أستغفر الله العظيم.. هو خلاص مفيش حاجة في مصر ممكن تشغل بال واهتمام وزير التربية والتعليم أي وزير للتربية والتعليم سواء الوزير السابق أو الحالي أو القادم غير القضايا الفرعية التي لن تصلح حال التعليم رغم أن مشاكل التعليم في مصر زي الهم علي القلب.. إلا أن الوزير البدر في تمامه انقض علينا بتصريحات يؤكد فيها أن للكتب المدرسية حقوقا للملكية الفكرية وأن علي أصحاب الكتب الخارجية أن يدفعوا للوزارة وذلك من أجل تطوير التعليم.. هذا التطوير الذي أصبح مثل الثوب الذي غطته الرقع وضاعت سياسة التعليم وتاهت ملامحها وسط عمليات الترقيع المستمرة تحت اسم التطوير حتي أننا كرهنا الكلمة نفسها وأصبح أولياء الأمور والطلاب والمعلمون يرددون في دعائهم سرا وجهرا: الله يلعن التطوير وسنين التطوير واللي عايزين التطوير وحروف كلمة التطوير!!هو مفيش حاجة تانية يارب تشغل الوزير غير المعارك التي يبدأها كل يوم ويتراجع عنها بعد كام يوم.. وفي فيلم' ابن حميدو' كان الريس حنفي وهو الفنان الراحل عبد الفتاح القصري يقسم في كل مرة أن كلمته لا يمكن تنزل الأرض أبدا.. وبعدها تنزل كلمة الريس حنفي ويبتلع قراره مؤكدا أن كلمته ستنزل هذه المرة فقط ولكن في المرة القادمة مش ممكن تنزل أبدا..!! وهذا هو حال التعليم اليوم.. فنحن نعيش مرحلة مدارس الريس حنفي الذي يقسم كل يوم أن كلمته لا يمكن تنزل الأرض أبدا وبعدها تنزل بمنتهي الهدوء.. فالريس حنفي يباغت المدارس بهجوم يكشف فيه للدنيا وعبر شاشات الفضائيات التليفزيونية سوء أحوال المدارس وغياب الانضباط ويستقبل حضرة ناظر المدرسة بسخرية واستخفاف تجعل الرجل يتلعثم في الكلام ويبادر الريس حنفي وعلي الهواء مباشرة وبالمحمول بإصدار قرارات نقل وترحيل ناظر المدرسة ومعه عشرات المدرسين والعاملين والهدف يا ريس حنفي هو عودة الانضباط للعملية التعليمية.. ونصدق الريس حنفي الذي يتمسك بكلمته طوال الليل عبر الفضائيات ولكن وفي اليوم التالي يتوجه وزير زميل للريس حنفي وفي نفس الوقت هو نائب بالبرلمان عن الدائرة التي تقع فيها المدرسة ووراءه أتوبيس يحمل المدرسين الذين تقرر نقلهم من أجل تحقيق الانضباط وعلشان خاطر عيون الوزير الزميل تنزل كلمة الريس حنفي ويعود كل واحد إلي مكانه بشرط تنفيذ رغبة الريس حنفي بأن يعترفوا بما ارتكبوه من تسيب وينصلح حالهم.. والكتب الخارجية كارثة وسبب تدهور التعليم ولا يمكن أبدا أن تنزل كلمة الريس حنفي الأرض حتي يمحو هذه الكتب الخارجية من علي خريطة التعليم وفجأة تنزل كلمة الريس حنفي وتعود سوق الكتب الخارجية للانتعاش بعد أن تضاعف سعر بيع الكتاب وزادت أرباحه بسبب كلمة الريس حنفي التي تنزل دائما وبعد أن قدمت الكتب الخارجية نصيبا من أرباحها للوزارة!.. ألم يلاحظ الوزير أن هناك أوضاعا مزعجة ومؤلمة في التعليم منها مثلا الفصول التي يتكدس فيها عشرات الأطفال محشورين كما السردين المعلب ؟! فصول يزدحم الفصل الواحد منها بنحو ثمانين طفلا يختنقون من الزحام وكأنهم في أتوبيس للنقل العام. ألم ينزعج مثلا من تقرير رسمي يقول إن67% من المعلمين في مدارس مصر غير مؤهلين تربويا ولا يصلحون أساسا للتدريس؟ ألم يشعر بالقلق من سوء مباني المدارس التي علي وشك الانهيار فوق رؤوس التلاميذ والمعلمين لسوء حالتها؟ ألم يسأل السيد الوزير يوما ما- من باب العلم بالشيء- كيف يعيش هذا المدرس كما البشر بالجنيهات المعدودة التي تعطيها له الوزارة أول كل شهر؟!! ألم يفكر السيد الوزير كيف ومتي يرحمنا وأولادنا من مدارس الفترة الثانية! وهي مدارس تفتقد أبسط مقومات العملية التعليمية! ألم يسأل الوزير نفسه مرة واحدة: ياتري ياهلتري ياوزير ليه التلميذ المصري بالذات مستواه الدراسي هابط ويهبط باستمرار إلي حد أن تلميذ المرحلة الإعدادية يعجز عن كتابة اسمه كاملا بطريقة صحيحة؟! ألم يشعر الوزير بالزهق من كثرة اللجان التي تعمل منذ سنوات لتطوير الكتاب المدرسي؟! ومازال الكتاب المدرسي بنفس مستواه إن لم يكن قد تدهور عن قبل! ويبقي السؤال هو: لماذا لا ينشغل الوزير بأي مشكلة من المشكلات السابقة, ويسأل نفسه يا تري أعمل إيه حتي أضع بصمة علي سياسة التعليم؟ ويعمل الوزير أي حاجة المهم أن يضع بصمته الوزارية الميمونة علي سياسة التعليم!! ويضع رقعة جديدة فوق عشرات الرقع التي اختفت تحتها سياسة التعليم!! ياعالم كمان مرة حرام عليكم كفاية إثارة لمعارك جانبية لن تحقق إصلاحا من أي نوع وحاولوا إصلاح أحوال التعليم الأساسية بدون تطوير ولا ترقيع بعيدا عن مدارس الريس حنفي!! التعليم في مصر مشاكله لا تعد ولا تحصي وهي كلها معروفة ومدروسة وعقدنا من أجلها عشرات بل ومئات المؤتمرات والندوات وتم تشكيل آلاف اللجان ومع ذلك مازلنا محلك سر بل ونتراجع للوراء.. ولن نتخلص من كل ذلك إلا بسياسة قومية مستقرة للتعليم في مصر.. سياسة لا تخضع لمزاج كل وزير ومعلوماته عن التعليم التي هي في العادة وللأسف معلومات محدودة. نريد هيئة مستقلة عن كل وزير ترسم وتحدد سياسة التعليم في مصر التعليم العالي وغير العالي لامؤاخذة ويكون دور الوزير كل وزير فقط هو تنفيذ هذه السياسة!! صعبة قوي الحكاية دي؟! [email protected]