برغم تأكيد سوريا ان مذكرات التوقيف بحق33 شخصية لبنانية في قضية شهود الزور بالتحقيقات الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري هي موضوع قضائي. ولا علاقة له بالعلاقة بين سوريا ولبنان وسعد الحريري, الا ان الاجواء في لبنان تشيع فيها مناخات الفترة السابقة(2005 2009) قبل طي صفحة الاتهام السياسي لسوريا باغتيال الحريري الاب, وفتح صفحة جديدة اي مناخات ما تصفه قوي14 اذار ب عهد الوصاية السورية, الامر الذي يثير تساؤلات في الشارع اللبناني حول ما اذا كان ذلك مؤشرا لعودة مرحلة التوتر ولترنح التفاهم السوري السعودي بشأن العمل علي الاستقرار في لبنان, ولاهتزاز المصالحة السعودية السورية عام2008 والتي انتجت هذا التفاهم؟! فقد اعتبرت الاوساط السياسية ان اعلان السعودية علي لسان سفيرها في بيروت عوض علي العسيري عدم التدخل في موضوع المحكمة الدولية لجهة منع صدور قرار ظني بين عناصر من حزب الله بتنفيذ الجريمة اعلانا برفع السعودية يدها عن هذا الملف, وبفشل جهود محاولة اثناء المحكمة علي اصدار هذا القرار, ومؤشرا علي انه صار هناك مسافة بين الموقف السعودي والموقف السوري في هذا الشأن, وتجلت هذه المسافة في تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي اعتبر فيها صدور مثل هذا القرار يهدد استقرار لبنان, والتي اعتبرتها تلك الاوساط توفر غطاء سياسيا لموقف حزب الله والمعارضة من المحكمة. ولاحظ المراقبون في هذا الصدد غياب اي انباء عن اتصالات أو مشاورات سعودية سورية منذ اندلاع الازمة قبل أسبوعين وهو تنسيق في التعامل علي الاوضاع اللبنانية, استدعي تحركا مشتركا علي أعلي المستويات بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد لبيروت نهاية يوليو الماضي, في وقت لم تكن وصلت فيه الامور في لبنان الي مشارف فتنة؟! كما لوحظ في المقابل عودة التشاور السعودي المصري بشأن الاوضاع في لبنان, حيث قام وزير الخارجية أحمد ابوالغيط بزيارة السعودية قبل ايام, وعقد مباحثات مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل حول هذا الملف. وجاءت مذكرات التوقيف السورية وردة الفعل اللبنانية علي المستوي الرسمي ومن جانب قوي14 اذار لتزيد الامور غموضا حول مستقبل التطور الذي حصل في العلاقات بين البلدين منذ زيارة الحريري الاولي لدمشق في ديسمبر الماضي. فقد أعرب لرئيس الجمهورية ميشال سليمان, ورئيس الوزراء سعد الحريري عن انزعاجهما من صدور هذه المذكرات وتمني سليمان الا تصدر مذكرات,( اخري) بحق شخصيات لبنانية خاصة أن قضية شهود الزور أحيلت الي وزير العدل ابراهيم نجار, والذي قدم تقريرا لمجلس الوزراء في اجتماعه يوم الاثنين الماضي برئاسة سليمان بالقصر الجمهوري في بعبدا في هذا الصدد سيدرسه الوزراء تمهيدا لمناقشته. ومن جهته تمني الحريري لو ان التطور في العلاقات حال دون حدوث ما حدث( صدور مذكرات التوقيف). يؤكد كل من سليمان والحريري الحرص علي التمسك بتعزيز العلاقات مع سوريا ومواصلة السعي نحو تأكيد أن صفحة جديدة في العلاقات قد فتحت, وتؤكد المصادر ان هناك جهودا من اجل احتواء التغطية السورية لموقف المعارضة, وتداعيات صدور مذكرات التوقيف, لكنها لاحظت ان اتصالا هاتفيا لم يجر بين الحريري والرئيس السوري منذ اندلاع السجال حول المحكم ومحاكمة شهود الزور مطلع الشهر الماضي, برغم ان الحريري ترك مسافة بينه وبين حديث فريقه السياسي عن عودة الوصاية. وبرغم الحرص الذي أبداه كل من رئيس الدولة ومجلس الوزراء علي العلاقة مع سوريا الا ان الاجواء السياسية خصوصا في اوساط قوي14 اذار( الاكثرية) تعتبر ان هناك ازمة, وان التطور الذي حصل في العلاقات وتحسنها يتعرض للتهديد, فقد اعتبر منسق عام تلك القوي فارس سعيد ان الموقف السوري من المحكمة, وصدور مذكرات التوقيف مؤشر خطير علي توجه سوري لزعزعة استقرار لبنان وتنكر للتعهدات بفتح صفحة جديدة. ووصفها رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع بأنها هجوم سوري صاعق وقميص عثمان لعرقلة الجهود التي تبذل لكشف الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري, فيما اعتبر النائب سمير الجسر الخطوه السورية لاتخرج عن الهدف السياسي, وتصب في محاولة دفع الحكومة للتراجع عن المحكمة ورأي ان ذلك الامر سيؤدي الي مزيد من التأزيم السياسي, بينما اعتبرها رئيس اللقاء الديمقراطي للزعيم الدرزي وليد جنبلاط خطوة جيدة جدا حتي ينال المذنب جزاوءه وينال البرئ براءته. في اطار جهود لملمة التفاعلات والتداعيات لعدم اهدار التحسن في العلاقات السورية اللبنانية وبعدها اكد الرئيس السوري بشار الاسد والسفير السوري في بيروت علي عبد الكريم ان مذكرات التوقيف مسألة قضائية بحتة وليست سياسية ولاعلاقة لها بالعلاقات بين سوريا والحريري, ومن ناحيته يشرع وزير العدل ابراهيم نجار( من حزب جعجع في الحكومة) في اجراء الاتصالات والمشاورات العدلية مع نظيره السوري حول هذه المذكرات لبحثه سبل التعامل معها بدون ان تتضرر العلاقات حسبما كلفه بذلك الرئيس سليمان, الذي شدد من جانبه علي اهمية الحوار الهاديء علي نحو يحفظ استقرار لبنان وضرورة التعامل اللبناني مع هذه المذكرات من خلال احترام الاصول القضائية والسيادة الوطنية. وفتحت التطورات في قضية المحكمة وشهود الزور الباب علي مصراعيه أمام طرح التساؤلات واهمها ليس فقط ما اذا كان التحسن الخاص في العلاقة بين سوريا ولبنان قد يتراجع؟.. وانما ما اذا كان التفاهم السعودي السوري بشأن لبنان يترنح!؟ بما يتجاوز حتي نتائج القمة السعودية السورية اللبنانية التي استضافتها بيروت نهاية يوليو الماضي. لكن من المستبعد ان ينهار هذا التفاهم كون السعودية حسب مصادر مطلعه بذلت جهودا من أجل ألا يتسبب القرار الظني المفترض في ضرب الاستقرار في لبنان, وعودة شبح الفتنة لكن جهودها فشلت, لان القرار بشأن المحكمة لم يعد في يد لا السعودية ولا الحريري!.. وسوريا تدرك ذلك جيدا.