يقدم في معرضه الجديد( إبحار في الأبيض) والذي يقام بقاعة بيكاسو(30 ش حسن عاصم بالزمالك), والذي يضم 35 لوحة. يقدم الفنان محمد الطراوي رؤية تجريدية للمنظر في الطبيعة الخلوية والوجوه والشخوص المصرية ولكنها تجريدية مستندة إلي جذور تمتد في العمق الذي تنتمي اليه موهبة الفنان وسيطرته الكاملة علي أدواته ولكن هذه التجريدية التي يحاول من خلالها تخليص مفرداته من التفاصيل المملة, فهو يلجأ الي التركيز علي الملامح الرئيسية للشكل والتي تعكس إحساس الفنان بالمشهد الذي يتناوله في إبداعه بشكل يعكس علي المشاهد ليس فقط بعدا دراميا رومانسيا هائلا بل يعكس أيضا جمال الطبيعة نتيجة عشقه وولعه بهذه الطبيعة. إن الفنان محمد الطراوي يثبت بين الحين والآخر أنه فنان موهوب ومجتهد يحب فنه حتي العشق وخاصة فيما يتعلق بجغرافية المكان والزمان من عمارة ونباتات وأشجار وبشر. إنه الأداء الجديد والمبتكر والمتطور في تناوله لعناصر الطبيعة من بيوت ونخيل وصحراء ونيل, والجديد الذي تناوله في تكوين المنظر مع محاولته في الاتجاه إلي التجريدية التعبيرية التي تختزل فقط التفاصيل المهمة للمشهد ولكنها تحافظ علي الخطوط العريضة والملامح الأساسية التي تعكس انفعال الفنان بهذه المشاهد المحببة إلي نفسه والتي عبر عنها من خلال خيال رومانسي يتصف بخصوصية شديدة في ابداع الفنان ورؤيته الذاتية التي لا ينافسة فيها أحد والمتابع لإبداع الفنان محمد الطراوي يلاحظ جيدا ما يضيفه الفنان من جديد في المشهد الابداعي والتكوين الجيد في التعبير عن ملامح المناطق التي يفضل الابداع من خلالها وهي القري والنجوع والصحاري والبحار, وفي حالة إبداعية حالمة ولا ننسي تطور المعالجة التقنية في استخدام خاصية الألوان المائية من التنوع في ساعات النهار ليعكس علي المشاهد اختلافات جوهرية وهو ما يشعر المتلقي بالجديد الذي يقدمه الطراوي في كل معرض فهو لا ينقل المنظر كما هو موجود في الطبيعة ولكنه ينتقل إلينا المنظر من خلال رؤيته الخاصة وخياله وثقافته ومخزونه الثقافي وسيطرته القوية علي أدواته فهو يتعامل مع الفرشاة والألوان كأنها آلات موسيقية يعزف من خلالها سيمفونية رومانسية تعكس حس الفنان المرهف العاشق للطبيعة المصرية, وهو أحيانا يحاول الالتزام بالتعبير عن المكان من الناحية الجغرافية وأحيانا يستعيد إلينا مناظر خلوية باستدعاء ذكرياته البصرية المسكونة في الطبيعة المصرية فلماذا كانت فلاشاته لا تستطيع أن تخفي خبرته في العزف علي أوتار الألوان في تباين درجات الألوان الباردة والساخنة والشفافة والقاتمة هو حوار مستحدث الحرفية العالية وخصوبة الخيال والرؤية الشاملة للطبيعة فهي رؤية ابداعية تجمع بين الوصف والتعبير يطلق عليه لقب' فارس الألوان المائية' فهي تشبهه وهو يشبهها في الشفافية والتلقائية والحساسية, فهو يعشق هذه الخامة الصعبة التي لا يتجاوز عدد ممارسيها بمصر أصابع اليد الواحدة, فهو كفنان له أسلوب خاص وخصوصية في ابداعه تجاه الألوان المائية تلك الخامة الحساسة جدا في الابداع ومن خلالها نجح الفنان إلي حد بعيد في التعامل معها وتطويعها لموهبته وخياله ولصياغته الخاصة جدا. فقليلة هي أسماء الفنانين الذين تصدوا للتلوين بالألوان المائية باعتبارها خامة عنيدة تتطلب مهارات وقدرات استثنائية, بل تستعصي علي من لا يمتلك مفاتيحها المغلقة حيث تنفرد بطرق وسبل خاصة للتعامل من بين الألوان عامة وبأنها صاحبة اللمسة الواحدة المؤثرة الطازجة التي لا يصلح معها الإضافة أو التراجع أو الحذف, أو الإلغاء, بعد اتخاذ قرار الصياغة الأولي للمساحة المراد تلوينها. وكما يقول محمد طراوي أن الخامة هي التي تختار الفنان, وليس الفنان هو الذي يختار الخامة, وإلا لن تبوح له بأسرارهاخاصة ألوان المياه, التي لها تكنيك صعب المراس وممارسوها لا يعدون علي أصابع اليد الواحدة في مصر وفي العالم العربي, لأنها ألوان صعبة الترويض, فخامة الألوان المائية تتسم بعدة مفاهيم,منها السيولة, والشفافية, وارتطام الفرشاة بسطح العمل الفني يشع لمسات ليس لها إطار, بخلاف الخامات الأخري المحددة الإطار, فهي منفلتة, تتشرب سطح المسطح الورقي, كما أن اللون الموجود في الباليته, مختلف عن الدرجة اللونية التي أريدها علي المسطح الورقي, مما يشكل إشكاليات لا يسيطر عليها سوي الفنان المبدع الذي تبوح له الخامة بأسرارها. والفنان محمد الطراوي من مواليد1956 بالقاهرة وحصل علي بكالوريوس كلية الفنون الجميلة قسم جرافيك1980 والدكتوراه الفخرية من الأكاديمية الفنية بطشقند وهو رسام صحفي بمجلة صباح الخير( مؤسسة روز اليوسف) وأقام العديد من المعارض الخاصة منذ1994 وجتي الآن شارك في المعارض الجماعية في مصر والخارج. وقد حصل محمد الطراوي علي العديد من الجوائز المحلية.