بقلم: ماهر مقلد سيبقي اسم الدكتور غازي القصيبي المثقف العربي حاضرا في المشهد العام لعقود وعقود قادمة, بما أعطي وبما أنتج من كتابات ومؤلفات للمكتبة العربية.جاء نبأ رحيله قبل أيام بمثابة الصدمة للكثيرين, بعد أن توارت أخباره لأكثر من عام بسبب ظروف المرض القاسي الذي أصابه, وألزمه الفراش. اسم القصيبي يحمل أكثر من معني وقيمة, فهو علي الصعيد الشخصي نجح في أن يحفر لنفسه مكانة مهمة في دائرة صنع القرار السياسي في المملكة العربية السعودية وتقلد علي مدي أربعة عقود مواقع ومناصب وزارية مهمة آخرها وزير العمل, وكان همه الأكبر أن ينخرط كل الشباب السعودي في الوظائف بعيدا عن النظرة السائدة التي كانت وربما لا تزال تري في بعض هذه الوظائف انتقاصا من المكانة أو لا تتناسب مع المواطن السعودي, ويتذكر الكثيرون صورة شهيرة للدكتور غازي القصيبي وهو يرتدي زي نادل في أحد المطاعم يقدم الوجبات في رسالة للشباب السعودي يحثهم فيها علي فعل ذلك دون تفكير. وعلي الرغم من أنه تقلد مناصب وزارية مثل وزير الكهرباء والماء والإعلام والعمل وسفير المملكة في لندن إلا أن شهرته العريضة جاءت من كونه مثقفا عربيا يكتب القصيدة الشعرية, ويكتب الرواية, وشغوفا بكتابة المقالات في الصحف والمجلات, ويتفاعل دوما مع رجل الشارع عبر الكتابة. من أبرز كتاباته كتاب أمريكا والسعودية حملة إعلامية أم مواجهة سياسية ورواية شقة الحرية التي كتبها عن سنوات دراسته في مصر وتحولت إلي مسلسل تليفزيوني, وآخر ما قدمه للمكتبة قبل رحيله كتاب الوزير المرافق والذي صدر هذا العام. كان طموحا مبتسما. خاض معركة شهيرة علي منصب مدير منظمة العلوم والثقافة اليونسكو في مواجهة مع الدكتور إسماعيل سراج الدين. لكنها وإن تركت في النفوس أشياء إلا أنها سرعان مازالت, فهو كان سياسيا لكنه يعيش داخل عباءة المثقف والمفكر المهموم بقضايا وطنه كما غيره من المثقفين. وبرحيله المؤثر فقدت المملكة رمزا وقيمة.