بعد حياة حافلة ودعت الصحافة العربية الكاتب الشهير ملحم كرم نقيب المحررين اللبنانيين صاحب شعار علمتني الحقيقة أن أكرهها فما استطعت. وملحم كرم سيبقي اسما بارزا في عالم الصحافة والكتابة. كان حريصا علي الجسد الصحفي العربي يتفاعل مع همومه وقضاياه ويتأثر دوما عندما يسمع خبرا عن رحيل قلم صحفي عربي, بل ويبادر بالرثاء والحديث عن قيمة القلم الذي رحل من المحيط إلي الخليج. يفتخر دوما بأنه يمتلك ناصية اللغة العربية ويحفظ أبياتا من الشعر العربي تسعفه في الرد وحسم المواقف حينما يحتاج الأمر إلي الحسم. لم يكن يهتم فقط بالشأن اللبناني لكنه نسج علاقات عريضة مع معظم القادة والرؤساء العرب وارتبط معهم بصلات مهنية, كان مخلصا في عمله يتابع تفاصيل التفاصيل سواء في صحيفة البيرق أو مجلة الحوادث أو لوريان لوجور الناطقة بالفرنسية, وأتذكر عندما زرته في مكتبه بمبني الصحيفة في منطقة الأشرفية فكان طوال ساعة اللقاء يتواصل بالهاتف مع المسئولين عن تحرير المجلة يطلب إبراز عنوان أو تحجيم آخر والتأكد من كل التفاصيل, وكان ذلك صباح أحد أيام الجمعة جاء استقباله حارا وأطال في الحديث عن مصر ومكانتها وعن علاقاته بالصحافة المصرية ورموزها واستفسر عن الأهرام وعن مكانتها ومدي تأثيرها في الوجدان العربي, في ذلك اليوم أهديته نسخة من روايتي الأولي الشيخ وحشي وبعد يومين اتصلت مديرة مكتبه وأخبرتني أن البيرق نشرت صورة كبيرة تجمعني بالنقيب كرم كما بث في الوكالة الوطنية للأنباء خبر استقباله لمدير مكتب الأهرام في لبنان. كان يتعامل بمنتهي الاحترام مع زملاء المهنة ولهذا ظل علي مدي نصف قرن نقيبا للمحررين في لبنان منذ ان تقلد المنصب عام1960. واعتبر عميد العمداء للمحررين والإعلاميين في لبنان, خلال الحرب اللبنانية كان نقيب المحررين يتنقل بين خطوط التماس بين المتصارعين ليطلع علي شئون وأوضاع المراسلين والصحفيين وتأمين رواتبهم. في كتاباته كان يشدد علي الوحدة الوطنية وفي زمن الصعاب كان ينقل الرسائل لإيجاد مخرج للمشاكل في الوطن.