أزمة هبوط اليورو سياسية.. والاتحاد الأوروبي مسئول عن حل مشاكل أعضائه في الوقت الذي اكد فيه الرئيس التركي عبدالله جول أن مزاعم التنافس بين القاهرة وأنقرة أوهام عفا عليها الزمن. فإن المسئول الأول عن إتحاد البنوك التركية يكشف النقاب عن التفكير في مشروع لإقامة أول بنك تركي عربي لخدمة حركة التنمية بمنطقة الشرق الأوسط تكون لمصر وتركيا الافضلية في تسيير معاملاته لدورهما المحوري في اقتصاد المنطقة. هذه الافكار تأتي علي لسان المصرفي التركي البارز ايرسين اوزينجا رئيس اتحاد البنوك ورئيس بنك العمل التركي في حديثه للأهرام اثناء زيارته التي قام بها مؤخرا لمصر والتي رشح فيها مصر لتصبح مركزا ماليا مهما لمنطقة الشرق الاوسط نتيجة لجهود حكومتها التي زرعت الثقة في اجواء الاستثمار والاسواق المالية بها كما كشف عن توقعاته بأن تشهد المرحلة القادمة تعاونا مصرفيا فعلا بين تركيا والمنطقة العربية. في حديثه للأهرام لم تقتصر تعليقات المسئول التركي علي المعاملات المصرفية المشتركة فقط وانما امتدت للمخاوف داخل القطاع المصرفي داخل مصر والهواجس التي تشغل بال المتعاملين خاصة فيما يتعلق بالخصخصة وسيطرة البنوك الاجنبية علي السوق المصرية والخوف من هروب الودائع خارج البلاد إضافة للرد علي كثير من علامات الاستفهام حول ازمة اليورو والخلل الذي اصاب الاقتصاد ببعض بلدان الاتحاد الأوربي وموقف تركيا من الانضمام للإتحاد. في البداية فإن اوزينجا لا يفوته تهدئة روع المواطنين في مصر تجاه الجدل الدائر حول دخول البنوك الاجنبية بقوة والخوف من سيطرتها علي اسواق العمل المصرفي مشيرا إلي أن هذا الجدل هو ظاهرة صحية وقد عاشت تركيا هذه الحالة نفسها عند بداية مرحلة الاصلاح المصرفي التي عاشتها منذ عدة سنوات ولكن المواطن المصري لابد ان يدرك ان ظاهرة الاقبال علي فتح بنوك وفروع اجنبية في مصر دلالة واضحة علي حسن اداء الجهاز الاقتصادي في الدولة ونجاحه في ان يجعل مصر مقصدا للمستثمرين من كل أنحاء العالم وهذا يعني ضخ رؤوس أموال اضافية تسهم في تحريك السوق وتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل وقد لمسنا في تركيا هذا التغيير الإيجابي وكان من نتيجة القرار الذي اتخذه بنك العمل اقدم البنوك التركية بالعودة إلي مصر مرة أخري بعد ان اغلق ابوابه عام1959 وبالفعل قدمنا طلبا لتحويل مكتب التمثيل إلي فرع للبنك لخدمة حركة الاستثمار والتجارة المتبادلة بين مصر وتركيا. الوصفة السحرية سألت رئيس اتحاد البنوك التركية حول روشتة العلاج التي قدمها القطاع المصرفي في تركيا لتفادي تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية بعد ان تراجعت كثير من البنوك عن تمويل المشروعات التي اعتبرتها محفوفة بالمخاطر خوفا علي ودائع هذه البنوك؟ يعود بنا ايرسين اوزينجا إلي عام2001 حينما تعرضت البنوك التركية للأزمة الاقتصادية الأولي وقد كانت هذه الازمة فرصة لإعادة تأهيل القطاع المصرفي علي اساس سليم وفق الالتزام بتنفيذ قواعد بازل1 و2 واخذت البنوك علي عاتقها التقيد بهذه التعهدات القاطعة. وكان من نتيجة ذلك ان استطاعت المصارف التركية التعامل بإقتدار مع الأزمة العالمية الجديدة التي ضربت العالم ولكنها لم تؤثر علي البنوك التركية بل علي العكس تفادت هذه الأزمة واصبحنا طرفا أساسيا يسهم في إدارة الأزمة وتصويبها علي مستوي الاقتصاد الأوروبي طبقا للاشتراطات القياسية الأوروبية. وكان من نتيجة ذلك أن شهدت البنوك التركية مزيدا من رؤوس الأموال الأوروبية التي دخلت الأسواق التركية اثناء سنوات الأزمة. وهنا والكلام لرئيس اتحاد البنوك التركية فإن الأزمة العالمية قد سمحت بدخول لاعبين جدد علي الساحة العالمية وان تغييرا سوف يحدث في اتجاهات رؤوس الأموال العالمية وحركة الصادرات ومشروعات الاستثمار فيما بين مناطق العالم ولهذا فإن الفرصة سانحة اليوم لتحقيق تعاون استراتيجي فعال بين تركيا والعالم العربي. الخصخصة ليست سببا للأزمة ولكن هل تكون الأزمة سببا في تقوية سيطرة الدول علي الأجهزة المصرفية بها وتراجع الاتجاه الي خصخصة البنوك في دول المنطقة؟. الخصخصة ليست سببا من أسباب الأزمة المالية الدولية كما أن أفلاس بعض البنوك الوطنية بالدول المختلفة لم يكن سببه دخول الأجانب أو الخصخصة كما يقول رئيس اتحاد البنوك التركية, ولذلك فإنه يضيف قائلا: إن المخاوف المثارة لديكم بخصوص الخوف من دخول الأجانب في الجهاز المصرفي عبر عمليات الخصخصة سبق ان انتشرت في بلادنا بتركيا منذ15 سنة وقد اثبتت التجارب عكس هذه المخاوف فإن البنك الأجنبي الذي يفتح في تركيا يكون مملوكا لشخصيات أجنبية وبرؤوس أموال دولية ولكن عملها ومشروعاتها تتم في تركيا.. أي أن مفتاح الصندوق لدينا وليس لديهم أموال فإن من بين كل4 بنوك في تركيا هناك3 منهم قطاع خاص وبنك واحد حكومي وهناك ضمانات كافية في أن تظل اتجاهات الأموال الي داخل تركيا وليس خارجها كما انه في الوقت نفسه لا تراجع عن سياسة الاقتصاد الحر كما ساعدت التعهدات التي اخذناها علي انفسنا منذ عام2001 علي توجيه كل الودائع للاستثمارات المحلية ورغم أن غالبية المصارف قطاع خاص فإن القطاع المصرفي لدينا يتميز بالنزاهة والشفافية بشكل كامل ولا ننسي أن البنوك التركية كانت جسر العبور الذي ساعد المقاولين الاتراك لدخول الأسواق الخارجية مثلما حدث بالنسبة لإفريقيا ومنطقة الخليج سواء علي مستوي الصادرات السلعية أو الخدمية. أزمة اليورو هل كانت الأزمة العالمية سببا من أسباب تراجع اليورو وهل يؤثر ذلك علي رغبة تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي؟. يرد رئيس اتحاد البنوك التركية أن الاتحاد الأوروبي مؤسسة سياسية ولذلك يجب علي الاتحاد العمل علي ايجاد حلول للمشاكل الاقتصادية للدول الاعضاء وفي حالة عدم التوصل لمثل هذه الحلول فإن هذه المشاكل سوف تتفاقم وسوف يضعف اليورو أكثر وأكثر مما يؤدي للضعف السياسي للاتحاد الأوروبي ككل.. ويستطرد قائلا إن رغبة تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي لا تهدف لمجرد الانضمام وانما بهدف زيادة رفاهية شعبها واستمرار خطوات تقوية اقتصادها الذي يحتل المرتبة26 علي مستوي الاقتصاد العالمي وهذا لا يتم من خلال جيراننا الأوروبيين فقط وإنما لدينا الجيران من مناطق عديدة خارج أوروبا عبر أسواق آسيا وإفريقيا والمنطقة العربية وغيرها. بنك الشرق الأوسط ونسأل ايرسين اوزينجا عن رؤيته للتعاون العربي التركي في المجال المصرفي ودور مصر في هذا التعاون؟. يرد رئيس اتحاد البنوك ورئيس بنك العمل التركي قائلا إن الأزمة المالية العالمية قد خلقت واقعا اقتصاديا جديدا واتجهت الانظار لكثير من المناطق التي ستكون هي الأكثر جذبا للاستثمار في المرحلة المقبلة ومنها منطقة الشرق الأوسط كما تكشف المؤشرات ايضا عن تنامي حجم التجارة والاستثمار بين تركيا ومصر والمنطقتين العربية والإفريقية في السنوات المقبلة لذا فإنه سيكون من المفيد جدا أن ننشئ معا نحن والبلاد العربية بنكا مشتركا لخدمة منطقة الشرق الأوسط بحيث يكون غرضه الأساسي تحقيق التنمية ودعم مشروعات الاستثمار وتسهيل المعاملات التجارية وخدمة الصادرات والمشروعات الصغيرة وانا أتوقع أن يكون لمصر وتركيا دور محوري في عمل هذا البنك وقد تقدمنا بالفعل بهذه الفكرة التي تدرس علي أعلي المستويات لدينا في تركيا كما نستطيع عمل تنسيق مصرفي مشترك بين البنوك العربية والتركية عبر اتحاد البنوك التركي. ولكن متي يبدأ العمل بفرع بنك العمل التركي بمصر؟. يرد رئيس الاتحاد قائلا لقد فتحنا مكتب تمثيل فقط للبنك في مصر ولكننا تقدمنا الي البنك المركزي المصري بطلب فتح فرع ليقوم بأداء جميع الأعمال المصرفية وخدمة الاقتصاد المصري إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن بنك العمل التركي كان قد اختار الإسكندرية لتكون ثالث الفروع العالمية للبنك منذ ثلاثينات القرن الماضي وذلك في الفترة من1932 حتي1959 عندما تم أغلاق الفرع إلا أن أحساسنا بجو الثقة والطمأنينة التي ارستها حكومة مصر دفعنا للتفكير جديا في العودة لمصر مرة أخري خاصة في ظل العلاقات المميزة التي تربط البلدين وفي ظل تنامي حركة التجارة والاستثمار بينهم