الحياة مدرسة.. نتعلم فيها الدرس بعد الامتحان بعكس ما تعلمناه في المدارس والجامعات, ندرس الدرس ثم ندخل الامتحان... والمعني أن تجارب الإنسان في الحياة تختلف تماما عنها في الدراسة.. وهذا بالطبع شيء طبيعي.. فالحياة سواء كانت في الشرق أو في الغرب.. مليئة بحقول الألغام.. والتي لا نشعر بها إلا بعد انفجارها.. لكن هناك أيضا الحياة المليئة بالزهور والورود الجميلة.. والخلاصة.. أن الحياة لا تسير علي وتيرة واحدة.. فالإنسان يمكن أن يكون اليوم سعيدا مبتهجا متفائلا.. ومن الممكن أن نجده غدا حزينا وحيدا متشائما.. لكن رغم إقتناعي بأن هذه الاختلافات واردة في كل المجتمعات.. لكن بالطبع هناك الكثير من المسببات التي تؤدي الي ضجر الناس بعضهم من البعض.. ورغم كثرة المدارس والجامعات والمعاهد المختلفة في العصر الحديث.. لكن مازال ينقصنا تعليم شبابنا وأولادنا الكثير من المباديء التي لم يتعلموها في البيوت أو المعاهد الدراسية. وعلي سبيل المثال لا الحصر.. فهناك مبدأ الانتماء سواء كان للأسرة أو المجتمع أو الوطن.. والانتماء ليس تحية العلم ثم الأناشيد المختلفة.. لكن الانتماء هو العمل علي الارتقاء بالوطن.. بالتصرفات الحياتية اليومية.. فاحترام اشارات المرور.. هو انتماء للوطن.. لأنه يساهم في الحفاظ علي النظام.. وعدم القاء القاذورات في الشوارع هو أيضا نوع من الانتماء لأننا نساهم في نظافة بلدنا.. ونحن مازلنا مع الاسف لا نحترم اشارات المرور في كل مكان وايضا مازلنا نلقي القاذورات في الشوارع في كل مكان. أما المبدأ الثاني.. فهو مبدأ الالتزام سواء كان بالكلمة الشفوية أو المكتوبة.. فنري مثلا دعوات الأفراح تدعو المدعوين لحضور حفل زفاف في تمام الساعة الثامنة مساء.. واذا بالحفل يبدأ في الحادية عشرة.. طبعا لن أعلق لأن هذه أضحوكة.. ثم هناك أيضا من يرتبط بمواعيد عمل هامة ومن الممكن أن يحضر بعد ساعة أو أكثر أو لا يحضر إطلاقا وأيضا لا يعتذر.. وهكذا. والمبدأ الثالث هو عدم الاعتذار عند الخطأ.. وذلك يدعو للدهشة.. فمن النادر أن نسمع شخصا يعتذر عن خطأ لزميل عمل أو صديق أو للزوجة أو للأولاد فهذه مصيبة في نظر البعض.. حيث يتخيل أن الاعتذار سوف يقلل من شأنه.. مع أن الاعتذار يرفع من شأن صاحبه لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة.. ولكن معظم الناس لا تتفهم مع الأسف هذه الفضيلة. أما المبدأ الرابع فهو تحاشي النفاق!! وهناك مع الأسف الكثير من الناس قد ترعرعوا وكبروا علي النفاق.. وأصبح هذا النفاق بالنسبة لهم مبدأ يتعاملون به مع المجتمع وهؤلاء بالطبع يرتمون في أحضان من لهم السلطان والنفوذ والمال ويتقربون منهم بغرض تحقيق أهدافهم الشخصية.. وهكذا.. ومن الممكن أن يغيروا مواقفهم بسبب هذا النفاق.. والمصيبة أنهم يتعودون علي ذلك ثم ينقلون هذا النفاق الي الأجيال الجديدة.. أن هناك فروقا شاسعة بين الإنسان صاحب المباديء والإنسان عديم المباديء.. فالإنسان صاحب المباديء هو بالدرجة الاولي حاصل علي درجة عالية من التربية المنزلية في صغره وهو أيضا صاحب تصرفات ذات قيمة وهو ايضا قمة في الأخلاق ويعلم كيف يتعامل مع المجتمع علي اختلاف طبقاته وأنواعه كما أنه إنسان محترم شكلا وموضوعا.. بمعني انه يحترم وعوده وكلامه ولا يتنصل منها مهما كانت الظروف.. انه الإنسان المتمسك بالمباديء ولا يحيد عنها يوما بحجج واهية.. وهو ايضا لا يتقبل الخوض في المؤامرات علي زملائه أو التسلق علي اكتاف الآخرين للوصول الي أهدافه الضحلة.. هذا بالاضافة الي أن كلماته صادقة ويتمسك بها ولا يدعي أنه نسي أو تناسي للهروب من المواقف الصعبة.. أو وعود كاذبة لأنه صاحب مباديء وبالتالي من وجهة نظري أصبح إنسانا صاحب كاريزما.. يلتف حوله الاصدقاء والزملاء لأنه شخصية يرحب بها المجتمع لأنه عندما يتكلم يقول الصدق وعندما يتصرف يغلب علي تصرفاته الحكمة والاخلاق والرقي والحضارة.. وهو ايضا صورة مشرفة لبلاده ومشرقة لأسرته وعمله ومجتمعه.. والتعامل معه مريح يستقطب المثقفين والعامة.. يثق فيه الناس.. وهو أيضا شخصية تستحق التقدير والاحترام.. والعكس صحيح في كل هذه النقاط مع الإنسان عديم المباديء.. وهو بالطبع إنسان يخاف منه الآخرون ويهرب منه المجتمع.. ويبتعد عنه اصدقاؤه ومعارفه وزملاؤه في العمل.. ويصبح شخصية مكروهة في المجتمع.. يهرب منه الناس حتي ولو كان صاحب نفوذ وسلطة واموال.. لانه يؤمن بقول أنا ومن بعدي الطوفان. والمحصلة أننا في أشد الحاجة الي تعليم أولادنا وشبابنا مدي أهمية المباديء في حياتنا اليومية. إن المباديء يا سادة ترتقي بمشاعر الإنسان وتجعل المجتمع ينظر له نظرة تقدير واحترام.. ومباديء الإنسان هي في الحقيقة مرآة الإنسان لأن إنسانا بدون مباديء هو إنسان سطحي تافه مجهول الهوية لا يؤخذ برأيه ولا يوثق فيه, واكتشاف الإنسان عديم المباديء يتضح بمنتهي السهولة وذلك من خلال مواقفه من الآخرين في الموضوعات الحياتية المختلفة.. وايضا من خلال تعامله مع الاصدقاء وزملاء العمل. نحن غالبا ما نهتم بالشكل ونهمش المضمون.. نهتم بالمظاهر وننسي القيم.. نهتم بالتعليم ونتجاهل المباديء.. والحكمة من تعليم أولادنا المباديء في حياة الإنسان لأن المباديء هي فكر وفلسفة وحضارة والتزام.. بينما عدم الالتزام بالمباديء بين الناس بعضهم وبعض يخلق حربا نفسية بينهم ونحن نعلم أن الحرب تدمر البشر والشجر والحجر حتي لو كانت نفسية بمعني أن عدم الالتزام بالمباديء يخلق توترا عصبيا في المجتمع كما أنه يساعد علي تفشي الانحرافات والفساد ويساهم أيضا في تعليم الأجيال الجديدة حياة بعيدة عن المباديء السامية فتكون الطامة الكبري.. مجتمع أجيال جديدة متعلمة لكنها بدون مباديء.. وكما أن الإنسان صاحب المباديء يستحق كل التقدير والاحترام.. كذلك فإن الإنسان عديم المباديء يستحق العزاء حتي ولو كان حاصلا علي الماجيستير والدكتوراه ونفوذ واموال الدنيا. وفي النهاية اقول: كم جميلا أن يكون الإنسان صادقا.