كان الولد الشقي علي علاقة وطيدة برموز تلاوة القرآن الكريم وعلي رأسهم الشيخ مصطفي إسماعيل, لكن الأمر لم يخل من مطب لم يكن يخطر علي البال! يقول السعدني: ولقد أحببت الشيخ مصطفي إسماعيل وسرحت خلفه في كل مكان. من جامع الي مأتم, ومن سهرة الي مولد. وذات مولد وكان في بولاق ذهبت خلف الشيخ مصطفي, واقتحمت المسجد مع شلة من الأصدقاء. وجلست بجوار الدكة التي يجلس عليها الشيخ. ولم يكن المسجد مزدحما فقد كان الوقت عصرا وجموع المريدين لم تحضر بعد.. وبدأ المسجد يزدحم. والحلقة تضيق حولنا حتي لم يعد هناك مكان لقدم. وعندما حانت صلاة المغرب, هب الجميع ونحن معهم فأدينا الصلاة, ثم عدنا إلي أماكننا في انتظار قدوم الشيخ مصطفي, ولكن مر الوقت والشيخ لم يحضر.. وفجأة هب أحد الحاضرين واقفا وصرخ بشدة وهو يصفق بيديه.. الله حي الله حي.. ولم يلبث أن هب الجميع وقوفا صارخين مثله, فقد بدأت حلقة الذكر, وبدلا من أن نستمع إلي الشيخ مصطفي إسماعيل وجدنا أنفسنا رغما عنا وقوفا وسط الحلقة, نتمايل في حركات منتظمة ونصفق علي الواحدة كأننا جميعا ضباط إيقاع, حركات غريبة لم نتوقعها ومصير لم يكن في الحسبان! وحانت مني الالتفاتة الي أحد أفراد الشلة فإذا به يضحك.. ولم أستطع أن أغالب الضحك فانفجرت ضاحكا أنا الآخر. وامتدت عدوي الضحك الي كل الشلة فأنفجر الجميع ضاحكين وفورا امتدت ألف يد تصافح أقفيتنا جمع قفا, ثم امتدت ألف برطوشة نحونا واختلط الناس, لا أحد يعرف بالضبط من الذي ينبغي أن يضرب من.. فضرب الناس بعضهم بعضا, جنون ينتاب الجماهير المحتشدة عندما يثور بينهم حادث مفاجئ لم يكن أحد يتوقعه. واستطعنا وسط الفوضي أن نشق لأنفسنا طريقا نحو الخارج, ولكن بلا أحذية, وخرجنا نرمح في الشارع.. مجموعة أفندية حفاة نطلب الأمان بعيدا عن بطش الجماهير, وأقسمت من يومها ألا أذهب خلف الشيخ مصطفي اسماعيل.. واكتفيت بإشباع هوايتي في الراديو وفي المآتم المحترمة, حيث الاحتمال بسيط في أن تثور فجأة عركة بالبراطيش!