وكيل «حقوق النواب» يطالب بسرعة تطبيق «الإجراءات الجنائية»: هناك محبوسون ينتظرون الفرج    تزامنًا مع قرب فتح باب الترشح لانتخابات النواب.. 14 عضوًا ب«الشيوخ» يتقدمون باستقالاتهم    "الإصلاح والنهضة": صراع النواب أكثر شراسة.. ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    تنسيق لإنشاء نقطة شرطة مرافق ثابتة بسوق السيل في أسوان لمنع المخالفات والإشغالات    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    النقل: خط "الرورو" له دور بارز فى تصدير الحاصلات الزراعية لإيطاليا وأوروبا والعكس    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    للحد من تسريب المعلومات.. وزارة الحرب الأمريكية تعتزم تنفيذ إجراء غير مسبوق (تفاصيل)    بعد القضاء على وحداتهم القتالية بالكامل.. القوات الروسية تأسر جنودا أوكرانيين    750 ألف وظيفة مهددة... أمريكا تواجه أسوأ إغلاق حكومي منذ عقود    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    الصحافة الإنجليزية تكشف موقف عمر مرموش من معسكر منتخب مصر    هالاند وجوارديولا ضمن قائمة الأفضل بالدوري الإنجليزي عن شهر سبتمبر    لقاء البرونزية.. موعد مباراة الأهلي وماجديبورج الألماني في بطولة العالم لكرة اليد للأندية 2025    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    شقيق عمرو زكى يكشف تفاصيل حالته الصحية وحقيقة تعرضه لأزمة قلبية    «الداخلية» تضبط شخصًا هدد جيرانه بأسطوانة بوتاجاز في الجيزة    تصالح طرفى واقعة تشاجر سيدتين بسبب الدجل بالشرقية    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    لدعم ترشيح «العناني» مديرًا ل«اليونسكو».. وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    حب وكوميديا وحنين للماضي.. لماذا يُعتبر فيلم فيها إيه يعني مناسب لأفراد الأسرة؟    أسرة عبد الناصر ل"اليوم السابع": سنواصل نشر خطابات الزعيم لإظهار الحقائق    بدء صرف جميع أدوية مرضى السكري لشهرين كاملين بمستشفيات الرعاية الصحية بالأقصر    رئيس وزراء بريطانيا يقطع زيارته للدنمارك ويعود لبريطانيا لمتابعة هجوم مانشستر    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    تموين القليوبية يضبط 10 أطنان سكر ومواد غذائية غير مطابقة ويحرر 12 محضرًا مخالفات    الصحة بغزة: الوصول إلى مجمع الشفاء الطبي أصبح خطيرا جدًا    رئيس مجلس النواب: ذكرى أكتوبر ملحمة خالدة وروحها تتجدد في معركة البناء والتنمية    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    الحكومة تُحذر المتعدين على أراضى طرح النهر من غمرها بالمياه    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية (التفاصيل)    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    "نرعاك فى مصر" تفوز بالجائزة البلاتينية للرعاية المتمركزة حول المريض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    حقيقة انتشار فيروس HFMD في المدراس.. وزارة الصحة تكشف التفاصيل    إنقاذ حياة طفلين رضيعين ابتلعا لب وسودانى بمستشفى الأطفال التخصصى ببنها    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية لوثائق صناديق الملكية الخاصة    الداخلية تكتب فصلًا جديدًا فى معركة حماية الوطن سقوط إمبراطوريات السموم بالقاهرة والجيزة والبحيرة والإسكندرية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وسوريا حاربتا معركة رائعة لكنهما لم تمتلكا رؤية للتعاون

في هذه الحلقة يشرح السيد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في سلسلة مقالاته عن حرب أكتوبر ما قام به وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في زياراته إلي القاهرة‏,‏ وكيف أن هدفه كان في الأساس تحقيق المصلحة الأمريكية‏.‏ لقد قرأت خلال العامين الأخيرين أكثر من كتاب ودراسة حول الحرب العالمية الثانية ولقاءات ومشاورات القيادتين السياسيتين والعسكريتين علي جانب الحلفاء‏...‏ بريطانيا وأمريكا‏...‏ وكشفت هذه الكتب المدي الذي ذهب إليه الجانبان البريطاني والأمريكي في التنسيق بينهما والجدل والخلاف من ناحية أو التفاهم والوئام من ناحية أخري‏...‏ إلا أنها لم تكن فقط حربا ضد ألمانيا ولكن أيضا فيما بينهما كحلفاء‏...‏ ونجحا سويا في هزيمة ألمانيا ودول المحور‏.‏ وتقديري اليوم‏...‏ مرة أخري‏...‏ أنه كان ينبغي أن تكثف القيادات العسكرية والسياسية المصرية والسورية تنسيقها ولقاءاتها ومفاهيمها المشتركة وحتي لا يصلا إلي هذا الوضع الذي واجههما في نوفمبر‏...37‏
وأعود إلي المحور الأخير للحركة المصرية وهو محور العمل علي تحقيق فض اشتباك كبير للقوات يفتح الطريق لبدء التدرج في اتجاه تسوية الموقف وتناول بعد الأراضي والانسحاب منها‏...‏ وهي مهمة استمر اللواء الجمسي يقوم بها مع ياريف لعدة أسابيع تالية بعد توقيع اتفاق النقاط الست في‏11‏ نوفمبر‏...‏ وبالتوازي يعمل عليها أيضا الجانب المصري ممثلا في الرئيس السادات والخارجية المصرية‏.‏ وهي تحركات إن كشفت عن شئ فهي توضح منهجية العمل المصري منذ توقف القتال‏...‏ وهي السعي الحثيث لعمل سياسي يصل بنا إلي نهاية الطريق‏...‏ وهو تخليص الأرض المصرية‏...‏ والعمل بالتوازي علي التسوية الفلسطينية‏...‏ ويجب الاعتراف هنا‏,‏ بأن الأيام كشفت عن نجاح إسرائيل في المناورة والمراوغة مع كل من مصر والولايات المتحدة وبما أدي إلي فقدان الإيقاع للتسوية بعد عام‏57‏ مرحلة فض الاشتباك الثاني وما تلاه من سكون‏...‏ فرض علي الرئيس السادات التفكير في تجهيز صدمة جديدة‏...‏ ولم تكن صدمة عسكرية هذه المرة‏...‏ ولكن عمل سياسي صادم للكثير من العرب‏.‏ وسوف نكتب بإذن الله في هذه المسائل في سلسلة مقالات أخري حول جهد السلام في الشرق الأوسط خلال هذه الأعوام‏...‏
وقبل أن أعود إلي تناول مسألة مفاوضات الكيلو‏101‏ وموضوع الإعداد لمؤتمر السلام في جنيف أجد أن من الهام التطرق إلي علاقة السيد حافظ إسماعيل كمستشار للأمن القومي مع السيد إسماعيل فهمي وزير الخارجية الجديد الصاعد‏.‏
فقد كان فهمي يقدر أن وزير الخارجية هو من ينبغي له أن يجري الاتصالات مع وزير الخارجية الأمريكية وليس مستشار الأمن القومي المصري‏...‏ كما أن التطورات السياسية والاقتراب من التحضير لمؤتمر جنيف كان يفرض أن تتناول الخارجية وليس الأمن القومي هذه التحضيرات‏...‏ وهو ما تم فعلا وبذا بدأ انزواء السيد حافظ إسماعيل‏...‏ خاصة وقد ابتعد تدريجيا عن الايقاع الذي أنطلق فيه الرئيس السادات في تحركه تجاه الولايات المتحدة تحديدا‏...‏ وكشفت التيارات الدفينة أو المعلنة داخل القيادة المصرية عن وجود توجهات مختلفة‏...‏ وأخذ بالتالي دور وزير الخارجية يتصاعد في مقابل اضمحلال دور مستشار الأمن القومي‏.‏ ونتذكر جميعا في مكتب مستشار الأمن القومي واقعة تكليف وزير الخارجية للدكتور عبد الهادي مخلوف‏...‏ مدير مكتب مستشار الأمن القومي بموافاته بصورة كاملة من كل المكاتبات والرسائل التي دارت بين حافظ إسماعيل و كيسنجر خلال فترة أسابيع الحرب وذلك بناء علي تعليمات الرئيس‏.‏ وقد سأله الوزير إسماعيل فهمي‏:‏ لماذا لم توزعوا صورة من هذه الرسائل علي الخارجية وأجابه الدكتور مخلوف‏...‏ أن تعليمات الرئيس كانت حظر إطلاع أحد علي هذه المكاتبات وأنه عندما وجه بالعكس‏...‏ فقد تم إحاطة الخارجية بكل الملف‏...‏ وهنا لا يجب أن يفوتني أن أقول أن مراسلات حافظ إسماعيل إلي كسنجر لم تكن تتم باعتبار كسنجر وزيرا للخارجية‏...‏ بل بكونه مستشارا أيضا للأمن القومي الأمريكي وحتي تخليه عن هذا المنصب للجنرال برنت سكوكروفت في فترة تالية‏.‏
لقد كان هناك بعض التوتر‏...‏ إلا أنه أنزوي تدريجيا بانتهاء مسئوليات حافظ إسماعيل في فبراير‏74‏ وعودتنا جميعا إلي وزارة الخارجية وبقية الأجهزة المصرية التي تم إعارتنا سابقا منها إلي جهاز الأمن القومي المصري برئاسة الجمهورية‏.‏ ويجب أن اعترف هنا‏...‏ أنه وبرغم عدم تكليفي عندئذ بالعمل في مكتب وزير الخارجية والاكتفاء بتعيين المستشار أحمد ماهر السيد‏,‏ صديقي الحميم ومناصري طوال حياتي الوظيفية والشخصية في مكتب وزير الخارجية فقد كنت أستشعر أن الوزير فهمي يحمل مشاعر طيبة للغاية تجاهي‏.‏ كما وافق عندما طلب منه الدكتور عبدالهادي مخلوف تأمين مواقع جيدة لأعضاء مكتب مستشار الأمن القومي عند نقلهم بالخارج‏,‏ وتم تعيننا جميعا في مواقع تتيح لنا المزيد من تراكم التجربة والمعرفة توطئة لمهام أكبر كانت تنتظرنا‏.‏ وأخذ الوزير إسماعيل فهمي يعد لمؤتمر جنيف‏...‏ وكتبت بعض الفقرات في اليوميات وبما يكشف مراحل التقدم في التجهيز والإعداد‏...‏ وكان الحديث يدور حول مشاركات لمصر‏/‏ الأردن‏/‏ سوريا‏/‏ إسرائيل‏...‏ كما قيل أن وفدا فلسطينيا وآخر لبنانيا سيشاركان في المرحلة التالية للمؤتمر‏...‏
وهي مرحلة لم تتحقق‏...‏ كما لم تشارك سوريا في المرحلة الأولي‏...‏ وعقد المؤتمر ليوم واحد وانقضي دون أي تقدم‏...‏
وعاد التركيز ينصب علي محادثات الكيلو‏101‏ واتصالات كسنجر مع الخارجية المصرية للاتفاق علي فض الاشتباك مثلما استقر عليه الأمر في محادثات الرئيس السادات مع كسنجر يوم‏7‏ نوفمبر‏...‏
وسجلت في يومياتي لهذه الفترة‏...‏ وبالتحديد يوم‏31‏ نوفمبر الثلاثاء سعت‏0081‏ أن أحمد ماهر يتحدث من واقع أحاديث له مع المستشار حافظ إسماعيل عن تفاهم مصري‏/‏ أمريكي لم يفتني تسجيله سابقا في اليوميات عن فض اشتباك يأخذ إسرائيل إلي الشرق من القناة ويفتح الطريق أيضا إلي تسوية شاملة للنزاع بترابط محكوم بين المراحل‏,‏ خاصة أن كسنجر كان قد تحدث مع الرئيس السادات أيضا عن أهمية التوصية إلي تسوية فلسطينية تنهي النزاع‏...‏ وأنه تصور حسب اليوميات المسجلة سعت‏0032‏ من يوم الخميس‏51‏ نوفمبر‏...‏ وجود دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة يحدد العرب لها حدودها؟‏!‏ وقد دار هذا من خلال حديث للرئيس السادات مع وزير خارجية الأردن الذي كان الملك حسين قد أوفده إلي القاهرة في هذا اليوم‏...‏
وسارت محادثات الجمسي‏/‏ ياريف واستمر الجدل بين الجانبين‏...‏ سواء بالنسبة لتفسير اتفاق النقاط الست‏...‏ أو مفهوم فض الاشتباك ونقل التسوية إلي مرحلة سياسية بدلا من التحركات العسكرية‏...‏ وطرح الجنرال ياريف يوم‏51‏ نوفمبر في الاجتماع الحادي عشر للجانبين‏...‏ أفكارا تقوم علي أهمية عدم ظهور غالب أو مغلوب نتيجة لهذه المحادثات وتحقيق فض الاشتباك مع أهمية تحرك مصر لإعادة السكان إلي مدن ومناطق القناة واستعادة الحياة المدنية إلي هذه المناطق‏...‏ وأن تنسحب إسرائيل إلي خطوط دفاعية قوية تردع العدوان وتغني عن بناء خطوط جديدة مؤقتة ومع تسكين قوات حفظ سلام دولية بين الجانبين مستقبلا مع تطورالانسحابات‏...‏ كما أكد ياريف أهمية وضرورة تأمين الاتصالات المباشرة بين مصر وإسرائيل‏...‏ وهي نقطة كانت إسرائيل تعطيها تركيزها واهتمامها المحوري‏.‏ واستفسر اللواء الجمسي‏...‏ هل يعني ذلك‏...‏ أن إسرائيل تعرض الانسحاب إلي الشرق من القناة لمسافة بعيدة مع عدم تأثر أو انسحاب القوات المصرية إلي الغرب‏...‏ فأجابه ياريف بالإيجاب‏.‏ وإن أضاف‏:‏ مع تخفيف للتواجد المصري علي طول القناة نحو الشرق وحتي تستطيع إسرائيل أن تثق في صدق النوايا المصرية وبالتالي التحرك سويا للمزيد من التسويات والانسحابات في فترة تالية‏.‏ وتساءلت من جانبي في اليوميات المسجلة سعت‏0042‏ من الجمعة‏61‏ نوفمبر‏...‏ هل نقبل؟‏.‏ وهل نرضي بستارة من القوات‏...‏ أشك‏.‏ وأضفت لعلنا نقبل بفرقة ونصف للتواجد بالشرق‏...‏ وسوف تكشف الأيام التالية حقيقة مواقف الطرفين ونواياهما‏.‏ إلا أن الأمر الهام الذي ينبغي أن أوضحه بشأن هذه النقطة‏...‏ أن القوات المسلحة المصرية كانت تتواجد وبشكل متعاظم وبحشد رئيسي غير مسبوق حول الجيب الإسرائيلي‏...‏ كما كانت دائمة الاستفزاز للإسرائيليين والتعرض لهم‏...‏ وكان الجانب الإسرائيلي يخشي احتمالات عمل مصري مفاجئ‏.‏ إلي الحد أنه أقام مجموعة تحصينات وخندقا واسعا عميقا مضادا للدبابات حول كل الجيب لتقييد مسارات ومحاور أي هجوم مصري محتمل ضده‏.‏
لقد كشف الانسحاب الإسرائيلي من الجيب بعد توقيع اتفاق فض الاشتباك في أسوان في‏12‏ يناير‏...47‏ عن وجود حجم ضخم للغاية أيضا للجانب الإسرائيلي داخل الجيب‏...‏ وبما يؤشر إلي أنه وإذا ما كان الجانب المصري قد قام بالهجوم لتصفية هذا الجيب لكانت قد دارت معركة هائلة ربما تجاوزت كثيرا ما سبقها من صدام في حرب أكتوبر‏...‏ خاصة أن مساحة الأرض كانت ضيقة ومحصورة من ناحية‏...‏ وبها حجم هائل من القوات من ناحية ثانية‏.‏ لقد احصي الجانب المصري ومع عودة القوات الإسرائيلية إلي الشرق عبر الكباري وكانت تحت نظر قواتنا وفي مدي ضربها‏...‏ أكثر من‏006‏ دبابة إسرائيلية عدا آلاف المركبات الأخري‏.‏ ورغم هذا الحديث من جانب ياريف إلا أن جلسات المفاوضات التالية‏.‏ كشفت مرة أخري عن تراجع الجانب الإسرائيلي‏,‏ ودار لغط بين الجانبين‏,‏ وبدأ الصبر المصري في النفاد واستشعرت ذلك علي مستوي أحاديث أعضاء المكتب أو حتي أحاديث العسكريين المصريين العاملين معنا‏...‏ وأخذت الآراء تتفاوت‏...‏ وقال البعض‏...‏ فلنتحرك عسكريا‏...‏ وقال البعض الآخر‏...‏ فلنأخذ إسرائيل إلي مؤتمر جنيف وهي موجودة بالغرب في الجيب حيث أن أوضاعها العسكرية الضاغطة وطول وامتداد خطوط مواصلاتها واتصالاتها تضعفها كثيرا وتفرض عليها المرونة السياسية في المؤتمر‏...‏ وقد رأي وزير الخارجية إسماعيل فهمي‏...‏ طبقا لليوميات أنه يجب حث كسنجر علي إنهاء مسألة الوجود الإسرائيلي في غرب القناة قبل بدء مؤتمر جنيف حتي تكون المفاوضات ذات توجه إيجابي واستراتيجي‏.‏ وزادت كثافة الرسائل بين فهمي و كسنجر‏...‏ وكنا مازلنا نحصل علي صورة كاملة من كل التقديرات والمعلومات التي ترفع للرئيس من أي جهة بالدولة‏...‏ وبالذات الدفاع‏/‏ الخارجية‏/‏ الداخلية‏/‏ والمخابرات العامة‏...‏ واستمر كسنجر يضغط بالنسبة لمسألة المرور البرئ في باب المندب‏...‏ وقام الجانب الأمريكي بإبلاغنا بأن عددا من السفن المتجهة إلي إيلات ستمر في المضيق خلال أيام‏...‏ حول‏02‏ نوفمبر أو ما بعدها‏...‏ وأجاب الجانب المصري عليكم أن تبلغونا مقدما باسم كل سفينة‏...‏ وكان الهدف بطبيعة الأحوال محاولة الإبقاء علي شكل من أشكال السيطرة علي المضيق رغم أن القرار المصري عندئذ كان رفع الحصار بهدوء‏.‏ وعقد الاجتماع الثاني عشر بين الجمسي و ياريف يوم الثلاثاء‏02‏ نوفمبر وسجلت لا اتفاق‏...‏ وقد عرض الإسرائيليون انسحابا إلي الشرق في مقابل تخفيف قوات الجيش الثالث وبقاء الجيش الثاني علي ما هو عليه‏...‏ ولم نوافق‏...‏ وكان الواضح أن الأطراف استمرت تناور علي بعضها البعض دون التزام بعد بموقف استراتيجي نهائي‏...‏ ووضح أن الجانب الإسرائيلي يسعي لإضاعة الوقت‏.‏
وجاءت رسالة من كسنجر إلي حافظ إسماعيل يوم الأربعاء‏12‏ نوفمبر‏...‏ يرد فيها علي ما وصله من وزير الخارجية المصرية حول موضوع فض الاشتباك قبل مؤتمر جنيف‏...‏ وتضمنت الرسالة الأمريكية‏...‏ أنه تقرر تأجيل مؤتمر جنيف لكي يعقد في‏71‏ ديسمبر‏...‏ وفي الحقيقة فقد عقد بعد ذلك بعدة أيام في‏12‏ ديسمبر‏.‏
وطلب كسنجر الحضور إلي مصر قادما من سوريا يوم‏41‏ ديسمبر‏...‏ مضيفا أن من الخطأ تصميم مصر علي تنفيذ أو مناقشة فض الاشتباك قبل مؤتمر جنيف‏...‏ لقد كشفت الرسالة عن محاولات كسنجر لتطويع مواقف الطرفين بشكل يحقق في النهاية المصالح الأمريكية‏...‏ ومضي الجمسي و ياريف في العمل لمحاولة الإسراع بخطوات فض الاشتباك‏.‏
وعقد اجتماعان بينهما يومي‏32/22‏ نوفمبر‏...‏ وكتبت في سعت‏0071‏ من الجمعة‏32‏ نوفمبر‏...‏ اعتقد أن الجانبين علي وشك التوصل إلي اتفاق‏...‏ وإن إسرائيل تعرض الآن الانسحاب إلي الشرق وإلي مسافة‏21‏ كم من الحد الأمامي لقواتنا في سيناء مع وجود ستارة رمزية لقواتنا في الشرق‏...‏ وأجاب الجمسي بطرح مصري يقترح انسحاب إسرائيل إلي مسافة‏06‏ كم من الحد الامامي لقواتنا‏...‏ ورفضت إسرائيل‏.‏ وكتبت باعتقادي بأننا سنتوصل إلي اتفاق مهم يؤمن الانسحاب الإسرائيلي إلي خط الممرات‏/‏ وبقاء قواتنا في مواقعها الحالية مع تخفيف واضح لها ونشر قوات حفظ سلام دولية بينهما‏...‏ وبدأ مؤتمر السلام‏.‏
وأخذ الجانبان المصري والإسرائيلي يتقاضيان‏...‏ وتصورت من كل ما قرأته عندئذ‏...‏ أننا فعلا نقترب من تفاهم‏...‏ وفجأة تجمد الموقف الإسرائيلي‏...‏ واضطرنا للذهاب إلي جنيف دون نتائج‏...‏ وعاد كسنجر إلي المنطقة مرة ثالثة في يناير‏.47‏ وكشفت الأوراق والكتب التي نشرت بعد ذلك في الأعوام التالية أن كسنجر تدخل مع الإسرائيليين وفرض إبطاء الإيقاع ولكي يقوم هو وليس الأطراف بصياغة الاتفاق‏...‏ اتفاق فض الاشتباك الأول الموقع في‏12‏ يناير‏...(‏ يلاحظ القارئ هنا أنني لم أتعرض لتفاصيل اتفاق فض الاشتباك كما لم أتعرض لمؤتمر جنيف حيث أفضل أن تكون الرواية لمن شارك فيها وكتب عنها‏).‏ وأتذكر قيامنا أي هيئة مكتب حافظ إسماعيل بزيارة الجبهة في السويس وإلي الجيش الثالث يوم‏52‏ يناير‏...‏ ورأيت صورة رائعة للجندية والروح النضالية للجيش المصري‏...‏ رأيت قوات رائعة‏...‏ ومعدات مصانة وأفرادا وجيشا لا ينسي‏...‏ ومرة أخري استشعرت كل ما هو رائع في الشخصية المصرية عندما تواجه التحدي‏...‏ كان حافظ إسماعيل يتواجد في أسوان‏...‏ ولكن علي هامش اجتماعات الرئيس السادات مع كسنجر‏...‏ وعاد بعد ذلك إلي القاهرة‏...‏ ومضي في طريق آخر لخدمة الوطن‏...‏ وكتب في كتابه أمن مصر القومي‏...‏ أنه‏:‏ وكما كان توقيع اتفاقية فض الاشتباك يمثل نهاية للوضع العسكري المعقد علي الجبهة المصرية‏...‏ ونقطة بدء مستقرة لعلاقات مصر الخارجية‏...‏ فقد أصبح أيضا بداية لمرحلة جديدة‏...‏ ولقد أحسست في هذا الإطار أن الوقت قد حان لكي أخطو خارج دائرة رئاسة الجمهورية بعد‏92‏ شهرا من العمل مستشار للأمن القومي وذلك تنفيذا لما استقر عليه الأمر في لقاء مع الرئيس السادات‏.‏
وانتهي بالتالي عملنا مع حافظ إسماعيل في مستشارية الأمن القومي‏...‏
‏,‏ ويبقي أملي كبيرا في المزيد من الكتابة والتقييم لظروف الحرب وما حدث خلالها وذلك من خلال نظرة نقدية لكل مشاهداتي في هذه الفترة‏,‏ وفيما يتعلق بتفاصيل ما كتبت فيه حول هذه المرحلة‏...‏ فقد يكون من المناسب قراءة مجموعة كتب إسماعيل فهمي‏/‏ الجمسي‏/‏ محمود رياض‏/‏ الشاذلي‏/‏ أحمد إسماعيل‏/‏ جمال حماد‏/‏ وغيرهم‏].‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.