الشعار الذى أطلقه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعد نكسة يونيو 1967 ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير بالقوة.. كان راسخاً فى نفوس وعقول جميع أفراد القوات المسلحة. فالكل وضع في حساباته أن العدو الصهيوني لن يرتدع ويعيد الحق لأصحابه ويفيق من أوهام الجيش الذي لا يقهر إلا بعد أن يتلقي جزاء قاسيا ردا علي تجاوزه واعتدائه علي الآخرين دون وجه حق. اللواء عبدالمنعم سعيد رئيس هيئة التدريب كان واحدا من الشهود علي مدي تأثير العبارة التي أطلقها الرئيس الراحل عبدالناصر.. وهي ما استهل به حواره مع الأهرام.. وقال إن هذا المبدأ الذي اقره عبدالناصر كان مفهومه ان علي القوات المسلحة ان تستعد بالتدريب والاعداد الجيد للقوات والقيادات والتسليح طبعا لتحقيق هذا المبدأ إذا ما اقتضي الأمر ذلك. وأضاف إن الرئيس عبدالناصر حاول في البداية أن يحصل علي قرار من الأممالمتحدة بسحب القوات الإسرائيلية إلي ما بعد خط67 وغيره ولكن دون فائدة.. وبالتالي جاءت عبارته السابقة ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير بالقوة.. أي انه لا مفر من الحرب, وكان واضحا لاسيما في حرب الاستنزاف وعندما تولي الرئيس السادات بعد حرب الاستنزاف بفترة بسيطة بعد وفاة الرئيس عبدالناصر.. بدأ يبحث في نفس المبدأ كيف يتم تنفيذه.. فوجد هناك صعوبات مثل الحصول علي سلاح متطور ومتقدم يستطيع أن يجابه السلاح والمعدات المتوافرة لدي العدو.. ولكنه لم يتمكن من ان يحقق شيئا مع الاتحاد السوفيتي بهذا الشأن باعتباره المصدر الرئيسي للحصول علي السلاح.. فأخذ مبدأ عبدالناصر ولكن بمفهوم مختلف.. وهو ان الدولة لها عدة قوي ليس فقط القوات المسلحة.. منها السياسية.. الاقتصادية.. الاجتماعية.. الشعبية.. المعنوية.. فاذا اعتمدنا علي القوة العسكرية فقط فان ذلك يستغرق فترة طويلة حتي يمكن استعادة سيناء بأكملها. ويضيف اللواء عبدالمنعم ان السادات بدأ أولا بالسياسة فاتجه إلي الأممالمتحدة لحث إسرائيل علي الالتزام بقرار مجلس الأمن.. شجع الدول الافريقية علي قطع علاقاتها بتل أبيب.. وحث علي الوقوف بجانب الحق وان يظهر للعالم أن سيناء أرضي مصرية وان العدو الإسرائيلي اعتدي عليها بقوة السلاح وان هناك قرارا من الأممالمتحدة بانسحابها لما بعد خط يونيو67 ولكنها لا تنفذه... وبالتالي شد انتباه العالم لسلامة قضية مصر.. كما استخدم القوة الاقتصادية من خلال تعبئتها لتحقيق الأهداف العسكرية وذلك داخليا.. أما علي المستوي الخارجي فإنه حاول استغلال هذه القوة وبناء علي ما تحققه من نجاح عسكري في الضغط علي الدول الأوروبية في مساعدتنا سواء من خلال خفض انتاج البترول مثلا بمعدل5% شهريا أو غيره.. وهذا ما نجح فيه إلي أن انتهي المطاف باتفاقية السلام وانسحبت إسرائيل من جميع الأراضي المصرية. ويشير اللواء عبدالمنعم سعيد إلي أنه بعد حرب67 جري تشكيل لجنة لمعرفة اسباب الهزيمة وخرجت بدروس عديدة.. وانه بصرف النظر عن ذكرها فانها طرحت امام المنسق الذي يسعي لاعداد القوات المسلحة مرة أخري والتغلب علي جميع النواقص التي كانت موجودة في النكسة.. وان حرب الاستنزاف التي استمرت نحو15 شهرا كانت حافلة بدروس كثيرة وعلمت القوات العديد من الاشياء وهيأتها بشكل عملي للحرب وساهمت للتخطيط لحرب73 بل انها كانت اولي نتائج هذه المعركة.. حيث استفدنا منها في مواجهة العدو سواء بريا أو بحريا أو جويا. ويضيف اللواء عبدالمنعم إن حرب الاستنزاف كانت مقدمة لتطور القوات المسلحة فمثلا بدأنا ننشئ مرابط للدبابات وايضا للصواريخ م.ط في شبكة متكاملة وهذه الأمور لم تكن موجودة في67.. وأيضا دشم للطائرات حتي لا يتكرر ما حدث من قبل.. وجري ادخال تعديلات علي صواريخ الدفاع الجوي لتقليل خسائرها.. بخلاف اطالة مدة بقاء الطائرة في الجو بتركيب خزانات لها.. والكثير من الابتكارات الأخري ومنها استخدام المياه في تدمير الساتر الترابي لخط باريف وغيرها من الأمور الأخري. ويؤكد أن كل شيء كان يتم خلال هذه الفترة بدراسة جيدة.. كما كان يجري البحث عن الحلول لكل مشكلة.. بل ان تحديد موعد المعركة نفسه الساعة الثانية إلا خمسة وفي رمضان جاء بعد دراسة.. وقال إن المقاتل المصري لم يتغير علي الإطلاق في73 عنه في67 ولكن تم إعداده لاسيما من الناحية المعنوية. ويضيف اللواء عبدالمنعم ان ما يزعمه البعض من أذناب العدو بأن الانتصار كان حليفه امر من أوهامهم المريضة.. والدليل ليس بالكلام بل بالحقائق.. فعندما ننظر إلي الخريطة نجد إننا استولينا علي عشرين كيلو مترا من الضفة الشرقية.. وان الثغرة التي قام بها كانت محدودة دفع فيها بالدبابات وكانت قواته محاصرة تماما.. لدرجة ان الرئيس الراحل السادات وصفها بانها بالون داخل قواتنا.. وإذا كان العدو انتصر فلماذا انسحب؟.. ألم يكن من الافضل له البقاء.. ولكنه شعر بأن ذلك يعني التدمير له.. ولكن كل هذا الكلام من قبيل البروباجندا في حين انناحققنا هدفنا في النهاية بعيدا عن أي ادعاءات أو مهاترات. ويشدد اللواء عبدالمنعم علي أننا حاليا في حاجة لروح أكتوبر ولكن علي المستوي المدني أو السلمي.. علي أن نأخذ العبر من حرب73.. وفي مقدمتها الايمان العميق بالله وحب الوطن.. التخطيط الجيد لأي عمل نقوم به علي أرض الواقع.. والاداء المتميز.. والقدوة في كل شيء.. لان كل هذه الأمور غير محصورة في الجانب العسكري بل انها تمثل اركانا اساسية ايضا لأي عمل مدني. وينفي اللواء عبدالمنعم سعيد ان المفاوض المصري في مفاوضات فض الاشتباك كان متعجلا للحصول علي أي مكاسب وقال إن الأمر علي عكس ذلك فقد طالب العدو بأمرين فك الحصار عن باب المندب وترك النقطة الحصينة في بور فؤاد.. وذلك مقابل انسحابهم من الشرق.. وبالتالي فإنه هو الذي كان في ورطة وليس القوات المصرية. وحول رأيه فيما يتردد بأنه ليس هناك قوات مصرية في سيناء وغيره.. رد اللواء عبدالمنعم بأن حجم القوات الموجودة هناك أكثر عشرة أضعاف قبل حرب67.. وهذا العدد يكفي لتأمين سيناء ضد أي منطقة.. وقال ان كلامه لا يعني أن هذه القوة تكفي في أي حرب ولكن في حالة نشوب معركة فان لدينا باقي قواتنا وهذا موضوع آخر.. ولكن نحن لا ننادي بحرب.. فنحن ملتزمون بالسلام طالما كان الطرف الآخر كذلك.