تمثل الإطارات المستخدمة والتالفة أكبر خطر علي الإنسان والبيئة لحجمها الكبير وأعدادها المتزايدة والتي بلغت نحو7 9 ملايين. وذلك لقابليتها للاشتعال ولصعوبة تحللها في البيئة إلا بعد مئات السنين. فإذا ما تعرضت لمادة صمغية تفرزها معادن سامة تلوث المياه الجوفية, كما أن حرقها يطلق مواد ملوثة للهواء ضارة بالإنسان والحيوان والنبات, فضلا عن أن الاحتفاظ بها يساعد علي تكوين تجمعات من الحشرات والكائنات الضارة, في الوقت الذي تنادي فيه الدول المتقدمة بإعادة تدوير هذه الاطارات لمنع التلوث والاستفادة منه في صناعات أخري. الدكتور أشرف المغربي أستاذ علوم البيئة المساعد بجامعة القاهرة أكد أن خطورة الإطارات المستخدمة والتالفة ترجع إلي أنها مكونة من نحو20 مادة كيميائية, منها المطاط الطبيعي والصناعي والكربون وأصباغ البولي استر والنايلون والكبريت والأسلاك وغيرها وهنا تكمن المشكلة في وجود الكبريت الذي يعطي التماسك للسائل قبل الصب, ويصعب معه اعادة تفكيك أو تحلل الإطارات, حتي أصبحت هذه الإطارات مشكلة تؤرق معظم دول العالم, ففي أمريكا يدفنون نحو280 مليون إطار وفي بريطانيا نحو50 مليونا. أما في السعودية فتصل إلي23 مليونا, وأثبتت الدراسات أن12 مليون اطار تحوي طاقة توازي3 ملايين برميل من البترول. في حين اننا في مصر نكتفي بحرق الإطارات, كما يسهم في زيادة تلوث البيئة. وأضاف أن هناك ضرورة لوضع استراتيجية لتدوير هذه الكمية الكبيرة من الإطارات المطاطية والتي تتزايد سنويا للتخلص من أحد مخاطر البيئة, فعند اعادة تدوير هذه المخلفات تنقسم إلي حبيبات المطاط وإلي خردة الحديد فيصنع من الأول خراطيم ومركبات غير صلبة ومساحة أرضية رياضية وأجهزة تنظيم المرور ويمكن بيع خردة الحديد, علي أن يتم جمع هذه الإطارات في مواقع معروفة ضمن مشروع برأسمال مناسب وبطاقة انتاج لا تقل عن2 طن في الساعة والإنتاج تشكيلة مختلفة بالأحجام من الحبيبات حسب الطلب مع أنظمة تحكم متقدمة تكنولوجيا. صديق البيئة وأضاف أن مثل هذا المشروع يكون صديقا للبيئة, ويوفر منتجات مفيدة جدا من نفايات ضارة وحسب المواصفات المطلوبة محليا وعالميا, خاصة أن هناك سوقا واعدة للإقبال علي المنتجات المطاطية بعد اعادة تدويرها, ويمكن تصنيع أدوات منزلية أو صناعية أو زراعية لتقليل تأثير هذه المخلفات وتراكمها بفصل كل منها علي أساس المواد الخام التي تصنع كل علي حدة. والإفادة من تجارب الدول المتقدمة التي بدأت تركز علي اعادة التدوير منذ نحو20 عاما وتصنيع المخلفات واعادة تدويرها مثل تدوير الزجاج والورق والبلاستيك والألومنيوم وغيرها, ولتخفيض تكلفة المواد الخام وتكلفة التشغيل بالدرجة الاقتصادية المشجعة علي استمرار المشروع. وتتمثل أهم الصناعات التدويرية من الكاوتش في صناعة أدوات نقل البضائع أو الفاكهة, وبلاط مطاطي خشن الملمس يحمي من الانزلاق وهو من بقايا وقصاصات مطاطية وكرات اللعب والأحذية الرياضية وهو قابل للإلتصاق بأي سطح ويمكن طلاؤه بكل البويات من كل الألوان, كما يصلح للطباعة عليه, كما يمكن أيضا صناعة خراطيم الري بالتنقيط من المطاط المعاد تدويره بمعدل ربحي يصل إلي21%. وأضاف د. مصطفي حسين مدير مركز الحد من المخاطر البيئية بالجامعة, أن أهم الصناعات التدويرية, تمثل في تصنيع حواجز بحرية من المطاط المعاد تشكيله وتصل الربحية إلي36% من رأس المال, كما يمكن استخلاص المطاط الصناعي من المنتجات المعاد تدويره بمتوسط أرباح30% حيث ثبت أن الخامة التي تم تدويرها تحتفظ بنحو86% من موادها الأساسية, حيث يمكن نشر هذه الصناعة ضمن برامج الصندوق الاجتماعي لأن تصنيفها مشروع صغير ولايحتاج لتكنولوجيا عالية, والتشغيل نصف آلي, ويمكن بيع الانتاج الي كبار المستخدمين او التجار للجملة والتجزئة في شكل بالات وبألواح خشبية, كما أن هناك انتاج بودرة المطاط الناتج من اعادة تدوير الكاوتش. ويضيف د. أشرف المغربي أن الجدوي الاقتصادية والبيئية من اعادة تصنيع الكاوتش المستخدم تؤكد ازدواجية الفائدة, حتي من تحويله الي مازوت باستخدام اساليب فنية سليمة خاصة أن البعض يري أنه مكلف بالمقارنة بالمميزات والعائد من التدوير مع التكنولوجيا المنخفضة, وأن المنتج المعاد تدويره أقل في الجودة من الاساس المستخدم لأول مرة, كما انه يستخدم في اغراض اخري أقل اهمية. تجربة قرية وأشار الي تجربة رائدة تعيشها قرية ميت الحارون التي اتجه سكانها وهم فلاحون الي فكرة اعادة تدوير كاوتش السيارات المستعمل, وكانت هذه الفكرة مصدر رزق اساسي للمواطنين من خلال ادوات ومصانع صغيرة ونصف آلية فهذه القرية التي تبعد نحو70 كيلو مترا شمال القاهرة والتابعة لمحافظة الغربية استطاعت دخول هذه الصناعة وجعلت هذه المهنة مصدر الثروة وارتفاعا في المستوي المادي بالنسبة لغيرها حيث بلغ دخل الفرد فيها نحو150-300 دولار في الشهر أو بما يعادل1800 جنيه في حين أن سكانها لايتعدون50 ألف نسمة, ومعظم منازلهم من الطوب الأحمر, فجمعوا بين هذه الصناعة وبين الأرض الزراعية الفلاحة في برغم أن اغلبهم متعلمون وزادت مظاهر نجاح هذه الصناعة باتاحة الفرصة لابناء القري المجاورة للالتحاق بالعمل لديهم في الزراعة وهذه المهنة. وأضاف ان الصناعة بهذه القرية دخل عليها تطوير بعد ذلك بابتكار آلة يدوية تدار بتروس تسمي الونش لاستخراج شرائح الكاوتش من الاطار المستعمل بدلا من المجهود العضلي, ويختلف ثمن هذه الآلة حسب حجمها, ويبدأ من سعر الفي جنيه في الوقت الذي يكون فيه تأسيس الورشة لايحتاج إلي أكثر من مساحة50 مترا مربعا اضافة لمعدات بسيطة مثل السكين والشاكوش والمسامير, ويتم استحضار الكاوتش القديم بطرق متعددة إما بتسريح عمال القرية الي القري المجاورة والمراكز او من محال تصليح الكاوتش مباشرة وتشمل كل انواعه صغيرة وكبيرة والخاصة بالجرارات واللوادر, كما تمثل شركات السياحة مصدرا لتسويق منتجات الاطارات التي يعاد تدويرها كما أن هذه الشركات مصدر مهم في توفير الاطارات لهذه القرية لالتزام الشركات بتغيير الاطارات الخاصة بسياراتها ويتم ذلك بالبيع بالمزاد العلني خاصة بالقاهرة او الاسكندرية.