أخبار مصر اليوم.. رئيس الوزراء يفتتح مستودع موانئ دبي العالمية    أول تعليق من محمد سلام بعد مشاركته في احتفالية «وطن السلام»: عاشت فلسطين حرة عربية (فيديو)    مدبولي: منطقة قناة السويس الاقتصادية جذبت استثمارات بقيمة 11 مليار دولار.. وأنشأنا 82 جامعة في 10 سنوات    الصين تقرر تأجيل قيود تصدير المعادن النادرة لمدة عام    لافروف: دعوات وقف إطلاق النار في أوكرانيا هدفها كسب الوقت لصالح زيلينسكي    الجيش الإسرائيلي يقول إنه قضى على تاجر أسلحة في عمق لبنان    توتنهام يكتسح إيفرتون بثلاثية نظيفة في الدوري الإنجليزي    وزير الشباب والرياضة يتلقي خطابًا من رئيس الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة بشأن الجهود الدولية لمكافحة التجنيس    محمد عبد الجليل يكتب: فضيحة التجسس الصحفي.. "الديلي ميل" ترسل "عملاء" في زي سائحين لتصوير المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية.. ومحاولة خبيثة لتصوير القاهرة ك"عاصمة الإرهاب"!    تبة الشجرة تستقبل فرق مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية ضمن فعاليات الدورة الخامسة والعشرين    مهرجان القاهرة للطفل العربي يطلق دورته الثالثة 10 نوفمبر    عرض مسلسل «جولة أخيرة» بطولة أحمد السقا على mbc.. قريبًا    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار المتوقعة غدا بمحافظات الجمهورية    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    الكوكي يعلن تشكيل المصري لمباراة الاتحاد الليبي بالكونفدرالية    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    لأول مرة في جنوب سيناء.. افتتاح وحدة علاج الأورام والعلاج الكيماوي بمجمع الفيروز الطبي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    محافظ كفر الشيخ يتفقد التجهيزات النهائية لمركز التحول الرقمي    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    مهرجان القاهرة يهنئ أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في «الجونة السينمائي»    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام والقضاء

نظمت كلية الإعلام أخيرا بالتعاون مع نادي القضاة مؤتمرا بالغ الأهمية في موضوعه ومبتغاه‏,‏ جمع نخبة من أساتذة الإعلام والقانون وصفوة رجال القضاء‏,‏ إلي جانب قادة العمل الإعلامي‏.‏ ترجع أهمية المؤتمر إلي إشكالية العلاقة بين طبيعة عمل ووظيفة الإعلاميين‏,‏ وطبيعة عمل ووظيفة القضاة‏,‏ والواقع أنه إذا تجردنا من طبيعة العمل اليومية التي تفرض علي رجال القضاء تفضيل التكتم والسرية ضمانا لحسن سير العدالة‏,‏ وعدم التأثير علي الرأي العام أو النيل من سمعة القاضي وصورته وهيبته‏,‏ ولو تجردنا أيضا من طبيعة عمل الإعلامي التي تحتم عليه تزويد الرأي العام بكل ما يحدث في المجتمع والتعليق عليه بما في ذلك الجانب القضائي لإشباع حق المعرفة لدي المواطن‏,‏ إذا تجردنا من هذا المستوي العملي في التحليل والذي يبدو فيه التعارض الظاهري‏,‏ وانتقلنا إلي مستوي أعلي لوجدنا قيمتين أساسيتين هما قيمة الحرية لدي الإعلاميين‏,‏ وقيمة العدل لدي القضاة وهما أغلي ما يمكن أن يعتز بهما المجتمع‏,‏ ولا يمكن تصور وجود تعارض أو تصادم بينهما‏,‏ ما يفرض أكبر درجة ممكنة من التفاهم والتعاون والتآزر والاحترام بين الجانبين‏.‏
ويقيني أن الحرية هي أغلي قيمة في الوجود‏,‏ وفي غيابها تنتفي إمكانية تحقيق قيمة العدل ذاتها‏,‏ فالقاضي أولا لابد أن يكون حرا لا تغل يده أية قيود من أي سلطة حتي تصدر أحكامه وفقا لسلطان ضميره الحي‏,‏ وما يعتقد في صحته في ضوء ما توافر لديه من أدلة وبراهين‏,‏ والشهود لابد أن يكونوا متحررين من أية ضغوط‏,‏ ومصادر المعلومات لابد أن تكون متاحة لدي الأطراف المتنازعة‏,‏ وأي قيد علي القاضي أو أي من طرفي الخصومة في استدعاء المعلومات من مصادرها هو بالضرورة قيد علي حسن سير العدالة‏,‏ ومن نافل القول تأكيد أن العدل مرهون أيضا بحرية الإعلام في التغطية المباشرة لبؤر الفساد في المجتمع‏,‏ ولما يحدث في قاعات المحاكم وفي نشر الأحكام النهائية والتعليق عليها‏,‏ إلا ما تقتضيه الضرورة القصوي‏,‏ سواء تعلق الأمر بالمراحل الأولية للتحقيق‏,‏ أو لظروف بعض المحاكمات الخاصة التي تحميها قيم المجتمع‏.‏ ولو كان علي المفاضلة بين هاتين القيمتين علي الرغم من الإقرار بأنهما متلازمتان ومتكاملتان لأعطيت الأولوية للحرية‏,‏ ففيها ضمان حسن سير العدالة‏,‏ وفيها تأكيد علي احترام القاضي وسمعته وهيبته‏,‏ لكن تأكيد الهيبة عبر الانتقاص من حرية الإعلام ينتهك الحرية أولا‏,‏ ولا يضمن الهيبة ثانيا‏.‏ وقد أعلي القرآن الكريم من شأن الحرية لدرجة أنه ساوي بينها وبين الحياة ذاتها كما في الآية الكريمة ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة فقتل نفس بشرية خطأ يتطلب إحياء نفس أخري بتحريرها من العتق‏.‏
إن القوة التي تفرض التكتم علي الممارسات الحكومية والقضائية هي في حقيقة الأمر قوة تدمير لمصداقيتها‏,‏ هكذا انتهي تقرير لجنة حرية الإعلام التابعة لمجلس النواب الأمريكي عام‏1976,‏ كما ذهب القاضي الأمريكي أولفر وندل هولمز في القرن التاسع عشر إلي ضرورة إجراء المحاكمات تحت أنظار الشعب‏,‏ ليس لأن الخلاف بين مواطن وآخر هو من الأمور التي تهم الشعب فحسب‏,‏ بل لأنه من الأهمية البالغة أن يتصرف الذين يقيمون العدل دائما في ظل الشعور بالمسئولية العامة‏,‏ وبأن كل مواطن لا يمكن إقناعه بصحة تأدية ما يمليه الواجب العام إلا بما يراه بعينيه‏.‏ وامتدادا لهذا المنهج لا يمكن الاحتجاج بأن التعليق علي الأحكام النهائية يؤثر علي الثقة في القضاء فالأحكام بمجرد صدورها علي نحو نهائي تصبح ملكا للقضاء العام يجوز بل يجب علي أهل الرأي والخبرة والاختصاص تناولها بالدراسة والتمحيص والتدقيق‏,‏ وفي ذلك تدعيم للثقة في القضاء وأحكامه حيث يستشعر الرأي العام أن لاشيء يحاك في الظلام‏,‏ وأن الحكم هو عنوان الحقيقة فعلا‏,‏ وأن هذه الحقيقة في التحليل الأخير ليست مطلقة‏,‏ ولكنها نسبية ترتبط نسبيتها بما هو متاح من أدلة وبراهين وشهود وظروف وملابسات‏,‏ وما وجدت الدرجات المختلفة للتقاضي إلا لوجود هذه النسبية في عدالة الأحكام ولإتاحة الفرصة كاملة للمتقاضين للوصول لأعلي درجة ممكنة من العدل‏.‏
والرأي العام المصري يثق في نزاهة قضائه وقضاته‏,‏ إلا أن الأمر الجدير بالإشارة هو أن الثقة عملية مركبة ومعقدة وقابلة للزيادة والنقصان والتعزيز والتآكل وذلك لارتباطها بعشرات المتغيرات التي تسم بيئة العمل القضائي والتي يجب أن يسعي الجميع وعلي رأسهم الإعلام لضمان صيانتها وتحصينها بحسبان أن القضاء هو الملاذ الأخير لضمان حقوق الإنسان وحرياته‏,‏ وبحسبان أن هذا التحصين ليس مقصودا به شخص القاضي نفسه بقدر ما هو تحصين لطبيعة المهنة والرسالة الجليلة التي يضطلع بها‏,‏ ولعل من أهم هذه المتغيرات محاولات تسييس بعض القضايا‏,‏ ومحاولات تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية‏,‏ ناهيك عن هيمنة السلطة التنفيذية علي التشريعية التي لابد أن تؤثر سلبا علي أداء السلطة القضائية‏,‏ والتباطؤ في تنفيذ الأحكام‏,‏ والتباطؤ في التقاضي‏,‏ وانخفاض أجور القضاة ما دفع البعض لقبول الانتداب للعمل في أجهزة الدولة المختلفة‏,‏ إلي جانب العديد من المتغيرات التي لا يتسع المقام لتناولها‏.‏
ولأن ثقة الرأي العام في القضاء والقضاة تتعزز بالشفافية والعلانية وتتحصن بذيوع المعلومات وانتشارها‏,‏ وتتأثر سلبا بالتكتم والسرية والحيطة أري لزاما علي وسائل الإعلام التناول الموضوعي والمسئول لما يدور في قاعات المحاكم والتعليق علي الأحكام حال صدورها ليس فقط لأن ذلك يتمم عمل القضاء‏,‏ ويحقق علانية الأحكام‏,‏ ويلبي حاجة الرأي العام المتعطش إلي المعرفة‏,‏ ولكن تماشيا مع واقع جديد لم تعد معه السرية ممكنة‏,‏ وهذه إشكالية من نوع خاص تتطلب واقعا قانونيا مرنا بديلا للواقع الحالي الذي لم يعد يواكب العصر الجديد‏.‏ ولقد تنبهت دول مثل الولايات المتحدة لخطورة إساءة استعمال الثقة فأصدرت مجموعة من القوانين علي المستويين الفيدرالي والولاياتي عرفت شعبيا باسم قوانين أشعة الشمس علي أثرها أتيحت لقنوات التليفزيون البث المباشر لجلسات المحاكمات‏,‏ وأنشئت بموجبها شبكة تلفزيون أمريكية أرضية تعرف باسم تليفزيون المحكمة تعمل علي بث جلسات المحاكمات الفعلية باعتبارها جزءا من برنامج عملها الرئيسي علي مدي الساعة‏,‏ ويبقي أخيرا الإشارة إلي نجاح المؤتمر كبادرة في طريق طويل لبناء جسور من التفاهم المتبادل أعمدتها ثقافة قانونية لدي الإعلاميين‏,‏ وثقافة إعلامية لدي القضاة‏,‏ وهدفها بناء مجتمع ناضج يقوم علي الحرية والعدل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.