لم أتوقع أبدا وجود مستشفي بهذه الجودة العالمية علي أرض الكنانة.. هكذا قال أكثر من واحد ممن زار مستشفي57357 من الزوار الأجانب, وهو الوصف الصادر لهذا الصرح العملاق الذي يقدم العلاج للأطفال المصابين بالأورام السرطانية, وذلك بالمجان ودون أي مقابل. المستشفي يفتح أبوابه لجميع الأطفال من داخل أو خارج مصر بل الأكثر انك داخل هذا الصرح الطبي لا تستطيع أن تفرق بين طفل فقير وآخر مقتدر لأن الجميع يتعامل بسواسية تامة دون دخول الواسطة في أي شيء. اقتربت من المبني فأحسست بأنني في أحد مستشفيات الدول الأوروبية التي عادة ما تبهرنا في نظافتها وهدوئها ونظامها والتطوير العلمي والطبي بداخلها وحتي فريق العمل فيها ملتزم كل الالتزام ويتعامل بالود والاحترام مع كل الأطفال وذويهم. أدهشني أيضا وجود ما نفتقده في جميع مستشفيات مصر سواء الحكومية أو الخاصة, وهو فن التعامل والاحترام للمريض وهذا ما أنجزه فريق مستشفي57357, وهو أن تشعر بآدميتك, والحق في العلاج ومد يد العون دون أي مقابل مع ابتسامة تبعث بداخلك الأمل الذي يلزمك الصبر علي تخطي مشوار العلاج الذي يطول لسنوات عديدة ولكن هي الإرادة والعزيمة, وذلك بصورة عملية من قبل فريق طبي متعاون في تحقيق هدف المساواة ومن العلم حياة وهو شعار مستشفي57357. بداية.. ونهاية حاولت معرفة أسماء القائمين علي هذا العمل العظيم ولكنهم رفضوا جميعا كتابة أسمائهم أو حتي نشر صورهم في التحقيق حرصا علي ألا يضيع جهدهم وعملهم هباء لأنه لوجه الله, كما قالوا. كنت أشعر من الاعلانات التليفزيونية أن الأمر مجرد حملات لجمع التبرعات إلا انني أشعر بالندم الشديد لأنني كنت مخطئة في الظن, وكنت أتمني أن أكون مع فريق العمل أو حتي الشباب المتطوعين. وبدأت قصة المستشفي عندما تم افتتاحه يوم7 يوليو عام2007, وأصبح الحلم حقيقة بعد7 سنوات من جمع التبرعات.. سبع سنوات من العمل الدؤوب والتخطيط والبناء والتنمية لانه أكثر من مجرد مكان لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان بل أصبح رمزا لآمال وأحلام الكثيرين من الممرضات والأطباء والصيادلة والعاملين بالمستشفي ممن انتابتهم الرهبة لاختيارهم للعمل في هذا المكان وأعربوا عن اعتقادهم بأن قدراتهم الكامنة ستظهر في هذا المكان. وهكذا أدركوا أنهم جزء من عائلة كبيرة تعمل ما من أجل توفير الرعاية الشاملة للطفل وعائلته حتي وصل عدد العاملين بالمستشفي إلي1400 موظف إلي جانب أفضل الأطباء المتخصصين في مجال علاج أورام الأطفال والذين يعملون بالمجان. وقد غمرت قلوب أسر المرضي الشعور بالسعادة والشجاعة لمواجهة هذا المرض الذي يهدد حياة أطفالهم بعد دخولهم المستشفي وشعورهم بالمستوي المشرف له.. وذلك ما شعر به المتبرعون والوافدون من جميع الدول العربية الذين يعاملون مثل أهل الوطن بالمجان لا فرق بين مصري وغيره وهذا ما يهدف إليه المستشفي من تحقيق العدالة والمساواة في تقديم الجودة الطبية بالمجان. جولة في الداخل في جولة داخل مبني المستشفي وجدنا العديد من العيادات المتخصصة وعيادات اليوم الواحد التي يتردد عليها نحو500 حالة يوميا مع متابعة500 حالة كانت مصابة بالمرض. وبالتحدث مع أحد الأطباء قال إن المستشفي يستقبل مالايقل عن500 حالة يوميا وإن نسبة الإشغالات في الغرف وصلت الي100% ودائما لا توجد أماكن خالية وذلك حتي يتم شفاء المريض أو خروجه للمنزل ومتابعته الأسبوعية أو الشهرية حسب حالته. ومعظم الأطفال المرضي الذين يتلقون العلاج في المستشفي هم ممولون من المستشفيات الأخري سواء الحكومية أو الاستثمارية نتيجة التكاليف التي لايستطيعون دفعها في أي مستشفي آخر مع وجود افضل التقنيات في العلاج علي يد أساتذة الطب والمتخصصين. ولايمنع مستشفي57357 دخول أي مريض لكن الوضع مختلف إذ يوجد به180 سريرا و8038 جهازا, منها جهاز لتحضير حقن العلاج بدلا من استخدام اليد البشرية, تجنبا لحدوث أي تلوث ونقل الأمراض. دار ضيافة في السياق نفسه, قام المستشفي بإنشاء دار ضيافة لعائلات المرضي, إذ يستقبل المستشفي المرضي من مختلف محافظات مصر وقد تطول فترة العلاج وتضطر الأسرة للبقاء في العاصمة لذلك كان لزاما علينا التفكير في توفير أماكن إقامة لهم لذا قامت محافظة القاهرة بالتبرع بقطعة أرض قريبة من المستشفي لبناء دار ضيافة كبيرة تستوعب أعداد الأسر الكثيرة حيث يتسني لهم إيجاد دعم معنوي مستمر من قبل المستشفي وعائلات أخري تمر بنفس التجربة. أما عن فريق التمريض فتقول إحدي الممرضات عن تجربة العمل في المستشفي إن اختيار فريق التمريض جاء بناء علي إننا من أوائل الدراسة ثم تلقينا دروس لغة الإنجليزية ودورات في الكمبيوتر حتي نستطيع التعامل مع الحاسب الآلي في إدخال بيانات المريض. وبعد اجتياز الدورات تواصل بدأنا في تلقي محاضرات عن كيفية التعامل مع المريض وبالأخص أنهم أطفال يحتاجون إلي معاملة خاصة. كما أن أهل المريض يعانون مثلهم مثل المرضي لأنهم في فترة علاج أطفال يرتدون ملابس المستشفي مثل المريض ويقيمون مع الطفل فترة إقامته كاملة. كما يوجد داخل المستشفي مدرسة خاصة لتعليم الأطفال المرضي, وإستكمال عامهم الدراسي. لقاء مع الأهالي يقول الحاج سليمان سويلم من الأقصر أحد أهالي المرضي لم أتوقع أن يوجد في مصر مثل هذا المستشفي بهذا المستوي والرقي في التعامل وإحترام آدمية البشر علي عكس مايحدث في جميع المستشفيات الخارجية. فهذا المستشفي بدأ بحملة( تبرع ولو بجنيه), والآن به أحدث الأجهزة الطبية وأفضل الأماكن الترفيهية وبداخلها ألعاب للأطفال تنمي مهاراتهم الذهنية والقدرات الجسدية, ويسودها الهدوء والنظام والاحترام والحب بين الجميع من الفريق الطبي أو العاملين أو أسر المرضي فهنا الجميع عائلة واحدة.