعه.. أما مدرسة الليسيه الفرنسية بالشاطبي فقد كانت صاحبة التأثير الأكبر في حياتي.. قضيت بها تسع سنوات من عمري تشكلت فيهم ملامح شخصيتي.. تعلمت منها الانضباط وعشقت من خلالها الثقافة الفرنسية وكنت شديد الانبهار بها.
وماذا عن والدتك؟
- كانت من دمنهور وكانت مدرسة في المدرسة التي كان والدي يعمل بها.. وبعد الزواج والإنجاب تفرغت لنا ولشئون الأسرة.
وأشقائك؟
- شقيقي الأكبر محمد.. دخل كلية الحقوق قبلي ب 3 سنين. وعمل طول حياته بهيئة قناة السويس. .وقد توفاه الله منذ 8 سنوات.. ثم منير شهاب.. وكان لواءً في الكلية البحرية وظل في الإسكندرية طوال حياته كضابط بحري.. ثم أنا.. ثم أختي الدكتورة مي شهاب.. وهي أستاذة في معهد البحوث التربوية ومسئولة عن تدريس اللغة الفرنسية في وزارة التربية والتعليم.. ثم ماجده وهي طبيبة بالإسكندرية.. ثم مجدي شهاب وهو أصغر أشقائي وكان عميد لكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية.. ورغم أنني رقم 3 بين إخواتي فإنني كنت أتحمل شئون الأسرة بالكامل في حالة غياب والدي.. ولم يكن هذا يثير غيرة أو غضب أشقائي الأكبر مني.
ذكرت شيئاً عن ذكريات لا تنساها عن قهوه الغرفة التجارية وقهوه ميرامار؟
- كان مكان والدي المفضل قهوه ميرامار التي كتب عنها نجيب محفوظ روايته - التي حملت نفس الاسم - وكنت أجلس معه علي قهوه ميرامار.. ثم أذهب إلي عمي - الذي كان مدرساً في مدرسة محمد علي الصناعية - سيراً علي الأقدام حتي قهوة الغرفة التجارية في المنشية.. حيث كانت القهوة التجارية المكان المفضل لعمي.
- وكانت ملتقي المثقفين والسياسيين.. ويجلس عليها السعديون والوافديون.. وكانت مركز إشعاع ثقافيًا.
وحكايتك مع شواطئ الإسكندرية.. وكابينة الشاطئ وكابينة المندرة؟
- كان شاطئ الشاطبي أجمل البلاجات.. وكان الأقرب لبيتنا في محرم بك.. كنت أقضي فيه 3 شهور الصيف.. وكان لينا كابينة في كامب شيزار وكابينة في سيدي بشر وكابينة في المندرة.. وكان بلاج المندرة وقتها من أجمل البلاجات.. كان عبارة عن صحرا وشوية فيللات وشاليهات.. ولم يكن هناك وقتها كل هذه المباني.. كنا نركب القطر أنا وأسرتي من محطة إسكندرية ومعانا شنط هدومنا لحد محطة المندرة.. ونقضي الصيف هناك.
كيف كنت تخطط لمستقبلك وأنت طفل صغير؟ وهل حلمت أن تصبح يوماً وزيراً أو سياسياً؟
- علي الإطلاق.. كان حلمي في الحياة إني أكون مدرس لغة فرنسية من فرط انبهاري بالثقافة الفرنسية ودراستي الفرنسية.. وقررت أدخل كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية.. ولكن والدي رفض وأصر علي دخولي كلية الحقوق.. اعترضت وقتها لأني لم أكن أحب الدراسة في كلية الحقوق.. ولكن في النهاية رضخت لرغبته ودخلت حقوق.
ومتي بدأ اهتمامك بالسياسة؟
- لم تكن لي اهتمامات سياسية حتي فترة الجامعة.. كان الأمر يقتصر علي ما أتلقاه من معلومات من والدي الذي كان من زعماء حزب الوفد بالإسكندرية.. كنت أري فؤاد باشا سراج الدين، وعبدالفتاح باشا الطويل معه علي قهوة ميرامار.. كان والدي سياسيًا كبيرًا ففهمت منه السياسة ولكن لم أمارسها.. حتي لما دخلت الجامعة كانت أمنية حياتي أدخل انتخابات اتحاد الطلبة ويكون لي أي دور.. ولكن لم أجرؤ علي اتخاذ هذه الخطوة.. كل ما كان يشغلني هو التفوق في كلية حقوق حتي لا يقال عني إني تفوقت في المدرسة لإن أبويا هو الناظر.. وبعد الجامعة حصلت علي بعثة دراسية في فرنسا.. ولكني لم أتمكن من السفر لفرنسا بسبب توتر العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ومصر عقب العدوان الثلاثي.. فسافرت إلي روما.. وهناك كونت مع مجموعة من الشباب العربي «اتحاد الطلبة العرب».. وكنت عضواً في هذا الاتحاد مع زميلي عبدالأحد جمال الدين وآخرين من جنسيات عربية مختلفة.. ثم سافرت إلي فرنسا بعد عودة العلاقات معها.. وانبهرت بقدر الحرية ثم سافرت فرنسا بعد عودة العلاقات معها.. وإنبهرب بقدر الحرية الديمقراطية المتاحة في هذا البلد.. كنت أتابع أخبار مصر عبر جريدة اللوموند الفرنسية.. وفي فرنسا عملنا «اتحاد الطلبة العرب».. وكانت فترة المد الثوري.. فكنا نخرج في مظاهرات في الشوارع ونطالب بتحرير الجزائر.. وكان البوليس الفرنسي يستدعينا باستمرار حتي نتوقف عن العمل بالسياسة.. وكانت لنا قضايانا العربية مثل الوحدة العربية وجمال عبدالناصر.. كان عمري وقتها 25 سنة.
كيف كنت تري الرئيس جمال عبدالناصر وعمرك 25 سنة؟
- كنت كغيري من شباب جيلي شديد الانبهار به.. كان زعيمًا قوميًا ومثلاً أعلي.. ورغم أخطائه محدش ينكر إنه عمل اسم وقيمة لمصر.. وتظل عيوبه في قضائه علي الحريات.. لكن كل تجربة يجب أن نقيمها وفق الظروف التي تمت بها.
وبعد كل هذه السنوات.. هل تغيرت نظرتك له؟
- يظل جمال عبدالناصر رمزاً كبيراً وزعيماً قومياً.. لكن لما كبرت أدركت أخطاء لم أكن أدركها في حينها.. لعل أهمها خديعتنا في نكسة 1967. وقتها كنت رجعت مصر.. وكنت موجهاً في منظمة الشباب العربي.. كان عمري 29 سنة.. وشعرت بعد النكسة إني انكسرت.. ولكن هذا لم يمنعني من أن أجري في الشوارع من شارع حسن صبري في الزمالك حتي منشية البكري لأطلب مع الآلاف غيري من عبدالناصر ألا يتنحي.. وكنت مؤمناً إن المتسبب في الهزيمة قادر علي إصلاحها.
قضيت 6 سنوات في فرنسا لماذا قررت العودة إلي مصر؟
- رغم انبهاري الشديد بفرنسا في ذلك الوقت.. فإنني لم أفكر في العيش هناك.. كنت دائم الحنين إلي مصر.. أبحث عن أخبارها في الجرائد وأرسل خطابات لأسرتي في الإسكندرية.. كنت شديد الارتباط ببلدي وأسرتي.. ولذلك لم أفكر في الزواج من أجنبية أو فرنسية.. حيث كانت لدي قناعة أن زواج المصريين من أجنبيات ينتهي بالفشل لاختلاف الثقافات.
وماذا عن الزواج والأبناء؟
- تزوجت فتاة مصرية اسمها هدي السيد.. كانت معيدة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. وكنت قد عدت إلي مصر وأدرس في جامعة القاهرة.. تعرفت عليها في نادي هليوبوليس.. وحصل توافق وخطبتها واتجوزنا وكان عمري 37 سنة.. وهي الآن أستاذة في كلية الاقتصاد.. ولدي منها إبنان.. محمود وقد توفاه الله وعمره 15 سنة.. وهاني وهو مدرس في كلية طب قصر العيني وعنده عيادة في شارع محيي الدين أبو العز في الدقي ومتخصص في جراحة المناظير والجهاز الهضمي.. وزوجته عقلانية جداً وهادئة وصداقاتها محدودة وشديدة الاهتمام ببيتها.. وعاشت معه لحظات النجاح والفشل.
هل صحيح أنك منحت الدكتوراة للدكتور زكريا عزمي الذي كان طالباً لديك؟
- نعم صحيح.. كنت أشرف علي رسالة الدكتوراة الخاصة بزكريا عزمي.. كان وقتها موظفاً صغيراً في رئاسة الجمهورية.. وكان المفروض إني مسافر الكويت للعمل كمستشار قانوني للصندوق العربي يوم 30 يونيو 1978.. فطلب مني زكريا.. وكان طالباً عندي.. أن أؤجل سفري أسبوعًا حتي أنتهي من مناقشة رسالة الدكتوراة الخاصة به لأن تأجيلها سوف يلحق.
به ضرر شديد.. وحرصاً علي مستقبله وافقت وأجلت سفري للكويت أسبوعاً حتي منحت له رسالة الدكتوراة ثم انقطعت أخباره عني.. وظللت أنا في الكويت لمدة ست سنوات أعمل في الصندوق العربي.
وكيف تم اختيارك لتتولي ملف إعادة طابا إلي مصر مع آخرين؟
- أثناء إقامتي في الكويت جاءني اتصال عام 1985 من دكتور مصطفي الفقي.. وكان وقتها سكرتير الرئيس للمعلومات.. وفي الوقت نفسه هو صديق قديم بحكم عملنا معاً في منظمة الشباب عقب تخرجنا.. مصطفي قال لي إن الريس عايزني ضروري.. شعرت بالدهشة لأني لم ألتق الرئيس من قبل.. نزلت من الكويت والتقيت الرئيس مبارك وقاللي إنه سمع إني أستاذ قانون دولي كويس... وطلب مني أن أنضم للجنة شكلها برئاسة عصمت عبدالمجيد - وزير الخارجية حينذاك - لدراسة ملف طابا.. فعدت إلي مصر وفتحت مكتب محاماة سنة 1984 وتخصصت في القضايا الدولية.. إلي أن طلب الرئيس من أعضاء اللجنة ترك وظائفهم والتفرغ التام لملف طابا.. وقد حدث.. فأغلقت مكتب المحاماة وتفرغنا لطابا.. حتي صدر حكم التحكيم الدولي لصالحنا.. وصرخنا يومها من الفرحة.. وكان أكبر انتصار شهدته في حياتي.
ذكرت أن رئاستك لجامعة القاهرة عقب عودتك من قضية طابا بأنها أسعد فترات حياتك. لماذا؟
- لما رجعنا مصر بعد انتصارنا في معركة طابا توليت رئاسة معهد قانون الأعمال الدولي لمدة 4 سنوات «1988-1992»، وبعدها فوجئت بقرار جمهوري بتعييني رئيساً لجامعة القاهرة.. شعرت بفرحة غامرة.. كنت وقتها أعطي محاضرة في معسكر شباب أبي قير بالإسكندرية.. وأخبرني صوفي أبوطالب بالخبر في شيراتون المنتزه.. وشعرت بأن ذلك قمة التكريم لي كأستاذ.. كان وقتها حسين كامل بهاء الدين - وزيراً للتعليم -.. وكان حسين صديقي، حيث كنا نعمل معاً في منظمة الشباب.. كان رئيس المنظمة وأنا نائب الرئيس.. وظللت رئيساً لجامعة القاهرة أربع سنوات «1993-1997».. ووضعت فيها كل وقتي وجهدي.. وكانت أجمل فترات حياتي بالفعل.. حتي تم اختياري وزيراً للتعليم العالي سنة 1997.
تتهم دائماً بأنك «رجل كل العصور» ما تعليقك؟
- يحزنني بشدة أن يقال عني ذلك وكأني رجل ألعب علي كل الأحبال وأتلون بكل الألوان.. ومن يعود لسيرتي سيعرف أني توليت أول منصب سياسي في حياتي عام 1993.. أي منذ 17 سنة فقط عندما تم اختياري وزيراً للتعليم العالي والدولة للبحث العلمي.. وظللت في هذه الوزارة سبع سنوات.. وهي أطول مدة قضاها وزير في هذه الوزارة.. وهي فترة في حياتي مرت بحلوها ومرها.. حتي تم اختياري وزيراً لشئون مجلس الشوري عام 2004.. وهنا انتقلت من وظيفة فنية سياسية إلي وظيفة سياسية بحتة.
قيل وقتها إنه تم استخدامك لتفتيت سلطات ونفوذ دكتور كمال الشاذلي بمنحك نصف وزارته.. ثم منحك الوزارة كلها؟
- كمال الشاذلي يعلم أنني لا أختار وزارة بعينها، بل يتم اختياري ويسأل في ذلك رئيس الجمهورية.. وقد فوجئت عام 2004 باختياري وزيراً لشئون مجلس الشوري بعد تقسيم وزارة دكتور كمال الشاذلي إلي وزارتين.. ثم فوجئت عام 2005 بضم الوزارتين من جديد واختياري وزيراً لشئون مجلسي الشعب والشوري ووزيراً للشئون القانونية وهي وزارة مستحدثة.. وهكذا انتقلت من نصف وزارة إلي ثلاث وزارات.. وهو يعلم أنني لست صاحب الاختيار.. ثم إن الأصل أن الوزير يظل وزيراً لفترة ثم يرحل ويأتي غيره.. لأنها لو دامت لغيرنا لم تكن لتصل إلينا.
هل أثر هذا في علاقتك به بعد تجميد سلطاته ونفوذه داخل المجالس القومية المتخصصة؟
- إطلاقاً حيث تربطني بكمال الشاذلي علاقة صداقة قديمة ونسب ومازلت أسأل عنه حتي الآن، وهو من أقرب الناس لي.. ولكن كلنا نعلم أن المناصب السياسية ليست تكية.. وليست مصر «عزبة أبونا» حتي ندخل الوزارة ولا نخرج منها.. وكل منصب لابد له من نهاية.. وكمال الشاذلي أدي مهمته علي أكمل وجه.. وأتمني أن أؤدي مهمتي علي أكمل وجه.. فرغم كل هذه الوزارات التي شغلتها.. يظل عملي رئيساً لجامعة القاهرة هو أفضل فترات عملي علي إطلاقها.
وظيفتك الرسمية حالياً هي أنك «محامي الحكومة» هل أفقدتك هذه شعبية في الشارع المصري؟
- «بشكل قاطع» طبعاً.. وهذا لأن الناس تنظر لي بعدائية لمجرد أني ممثل الحكومة.. مع إن لو فيه أي حد تاني في مكاني كان سيفعل ما أفعله بالضبط.. غير أني لا أكذب ولا أزور ولا أدافع عن باطل، لكن الناس مش موضوعية في حكمها علي الحكومة.. ودائماً الناس تكره الحكومة وتكره من يمثلها.. ولو كان لدينا حكومة من الملائكة فإن الناس سوف تكرهها.
هل تصعب الحكومة مهمتك في الدفاع عنها بكثرة أخطائها.. فأنت محام لمتهم كثير الجرائم؟
-ومن قال إن ما تفعله الحكومة جرائم.. من الخطأ أن ينظر للحكومة علي أنها مخطئة علي الدوام.. ففي الدول المتقدمة ينظر للحكومة باحترام حتي يثبت العكس.. وحكومتنا تعمل ليل نهار من أجل المواطن وراحته فيجب أن تكون محل احترام.. وإذا حدثت أخطاء لدي وزير هنا أو مسئول هناك فالحكومة هي أول من تطالب بمحاكمته ولا يجب التعميم هنا بأن الحكومة كلها حرامية لأن وزيراً سرق.. أو أنها حكومة مهملة ومقصرة لأن مسئولاً واحداً قصر في عمله.. هذا ليس إنصافاً.. ولكننا للأسف شعب يكره الحكومة.. وينافق الحكومة.. ويخشي الحكومة.
وماذا تفعل إذا شعرت أن الحكومة أخطأت.. وأنت محاميها وليس أمامك سوي الدفاع عنها؟
- قلت إنني لا أدافع عن باطل.. وقد حدث كثيراً أنني وقفت في البرلمان ووافقت وأنا ممثل الحكومة.. علي تمرير قوانين كثيرة كانت علي غير رغبة الوزارات لأني رأيت أن في هذا الصالح العام.. وإذا اتهم أحد وزيراً بالفساد فأنا كمحامي الحكومة.. أول من يطالب بتقديم المستندات وتقديمه للمحاكمة لأننا كحكومة لا ندافع عن الفساد.
هل مرت عليك لحظات فكرت فيها في الاستقالة من كل مناصبك السياسية؟
- كثيراً ما شعرت بالرغبة في أن أترك كل هذا.. حدث هذا يوم تم اتهامنا بالخيانة والتواطؤ مع إسرائيل لضرب غزة وبناء الجدار العازل.. وكنت وقتها في مجلس الشعب.. وشعرت بالصدمة.. أفبعد كل ما ضحينا به نتهم بالخيانة؟. شعرت وقتها أنني غير قادر علي الحركة.. غير قادر علي الكلام.. تمنيت لو أتقدم باستقالتي حتي لا أطعن في وطنيتي.. وفكرت كثيراً في الاستقالة عندما تهاجمنا المعارضة في البرلمان وترفع صوتها لتمنعنا حتي من الدفاع عن أنفسنا.. أشعر وقتها أننا لا نحظي بالاحترام الذي نستحقه رغم كل ما نبذله من أجل هذا الوطن.. ولكنها في الآخر الديمقراطية.. وأن يكون لكل شخص الحرية في أن يقول ما يشاء.. حتي لو تجاوز في حقنا.
هل مازالت لديك طموحات وأحلام لم تحققها بعد؟
- طموح إيه؟!. لم يعد هناك طموح لا مادي ولا معنوي ولا سياسي.. فربنا إداني أكثر مما أستحق وأكثر مما تمنيت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.