ذهبت لزيارة أحد الأماكن التاريخية غير العادية مجمع الأديان حيث يقف جامع عمرو بن العاص والكنائس السبع والمعبد اليهودي هناك, كل منها بجوار الآخر في مشهد يعبر عن الترابط والتشابك, ذهبت محملا بالإثارة والحماسة والفخر بمصر وتاريخها. شيء آخر كان معي عكر صفوي وبخر الحماسة والإثارة لدي.. إنها الكاميرا التي اعتدت أن أحملها معي دوما لألتقط بها صورا عن كل ما أشاهد وأري.. إنها هواية احملها معي كإرث.. عندما وصلت لاحظت عددا من رجال الشرطة حول المكان لتحميه, وهذا امر متوقع ومقبول بل وضروري ووقفت انتظر دوري في التفتيش والاستعلام عن هويتي, ولما جاء دوري نظر إلي الحراس بنظرة مختلفة فهمت منها أنني مختلف في شيء ولكن لم أفهم إلا بعد وهلة أن الاختلاف هو أنني مصري ولست خواجة, وبعد عدد من الأسئلة المعتادة في مثل هذه المواقف طلبوا مني الذهاب إلي الضابط المسئول, وكان برتبة عقيد, فذهبت اليه مندهشا وبادرته فورا بأنني هنا للزيارة فهذا شيء طبيعي ان أتي كمصري من أبناء الوطن لأشاهد وأتعلم وأري عظمة مصر وتاريخها فرد علي: ولكن ما هذه الكاميرا التي تحملها؟ فقلت له أهوي التصوير وسوف التقط بعض الصور للمكان فتغيرت معالم وجهه وبدا مندهشا مرتابا وقال إذا كنت تريد التصوير بالداخل, فعليك استخراج تصريح من وزارة الداخلية توضح فيه سبب التصوير وإلا فأنا مضطر ان أمنعك من الدخول بالكاميرا, فقلت له إن كل السياح يدخلون بكاميراتهم فلماذا لا أستطيع ذلك مثلهم وأنا ابن البلد فرد علي بصرامة الأمر منته, إذا أردت التصوير اذهب وصور في المطلق. المطلق كلمة خرجت من فم الضابط بعفوية شديدة فابتسمت كعادة المصري عند المصائب وضحكت بل وعلت ضحكاتي وتذكرت قول الشاعر: وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء.