الأمم المتحدة التى «عفى عليها الزمن»    جولة تفقدية مفاجئة لوزير التعليم بعدد من مدارس الغربية    أول تحرك برلماني لإغلاق أول أكاديمية تعليم الرقص الشرقي في مصر    الهلال الأحمر المصري: 3 آلاف طن مساعدات إنسانية إلى غزة عبر قافلة «زاد العزة» ال 43    بدر عبد العاطي ل جوتيريش: مصر ترفض أي أفكار لتهجير الفلسطينيين    عماد النحاس في حيرة بسبب الظهير الأيسر للأهلي قبل مواجهة الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الأحد 28-9-2025 والقنوات الناقلة لها    كل ما تريد معرفته عن قمة ميلان ونابولي .. تاريخ مواجهات وموعد المباراة    العثور على جثمان طالب طب بعد سقوطه من قطار المنوفية    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    وزير التموين يبحث التعاون مع الاتحاد الأوروبي بمجالات الأمن الغذائي والتجارة الداخلية    الكنيست يصادق بالقراءة الأولى على قانون إعدام أسرى فلسطينيين    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 66,005 شهداء    روسيا: توجيه ضربات مكثفة لمنشآت المجمع الصناعي العسكري الأوكراني    موريتانيا: حرب الإبادة تضع في غزة الضمير الإنساني والأمم المتحدة أمام اختبار مصيري    90 ألف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    خلال اجتماعه بمحافظ البنك المركزى لمتابعة المُستجدات الخاصة بتحسن العديد من المؤشرات.. الرئيس السيسى يوجه بمواصلة تدبير الاحتياجات الدولارية لتوفير مستلزمات الإنتاج وتعزيز مخزون استراتيجى من السلع المختلفة    إقامة معارض "أيادى مصر" للحرف البيئية بالمواقع السياحية بأسوان    سد النهضة| مصر تحسم رسالتها: لا تفريط في قطرة من النيل.. فيديو    البورصة المصرية تربح 17.7 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    تحريات لكشف ملابسات اتهام عاطلين بالاعتداء على فتاة في كرداسة    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يعلن أسماء أعضاء اللجنة العليا للدورة الثالثة    توجيهات رئاسية بشأن افتتاح المتحف المصرى وتطوير الصورة البصرية للمنطقة المحيطة    عاطف عبد اللطيف بندوة "الغردقة": التصوير فى الأماكن السياحية يبرز جمال مصر    تعليم الإسكندرية تنظم ورش عمل وتدريبات للمعلمين الجدد.. وأبو زيد: تم سد العجز    محافظ أسوان: تكثيف أعمال صيانة الإنارة العامة بالشوارع الحيوية    صندوق «عطاء» يشارك في رعاية الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة «أولادنا»    خلال 24 ساعة.. الداخلية تضبط آلاف القضايا وتنفذ أكثر من 60 ألف حكم قضائي    الداخلية تكشف ملابسات فيديو «السلسلة الحديدية» بطريق القاهرة- الإسماعيلية    ضبط 3 أشخاص لقيامهم ببيع خطوط هواتف محمولة مُفعلة ببيانات آخرين بالموسكي    متحدث الحكومة: 7898 شكوى من ذوي الهمم تلقتها منظومة الشكاوى خلال3 أشهر    الخدمات البيطرية: الذكاء الإصطناعي يفتح آفاقا جديدة لتطوير الأدوية ومراقبة صحة الحيوانات    وزيرة خارجية بريطانيا: المجتمع الدولي على وشك التوصل لاتفاق سلام في غزة    بالصور.. عمرو دياب يتألق في حفل جديد بالأهرامات    طرح البوسترات الرسمية لمسلسل رانيا يوسف وسيد رجب الجديد "لينك"    السبكي: تعزيز الشراكة المصرية الروسية في الطب النووي والتحول الرقمي والسياحة العلاجية    علاج 2285 مواطنا بقافلة طبية بإحدى قرى الشرقية    «الصحة»: انطلاق التقييم الميداني بالمنيا استعدادًا لتطبيق منظومة التأمين الشامل    إنتر ميامي يتعثر بالتعادل أمام تورونتو ضمن منافسات الدوري الأمريكي    مفاجأة في الأفق.. ليفربول يضع أعينه على صخرة بايرن ميونيخ    عاجل- 30 شهيدًا في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة منذ فجر اليوم    طلاب بنها يشاركون في النسخة الثامنة من برنامج عباقرة الجامعات    تخريج الدفعة 15 من الجنود الجدد والدورة الثالثة من الخفراء النظاميين بمعهد تأهيل الأفراد    أخبار مصر: تفاصيل خطة ترامب لغزة، بيان من الجبلاية بشأن صلاح، رد الصحة على نقص أدوية الكيماوي، هيثم حسن يصدم منتخب مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 28-9-2025 في محافظة الأقصر    موعد وطريقة اضافة الموليد لبطاقة التموين في الدقهلية    تصفية 5 عناصر إجرامية وضبط مخدرات وأسلحة بوادي الصعايدة شمال أسوان    عمرو دياب يحيي حفلًا ضخمًا تحت سفح الأهرامات (صور)    بين الحقيقة والوهم.. الذكاء الاصطناعي يضع مشاهير في ورطة    دعاء الفجر| اللهم اشرح صدورنا وارزقنا القبول والرضا    عادات صباحية تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب المبكرة    محسن صالح: اسكواد الأهلي "مش مظبوط".. وريبيرو مدرب ضعيف    دونجا يشارك في تدريبات الزمالك بالكامل استعدادا للأهلي    الصحة: تشغيل العيادات الخارجية لتأجيرها لشباب الأطباء.. والنقيب: إزاي يدفع الإيجار والمستشفى هي اللي بتحدد قيمة الكشف؟    "شرف الدفاع عن الأوطان".. وزارة الأوقاف تحدد عنوان خطبة الجمعة المقبلة    موعد إجازة السادس من أكتوبر 2025.. عدد أيام الإجازات الرسمية للموظفين    آذان الفجر..مواقيت الصلاة اليوم اليوم الأحد 28-9-2025 في بني سويف    عليك إعادة ترتيب حياتك.. حظ برج الدلو اليوم 28 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة اليمنية ومخاطر التدويل
بقلم :د‏.‏ أشرف محمد كشك
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 01 - 2010

يشكل اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي نسيجا واحدا انطلاقا من اعتبارات إثنية وتاريخية تعكس دلالات استراتيجية مهمة تتجاوز النظرة التقليدية الضيقة التي تري في التشابة السياسي والاقتصادي والاجتماعي متطلبات لازمة للتكامل الخليجي اليمني‏,‏ فبالرغم من أن اليمن ليس عضوا في المجلس‏,‏ ذلك التجمع الذي ولد جامعا مانعا عام‏1981,‏ إلا أن اليمن بحكم الموقع يعد عنصرا رئيسا من عناصر الأمن الإقليمي الخليجي ويتفاعل معه تأثرا وتأثيرا‏,‏ وهو الأمر الذي أكدته الأزمة الحالية في اليمن التي بدأت محلية ثم إقليمية مع دخول المملكة العربية السعودية علي خط التفاعل للدفاع عن أراضيها التي استهدفها الحوثيون‏.‏
ومع التسليم بأن أطراف الأزمة حتي الآن محلية وإقليمية فإن إعلان كل من الولايات المتحدة وبريطانيا عن اعتزامها تقديم دعم أمني لليمن من خلال التدريب والتسليح وتبادل المعلومات يعني أن تدويل الأزمة اليمنية يظل خيارا غير مستبعد والذي سيكون تدويلا للأمن الإقليمي الخليجي ذاته‏,‏ بما يعنيه ذلك من دلالات ليس أقلها انعدام فرص إقامة هيكل أمني إقليمي يضم دول الإقليم وفق معادلة‏6+2+1‏ دول الخليج الست‏,‏ بالإضافة إلي إيران والعراق واليمن‏,‏ تلك المعادلة التي أيدتها المملكة العربية السعودية غير ذي مرة‏,‏ إذ أنه من أهم متطلبات تحقيق الأمن الإقليمي هو إصلاح الوحدات المكونة لهذا الأمن‏,‏ بل انه من مستجدات السنوات اللاحقة علي الغزو الأمريكي للعراق ظهور متغير جديد علي صعيد الأمن الإقليمي عموما تجسده جماعة الحوثي في اليمن بوضوح‏,‏ وهو الجماعات دون الدول التي يتخطي تأثيرها حدود دولها‏,‏ اعتمادا علي عوامل دينية ومذهبية‏,‏ هذه الفواعل الجدد من شأنها تغيير معادلة الأمن الإ قليمي انطلاقا من ايديولوجيتها وارتباطها الاقليمي بل وربما ارتباطها بتنظيم القاعدة لما لذلك من دلالات أهمها اختزال الصراع الحالي في اليمن ذي الأبعاد السياسية و الاقتصادية والمذهبية في عنوان عام هو التدخل الدولي في اليمن ضرورة استراتيجية ضمن الحرب علي الإرهاب‏.‏وبالرغم من معاناة دول مجلس التعاون الخليجي من تلك الظاهرة عموما والمملكة العربية السعودية خاصة التي تشارك اليمن بحدود تتجاوز‏1500‏ كم‏,‏ بما يعنيه ذلك من أن اليمن سيكون مرتكزا جديدا لانطلاق الجماعات الإرهابية باتجاه دول الخليج‏,‏ فضلا عن تهريب المخدرات والأسلحة
تدويل الأزمة اليمنية علي هذا النحو من شأنه أن يمثل إشكاليات أربع للدول الخليجية‏.‏
أولاها‏:‏ استمرار معاناة تلك الدول من حالة الاحتقان الطائفي الذي يهدد وحدتها الوطنية بما يضع صانع القرار الخليجي أمام معضلة التوفيق بين الأمن والديمقراطية‏,‏ حيث تشير الخبرة التاريخية القريبة إلي تفاعل التيارات الإسلامية في دول الخليج‏,‏ وبقوة مع الأزمات الإقليمية‏.‏
ثانيتها‏:‏ قد تكون دول الخليج مدعوة لدعم التدخل الدولي في اليمن ماليا‏,‏ في ظل اعلان مصادر رسمية أمريكية أن الولايات المتحدة تعتزم إنفاق مبلغ‏63‏ مليون دولار كمساعدات لليمن حتي منتصف عام‏2011‏ بيد أنها لا تمتلك موارد كافية لمواجهة التهديدات الإرهابية في اليمن وبافتراض صحة هذا الطرح فإن ذلك يعيد الجدل مجددا في دول الخليج حول معادلة مفادها الأمن أولا أم التنمية؟ في ظل تذبذب أسعار النفط‏,‏ وبخاصة أن دول الخليج لا تزال هي الأعلي إنفاقا في مشتريات السلاح علي مستوي العالم‏.‏
ثالثتها‏:‏ في ظل التقديرات العسكرية التي تؤكد أن إنهاء ذلك الصراع ليس من السهولة بمكان وفق معادلة صفرية‏,‏ بالنظر إلي الطبيعة الجبلية الوعرة لليمن وتسلح الحوثيين عالي المستوي‏,‏ فضلا عن وجود مؤشرات قوية لدعم ايراني للحوثيين وهو الامرالذي من شأنه إطالة أمد ذلك النزاع فإن خيارات دول الخليج بشأن الحفاظ علي تدفق النفط للخارج ستكون منعدمة إذا سعت تلك الدول لبحث طرق نقل بديلة يمربعضها من الأراضي اليمنية وصولا إلي المدخل الجنوبي للبحرالأحمرحال قيام إيران بتنفيذ تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز إذا ما احتدمت أزمتها مع الغرب جراء الملف النووي‏,‏ حيث تشير التقديرات إلي أن مضيق باب المندب يشهد يوميا مرور‏3.3‏ مليون برميل من النفط للدول الغربية‏.‏
رابعتها‏:‏ المشهد الإقليمي الجديد ودلالته ومن مؤشراته سعي الصين لإنشاء قاعدة بحرية دائمة لها في خليج عدن لدعم القطع البحرية الصينية في تعقب القراصنة الصوماليين‏,‏ إضافة إلي وجود سبع قطع بحرية عالية التسليح تابعة لحلف الناتو في تلك المنطقة للغرض ذاته‏,‏ وجميعها مؤشرات تعكس وجود توجهات نحو تدويل الأمن في تلك المنطقة التي ستكون ساحة جديدة للتنافس الدولي‏.‏
ما سبق يشير إلي أن انهياراليمن لايعني سوي انهيار لمنظومة الأمن الإقليمي برمتها التي شهدت خللا واضحا مع ضرورة خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمي عام‏2003,‏ وأن طوق الأزمات حول دول الخليج سيكون قد اكتمل‏(‏ العراق إيران اليمن الصومال‏)‏ مما يمثل تحديا أمنيا هائلا لدول الخليج كدول نفطية صغري مما يعني تهديد الاقتصاديات العالمية التي لم تتعاف من أزمتها بعد‏.‏
ومع الأخذ بالاعتبار ضرورة تحول دول الخليج إلي قوة موازنة حقيقية لضبط حركة التفاعلات الإقليمية عموما ومن مؤشراتها الإيجابية الاتفاق علي قوة للتدخل السريع ومقرها مدينة الملك خالد العسكرية شمال السعودية يبقي المدخل التنموي لحل الازمة اليمنية هو أفضل الخيارات الخليجية الممكنة للتعامل مع تلك الأزمة‏,‏ وهو ما بدأته دول الخليج في مؤتمر المانحين بلندن‏.‏ حيث بلغ إجمالي الالتزامات الخليجية تجاه اليمن حوالي‏7.3‏ مليار دولار‏,‏ وربما تكون السعودية مدعوة لاتخاذ زمام المبادرة في هذا الشأن التي كثيرا ما دعت لضم اليمن إلي تجمع دول مجلس التعاون الخليجي‏.‏
وأخيرا وليس آخرا يتعين علي دول الخليج أن تكون طرفا رئيسيا في المؤتمر الدولي المزمع انعقاده بلندن نهاية الشهر الحالي وفق رؤية خليجية جماعية تجسد هواجس تلك الدول ومخاوفها‏,‏ إذ تشير الخبرة التاريخية إلي أن الصراعات ذات الأبعاد الدينية والإثنية لن يكون التدخل الدولي حلا ناجعا لها بل ربما يكون أحد عوامل إطالة أمدها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.