في رسالته المعنونة لماذا ينحرفون؟ نكأ الاستاذ محمود عبدالغفار الطماوي المحامي جرحا غائرا فيما يتعلق بأسباب تفشي الظواهر الاجرامية, وقد عدد ثمانية أسباب أتفق معه فيها قاطبة إلا السببين الأول والثامن المتعلقين بوجوب مساءلة الأب عن أفعال نجله الاجرامية, وقبول بعض المحامين الدفاع عن المجرمين واستغلال الثغرات القانونية. أما عن السبب الأول فهو مردود بالمنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية وما تواترت عليه شروح فقهاء القانون من أن الجريمة والعقوبة شخصية, فلا يستساغ مساءلة الأب عن أفعال بنيه, وهو الأمر الذي يتكفل به قانون جرائم الاحداث, ومن بعده قانون الطفل في حالة ارتكاب الجرائم المقترن بصغر السن, ناهيك عن عدم تصور إبلاغ الأب عن جرائم نجله لعلتين إحداهما غريزية تنطوي علي مشاعر الحنان الأبوية, وثانيتهما المانع الأدبي المقرر بمقتضي القوانين والذي يمنع شهادة الأصول علي الفروع. أما فيما يتعلق بقبول بعض المحامين الدفاع عن المجرمين فهو للأسف الشديد مقرر بمقتضي الدستور الذي هو أبو القوانين وكذلك بصريح نصوص قانون الإجراءات الجنائية, وفقا لآخر تعديلاته التي أوجبت علي سلطة التحقيق عدم استجواب المتهم في بعض الجرائم إلا بحضور محام, وفي حالة عدم وجود مدافع عن المتهم فإن النيابة أو المحكمة حسب الأحوال تتولي انتداب محام للقيام بهذا الدور, وما يعنيه ذلك من استحالة رفض جميع المحامين مثل هذه القضايا المشبوهة لأن النتيجة في النهاية واحدة. ولئن كانت هذه النصوص تعد لا مراء في ذلك ضمانة حقيقية للمتهم إلا أنها في الوقت نفسه تغل يد نقابة المحامين عن مساءلة من يترافع في تلك القضايا اللهم إلا من زاوية الخطأ المهني الجسيم. وبشكل عام فإنه لايمكن القضاء علي الظواهر الإجرامية إلا بترسيخ الوازع الديني في المجتمع ابتداء بالبيت والأسرة, مرورا بالمدرسة والجامعة وانتهاء بالشارع الذي يقع عليه العبء الأكبر في تهذيب المجتمع وتنقيته من الشوائب سمير علي حسنين المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة