كانت اسطنبول علي موعد مع حدثين موسيقيين تزامنت لياليهما معا, أولهما هو بدء فعاليات مهرجان الأوبرا في خطوة هي الاولي من نوعها التي يشهدها الاناضول. أما ثانيهما فهو إحتفالية الجاز والتي تقام في مثل هذا الوقت من كل عام. ولأن اسطنبول هي مدينة الثقافة الاوروبية للعام الحالي, فقد عكف القائمون علي الشأن الثقافي في البحث عما هو جديد وبحيث يتناسب مع مكانة المدينة, فجاءت فكرة أن يقام مهرجان للأوبرا وكان يحدوهم في ذلك تحقيق أكثر من هدف منها تقريب هذا النوع من الفنون للشباب وهذا ما بدا واضحا للعيان من إقبال تجاوز ما كان يطمح له المسئول الفني للمهرجان ياكتا كاراYektaKara والذي كان يأمل أن يشاهد30 الف متفرج عروض المهرجان علي مدي لياليه التي أمتدت إلي ثلاثة أسابيع في حين جاءت الحصيلة متجاوزة45 الف متفرج. وكان هناك هدف آخر وهو خلق علاقة بين الاماكن الاثرية وهذا الفن الرفيع, فلم تكن مصادفة أن تقام كافة الامسيات بين جنبات منطقة السلطان أحمد المطلة علي البوسفور حيث المتحف الأركيولوجي, وآية صوفيا, وتوب كابيه, وحريم السلطان, وعلي ضفاف الاخير اصطف الجمهور في بهو هائل مكشوف ليشاهد ويتأمل مأساة الاميرة الحبشية في أوبرا عايدة للإيطالي' جوزيبي فيردي'1813 1901). زاد من زخم الاجواء الاوبرالية أنه في الوقت الذي كان يسمع فيه الجمهور اعمالا مختارة من الاوبرا الايطالية في القرن التاسع عشر لجواكينو روسيني(1792 1866) و فينشينسو بيليني(1801-1835), ومن القرن العشرين بلاسيدو دومينجو والايطالي الراحل ليوتشيانو بافاروتي(1935 2007), كان أوركسترا اسطنبول الفيلهارموني صاحب إفتتاح مهرجان الموسيقي الكلاسيكية في دورته التسعين بمدينة سالزبورج النمساوية والتي بدات يوم الاحد قبل الماضي في سابقة هي الأولي. أما ليالي موسيقي الجاز التي لم تفصلها عن مهرجان الاوبرا سوي ليلتين فقط فقد انطلقت أنغامها علي المسارح المكشوفة و حفلت بإبداعات شتي شارك فيها أكثر من300 فنان يمثلون أنحاء مختلفة من العالم, في مقدمتهم توني بينت و ليزا اكدهال و اميجون هياب و شيك كوريا و كريستيان ماك بيراد ولاري جيرهام والبيانيست الشهير ميلس ديفيز, واسطورة الايقاع روي هانز, بجانب الفنانين الاتراك أمثال: سيبل كوسا وميليس سوكمن وفايزة ارين وعمار ديميرير ونشأت روجان, ولأن الحاضر لا يمكن له أن ينفصل عن الماضي استمتع عشاق الجاز بتنويعات تراوحت مفرداتها اللحنية من الديسكو إلي الروك وتنتمي جميعها إلي حقبة السبعينيات من القرن المنصرم, وفي سياق الماضي نفسه ومن خلال عرض جميل شدت الكندية مارتا وين رايت بعضا من أجمل اغاني الفرنسية الراحلة أديث بياف. وعلي مسرح جميل توبوزلو ومثلما حدث في العام الماضي حينما اختتمت ليالي الجاز بشدو الكندي الشهير ليوناردو كوهين, ها هي الدورة السابعة عشرة من المهرجان وقبل أن تسدل الستار علي فعالياتها, تقدم مسك الختام, نجم المهرجان البريطاني المولود في لندن عام1963 والذي يعد احدا من أهم أصوات موسيقيSoul هنري سيل وقد عرف كيف يستولي علي أفئدة الحضور الذين تجاوز عددهم الخمسة الاف متفرج وذلك بإطلاق تحياته باللغة التركية معبرا عن عشقه الطاغي لاسطنبول ثم قوله أن التركية لغة موسيقي بعدها راح يغني أجمل أغانيه.