العلم والعزيمة والايمان بهذه الأشياء الثلاثة.. نجحت قواتنا المسلحة الباسلة في تحقيق نصر أكتوبر المجيد فبالعلم استطاعت التخطيط المتقن للحرب.. وعدم نسيان صغيرة أو كبيرة الا وتمت دراستها ووضع حلول لكل المشاكل.. أما العزيمة فقد كانت تسود كل أبناء مصر.. وكانت العزيمة راسخة في نفوس أبنائنا البواسل إيمانا منهم بضرورة تطهير الأرض من دنس الاحتلال ومحو عار النكسة واستعادة العزة والكرامة وكما قلت فإن كل هذا استحق الاستعداد المبكر والمتقن والمتمهل للحرب مع عدو يجيد الخداع وتوجيه ضرباته للمناطق الحساسة .. ولم يكن الاعداد وليد اللحظة لكنه كان معدا حتي قبل النية في الحرب الانطلاقة الحقيقية لحرب أكتوبر بدأت فور نكسة يونيو مباشرة وتوجت يوم العبور والنصر هكذا يؤكد اللواء منير حامد أحد الذين شاركوا في الحرب .. ويضيف : كانت هناك قناعة بان ما جري في حرب يونيو 1967 ما هو الا نكسة وخطأ لابد وألا يتكرر .. وأدركنا جيدا وبما لا يدعو مجالا للشك أن ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ..هكذ رفع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شعار تلك المرحلة وبدأ علي الفور عملية شاملة لاعادة بناء القوات المسلحة علي كافة الاتجاهات ., وهذه كما قلت كانت البداية الحقيقية لحرب اكتوبر .. و بدأت عملية اعادة هيكلة القوات المسلحة والتدريب بشكل مكثف سواء علي القصف او عبور المانع المائي او ضرب الاهداف وتواكبت مع عمليات التدريب حرب الاستنزاف بيننا وبين العدو إلي أن توفي الرئيس عبدالناصر.. وجاء الرئيس السادات الذي اكمل المهمة وبدأت فعليا عمليات الاستعداد والاعداد بصورة مكثفة للحرب انتظارا لساعة الصفر التي كانت مفاجأة للعدو وأفقدته صوابه تماما . ويقول اللواء منير حامد .. ان العالم كله شهد ببسالة الجندي المصري وقدرته علي القتال والمواجهة الشرسة مع العدو .. لقد واجهت القوات المسلحة خصما قويا مدرب علي اعلي مستوي ويمتلك احدث انواع الاسلحة .. وبالتالي فان علي الجميع ان يدرك حجم التضحيات والبسالة التي قدمها ابناء مصر في هذه المعركة . ويري اللواء منير أن عملية الاستعداد والتجهيز للحرب لم تكن سهلة وإنما واجهتها صعوبات عديدة في مقدمة تلك الصعوبات الناحية المعنوية بعد الانكسار في 67 بالاضافة الي قلة الإمكانيات بعد النكسة وتدمير جانب كبير من هذه المعدات والأسلحة .. اما فيما يخص الجانب المعنوي فقد تم التغلب عليه تدريجيا مع مرور الوقت .. وبات الشعور الداخلي والهدف الاساسي للجميع ضرورة تحرير الارض واستعادة كرامة وكبرياء الجندي المصري .. والصعوبة الثانية كانت في كيفية اخفاء عمليات التدريب والحشد عن عيون العدو حتي يتوافر عنصر المفاجأة وذلك سواء علي مستوي السياسة او القوات المسلحة .. واخفاء اي معلومة عن العدو الا اذا كان هناك هدف من ايصال شيء معين اليه. ويضيف انه علي ضوء كل ذلك قامت القوات المسلحة قبل الحرب بمشروع تعبوي .. وتأكد العدو انه مجرد تدريب خاصة في ظل الاجراءات التي تم اتخاذها ولم يصل فكره لابعد من ذلك .. ولكن المشكلة كانت تكمن في كيفية اخفاء عودة هذه القوات بعد انتهاء المشروع .. وكان هناك ثلاثة احتمالات أمام خطة خداع العدو .. أولها ماذا سيعتقد إن هو اكتشف ما تقوم به قواتنا .. والثاني ما العمل لو لم تكتشف ذلك وفوجئت بقواتنا تتسلق الساتر الترابي .. والاحتمال الثالث كان الأصعب وهو كيفية التصور في حال ما قام بعملية المبادرة والقيام بالهجوم علي القوات.. وبالطبع فان الاحتمال الاول هو الذي حدث وفوجيء العدو بقواتنا تقتحم خط بارليف وتفرض سياسة ارض الواقع وتستولي علي 30 كيلو مترا شرق القناة وكان ذلك قمة المفاجأة. وحول عملية العبور يقول اللواء منير إن قواتنا عبرت قناة السويس في الموجات الاولي ولكن نقاط العدو كانت متماسكة ولم تسقط لان هذه الموجات كانت في بدايتها .. وفتحت قوات العدو النيران اثناء استكمال عملية العبور الي الشاطيء الشرقي وما زالت داخل المياه .. وعندما تمت عملية تسلق الساتر الترابي توقعنا ان تدفع اسرائيل بقواتها الاحتياطية خلال ربع او نصف او ثلاثة ارباع ساعة علي الاكثر ولكن ذلك لم يحدث .. وبالطبع كان لذلك ثلاثة.. دلالات.. اولا عنصر المفاجأة.. ثانيا افتقاد العدو للتركيز وعدم القدرة علي التصرف بالسرعة المطلوبة.. ثالثا خوفه من دفع هذه القوات تجنبا للمزيد من الخسائر في ظل سيطرتنا علي الارض التي جري استردادها..ويشير اللواء منير الي ان حرب اكتوبر كانت مخططة باسلوب علمي منهجي .. وانه كان من المقرر قيام القوات الجوية بضربة او باكثر من ضربة بمعني انه اذا نجحت في تحقيق اهدافها في الضربة الاولي فانه لا داعي للثانية .. وإذا حدث العكس فان عليها تنفيذ الضربة الثانية بشرط توافر الوقت مع التركيز علي الاهداف البعيدة التي لا تصل اليها المدفعية .. ولكنها نفذت المطلوب منها بنجاح غير عادي في الضربة الاولي وعادت الي مواقعها ثم تلاها قصف المدفعية لمدة 53 دقيقة متصلة من جنوبالسويس الي بورسعيد .. وهاتين الخطوتين منحتا الجندي الذي يعبر قناة السويس الثقة والاطمئنان والجانب النفسي لينفذ هو الاخر مهمته بنجاح.