هاني عسل دفع الدوري الإنجليزي علي ما يبدو ثمنا باهظا للعروض والنتائج المخيبة للآمال التي قدمها منتخب إنجلترا في بطولة كأس العالم الأخيرة بجنوب أفريقيا, بينما كان العكس صحيحا بالنسبة للدوري الإسباني الذي بات الأول شكلا ومضمونا بعد أن قدم أفضل نجوم المونديال وليس نجوم منتخب إسبانيا فقط, بينما حصل الدوري المصري_ وبعيدا عن كأس العالم_ علي ما يستحقه أخيرا, وثبت أقدامه كأقوي وأفضل بطولة محلية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي رغم كل محاولات الطعن في قوته والإصرار علي انتقاده بصورة جارحة غير عادلة لحساب دوريات أخري! فنتائج تصنيف بطولات دوريات العالم التي أعلنها مؤخرا الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء المعروف اختصارا باسمIFFHS أكدت ذلك بشكل صريح, صحيح أن هذا التصنيف ليست له علاقة بالاتحاد الدولي لكرة القدم' الفيفا' ويقوم علي أسس واعتبارات أخري مغايرة لأسس تصنيف منتخبات العالم الذي يعلنه الفيفا شهريا, وصحيح أن اتحاد التأريخ والإحصاء ليس جهة تابعة للفيفا وإنما منظمة مستقلة, ولكنه في النهاية هو الجهة العالمية الوحيدة حاليا التي تضع تصنيفا دقيقا وقائما علي حسابات منطقية لعدد من الأمور مثل أقوي دوري في العالم وأفضل الهدافين وأقوي أندية العالم وغير ذلك, كما لا ننسي أن التشكيك في كل ما يتضمن أي نتيجة إيجابية عن مصر أو الكرة المصرية أصبح' هواية' أو' موضة' لدي البعض, بحيث يصبح تصنيف الفيفا الشهري لمنتخبات العالم سيئا عندما تتقدم فيه مصر, ومنطقيا و'رسميا' عندما يحدث العكس! وبنظرة سريعة علي أهم نتائج تصنيف اتحاد التأريخ والإحصاء لأقوي دوريات العالم في الوقت الراهن, سنجد أن المراكز الخمسة الأولي جاءت علي النحو التالي: في المركز الأول الدوري الإسباني ب580 نقطة, والدوري البرازيلي في المركز الثاني برصيد577 نقطة, والدوري الأرجنتيني' الثالث' برصيد536 نقطة, وجاء الدوري الإيطالي رابعا برصيد508 نقاط, ثم الدوري الإنجليزي' الخامس' ب486 نقطة. وكانت من أبرز النتائج أيضا حصول الدوري الألماني' البوندزليجا' علي المركز السادس برصيد457 نقطة, يليه الدوري الفرنسي الذي جاء سابعا ب413 نقطة. أما الدوري المصري فقد جاء- وللمرة الأولي في تاريخ هذا التصنيف- في المركز الثاني عشر عالميا برصيد334 نقطة, بفارق أربع نقاط فقط عن الدوري المكسيكي الذي جاء في المركز السادس ب330 نقطة, ولكن الجميل حقا أن الدوري المصري تفوق في هذا التصنيف علي دوريات عالمية كثيرة, من بينها الدوري البرتغالي الذي جاء في المركز15 برصيد324 نقطة, والدوري البلجيكي الذي جاء في المركز16 برصيد301 نقطة, والدوري الهولندي الذي جاء ثامن عشر ب276 نقطة, والدوري الأسكتلندي الذي جاء في المركز التاسع عشر برصيد273 نقطة, والدوري التركي ال21 برصيد270 نقطة. وبالتالي, فالدوري المصري هو الأول عربيا وأفريقيا وشرق أوسطيا, فبالنسبة لتصنيف الدوريات العربية, جاء' المصري' في المقدمة كما قلنا في المركز12, يليه مباشرة الدوري الجزائري في المركز العشرين برصيد5,272 نقطة, ثم الدوري الكويتي في المركز24, ثم الدوري القطري في المركز27, بينما جاء الدوري السعودي في مرتبة متأخرة للغاية هي المركز الثلاثين برصيد5,234 نقطة, وجاء من قبله الدوري السوري في المركز29 برصيد236 نقطة! وأفريقيا, كان الدوري المصري هو الأول, يليه الجزائري كما سبق الذكر, وفي المركز الثالث' أفريقيا' جاء الدوري النيجيري في المركز31 متساويا مع الدوري الإسرائيلي برصيد228 نقطة, وجاء الدوري التونسي في المركز الثامن والثلاثين عالميا متساويا مع دوري أوزباكستان والرابع أفريقيا برصيد5,209 نقطة. وعلي مستوي منطقة الشرق الأوسط, تفوق الدوري المصري علي نظيره التركي الذي جاء في المركز21 برصيد270 نقطة, وجاء الدوري الإيراني في المركز23 برصيد261 نقطة. وتبقي الإشارة إلي أن الدوري النيوزيلاندي هو' متذيل' هذا التصنيف العالمي لأقوي دوريات العالم, حيث احتل المركز115 برصيد5,88 نقطة فقط! أما لماذا تصدر الدوري الإسباني التصنيف, ولماذا تراجع الدوري الإنجليزي, ولماذا جاء الدوري المصري في المركز الثاني عشر, فلكل شيء تفسير. فهذا التصنيف الذي يتم الإعلان عنه في شهر يوليو من كل عام يقوم علي أسس رقمية ومنطقية في تحليل مستويات كل بطولة علي مستوي العالم, والأمر لا علاقة له بالمستوي الفني لكل بطولة, فالدوري الإسباني لم يتم اختياره في المركز الأول من أجل' عيون' برشلونة وريال مدريد مثلا, والدوري الإنجليزي لم يكن يحتل المقدمة قبل ذلك من باب' السمعة' فقط, ولكن كل هذه التصنيفات تحدث لأسباب واعتبارات أخري تتعلق بالمسابقة نفسها, وتم وضع هذه الحسابات منذ عام1991 ورؤي أنها هي أفضل الحسابات التي تؤدي إلي تحديد الدوري الأقوي. فعلي سبيل المثال, يقول الاتحاد صاحب التصنيف إن الدوري الإنجليزي كان في المقدمة في بداية هذا العام بفارق110 نقاط عن الدوري الإسباني, ولكن في شهر يوليو الحالي, تفوق الدوري الإسباني بفارق94 نقطة كاملة, وهذا يعني أن الأندية الإسبانية تفوقت بفضل النتائج التي حققتها في بطولات الأندية الأوروبية خلال تلك الفترة بعكس الإنجليزية, والأمر نفسه ينطبق علي الدوري الإيطالي الذي كان من أهم عوامل تفوقه علي الدوري الإنجليزي هو نادي الإنتر الفائز بدوري أبطال أوروبا, فهذا الفوز رفع رصيد المسابقة الإيطالية, مما يعني أن نتائج أندية كل دوري علي الصعيد القاري والعالمي أيضا تعد من أهم عوامل تصنيف الدوريات العالمية. ويقول الاتحاد الدولي للتأريخ والإحصاء الذي تضم لجنته التنفيذية من بينهم عربيان أحدهما مصري والآخر إماراتي إن عملية تصنيف الدوريات تسير بشكل منطقي تماما يركز بشكل أساسي علي نتائج أندية كل دوري في البطولات القارية للأندية التي يشارك فيها والنتائج التي يحققها علي أرضه وخارجها والأدوار التي يتأهل إليها, وكذلك مشاركات أندية كل دوري في بطولات السوبر القارية وبطولة العالم للأندية, ويؤكد أن عملية التصنيف لا تخضع لأي تأثير خارجي من أي جهة, ولا علاقة لها بإيرادات كل دوري ولا بعدد اللاعبين الذين يقدمهم إلي المنتخبات الوطنية, ولا بعدد الأندية المتنافسة علي القمة, ولا علاقة لها أيضا ب'سمعة' كل دوري من الناحية الكروية, ولكن هذه النقطة الأخيرة يكون لها تأثير في شيء واحد وهو أن الدول ذات السمعة الكروية أو' السوبر باورز' في الكرة العالمية تحظي عادة بميزة مشاركة أكبر عدد من أنديتها في البطولات القارية, وبالتالي تزداد فرصتها في الحصول علي تصنيف أفضل. إذن فمهما اتفقنا أو اختلفنا مع نتائج هذا التصنيف, فإنه يبقي الوسيلة الوحيدة المعروفة عالميا حاليا لتصنيف دوريات العالم, وما يعنينا هنا أنه يكفي لهذا التصنيف أنه أنصف الدوري الإسباني أخيرا, كما أنه وضع الدوري المصري في المكان الذي يستحقه, وهو ما يدفعنا إلي مزيد من العناية به, تنظيميا ودعائيا.