أتيحت لي فرصة ثمينة حين كلفتني منظمة الايسيسكو بتمثيلها في الورشة العلمية حول تقدير حساسية الشعاب المرجانية للضغوط البيئية, وتأثيرات التغير المناخي منتصف يونيو الماضي بمدينة الغردقة, فكان ذلك اول تلامس حقيقي بتلك المعلومات الهائلة التي قدمتها نخبة من الخبراء في عالم البحار ينتسبون الي الهيئة الاقليمية للمحافظة علي بيئة البحر الاحمر وخليج عدن بيرسجا وهي هيئة حكومية تضم مجموعة الدول العربية التي تطل علي البحر الاحمر, اقول بحق عرفت وتعلمت ان عالم الشعاب المرجانية عالم عظيم وجديد. والشعاب المرجانية واحدة من ابهي وأعجب مخلوقات الله, فهي عبارة عن هياكل ضخمة من الحجر الجيري, وتمثل مأوي لأكثر من ربع الكائنات البحرية المعروفة بها أكثر من4000 فصيلة مختلفة من السمك, و700 فصيلة من المرجان, وآلاف النباتات والحيوانات الاخري , والمرجان الذي يعتقد خطأ انه نوع من انواع الحجر او النبات, ما هو الا الهيكل العظمي لنوع من انواع الكائنات الحية, والذي يعرف بالبولب المرجانCoralPolyp, وهو حيوان لا فقري, يتبع فصيلة القناديل البحرية, ويتكون من جسم كيسي الشكل, به فم محاط بمجسات لادغة, ويكون لنفسه هيكلا حجريا واقيا, باستخدام كربونات الكالسيوم الموجودة في البحر. وتغطي كل شجرة مرجانية الاف البوالب, لذا يطلق عليها مستعمرة, وتستكين البوالب المرجانية داخل هياكلها العظمية طوال النهار لتخرج ليلا من اجل اصطياد الطعام اما عن طريق اصطياد ما يعرف بالعوالق الحيوانية وهي حيوانات غاية في الصغر طافية في مياه البحار فتمد البوالب مجساتها لتصطاد تلك العوالق, ثم تضعها داخل فمها ليتم هضمها داخل المعدة, او عن طريق طحلب احادي الخلية يسمي زوزانثللي اذن وببساطة, فان الشعاب المرجانية هي عالم من مجتمعات مختلفة تعيش معا خلال شبكة معقدة من التفاعلات البيئية, حيث يتم بناؤها بواسطة حيوان بدائي بسيط يسمي المرجان او البوليب, هذا ويتراوح معدل نمو الشعاب المرجانية بين0.5 و3 سم في السنة, باستثناء بعض الانواع سريعة النمو مثل اكروبورا هاياسينثاس. وتلعب الشعاب المرجانية دورا هاما في حياتنا. حيث تزودنا بالغذاء الضروري كما تؤدي وظائف معينة مفيدة للغاية. وتوفر لنا طعاما شهيا من الاسماك والحيوانات الاخري, كما انها تقوم بمهام أخري مثل حماية الشواطئ من العواصف, وتوفر اماكن حماية للسباحة والاستمتاع وتعتبر الشعاب المرجانية مكانا جيدا لجميع انواع أسماك الشعاب التي تعيش وتتكاثر بها حيث توفر لها الطعام والمأوي فكل نوع من الاسماك يحتاج الي نوع مختلف من الشعاب. وتمتلك مصر حوالي1800 كم من خط الشاطيء,3800 كم2 من الشعاب المرجانية في المياه الاستوائية لساحل البحر الاحمر, وتعتبر نسبة الغطاء المرجاني عالية نسبيا في مصر متراوحة بين2% و62% علي طول الميل المرجاني, كما تعتبر الشعاب المرجانية ذات قيمة خاصة للاقتصاد المصري لقربها من ملايين السائحين القادمين من اوروبا. لقد أدت تأثيرات الانشطة البشرية الي خفض نسبة الغطاء المرجاني في بعض الاماكن بمقدار30%, كما ان حوالي61% من شعاب مصر تعتبر في خطر شديد من التأثيرات البشرية طبقا للتقديرات الحديثة, وقد بينت احدي الدراسات الحديثة انه في المواقع التي يكون فيها عدد الغواصين اكثر من الطاقة الاستيعابية, يتناقص الغطاء المرجاني تدريجيا مع الوقت, كما ان عدد10000 غواص موقع عام كحد اقصي يمكن ان يمنع التدمير الشديد, وتشير بعض التقديرات إلي ان بعض مواقع الغوص العامة في الغردقة تستضيف اكثر من100000 غواص موقع عام, وهذا بسبب مشكلة تستوجب خفض عدد الغواصين الي معدلات الطاقة الاستيعابية مع رفع القيمة المادية لكل سائح بما يخدم التنمية السياحية المستدامة, ويمكن حماية الشعاب المرجانية بتوحيد الجهود وتوعية المجتمعات الساحلية باهمية الشعاب المرجانية المتعافية, وعدم استخدام تقنيات الصيد المدمرة وتنمية وسائل معيشية بديلة وكذلك بتطبيق برامج الحماية وانشاء المحميات الطبعية, وهي لا تمنع التلوث القادم من الخارج ولكنها تساعد في ضبط الانشطة البشرية في مناطق الشعاب المرجانية والتي تعتبر ذات اهمية اقتصادية وعلمية خاصة.