السدود تعد بالنسبة للمقاييس الهندسية الحديثة وحتي القديمة من أعظم وأضخم الإنشاءات المدنية التي يبنيها الإنسان علي الإطلاق. وقد شهد التاريخ بناء العديد من السدود الضخمة ليس فقط لحماية البشرية من مخاطر الفيضانات وإنما للاستفادة بما تولده تلك السدود من خيرات, سواء الكهرباء, أو المياه الكافية لري مختلف المحاصيل الزراعية في أي وقت من العام. والحقيقة أن أبسط ما يقال عن السدود أنها بمثابة استغلال لقدرات الطبيعة الكامنة حيث غيرت السدود علي مدي التاريخ معالم الحضارة البشرية. وعندما رجعنا إلي التاريخ وجدنا أن السدود كبناء بشري يعد قديما جدا فقد بنيت أوائل السدود في العالم منذ نحو خمسة آلاف عام. وقد كان المصريون القدامي سباقين في هذا المجال كما ابتكروا العديد من النماذج المختلفة للسدود التي تكون كفيلة لمقاومة شدة المياه العنيفة. وبرغم ذلك فإن روايات التاريخ تقول إن أول سد بني في التاريخ هو سد مأرب الموجود بجوار مدينة مأرب اليمنية وروايات أخري تقول إن أول سدود بنيت في التاريخ كانت علي نهر دجلة بالعراق. وسواء كانت هذه الروايات صحيحة, أو لا فيكفينا أن نقول إن أقدم السدود في العالم كان في منطقة الشرق الأوسط. وحاليا, يقال إن الصينيين هم من أبرع بناة السدود في العالم وبلادهم يوجد بها نحو نصف السدود التي تم بناؤها في العالم حتي إن المقولات في هذه المسألة كثيرة لدرجة أن هناك من يقول إن الصين تبني كل عام40 سدا. الثابت الذي لا يقبل الشك أن الصين لديها أكبر سد في العالم وهو سد الأخاديد الثلاثة علي نهر اليانجستي, حيث تم بناؤه لتوفير84 مليار كيلو وات ساعة من الكهرباء سنويا بالإضافة إلي إنه يحمي نحو15 مليون شخص من الفيضانات القاتلة. وقد بلغت تكلفته نحو ما يقارب25 مليار دولار تقريبا. وصاحب فكرة إنشاء هذا السد هو سان يان سن مؤسس الثورة الديمقراطية في الصين حيث تقدم بإنشاء مشروع الأخاديد الثلاثة في عام1918, وظل المشروع موضع الدراسة والبحث لما يقرب من نصف قرن تقريبا. وجاء بعد ذلك تصديق المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني وهو أعلي هيئة في الصين وذلك عام1992. وسبب ريادة الصين في هذا المجال أن الحضارة الصينية نشأت علي ضفاف نهر اليانجستي أكبر نهر في الصين, وثالث أطول نهر في العالم. وقد كانت هناك معاناة دوما من فيضانات ذلك النهر, حيث أودي أحدث فيضان في النهر عام1998 بحياة نحو ألف شخص وتسبب في خسائر مادية كبيرة تصل إلي نحو100 مليار يوان أي21.5 مليار دولار أمريكي. أما إذا تحدثنا عن أعلي سد في العالم فسنجد أنه سد جراند ديكسانس بسويسرا. وتوجد أيضا أنواع مختلفة من السدود فهناك سدود تسمي سدود الجاذبية كسد جراند جولي في الولاياتالمتحدةالأمريكية, وبالتحديد في واشنطن. ويعد هذا السد من الأنواع المكلفة للغاية في البناء, وذلك لأنه يستهلك كميات كبيرة من مواد البناء كالأسمنت. ويعتبر هذا السد من أضخم الإنشاءات الأسمنتية في العالم. فقد استخدم هذا البناء كميات أسمنت هائلة تكفي لبناء طريق سريع يقطع الولاياتالمتحدة بالكامل. وتعادل مساحة السد أربع أضعاف مساحة قاعدة الأهرامات الثلاثة بالجيزة. كما أن المساحة التي يمكن أن يخزنها السد من المياه تبلغ421 مليار قدم مربعة, أما تكلفة بنائه فقد بلغت سنة1942 نحو300 مليون دولار أمريكي. وفي النهاية يكفي أن نشير إلي أن السدود توفر للعالم نحو19% من الطاقة الكهربائية التي يحتاج إليها, كما أنها تسهم في توفير المياه والري لنحو217 مليون هكتار من الأراضي الزراعية التي يقتات منها ملايين البشر.. وكل هذا يؤكد أن السدود واحدة من أعظم الإنشاءات الهندسية المدنية التي تشهدها الكرة الأرضية علي الإطلاق.