«النواب» يوافق على قبول اعتراض رئيس الجمهورية على «الإجراءات الجنائية»    البنك المركزي يقرر خفض أسعار العائد الأساسية بواقع 100 نقطة أساس    أسقفية الخدمات عضو التحالف الوطنى تنفذ دورة لتعليم الكبار بقرية سلامون بسوهاج    ترامب يشن هجوما على الديمقراطيين: يريدون إعطاء أموال الأمريكيين للمجرمين (تفاصيل)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    قلق فى ليفربول من غياب طويل محتمل ل محمد صلاح    تواجد بن رمضان وحنبعل.. قائمة تونس لمواجهتي ساو تومي وناميبيا في تصفيات المونديال    مشاهدة مباراة الأهلي وماجديبورج بث مباشر في كأس العالم للأندية لليد.. صراع البرونزية    المنصورة يفوز على مالية كفر الزيات.. وبروكسي يتعادل مع الترسانة في دوري المحترفين    الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الجمعة 3 أكتوبر 2025 وتفاصيل درجات الحرارة    قرار عاجل من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2028 (الباقين للإعادة)    البحيرة تخصص مقرا دائما للهيئة العامة للكتاب بدمنهور    في الذكرى ال838 لفتح القدس.. «صلاح الدين» مدرسة في الوحدة والرحمة والانتصار    «هل الأحلام السيئة تتحقق لو قولناها؟».. خالد الجندي يُجيب    انطلاق النسخة التاسعة من مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال 30 يناير    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    البابا تواضروس الثاني يلتقي رهبان دير القديس الأنبا هرمينا بالبداري    جامعة أسيوط تحتفل بتخرج الدفعة 39 من كلية التمريض.. وتُكرم المتفوقين    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    الكرملين: الاتصالات بين الإدارتين الروسية والأمريكية تتم عبر "قنوات عمل"    مخاوف أمريكية من استغلال ترامب "الغلق" فى خفض القوى العاملة الفيدرالية    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    لأول مرة.. الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    عرض خيال الظل مصر جميلة وفيلم حكاية عروسة يفتتحان الدورة الأولى من مهرجان القاهرة لمسرح العرائس    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    السيطرة على حريق فى سيارة مندوب مبيعات بسبب ماس كهربائي بالمحلة    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    ياسين منصور نائبًا.. محمود الخطيب يعلن قائمته النهائية    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    السفير التشيكي يزور دير المحرق بالقوصية ضمن جولته بمحافظة أسيوط    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هووهي
عروستي‏!!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 07 - 2010

اعذري جهلي وسمعي يا روحي وقولي لي من تاني اسم عروستك؟‏..‏ أف يا تيتة قلت لك اسمها مايلي‏..‏ حقك علي يا غالية أصل اسمها تقيل علي وداني وكل ما أنطقه أحس إني هاتمة ومن غير أسنان‏. أو أني أشكو من ميلة بختي‏,‏ أو إني أعلن علي الملأ أن كل واحد يميل علي الجنب اللي يريحه‏..‏ وأتاري المدعوة مايلي عروسة حفيدتي تعد أحدث عروسة في عالم الصغيرات لأنها النموذج المصغر لنجمتهن المفضلة مايلي سايروس بطلة أفلام ديزني في دور هانامونتانا التي ترقص وتغني وتغير من موضاتها فتقلب جميع أوضاع صغيرات الكون تماشيا معها‏.‏ وتجلس حلوتي بأصابع النشء المعجزة في تعاملها مع الكمبيوتر والنت تبدل وتغير علي الشاشة من مظهر مايلي كما يتراءي لها‏,‏ بالشينيون وفستان السهرة وزي الكاوبوي ومغنية البوب عازفة الجيتار‏..‏ ومن قبل مايلي كانت ومازالت هناك العروسة باربي التي احتفلت هذا العام ببلوغها الخمسين‏,‏ حيث يحق لها أن تفخر لعدم ظهور أية تجاعيد علي بشرتها‏,‏ بل لم يزد وزنها كيلو جراما واحدا علي ما كانت عليه منذ هبوطها للأسواق علي يد مخترعتها الأمريكية روث هاندلر التي أطلقت عليها اسم التدليل لابنتها باربارا‏..‏ باربي التي بيع من نماذجها منذ نشأتها حتي الآن ما يكفي لصنع حزام باربيري يدور حول العالم عشرين مرة‏..‏ باربي التي طوحت بميزانية العيلة علي مدي اثنتي عشر عاما سن الحفيدة لأنها العروسة المتجددة دوما‏,‏ وكل ما تطلع باربي في تقليعة جديدة تبعا للمناسبات العالمية تمتلئ العيون الحلوة برقرقات دموع فتنضم علي الفور للمجموعة المتفجرة الأنوثة باربي رائدة الفضاء‏,‏ وباربي الممرضة‏,‏ وباربي في أشهر ملابس نجمات هوليوود مثل مارلين مونرو واليزابيث تايلور في زي كليوباترا‏,‏ وباربي بطلة الأيروبيك‏,‏ وباربي في مسلسل تقاليعها بالوشم وفستان الزفاف الأسود‏..‏
وعندما ارتفع معدل اعتراضنا علي مظهر باربي إلي جانب سعرها بالقول بأن أنوثتها الطاغية قد أيقظت مبكرا أحلام المراهقة عند صغيراتنا بكل ما فيها من جموح وميول استعراضية‏,‏ وأنها قضت علي نموذج العروسة التي تستثير عواطف الأمومة لدي الصغيرة لتشب أما مثالية‏,‏ وأنها عروسة أنانية لا شغل لها ولا مشغلة في حياتها الأبهة سوي بسياراتها الفارهة وفيلاتها الباذخة وديكوراتها الصارخة وأزيائها الباهظة‏,‏ وأحذيتها التي بلغ حجم مبيعاتها في العام الماضي وحده مليار حذاء‏..‏ العروسة اللعوب التي تعرضت لألسنة الهجوم وعلي رأسها المنظمات النسائية الدولية في أمريكا والعالم أجمع التي تنادي بأن المرأة ليست سلعة تباع وتشتري‏,‏ ومن هنا لاحق في ظهورها كأداة ترغيب لتسويق المنتجات المختلفة‏..‏ وعلي الجانب الآخر كانت هناك ثورة تزعمها الأطباء لأن الصغيرات يرفضن الطعام متشبثات برشاقة باربي مثلهن الأعلي‏..‏ فإن باربي إزاء تلك النغمات العدائية بادرت فقطعت الطريق علي مهاجميها بنزولها إلي الأسواق وإلي دولاب حفيدتي بالتايير الكلاسيك الوقور وحقيبة أوراق تضم آلة حاسبة‏,‏ بل تتخلي عن الكثير من نفقاتها لتقف في مطبخها بالمريلة لطهي طعامها بنفسها‏,‏ والجلوس بالساعات أمام التليفزيون توفيرا للنفقات لمشاهدة المسلسلات مع صديقها كن الذي ظهر في الإطار تحسبا من اتهامها بأنها تكره الجنس الآخر‏,‏ وتعيش معها الآن في بيتها شقيقة صغري أطلق عليها المصنع اسم سكيبر وصديقة سوداء اسمها كرسبتي إلي جانب عائلة من الحيوانات الأليفة أصبحت الصغيرات في كل مكان يقضين معهم ساعات شيقة بلا ملل‏,‏ حيث نجح المصممون في وضع ابتسامة لا تغيب علي شفاه باربي تبدد علي الفور أي مشروع خناقة أو ذرة تنافس غير صحي داخل إطار اللعب‏..‏
باربي التي عبرت الأطلنطي إلي جميع بلاد العالم لتغدو إحدي ظواهر القرن العشرين بمتحف الفن الحديث بفرنسا‏,‏ وتحتل ركن الشرف في مدخل متحف جريفان في باريس‏,‏ ويصحبها رواد الفضاء في رحلاتهم إلي القمر‏,‏ وتغدو رمزا للغزو الثقافي الأمريكي‏,‏ وسفيرة لليونيسيف‏,‏ ويباع منها سنويا في فرنسا وحدها‏30‏ مليون نسخة و‏..‏باربي التي قامت ثورة في الجمهورية الإسلامية في إيران ضدها‏,‏ والدعوة متأججة المشاعر لمحاربتها في الأسواق‏,‏ حيث يتم الآن مداهمة المتاجر التي تبيعها أو تعرضها في الملصقات‏,‏ هذا رغم الأمر المسبق بتغطية علبها بمساحات سوداء لإخفاء فاجعة مظهرها‏..‏ بل لقد حذر أخيرا المدعي العام الإيراني جوربان علي دوري ناجاف الشعب الإيراني من العواقب الوخيمة لاستيراد ابنة الأبالسة باربي‏,‏ لكن المذكورة المنبوذة الموصومة لم تزل تغزو الأسواق الإيرانية من الأبواب الخلفية خاصة أن مظهرها لم يعد أمريكيا صرفا بعد أن تفرقت نقاط ضعفها علي جميع البلاد لتظهر من خلال‏50‏ جنسية‏,‏ وحتي لا تستحوذ باربي في جميع شخصياتها المتنكرة علي الأفئدة الإيرانية الصغيرة دفعت للأسواق بالعروستان الإسلاميتان يارة ودرة اللتان ترتديان الحجاب‏,‏ وتحملان كتبا للأدعية بدلا من علب الماكياج‏.‏
وإذا ما كانت درتا إيران قد لقيتا قبولا ما فقد تراجعت من أول الطريق ليلي العروسة التي قامت برعايتها جامعة الدول العربية‏,‏ ومن بعدها نوسة إنتاج كلية رياض الأطفال بجامعة القاهرة‏,‏ ولكن للأمانة وشهادة الحق فإن فلة العروسة السورية بمعطفها وزيها المحتشم قد لاقت بعضا من قبول‏,‏ وإن كانت الظواهر تنبئ بأن المستقبل لن يتسع لظهور أشقائها المزمع بدر ونور‏..‏ وفي مصر نجحت فنانة العرائس بدر حمادة في تقديم عرائس عائلة عبدالمعطي البمبوطي البورسعيدي التي تضم تفاحة وبلية وعديلة ولكن‏!!..‏ وأمام الزحف المضاد لباربي مفجرة اللون الوردي البنك المميز بطزاجته ومرحه الذي صبغ بتفاؤله عالم الطفولة لسنوات طويلة حتي في طلاء الغرف وشنطة المدرسة وقلم الكتابة وتوكة الشعر‏..‏ حدث الانحسار‏..‏ باربي بشعرها البلاتيني المتهدل وأظافرها اللامعة ورموشها الكثيفة وجسدها الرشيق اللولبي وابتسامتها الحلوة كما ابتسامة نانسي عجرم التي تسقط في كل قلب قالب سكر‏,‏ حتي وإن كان مذاقه الحلو قادما من مجرد عروسة بلاستيك في حجم عقلة الصباع‏..‏ باربي‏..‏ الجنية الشقية التي لم تكن تخلو منها مرآة السيارة لأصحابها من جميع الأعمار والطبقات في الملاكي والتاكسي واللوري والفسبا والموتوسيكل مهتزة متأرجحة ما بين جريان النظر وزجاج الباربريز‏..‏ باربي هذه فجأة وبشكل جماعي رحلت لتستبدل بها مسبحة وقور تجلب الملائكة وتبعد الشياطين‏.‏
وأقول اللي يعيش ياما يشوف من فنون العروسة التي صاحبتني في أولياتها بيد الخالة زهرة عندما كانت الوالدة تعهد إليها بمهمة إلهائنا وأخذنا بعيدا عن وشها‏,‏ بشرط أن تكون قد انتهت من جميع المهام الموكلة إليها من عجن وخبز وسلق وطهي وحشو ومسح وكنس وكي وتطويق وتسييق وتنفيض وتزعيف وتلميع وغسيل وعصير وتطبيق‏,‏ فنقف علي يدها نتعجلها ونعرض عليها من باب منفعتنا مساعدتها بتجفيف الأطباق ومناولتها المشابك وهش الدبان‏..‏ و‏..‏بعدها تتربع الخالة زهرة لتصنع لكل منا ثلاث بنات عروستها بحشو بقايا قطن المخدة القديمة داخل قصاقيص القماش لتخرج كل عروسة بلون شكل‏,‏ وفي بعض الأحيان يكون نصيبي العروسة المشجرة‏..‏ وبالإبرة والفتلة السوداء كانت العبقرية ببدائيتها المنطلقة ترسم تقاطيع العروس من عيون ورموش وحواجب وأنف‏,‏ وللشقيقة الكبري تضيف زهرة لعيون عروستها خرزة زرقاء لتعلو الاشمعني فنصطدم بالإجابة العبثية‏:‏ لأنها البكرية‏!!..‏ وفي موقع الشعر تقوم لوفة المطبخ بمهمتها علي أكمل وجه حيث تضيف لمسة أوروبية بلونها الأشقر الضارب للبلاتيني‏,‏ ولن أنسي خصلة اختلستها من منشة الوالد التي يهش بها الذباب كي تكتسب عروستي تسريحة ذيل الحصان‏,‏ وحتي لا تظهر آثار الخياطة والإبرة والفتلة في عملية تربنة مقدمة الرأس كانت الخالة زهرة تعقد الرؤوس القطنية بمثلثات ملونة وبيضاء تعطي مظهر المنديل أبو أوية أو طرحة الزفاف‏..‏ ونجتمع في ساحة اللعب بعدما تختار كل واحدة اسما لعروستها التي يضايقنا فيها عدم سلاسة عملية ارتدائها للفساتين الجديدة التي نقوم بتفصيلها لها‏,‏ خاصة في منطقة الأكمام‏,‏ نظرا لأن تصميمها من البداية مفرودة الذراعين كخيال المآتة‏..‏ ويفوت الزمان ونزداد طولا لتنكفئ عرائس القطن علي وجوهها فوق في الصندرة‏,‏ لنلعب بالعرائس الطبخ البلاستيك المتشابهة المطموسة معالمها والتي تلتصق فيها الأذرع بجانبي العجينة فلا سبيل أو مجال للفساتين وإنما للف العروسة بقطعة قماش كأنها المومياء‏..‏ عروسة لا تفجر ذكاء‏,‏ ولا تخلق حوارا‏,‏ ولا تدغدغ مشاعر الأمومة في زمن الطفولة‏,‏ تماما مثلما يقوم المقعد البلاستيك المسمط المطبوخ المتشابه بغلق نوافذ الإبداع والابتكار في ديكورات المقاهي والبلكونات وعلي رمال شواطئنا‏!‏
وعلي مسرح عرائسي طار في الهواء شاشي وانت ماتدراشي‏..‏ يا جدع‏..‏ ويا أم المطاهر رشي الملح سبع مرات يا عريس يا صغير علقة تفوت ولا حد يموت‏..‏ وعروسة من ورق تخرم أمي بالإبرة جسدها في كل موضع لتخرق عين الست أم علية ونبوية وسامية جارتنا والبت صفية وأم أحمد ورقية وكل من شافنا ولا صلاش علي حضرة النبي‏,‏ وتولع العروسة تلتوي في النار لتنهار رمادا يتلقاها الماء لتطش في الصينية النحاس‏..‏ و‏..‏عروسة الملكة فريدة بوشاح وتاج زفافها من فاروق التي لا يفرج عنها إلا في المناسبات المهمة وأعياد الميلاد لتنتزع من بين أيدينا وسط استمتاعنا لتذهب إلي مخبئها الدائم بعيدا عن البهدلة والمرمطة والتراب‏..‏ و‏..‏عروسة أهداها لي خالي ببدلة وبرنيطة من الفراء وكرة مثبتة بين الكفين‏,‏ لا الكرة وقعت ولا العروسة نامت بجواري بعيدا عن دولاب اللعب في الصالون الذي كنا نجلس حواليه نتطلع إلي لعبه النظيفة من وراء الزجاج‏..‏ و‏..‏عروسة اسبانية بطرحتها ومروحتها الدانتيل السوداء التي بهرتني في جلستها المتصدرة لصالون بنت عمي عروس العائلة الجديدة‏,‏ حيث ظلت الاسبانية طويلا من مستلزمات اكسسوارات العش الجديد علي مستوي العائلات الكبيرة‏..‏ و‏..‏عروسة البرقع الذهبية التي كان يرسمها الفنان الرائع رخا في لوحات بنت البلد التي تعقص ملاءتها حول الجسد اللدن لتترك في سوادها نافذتين إحداهما علوية ليتبدي شارع بين النهدين‏,‏ والثانية تفتح علي الذيل لتظهر شريحة من ورد قماش الفستان فوق سيقان قوالب الزبدة بخلخال يخطر في القدم كل الحلاوة فيه لما يشخلل في خطوة متلازمة مع دقة كعب شبشب الهنا‏..‏ و‏..‏عروس النيل التي زفت إلي ملك الملوك يحفها شوق ويدفعها هوي وتحرق‏..‏ و‏..‏عروس السيارة الرولزرايس بجناحيها المشرعين التي غازلتنا في فيلمها الخاص بلونها الأصفر بطولة انجريد برجمان وعمر الشريف‏..‏ و‏..‏عروسة البحر التي كانت وحيا وإلهاما للكتاب والشعراء في جلستها فوق الصخرة نصفها أنثي بشعرها المنساب وصدرها العاري‏,‏ ونصفها سمكة بقشورها الفضية وزعانفها المروحية‏,‏ العروسة التي صدمتني حقيقتها لتنتزعني من رومانسية أسطورتها عندما شاهدتها في المتحف المائي في برلين علي حقيقتها‏:‏ سمكة غليظة كما الجاموسة السوداء لا علاقة لها باسمها سوي بأثداء وارمة تحت إبطيها‏..‏ و‏..‏العروسة الماتروشكا الروسية التي تفتح أولاها لتجد أخري تفتحها لتجد الثالثة والرابعة والخامسة حتي تجد في النهاية عروسة غاية في الصغر‏..‏ وعيني ما شافت إلا النور ساعة ما قالت لي طانت سنية صاحبة ماما روحي يا روحي العبي مع ميمي صاحبتك في أودتها‏..‏ ورحت ألعب‏..‏ جنة تضج بالعرايس من جميع الأشكال والأحجام والبلاد‏..‏ ايشي عروسة بتغمض وتفتح‏,‏ وايشي لما تخبط علي بطنها تسقف‏,‏ وايشي بتعمل بيبي علي روحها‏,‏ وعروسة في حجمنا وطولنا قربت تروح معايا‏,‏ وعروسة عارية من افريقيا تدور زنبركها ترعش وسطها التحتاني بجونلتها الخرز و‏..‏ بين كل دول فلقتني ميمي التي لا تقرب إليها من جميع وصيفات مملكتها سوي عروسة قبيحة مدعبلة مهيضة الساق وقرعاء تأخذها معها مطرح ما تروح‏,‏ لتستولي القرعة علي كل اهتمامها‏..‏ ربما انعكاسا لتعليمها الفرنسي حيث يقام في فرنسا كرنفال سنوي يسمي عيد المرافع يمشي فيه أصحاب العاهات لاختيار الأكثر قبحا وتشويها‏,‏ وكان قد فاز فيه يوما الكاتب الشهير فيكتور هوجو بالجائزة الأولي في الأدب عن روايته احدب نوتردام التي قام بتمثيلها علي الشاشة النجم القديم شارلز لوتون‏..‏ حكمته‏..‏ و‏..‏شقة العروسة التي سكنت في الدور المقابل لنا في العمارة القريبة التي مضي علي زغاريد ليلة دخلتها عشرات السنين نشر فيها علي حبل غسيلها قمصان نوم وغيارات وبشاكير وهدوم عيال وشباب وكبار جميعها رفعت مشابكها ليتدلي وحده جلباب واسع حالك السواد بعرض الحبال وطرحة صلاة‏,‏ ولم يزل اسمها شقة العروسة‏..‏ و‏..‏عروستي لعبة الرحلات الترفيهية التي نختار فيها شخصا أو جمادا لنشرح للسائل بعبارة عروستي بعضا من المعلومات المبهمة عنه حتي ينجح أخيرا في التعرف عليه‏,‏ ولا أدري سر ذلك الرد الجاهز المسكون علي لساني عندما اسمع كلمة عروستي إذ سرعان ما يخرج‏:‏ جواز فؤادة من عتريس باطل‏..‏ باطل‏..‏ و‏..‏عروسة ادخلوني في ثوبها التللي الفضفاض عندما وقفت طفلة علي مسرح المدرسة لأرحب بالضيوف الأفاضل وعلي رأسهم السيد مدير منطقة التعليم وحضرة الناظرة وأغني أسخف أغنية أخرجت لعالم الطفولة‏,‏ مع لزوم تشويح كل من الذراعين علي هيئة نصف دائرة‏:‏ من الفرع ده آقطف وردة‏,‏ والفرع ده آقطف زهرة‏..‏ الوردة دي بتقول أهلا أهلا أهلا‏..‏ والزهرة دي بتقول سهلا سهلا سهلا ثم دائرة كاملة يتلاقي فيها الذراعان للقول‏:‏ أهلا وسهلا بكم أهلا أهلا وسهلا بكم أهلا‏!!!‏ و‏..‏أم العروسة فاضية ومشغولة وبدلا من وصاياها القديمة لابنتها العروسة التي منها أن تكون هادية ونادية وألا يقع عين عريسها فيها علي قبيح ولا يشم منها إلا أطيب ريح‏,‏ فقد تبدلت الوصايا إلي‏:‏ جوزك علي ماتعوديه‏,‏ وفلوس نقطتك جنبيها لوحدها بعيدا عن المصروف‏,‏ ومرتبك يا روح أمك لروحك‏,‏ وإديله الطرشة‏,‏ وإن ماكانشي من الأول زي الخاتم في إيدك سوقي عليه العوج‏,‏ وأحسن عتاب ينقال له‏:‏ حسابنا بعدين‏..‏ و‏..‏العروسة ميدجي الحامل بجنين صغير في فتحة البطن يغلق عليه بمغناطيس‏..‏ وعروسة تنعل أبو خاش اليوم الأغبر الذي جمعك إليها في حجرتها الخاصة المندسة في نهايات كل مبني شرطة في العواصم والأقاليم‏,‏ فالاسم مغمس بالزغاريد‏,‏ والفعل متعاص نكد‏,‏ لأنها عروسة التعذيب التي ما أن تمدد عليها حتي تعترف بما لم يحدث لا أمس ولا اليوم ولا غدا‏..‏ وأشهر عروسة في التاريخ كان اسمها قطر الندي شوارها ذكر المؤرخون أنه قد احتوي قناطير جواهر‏,‏ والهون دهب‏..‏ و‏..‏وأحلي شاي يعمل أحسنها دماغ شاي العروسة‏..‏ و‏..‏عروسة المولد الفاطمية الأصل التي تبدت للمرة الأولي فوق سماط بوفيه الخليفة الفاطمي الذي يحمل ليشق به الشارع الأعظم وسط مهرجان الخيالة والطبل والزمر ليمتد في قاعة الذهب بطولها‏,‏ وكان عرضه عشرة أذرع ليوضع في وسطه واحد وعشرون طبقا في كل طبق واحد وعشرون خروفا‏,‏ ومن الدجاج ثلثمائة وخمسون‏,‏ ومن الفراريج مثلها‏,‏ وكذلك من الحمام‏,‏ ويتخلل هذه الأطباق وعلي جانبي السماط خمسمائة عروسة مصنوعة من السكر المغمس بالمسك‏,‏ هذا إلي جانب قصران من الحلوي تورتة زنة كل قصر سبعة عشر قنطارا ينصبان في أول السماط وآخره‏,‏ ويذكر ناصر خسرو في مؤلفه سفرنامة أنه شاهد علي المائدة السلطانية شجرة أعدت للزينة جميع غصونها وأوراقها وثمارها مصنوعة من السكر‏,‏ والتراث المصري القديم يزخر بالعديد من العرائس والدمي أنثوية المظهر التي كانت تعمل لتسلية الأطفال لكنها كانت تصنع من العاج أو العظم أو الفخار أو الطين وقد اكتشف بعض منها في منطقة أبومينا قرب بحيرة مريوط‏.‏
ونلهو في طفولتنا بلعبة بريللا والمرسال التي نختار فيها العروسة والعريس فنمسك بأيدينا في أيدي بعضنا صبيان وبنات ليلاقينا المرسال قائلا‏:‏ بريللا بريللا المرسال جالكم فنرد عليه‏:‏ عايزين إيه؟‏!‏ فيقول علي سبيل المثال‏:‏ عايزين سمير‏..‏ فنسأل‏:‏ تيجيبوا له إيه؟‏!..‏ نجيب له عروسة‏..‏ بيضاء ولا سمراء؟‏!..‏ بيضاء زي القشدة‏..‏ فنقتنع بالعروسة لنقول‏:‏ اتفضلوا خدوه‏,‏ ويلحق سمير بجانب المرسال بمقدمة البريللا‏..‏ عايزين نوال‏..‏ تجيبوا لها إيه؟‏!..‏ نجيب لها عريس‏..‏ ضابط ولا مهندس؟‏!..‏ علي كتفه نجمة‏..‏ مايقضهاش‏..‏ وعنده فيللا وعربية‏..‏ مايقضهاش‏..‏ وأبوه واحد باشا‏..‏ مايقضهاش‏..‏ طيب عريس دمه خفيف‏..‏ اتفضلوا خدوها‏..‏ وهكذا دواليك‏..‏
وليست كسعادتها سعادة عندما تنتقي أم العريس عروسة ابنها بنفسها في أغاني الفولكلور‏:‏
كتبوا كتابك يا نقاوة عيني‏...‏ يوم الهنا يا حلوة يوم ما تجيني
ابني الحبيب ع العز أنا ربيته‏...‏ حبيه يا غالية قد ماني حبيته
هني حياته وعمري له بيته‏...‏ يسعد بقربك يا نقاوة عيني
مبروك يا قدم السعد يا نوارة‏...‏ يا أم الحسب يا مأصلة يا أمارة
ولا حد زيك من بنات الحارة‏...‏ يشبه جمالك يا نقاوة عيني
ندر علي يوم قدومك عندي‏...‏ لأفرش لك السكة حرير م الهندي
تمشي عليه وتتمخطري وتتعاجبي‏...‏ وتخشي بيتك يا نقاوة عيني
وآدي حبايبي وأهلي يستنوك‏..‏ ويطوفوا بيكي الحي ويزفوك
ويهنوا ابني الغالي ويهنوك‏..‏ ليلة فرحكم يا نقاوة عيني
وتدخل العروسة بيت العدل لكنها تغدو مخيبة للأمل‏:‏
باميه يا باميهوأنا أحب أكل الباميه
فتحت فرن الباميه لقيت العروسة نايمه
قلت لها قومي نطحنقالت خليني نايمه
قلت لها قومي نغسلقالت خليني نايمه
قلت لها قومي ناكلقالت اديني قايمه
باميه يا باميهوأنا أحب أكل الباميه
أما عروسة زجل بيرم التونسي التي عرضها المأذون علي العريس بجميع منافعها فكانت‏:‏
عارف لك عروسة تقولشي قمرة
عيني ما شافت كده والله بالمرة
دمها حامي وعارف إنها حرة
وبيتها مليان نابوليا من بلاد برة
فيه البساط وحده يفرش الجامع
ودولاب عجب من آروبه من خشب لامع
قام العريس بات ليلتها عالعروس عاقد
وبعدها بجمعة كان في حضنها راقد
وكله يهون ولا يهون إن العروسة طلعت أنشف من إيد الهون
رغم أنها في ليلة الدخلة لبست له القميص ساتانيه
والشنتيان فوقه والشال الشبيكة عليه
شفتشي أحمر بكورنيش عريض والصدر فارغ ديكولتيه
أما الموبيليا اللي كان طاير بها الأستاذ
طلعت سرير ناقص البلتكانة والمرتبة وستاشر صفيحة جاز
وكليم مخطط عتيق لو يتفرش في المياتم عالدكك ما يليق
والطشت ويا الكراسي من سنة مرهون
صبح عريس الغفلة لقي المأذون بيستنظر
عايز الحلاوة خروف ونهارك يا عريس أزهر
قال له نهارك زفت متقطرن
مجايبك شوف لها في البلد راجل مالهش عيون
قال له مادام مانتش بجا مبسوط
لا الباب مسمر ولا حبل الحمار مربوط
طلقها حالا يا أستاذ وأنا أجيبلك عروسة بشروط
ترضيك‏,‏ ومقصودي إنك تيجي عندي زبون
وإذا ما خلت الآن من الأسواق عروسة عربية ل‏161‏مليون طفل عربي يشكلون‏46%‏ من‏350‏ مليون نسمة هم سكان الوطن العربي‏..‏ عروسة تحمل سماتها وأزياءها وأشكالها صفات المجتمع العربي وتراثه وحضارته وقيمه بدلا من باربي وساندي وسوزي والدباديب وباور رينجر وهرتكليس وجراندايزر والبوكيمون‏..‏ فإن أسباب الفراغ كثيرة ومخجلة أبرزها في مصر كمثال أن عدد مصانع البلاستيك‏53‏ مصنعا نشاطها الأساسي السيارات وأدوات المطبخ وطشت الغسيل‏,‏ وفي المواسم تصنع الفانوس البلاستيك حيث من المتوقع توقف تصنيعه أمام زحف الفوانيس الصيني المؤذنة وبداخلها المسحراتي‏,‏ وفي مدينة العاشر ثلاثة مصانع متخصصة فقط في الألعاب العلمية والتوضيحية ومكعبات‏1‏ و‏2‏ و‏3..‏ يعني بيتنا الآن بلا عروسة رغم أنها عندما وجدت في عام‏1998‏ كانت مؤثرة للغاية‏,‏ بل نافست جميع نشاطات باربي ذات نفسها‏,‏ وكانت عروسة فلسطينية متواضعة تفتقت عنها قريحة لاجئات الخيام قامت بدور بطولي بإثارة حفيظة نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الذي أبدي استياءه منها للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون بدعوي أن العروسة الفلسطينية ذات ميول سامية‏,‏ حيث تردد قولها فلسطين لنا والقدس عربية وفي ذلك ما يزكي روح العداء والكراهية لإسرائيل‏..‏ ولم يخرس تظلم الجاني من عروسة الأرض المحتلة سوي لقطات لمئات الاعتداءات الإسرائيلية علي أطفال الشعب الفلسطيني التي برزت فيها صور العروسة المضطهدة ملقاة بين الركام بعد أن خمدت بداخلها بطارية هتافها المقدس القدس لنا‏!‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.