كتب: طارق الشيخ في شهر يوليو2010 وقبل ساعات من بدء المناورات الأمريكية الكورية الجنوبية المشتركة خرجت الصحف البريطانية تحمل انباء عن تدهور صحة بل وقرب وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج إيل. وماهي الا دقائق حتي كان الخبر يسري علي شبكة الإنترنت الي العالم وقلب كوريا الشمالية ذاته..ولكن تكشفت الخدعة فقد كان الأمر مجرد شائعة جديدة تم بثها لإرباك الرأي العام الكوري الشمالي في ذلك التوقيت. الرؤساء المصري مبارك والأمريكي اوباما والفرنسيان ميتران وساركوزي والكوري الشمالي كيم جونج ايل والزعيم الكوبي فيدل كاسترو والقادة السوفيت والروس من ستالين حتي يلتسين والصينيين ايضا..وغيرهم كثر تعرضوا جميعا لأذاها وتجاوزوها كل بطريقته..انها قنبلة الشائعة. فكلما زاد ما للزعيم من ثقل وتأثير زادت الأضواء المسلطة عليه وكثر حوله الكلام والثرثرة وهو امر طبيعي ومنطقي اما الجانب السلبي فيتمثل في لجوء المنافسين أو الأعداء الي سلاح الدعاية وتحديدا لسلاح الشائعات لهز صورة الزعيم امام شعبه او امام العالم لتحقيق هدف ما. وقد تعرض غالبية قادة العالم لشائعات تنال من حالتهم الصحية القليل منها لإكتساب المزيد من الشعبية وإختبار محبة الجماهير للقائد مثل الزعيم الروسي الأسبق بوريس يلتسين والكثير منها وهي الحالة الأكثر شيوعا لإثارة القلق بين الناس وايجاد قدر من عدم الثقة فيما تبثه وسائل الإعلام المحلية ومن ثم تهتز الثقة في الحكومة تمهيدا لتحول الآذان والعيون والعقول الي اجهزة الإعلام الخارجية لتؤثر فيها كيفما شاءت استنادا لشغف الجماهير بالبحث عن الحقيقة والتنبؤ بالمستقبل الغامض.واحيانا ما تستخدم تلك الشائعات في تحقيق هدف اقتصادي. وقد عرف العالم بأسره شتي انواع الدعاية والدعاية المضادة اثناء حقبة الحرب الباردة.فعلي سبيل المثال لا الحصر عندما ظهر الخلاف بين ستالين والغرب بعد نهاية الحرب العالمية الثانية انطلقت الشائعات من الغرب لتؤكد مرارا وتكرارا وعلي مدي سنوات عديدة متعاقبة اقتراب موعد وفاة الزعيم السوفيتي في محاولة لزعزعة الإستقرار في المعسكر الشرقي المنافس.وظلت وسائل اعلام الولاياتالمتحدة تؤكد بشكل متقطع علي مدي عقود ان صحة الزعيم الكوبي كاسترو متدهورة وهو حي يرزق حتي اليوم بعد وفاة عدد من الرؤساء الأمريكيين الذين عاصرهم! ولكن المثير للإهتمام ان عالم المعارك الدعائية ذات الطابع السياسي قد تطور تماشيا مع التطور الشامل لشتي المجالات والوسائل الدعائية والإعلامية في العالم..ويؤكد الخبراء اننا نعيش اليوم في عصر ما يعرف ب قنبلة الشائعة. وطبقا لما اعلنه جيسون هاريسون صاحب تلك النظرية عام2006 فإن قنبلة الشائعةتختلف عن الشائعات التقليدية التي تنتقل عبر ناقل الشائعة من شخص الي شخص في الأماكن العامة او عن طريق خبر صغير في جريدة.فوفقا للنظرية الجديدة فإن تطور وسائل الدعاية والإعلام من راديو وتليفزيون وتكامل البيئة الإعلامية عبر استخدام الوسائل المتطورة تكنولوجيا في نقل المعلومات مثل شبكة الإنترنت والفيس بوك والبريد الإليكتروني وتكنولوجيا الإتصال الأخري مثل التليفون المحمول ورسائله القصيرة وكاميراته الرقمية ودخول عنصر التصوير( صور وافلام)في ترويج الشائعة اضفت جميعها بعدا جديدا للشائعات اثناء مراحل إعدادها وبثها ثم نشرها وسرعة الإستجابة الجماهيرية لما تحمله من معلومات مغلوطة. فقد فوجئ متابعو الإنترنت عام2008 علي أحد المواقع الإعلامية الشهيرة بقيام احد رواد الموقع بإذاعة خبر يشير الي اصابة الرئيس التنفيذي لشركة أبل بنوبة قلبية وانه يحتضر.وعلي الفور ظهرت علي الشاشة انباء تراجع قيمة سهم الشركة في سوق المال..وقد تسببت تلك الشائعة في خسائر للشركة وحملة اسهمها نظرا لسرعة اذاعة الشائعة علي اكثر من وسيلة اعلام واتصال مما ادي لسرعة تقبل الجماهير لها. وقد وضع جيسون ملامح رئيسية ل قنبلة الشائعة وهي:تزايد تداول المعلومة دون مراعاة لدقتها وسلامة ادلة مصداقيتها.وجود مستوي مرتفع من القلق وعدم التأكد لدي الجماهير تجاه جماعة سياسية او قضية او شخص ما.التستر وراء شخصيات وطنية اومناصب رفيعة مجهلة الإسم( مثل عبارة.. ذكر مسئول بالأمم المتحدة رفض الإفصاح عن اسمه) مما يسهل من ترويج الشائعة ويضفي عليها قدرا من المصداقية الخادعة لدي المتلقي.سعي صانع الشائعة لتوليد وانتاج احداث ما مثل تمرد او خسائر اقتصادية.اما الملمح الأخير والحاسم فيتمثل في سرعة نشر الشائعة عبر الوسائل الاليكترونية الرقمية فالشائعة تظهر علي الانترنت وشريط الأخبار في التليفزيون وعبر الرسائل القصيرة وفي تنويهات الإذاعة التقليدية او عبر الإنترنت والمحمول دفعة واحدة وهو ما يحدث تأثرا يشبه الإنفجار المعلوماتي المغلوط. ..اما عن كيفية المواجهة فتتمثل في ان تكون اما بطرق رمزية غير مباشرة مثل الظهور امام وسائل الإعلام لتأكيد الصحة الجيدة او بطرق مباشرة مثل كشف مصادر الشائعة والهدف الحقيقي للجهة التي بثتها او ب تطعيم المجتمع ضد الشائعات علي المدي المتوسط والبعيد.