ما إن تبلغ منحني الطريق الواصل مابين شارعي صلاح سالم وكورنيش النيل, حتي يخطف بصرك شيء مختلف. لمن اعتاد القاهرة, كانت المنطقة, فيما مضي, المذبح الرسمي للمدينة, أما اليوم, فقد صارت مذبحا للمرض. ورغم شكل المبني الخارجي الحديث, لايكاد الناظر يشعر بتنافره مع محيطه بمعالمه القديمة. الحديقة غاية في الروعة والبساطة تحيط بالمبني الزجاجي الذي يقف شامخا كأنه يتحدي أهوال المرض, ومرارة الإحساس بالعجز. ثم يضاعف انتباهك لافته أنيقة تحمل الاسم الذي يعتز به كل المصريين والعرب57357 مؤسسة مستشفي سرطان الأطفال. من أهم مايميز المستشفي أنه مشروع ناجح بكل المقاييس. ففي الشهور الثمانية عشر الأولي بعد افتتاحه, استقبل نحو3000 مريض من داخل مصر وخارجها, عولجوا جميعا بالمجان. ومن المتوقع أن تصل الطاقة العلاجية للمستشفي إلي2500 حالة سنويا, وهو ما يعتبر من أعلي النسب العالمية لاستقبال حالات سرطان الأطفال. كذلك يهدف المستشفي للوصول الي نسب الشفاء العالمية من مرض السرطان التي تبلغ نحو85% من عدد الحالات. في الواقع, يجسد مشروع المستشفي سيمفونية فريدة من العطاء, تعزفها كل يوم سواعد التبرعات الخالصة. فهو مشروع مستقل تماما عن الحكومة أو القطاع الخاص, يثبت دوما أن أهل الخير قادرون علي فعل المعجزات, من خلال التبرعات المادية المباشرة في البنوك المختلفة لحساب الرقم57357, الذي جرت تسمية المستشفي باسمه, إعلاء لقيمة التكاتف, الذي هو مبدأ إنساني أصيل. إنه لمن الواجب علينا جميعا أن نفخر ونزهو بهذا الصرح الطبي الشامخ, وأن نقول تعظيم سلام لمستشفي بدأ صغيرا, ثم لم يلبث أن أصبح مؤسسة عملاقة, وأضحي أملا لشفاء أطفال يحملون بسمات الأمل علي وجوههم, ووجوه ذويهم, الذين كاد اليأس يفتك بهم, قبل أن يفعلها المرض القاتل.