93 مرشحًا حتى نهاية اليوم الرابع لتلقي أوراق الترشح في كفر الشيخ    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    رئيس لجنة السياحة في "البوندستاج": مصر من أهم المقاصد السياحية عند الألمان    وزير الأشغال الفلسطيني: أكثر من 28 مستشفى خارج الخدمة و1660 مدرسة مدمرة في غزة بنسبة تتجاوز 75%    ترامب يبحث مع زيلينسكي إمكانية تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى    نتائج اليوم الأول لمنافسات الكبار ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي في العاصمة الإدارية    أعلام فلسطين حاضرة في مباراة النرويج ضد إسرائيل ب تصفيات كأس العالم (صور)    الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل طقس الأحد 12 أكتوبر 2025: شبورة صباحية وفرص أمطار خفيفة    هل متابعة الأبراج وحظك اليوم حرام أم مجرد تسلية؟.. أمين الفتوى يجيب    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    استرداد 3 حالات تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في الشرقية    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    «قولوا يا رب».. منة شلبي تعلق على أنباء ارتباطها (فيديو)    الصور الكاملة.. تامر حسني وعفروتو واحمد عصام يشعلون بورتو السخنة بأضخم حفل جماهيري ومواصفات عالمية    «نيتهم وحشة».. طارق العريان يرد على منتقدي فيلم السلم والثعبان 2    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين الإيمان والإسلام ودقة استعمال كل منهما    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    وزارة السياحة تطلق منصة "رحلة" لتنظيم الرحلات المدرسية المجانية إلى المواقع الأثرية والمتاحف    بن شرقي يحصد جائزة أفضل هدف في الجولة العاشرة من الدوري المصري    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    اجتماع تركي - سوري رفيع حول التعاون الأمني في أنقرة.. الأحد    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    فتح باب المشاركة في الدورة السابعة لملتقى أفلام المحاولة بقصر السينما    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة بسيناء    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    إنفلونزا المعدة.. تعرف على الأعراض وطرق الوقاية من العدوى    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع التطوير العمراني لعواصم المحافظات    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عن السياسة المائية لمصر
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 07 - 2009

هذا مقال أهيب فيه المسئولين فى مصر وراسمى السياسة المائية فيها بالإفصاح عن المعلومات المتاحة لهم عن السدود التى تقام حاليا على مجرى نهر النيل وعلى الأخص تلك التى أقامتها حكومتا السودان وإثيوبيا أخيرا والتى كان آخرها وأكبرها سد مروى الذى أقيم عند الجندل الرابع فى منطقة النوبة بالسودان وافتتح فى ربيع هذا العام وعلى الرغم من الأثر الواضح لهذه السدود على إمدادات المياه فى مصر فإن بيانا واحدا لم يصدر حتى اليوم عن وزارة الرى والموارد المائية المصرية وعما إذا كان بناء هذه السدود قد تم بموافقة مصر وعما إذا كانت قد وقعت بشأنها اتفاقيات لتشغيلها ومراقبتها مع حكومتى السودان وإثيوبيا.
وقد حاولت الرجوع إلى مواقع وزارات الرى والموارد المائية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا على شبكة الإنترنت فلم أجد ذكرا لأى اتفاق بين أى من هذه البلاد ومصر حول هذه السدود، إذ يبدو أن السودان وإثيوبيا قد أخذا المبادرة منفردين لبناء هذه السدود دون العودة إلى مصر بحجة أن السدود الصغيرة لن تؤثر على إمدادات مصر المائية إذ ستكون موجهة لإنتاج الكهرباء فقط أو أنها ستكون فى حالة سد مروى لاستكمال قدرة السودان التخزينية، أى استيعاب نصيبه الكامل من مياه النيل طبقا لاتفاقية سنة 1959 المبرمة بينه وبين مصر ولم يكن السودان وحتى تاريخ بناء هذا السد استوعب حصته كاملة بل كان يترك الجزء الذى لا يستخدمه لينساب إلى مصر على طول السنوات الأربعين الماضية.
ويبدو لى من استقراء فلسفة وزارة الرى والموارد المائية المصرية خلال السنوات العشر الماضية أن مصر لم تبد أى اعتراض على بناء هذه السدود التى أقامتها السودان ودول الحوض الأخرى خلال هذا العقد فقد ساد خلال هذه الفترة الاعتقاد بأن المياه والأمطار فى حوض النيل كثيرة جدا تكفى حاجات كل دول الحوض ولا تستدعى من أحد الخوف من شحها وهذه الفلسفة التى سادت دوائر وزارة الرى والموارد المائية المصرية خلال السنوات العشر الماضية كانت بلا أساس ومبنية على افتراض أن المياه الكثيرة والفائضة فى المنطقة الاستوائية فى حوض النيل يمكن أن توجه إلى جزئه الشمالى والشحيح فى المياه لمجابهة كل متطلباته المائية وهذا افتراض خاطئ لاستحالة نقل المياه الزائدة من الجنوب إلى الشمال بسبب أن النيل الأبيض الذى يفترض أن يقوم بهذه الوظيفة غير قادر عليها بسبب قدرته المحدودة على نقل المياه.
وتقع السدود التى قام السودان ببنائها على نيل النوبة عند الجنادل التى تعترض هذا الجزء من النهر.. وبالإضافة إلى سد مروى بنى سد دال عند الجندل الثانى وسد كاجابارا عند الجندل الثالث وسد دجاش عند الجندل الخامس وكلها بنيت بغرض توليد الكهرباء.
أما أكبر السدود تأثيرا على مصر التى تبنيها إثيوبيا حاليا فسيكون السد الذى يقام حاليا على مخرج بحيرة تانا والمقرر له أن يحجز قرابة ستة مليارات من الامتار المكعبة من المياه. وعلى الرغم من أن إقامة هذه السدود سيكون له أكبر الأثر على هيدرولوجية نهر النيل وعلى إمدادات المياه إلى مصر وعلى وظائف وطرق تشغيل خزان السد العالى فإن اتفاقا واحدا لم يبد أنه أبرم مع أى من حكومتى السودان أو إثيوبيا لتنظيم عمل هذه الخزانات ومراقبتها ولعل من أهم الآثار التى ستترتب على بناء السدود فى نيل النوبة بالسودان وتخزين المياه أمامها فى مسطحات واسعة هو ارتفاع نسبة المياه التى سيفقدها السودان نتيجة البخر من هذه المسطحات والتى تقدر بما يزيد على نصف نصيب السودان من المياه المقررة له طبقا لاتفاقية سنة 1959 المبرمة مع مصر مما سيزيد فى تعقيد مشاكل توزيع حصص المياه بين البلدين كما أن هذه السدود ستتسبب فى تشريد أهالى النوبة الذين تم بالفعل ترحيلهم عن بلادهم إلى مناطق جديدة بعيدة وغريبة عنهم وهو الأمر الذى تسبب فى قلاقل اجتماعية خطيرة بل وإلى دعوات انفصالية عن السودان.
وفى تصورى أن سد مروى سيكون له أكبر الأثر على السد العالى وسيقوم ببعض وظائفه إذ إنه سيحجز الطمى الذى كان يصل إلى مصر وسيتسبب فى وصول المياه إليه رائقة كما ستنتقل إلى سد مروى عملية حجز مياه الفيضانات العالية وسيبطل تبعا لذلك استخدام مفيض توشكى هذه التغييرات وغيرها الكثير سيكون لها أكبر الأثر على قواعد تشغيل السد العالى وعلى طريقة الحفاظ عليه، ولكننى فى الوقت نفسه أسلم بأن تقديرات وزارة الرى المصرية للسعة التخزينية لسد مروى صحيحة وفقا لردها المنشور يوم 22 يوليو فى صحيفة «الشروق».
وعلى الرغم من كل هذه التأثيرات الضخمة التى ستطول مصر بدءا من هذا العام فلدى انطباع بأن المسئولين فى مصر لم يأخذوا هذه التأثيرات فى اعتبارهم فقد جاء فى تصريح أخير لأحد كبار موظفى الرى والموارد المائية ما يفيد بأن موسم فيضان هذا العام سيكون مثل ما سبقه من أعوام وأن الوزارة مستعدة لاستقباله كما جرت عادتها فى كل عام.
إن الأعمال التى تنتظر وزير الرى والموارد المائية الجديدة كثيرة وعلى درجة كبيرة من الإلحاح.
ويأتى فى مقدمة هذه الأعمال وضع سياسة مائية جديدة لمصر تتسم بالشفافية والإعلان عن كل الاتفاقيات والالتزامات التى قامت بها الوزارة قبل الدول الأخرى أو المؤسسات الدولية. وكذلك مراجعة سياسة الوزارة سواء فى مد الترع الجديدة أو فى تشغيل الترع التى تم شقها ولا تعمل بأى درجة من الكفاءة والبدء فورا بإعادة بناء مركز دراسات المياه الملحق بالوزارة حتى يعود كما كان عبر تاريخه الطويل منارة للبحث العلمى المتقدم ومركزا مهما لتخطيط السياسة المائية فمن الواضح أن مصر لن تتحمل أهمال هذه المؤسسة أو نظيرتها بوزارة الزاعة وإحالة أعمالها إلى مكاتب استشارية محلية أو أجنبية فمثل هذه الإحالة لن تؤدى إلى العمل العلمى المثمر الذى يعتمد فى الأساس على الشفافية والنشر العلمى المحكم والمعلن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.