انجازات غير مسبوقة شاهدناها بأعيننا داخل القرية الذكية في الجولة القصيرة التي سبقت لقاء الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رأينا كيف يمكن ان يتحول الحلم الي حقيقة في غضون سنوات معدودة. وكيف تتحول بقعة جرداء الي لوحة جميلة من الابداع والنشاط داخل القرية الذكية.. وكيف يمكن للشباب المصري ان يفرض نفسه علي الساحة الدولية بين رواد صناعة' التعهيد' أو تصدير الخدمات التكنولوجية عبر الحدود.. تمنينا ان تكون مصر كلها هذا المشروع العملاق التي توافرت له من البداية الفكر الجديد والتخطيط السليم والإرادة والإصرار وأصبح بحق يشكل بيئة جديدة جاذبة للأعمال في مصر.. ثم جاء اللقاء مع وزير الاتصالات طويلا وقصيرا.. إمتد بنا الي قبل مدفع الافطار في اسئلة لم نرغب ان تنتهي.. وقصيرا لأننا كنا أكثر شغفا وتشوقا لسماع التفاصيل الكاملة لقصة نجاح مصرية اسمها قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. يتردد كثيرا في المشروعات الجديدة كلمة' التعهيد'.. ماذا تمثل هذه الصناعة من أهمية مستقبلية في خطط وزارة الاتصالات ؟ صناعة التعهيد أوتصدير الخدمات التكنولوجية عبر إسناد شركات عالمية بعض أعمالها علي المستوي العالمي لشركات مصرية تحولت الي احد البرامج الرئيسية المهمة لعمل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في السنوات الماضية وهي كذلك ايضا في السنوات القادمة, ونتيجة لجهود مضنية بذلناها في السنوات الماضية لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال وتحسين القدرة التصديرية والنفاذ إلي أسواق جديدة فقد تضاعف رقم هذه الصادرات نحو4 مرات وتخطينا في الوقت الحالي رقم المليار دولار في هذه الصناعة, وهذا الرقم جاء من حساب بسيط أن كل فرد يعمل في مجال التعهيد يجلب عائدا في المتوسط30 ألف دولار سنويا ولأنه يوجد نحو35-40 ألف فرد يعملون في صناعة التعهيد فإن حصيلة ضرب الرقمين تصل إلي نحو مليار دولار سنويا, وهذا يجيب علي تساؤلات كثير من الناس لنا حول كيفية قياس هذا العائد خاصة وأن هذه الخدمات التي يتم تصديرها هي خدمات افتراضية تتم عبر شبكات الاتصالات وليست منتجات ملموسة يمكن قياس عددها. كيف بدأ التفكير جديا في صناعة التعهيد ؟ بدأنا تنفيذ خطة متكاملة من عدة سنوات من خلال هيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات تقوم علي دراسة وتحليل السوق العالمية واستكشاف النقاط التي تميز مصرفي هذه الصناعة, ووجدنا انها لديها موقع جغرافي متميز, وتعتبر نقطة عبور للكابلات البحرية الدولية بين الشرق والغرب, ولديها أعداد كبيرة من الخريجين قادرة علي التحدث باللغات المختلفة, وتتمتع ببنية أساسية متميزة وهناك دعم حكومي كبير. وكل هذه المزايا التنافسية وضعتنا علي الخريطة العالمية للتعهيد وبدأنا حملة دولية كبيرة للدعاية والترويج لهذه المزايا التنافسية, وقمنا بعرض قصص نجاحات قائمة لشركات تكنولوجيا المعلومات تم توطينهم في القرية الذكية استفادت من هذه المزايا وحققت نجاحا عالميا بإستخدام الشباب المصري, وبدأنا نجذب عددا من شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية الاخري التي تعمل في تصديرالخدمات التكنولوجية. وقد ترتب علي ذلك نجاح آخر تمثل في جذب شركات عالمية تعمل في قطاعات اخري غير قطاع تكنولوجيا المعلومات مثل التأمين والمحاسبة والبنوك وتستخدم تكنولوجيا المعلومات في تصدير الخدمات التكنولوجية, وهذه هي الرسالة الجديدة, والأهم انه لم تعد صناعة' التعهيد' مقصورة علي المتخصصين في البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات فقط وإنما اتسع المجال ليشمل المتخصصين في مجالات أخري. ماهو طموحاتكم المستقبلية بالنسبة لمصر في تصدير الخدمات التكنولوجية ؟ ان تصل صادراتنا الي2 مليار دولار في نهاية عام2013 ولدينا رؤية وطموح ان يتحول هذا الرقم الي10 مليارات دولار سنة2020 ونود ان نوضح ان كلا من الهند والفلبين كانت تسبقنا في هذا المجال وكانت الشركات تفضل الاستثمار في الهند في هذا المجال الا ان مصر دعت الشركات العالمية لتنويع استثماراتها في هذا المجال والتوجه ناحية مصر, فنحن لدينا الحوافز والمقومات التنافسية لنجاح هذا الاستثمار. ماهي مساهمة قطاع الاتصالات والمعلومات في الاقتصاد المصري ؟ تحولنا من قطاع يمثل عبئا علي خزانة الدولة وكانت تنفق عليه الدولة في الماضي الي قطاع يجلب قيمة مضافة الي الاقتصاد المصري, حيث وردنا نحو35 مليار جنيه خلال الخمس سنوات السابقة, وفي الوقت الحالي هناك عائد سنوي يدخل الخزانة بنحو5 6 مليارات جنيه مابين اقتسام العائد مع شركات المحمول, وارباح الشركة المصرية للاتصالات, ومابين ضرائب وعائدات اخري. بالرغم من ان تعداد مصر أكثرمن80 مليون شخص فان هناك3 شركات محمول في حين ان هناك دولا اقل في التعداد ويخدمها عدد أكبر من الشركات.. ألايتسبب عن هذا شبهة احتكار ؟ لاتوجد اي شبهة احتكار لاننا نرغب في ان تكون شركات المحمول العاملة في السوق المصري كيانات اقتصادية ناجحة, وثانيا ان الطيف الترددي محدود لان هذا مورد طبيعي تقتسمه هذه الشركات, لذلك التوسع في عدد الشركات يكون وفقا لاحتياجات السوق ومدي توافر الطيف الترددي, وهناك دول سارت في اتجاه زيادة عدد شركات المحمول وبعد ذلك تراجعت وقامت بضم هذه الشركات, وكان من الممكن ان نطرح عددا كبيرا من رخص المحمول والانترنت ونترك الشركات تحارب بعضها في الاسعار بصرف النظر عن تحقيق تنمية حقيقية للسوق, ولكن هناك آليات نضعها دائما لضبط الإيقاع وفقا لحسابات فنية واقتصادية. هل يتحمل السوق شركة رابعة للمحمول ؟ في الوقت الحالي لايوجد مكان لمشغل رابع في التليفون المحمول ولكن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يدرس الآن إمكانية السماح بإنشاء شركات' افتراضية' للمحمول لاتقوم ببناء بنية اساسية جديدة ولكن تعتمد علي البنية التحتية المتاحة التي نفذتها الشركات الثلاث لتوسيع خدمات المحمول علي شرائح واسعة من المجتمع وبطريقة تنافسية وتقوم بتسويق الخدمات المتاحة و إضافة خدمات أخري ذات قيمة مضافة علي هذه الشبكات., واقتناعي الشخصي أن عملية المشغل الرابع ببنية أساسية جديدة في الوقت الحالي ليست لها جدوي إقتصادية ولكننا رغم هذا لا نغلق الباب أمام أي قرار مستقبلي فنحن نأخذ القرار السليم في الوقت المناسب وهذا ما فعلناه في المشغل الثالث للمحمول فلم نطرح رخصة هذا المشغل مبكرا أو متأخرا ولكن في وقت مناسب جدا وكانت النتيجة أنه جلب أعلي عائد للدولة وطرح خدمات جديدة في السوق بالجيل الثالث. هل تخشي علي المصرية للاتصالات من تراجع مكانتها في السوق بعد إنتشار المحمول بهذه الصورة والتي تجاوزت كثافته75% في مصر؟ تراجع التليفون الثابت هو ظاهرة عالمية ولكن لا ننسي أيضا البنية الأساسية التي تمتلكها المصرية للاتصالات فهي ليست فقط لإتاحة التليفون الثابت وإنما تعتبر المصرية للاتصالات هي المشغل الوحيد للبنية الاساسية من الألياف الضوئية من خلال تواجدها في1500 سنترال علي مستوي الجمهورية, وهي التي تدير منافذ الربط الدولية, وهي متفردة في هذا الوضع بين شركات الاتصالات الأخري وهذا يمكنها من تقديم خدمات لشركات المحمول والإنترنت, فنمو خدمات المحمول في مصر يعود عليها أيضا بأحمال وعائدات زائدة من شركات المحمول الثلاث. وقعت الهيئة القومية للبريد تراخيص مع12 شركة بريدية خاصة فهل هناك خطوات لتنظيم سوق البريد في مصر؟ أولا لا نية مطلقا لخصخصة الهيئة القومية للبريد وقطاع البريد ينمو حاليا بمعدلات غير مسبوقة تصل12 13%, وبالنسبة للشركات التي تم منحها أخيرا تراخيص مثل' فيديكس', و'فيدرال اكسبريس' و'دي اتش ال' وغيرها فهي شركات موجودة منذ وقت طويل في تقديم خدمات بريدية, ومع النضج الذي حدث في القطاع قررنا تنظيم تراخيص هذه الشركات واصبحت وزارة الاتصالات هي الجهة المانحة لهم, وتم استحداث وحدة داخل الوزارة تنظم عمل هذه الشركات وتشرف عليها بالتعاون مع الهيئة القومية للبريد في خدمات محددة تعمل فيها هذه الشركات وهي خدمات البريد الدولي. كيف تستعدون لوضع الخطة الاستراتيجية2011-2014 الخاصة بالابداع التكنولوجي ؟ تمت الاستعانة ببيت خبرة فرنسي هو' انسياد' وبالتعاون أيضا مع البنك الدولي نعد استراتيجية للابداع في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها وسيتم اعلان هذه الاستراتيجية في مؤتمر عالمي يشهده رئيس مجلس الوزراء اواخر العام الحالي او مطلع العام المقبل في القرية الذكية وسيتم بعد العيد مباشرة صدور قرار بانشاء مركز' الابداع التكنولوجي وريادة الاعمال' في القرية الذكية يتبع وزير الاتصالات والمعلومات وسيكون له مجلس امناء ورئيس تنفيذي, ويشارك في هذا المجلس مجموعة من الخبرات المصرية والعالمية المتميزة في هذا المجال, وقال ان سياستنا في مجال الابداع تكتمل حاليا وهي اولوية أولي بالنسبة لنا خلال الفترة القادمة لاننا لانرغب في تسويق مصر فقط علي انها مركز للتعهيد فقط فنحن ايضا قادرون في الابداع التكنولوجي وفي المجالات التي بها قيمة مضافة عالية, والاستراتيجية سوف تأخذ وقت ولابد ان يكون مفهوما أن اعداد فرص العمل التي سيتيحها هذا المجال اقل من أعداد فرص العمل التي يتيحها مجال التعهيد ولكن القيمة المضافة التي تأتي من وراء الابداع ومن خلال امتلاك الملكية الفكرية ستكون عالية جدا. حققت الاستراتيجية السابقة للوزارة من2010 2007 نتائج كبيرة تمثلت في تصنيف مصر في المرتبة الخامسة عالميا علي مستوي الدول الواعدة في التعهيد.. فماذا تتوقع من تنفيذ استراتيجية الابداع التكنولوجي؟ أتوقع ان تضع هذه الاستراتيجية مصر في مكانها اللائق في الملكية الفكرية وعائدات الملكية الفكرية, فقوة الدول تأتي من امتلاكها للملكية الفكرية وهذه الملكية الفكرية موجودة في الكتب والمصنفات الفنية وهي موجودة ايضا في مجال التكنولوجيا والبرمجيات وهذه الاخيرة هي التي ستهتم بها استراتيجية الابداع, فنحن في مصر لم نأخذ بعد دورنا اللائق بنا في مجال الملكية الفكرية وهذا يؤثر سلبا علي التصنيف الخاص بنا في التنافسية العالمية, واهتمامنا بالإبداع والملكية الفكرية سوف يحسن من هذه التنافسية مستقبلا. حصلت3 شركات مصرية علي اذن من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات علي اطلاق خدمات التوقيع الأليكتروني في السوق المصري فكيف تري مستقبل هذه الخدمات في مصر ؟ انا غير راض بالمرة علي تجربة التوقيع الالكتروني وأشعر انها لم تأخذ الانتشار الكافي علي مستوي التطبيقات داخل مصر وتحتاج الي مزيد من التفعيل في الفترة المقبلة كما اننا نحتاج الي رفع الوعي المجتمعي بأهمية هذه الخدمات.