هذه محاولة للتفكير بصوت مرتفع, وهدفها الوحيد هو أن تحافظ علي قوة الكنيسة الأرثوذكسية المصرية وتأخذ في اعتبارها الظروف الاجتماعية الجديدة للمرأة والرجل في الحياة المعاصرة بمصر. ودون أن نتطرق للجوانب الدينية أو العقائدية التي تحظي بكل احترام وتقدير. 1 أخطرما في قرار الكنيسة الأرثوذكسية المصرية, برفض منح التصريح بحق الزواج الثاني, للمطلقات والمطلقين, أنه يفتح الباب أمام بعض أتباعها لكي يتحولوا عنها إلي مذاهب أخري. ونحن نعرف أن هذه المسألة أي حق الطلاق والزواج, هي احدي الأدوات التي تزايدت بها قوة المذهب البروتستانتي في العالم. وقد حدث هذا علي حساب أتباع الكنيستين الأرثوذكسية, والكاثوليكية. ففي هذا الزمان, لم يعد هناك وجود لامرأة غير متعلمة, خالية من المهارات والمواهب التي لاتمنعها من الخروج لسوق العمل. وطالما أنها أصبحت قادرة علي الكسب, والانفاق علي نفسها, والاستقلال بحياتها, فهي اذن صارت تستطيع أن تحدد حياتها بالطريقة التي تريدها ليس هذا وحسب. ففي مصر اليوم, اختفت الفتاة التي تتزوج بدون رأيها هي. فإذا كان هذا هو الحال, فكيف يمكن, اجبار فتاة, ترغب في الطلاق من رجل لم تعد تريده, علي البقاء معه؟ وكيف يمكن اجبارها, أو اجبار الرجل المطلق علي عدم الزواج بأخري؟ باختصار, نحن بهذا, نزيد من مصاعب هؤلاء الناس ولن ينفع في هذا المجال الاستشهاد بالمقدسات والنصوص الانجيلية ودروس حياة السيد المسيح. فكل هذا علي الرغم من قدسيته, لن يحل المشكلة التي تستوجب ضرورة الأذن للمطلقة أو المطلق بالزواج مرة ثانية, خاصة وأنها باتت تمس عشرات الآلاف. 2 في الدول الأوروبية والولايات المتحدة, جري حل مشكلة الطلاق عن طريق تعارف المجتمع ككل وقبوله لفكرة وواقع العلاقات خارج نطاق مؤسسة الزواج. وفي حالات لا تقع تحت الحصر, وبسبب تعقيدات الانفصال أو الطلاق الكنسي عند حدوث مشكلات, يتم الاكتفاء, بإشهار العلاقة بين الرجل والمرأة. أو أن يتم الزواج في السجل المدني. هكذا تصبح لدينا علاقة علنية, ويجري فيها نسبة المواليد لامهاتهم وآبائهم, وتكون لهم كل حقوق الأولاد الموجوده في الزواج الكنسي. بل وأضافوا أخيرا حقوقا للرجل أو للمرأة لم تكن موجودة في الشريعة الكنسية في الثروة التي يحققها أي منهما أو يحققها كلاهما خلال فترة ارتباطهما معا. وفي حالة المشاهير, يجري الاتفاق علي مبالغ محددة, أو نسب مئوية معينة عند أي تسوية طلاق أو انفصال. هكذا يصبح لديهم في الغرب, قانون كنسي للزواج يهرب منه الجميع أو الغالبية العظمي, وواقع اجتماعي كاسح يقبل عليه الجميع. بالطبع, ما جعل هذا الأسلوب متاحا في أوروبا وأمريكا هو وفرة فرص العمل وسهولة اقامة حياة مستقلة لكل فرد, وانتشار التعليم, وسهولة تحقيق مستوي معيشة مرتفع. أضف إلي كل هذا, أنه ثبت ان العلاقات خارج الزواج, لا تعني أن هذه المجتمعات في حالة انحلال. فهناك قيم وأصول وقواعد مرعية من الجميع. ويكفي أننا لم نسمع عن فضيحة تضاهي فضيحة الكنيسة الكاثوليكية في أغلب بلاد العالم. فهذه الفضيحة التي ظهر منها أن بعض الرهبان دأبوا علي اغتصاب الأطفال, لم تكن تعني إلا أن النظام الجديد للعلاقات خارج النظام التقليدي للزواج تبع الكنيسة, فضائحه أقل من فضائح الحياة الكنسية ذاتها. 3 هل نقول, إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية في حاجة إلي اجتهاد جديد يسمح بالزواج للمرة الثانية؟ لماذا لا تتم اعادة تفسير النصوص المقدسة حسب مقتضيات العصر الحديث, وبطريقة تتفق مع المرأة والرجل المعاصر. في الماضي القديم, كانت المعرفة والعلم حكرا علي أشخاص بعينهم. بل ان القدرة علي قراءة النصوص المقدسة, ناهيك عن فهمها لم تكن ميسورة إلا لقلة محدودة علي أصابع اليد الواحدة, اليوم, أصبح في مقدور أي انسان أن يتوجه إلي أي مكتبة ويشتري منها نسخة من الكتاب المقدس, ويقرأها, ويفهمها كما يشاء. فمن يستطيع أن يقول للمهندس أو الطبيب أو المحامي أو الأستاذ أن عقلك قاصر عن فهم ما تقرأ؟ وأن عليك أن تلتزم فقط بما أقوله لك؟ في مسرحية بيت الدمية لهنريك إبسن, تثور نورا علي السجن الذهبي الذي يقيمه زوجها لها وتقرر الخروج إلي الحياة العريضة لتحيا كما تريد, فهل نريد من أتباع الكنيسة أن يفعلوا ذلك؟ المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن