برغم أن تجربة فصل إنتاج الخبز عن توزيعه نجحت إلي حد كبير في القضاء جزئيا علي تسرب أو تهريب الدقيق المدعم, لكنها لم تنجح في القضاء علي الطوابير التي انتقلت من أمام المخابز الي الأكشاك.. كما لم تنجح في تحسين جودة رغيف العيش الذي لا يصلح معظمه للاستهلاك الآدمي.. واذا كانت الطوابير لا تتوقف ولا تنتهي الآن.. فماذا سنفعل في شهر رمضان المبارك الذي يزيد فيه الاستهلاك؟ يقول أحد المواطنين: كنا نقف في طابور طويل أمام الفرن للحصول علي الخبز ثم انتقل هذا الطابور الي الكشك, أي أن موضوع فصل الانتاج عن التوزيع في الرغيم المدعم لم يحل مشكلة الطوابير التي مازالت موجودة لدرجة أن المواطن يقف ما بين نصف ساعة وساعة للحصول علي احتياجاته من العيش, كما أن نوعية الرغيف وجودته لم تتحسن فهل يمكن حل هذه المشكلة؟ وتري ربة منزل أن مشكلة الطوابير مزمنة ليس لها حل, خاصة في المناطق الشعبية المزدحمة, وتقول: لابد أن أذهب مبكرا للكشك حتي أحصل علي الخبز دون زحام. أما بالنسبة لنوعية الرغيف, فهي تختلف من فترة لأخري, أحيانا يكون الدقيق أبيض اللون وبالتالي يكون الرغيف صالحا للأكل, وفي أوقات أخري نجد لون الرغيف أسمر كأنه مخلوط بتراب ويأبي الحيوان أن يأكله وليس البشر. أما الرغيف الطباقي الذي يقال انه يباع بعشرة قروش أو20 قرشا فهو غير موجود, بل نجد التجار يبيعون علي الأرصفة أرغفة بربع جنيه ونصف جنيه. واذا أردت أن أشتري عشرة أرغفة حجم الرغيف هو نفس حجم المدعم لكن الفارق نوعية الدقيق وأنه مخبوز بشكل جيد. ويجب توزيع أوقات عمل المخابز في كل منطقة حتي يتوافر الخبز للمواطنين علي مدار اليوم, أم أن الحكومة تساعد في رواج تجارة الخبز السياحي لمن يربحون أرباحا خيالية علي حساب محدودي الدخل. يقول سليمان عبدالعال( صاحب مخبز بلدي في السبتية), نحن الآن ليس لنا علاقة ببيع العيش, بل نقوم بإنتاج الحصة المقررة لنا من مديرية التموين وتقوم الشركة من خلال الكشك بتوزيعها, الأول كنا نبيع للمواطنين ونعرف كل فرد ولا يحصل نفس الشخص علي الخبز أكثر من مرة, الآن صاحب الكشك قد ينسي ويبيع أكثر من مرة لمواطن واحد, وطبعا الطوابير موجودة, لكن المشكلة اذا قمنا بتسليم دفعة من الخبز ونسي المستلم أن يسجلها في الدفتر هذه مشكلة لان حملة التموين وقتها تتهمني بعدم تسليم الانتاج بالكامل لذلك لابد أن أتأكد من تسجيل كل دفعة تخرج من المخبز وتدخل الكشك لأن السهو وارد في ظل الزحام, وكل عشر دقائق يتم تسليم ما تم انتاجه من الخبز. وبالنسبة لشهر رمضان الكريم لا تزيد حصة الدقيق التي تصرف لنا بل تظل كما هي لكن المواعيد هي التي تتغير. ويقول أحمد عيد( صاحب مخبز في باب الشعرية): الرغيف المدعم من حق المواطن البسيط أن يجده وبوزنه المحدد وبجودة تجعله صالحا للأكل, وهذا يحدث لو شعر كل فرد بأمانة هذه المسئولية. فأنا كصاحب فرن اتسلم يوميا حصة دقيق22 جوالا لابد أن أنتجها وأسلم للكشك22 ألفا و880 رغيفا, واذا نقصت الكمية المنتجة أو ساءت حالة الرغيف مفتش التموين لا يحاسب العامل بل صاحب الفرن مع أن العامل في حد ذاته مشكلة. نحن الآن لا نجد عمالة بعد توقف مركز تشغيل عمال المخابز الذي كان يخرج هذه النوعية من العمالة, أصبح العامل الموجود يتدلل علي صاحب العمل. مسألة جودة الرغيف متوقفة علي نوعية الدقيق وهذا ليس لنا دخل فيه حيث تتنوع مصادر الحصول علي القمح والطحين, العامل نفسه لابد أن ينتج الجوال في نصف ساعة مثلا ومع ميكنة الأفران تغيرت جودة الرغيف وعامل السرعة يؤثر ونحن لا نستطيع أن نبطيء لأن التموين سيف مسلط فوق رأسي يمسك لي علي الواحدةويحاسبني. وعن الخطوات التي اتخذتها وزارة التضامن من أجل توفير رغيف مدعم جيد للمواطنين في رمضان, يقول درويش مصطفي( وكيل أول الوزارة): تم تعديل مواعيد المخابز حتي تكون كثيفة الانتاج في الفترة من الساعة الثانية حتي صلاة المغرب وهي الفترة الصباحية, في نفس الوقت تعمل مخابز أخري في الفترة المسائية بعد الافطار وحتي ما قبل السحور, أي نفس معدلات الانتاج لكن التعديل في المواعيد لضمان توافز الخبز لوجبتي الافطار والسحور, وسنحاول تشديد الرقابة علي المخابز بالتعاون مع مباحث التموين لضمان ضبط أوزان الرغيف, كذلك مواصفاته من حيث الجودة. وعن تقويم تجربة فصل إنتاج الرغيف المدعم عن توزيعه وإنشاء شركة متخصصة لتوزيع الخبز وتوصيله للمنازل, في بعض المناطق يقول اللواء سالم حمدي( المدير العام التنفيذي لشركة المصريين للتوزيع والخدمات): بدأنا هذه التجربة في البداية في منطقتين بالسادس من اكتوبر ومايو والشيخ زايد بعد ذلك طبقت في الزيتون وحاليا التجربة مطبقة في أربع محافظات هي القاهرة والجيزة واكتوبر وحلوان وتم فصل الانتاج عن التوزيع تماما ويوجد1875 كشكا ومنفذ توزيع علي مستوي هذه المحافظات الأربع وننقل24 مليون رغيف من الأفران لمنافذ البيع وتوزيعها علي المواطنين. إذن التجربة تطورت وتوسعت من500 موزع الي4500 عامل نقل وتوزيع وزيادة عدد التريسكلات التي تنقل الخبز, وعندما تم عمل استقصاء رأي المواطنين عن هذه التجربة من خلال الاستقصاء في مركز معلومات مجلس الوزراء, اتضح رضاء70% من المواطنين عن الموضوع وقمنا نحن كشركة بعمل استقصاء وكانت نسبة الرضا أعلي حيث أصبح الخبز متوافرا في معظم المناطق. لكن مازالت الطوابير موجودة وجودة الرغيف مفقودة! يعلق اللواء سالم حمدي قائلا: لو رجعنا بالذاكرة لعام2007 قبل إنشاء الشركة وفصل الانتاج عن التوزيع كانت تحدث جرائم وحوادث في الطوابير والزحام لا ينتهي والرغيف غير متوافر لأن نسبة تسرب الدقيق المدعم وبيعه في السوق السوداء من جانب بعض أصحاب المخابز كانت تتعدي25% الآن هذه النسبة لاتزيد علي5%. ومن المفترض ألا نتسلم الخبز من الفرن إلا بجودة معينة لكن مع الضغوط وزيادة الطلب علي العيش نضطر لقبول الانتاج وعدم رفضه لكن يتم ابلاغ ادارة التموين اذا تكرر انتاج خبز سيء لكن يتم اتخاذ اجراءات ضد هذا المخبز وفي الغالب يتم سحب حصة المخالف وتوزيعها علي المخابز الأخري الأفضل انتاجا. إذن الشركة حققت ايجابيات, أما السلبيات التي مازالت موجودة فلدينا الآن إدارة كاملة للتفتيش علي درجة من الخبرة تقوم بحصر أماكن الشكوي من تسرب الدقيق أو عدم جودة الخبز وبالتعاون مع وزارة التضامن ومن خلال مفتشين لديهم سلطة الضبطية القضائية يتم مراقبة الأكشاك واكتشاف أوجه الخلل وابلاغ مديريات التموين لاتخاذ ما يلزم تجاه المخالفين طبقا للعقد المبرم بين وزارة التضامن والمخابز, وهناك محلات يومية للقضاء علي السلبيات الموجودة, لكن أتمني علي الجانب الأخري أن تختفي السلبيات المجتمعية. ونحن بدورنا نحاول رفع كفاءة المنظومة سواء من حيث الامكانات والمعدات أو العنصر البشري والصيانة ورفع الكفاءة, وحاليا هناك فصل بين الإنتاج والتوزيع للخبز بنسبة90% ومع انتهاء السنة المالية سيحدث فصل كامل بنسبة100% وتوزيع36 مليون رغيف يوميا بدلا من24 مليون رغيف حاليا, كما سندرس تعميم التجربة في محافظات أخري علي مستوي الجمهورية ويهتم الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن بموضوع انشاء مجمعات خبز كبيرة تنتج نصف مليون رغيف خبز مدعم يوميا علي مستوي عال من حيث مقاييس الجودة المتعارف عليها في التموين, وحاليا في مرحلة التحضير ونهدف لتكون علي أحدث النظم العالمية من حيث الميكنة وستدخل حيز التنفيذ في محافظة القاهرة وتعمل جنبا الي جنب مع المخابز الموجودة. انخفاض الاستهلاك 40% في رمضان الطريف أن كمية الخبز المستهلكة في رمضان تكون أقل من الأيام العادية وتنزل بنسبة40% اذ إن استهلاك المواطنين يقتصر علي وجبتي افطار وسحور وهناك بدائل مثل الأرز والمكرونة وقد لاحظنا ذلك في العام الماضي وما قبل الماضي, واتضح بالفعل انخفاض الاستهلاك للخبز خلال الشهر الكريم.