يبدو أن المشكلة السكانية سوف تحل علي يدي الحاجة كريمة!! فمن هي ؟ وما هي الأسباب التي دفعتها هي ونظيراتها من نساء محافظة أسوان إلي القيام بدور ايجابي في حل هذه المشكلة؟ هي كريمة محمد ابراهيم 53 سنة من قرية أبو الريش مركز دراو بمحافظة أسوان.. حكايتها بدأت عندما لاحظت عدم ظهور جارتها الشابة لعدة أيام وعرفت أن السبب هو اصابتها بنزيف حاد والأغرب أن زوجها يمنعها من الذهاب للطبيب, فبادرت بالحديث مع زوج جارتها وأقنعته باصطحاب زوجته للعيادة المتنقلة لتنظيم الأسرة الموجودة علي بعد خطوات من المنزل وهكذا تمكنت من انقاذها. لم تكن هذه هي أول مرة تتدخل فيها السيدة الأسوانية لانقاذ نساء قريتها.. فقد سبق للحاجة كريمة اصطحاب جارة أخري شابه للتوجه الي نفس العيادة لاستخدام وسيلة لمنع الحمل بعد ميلاد طفلتها الثانية!! فتنظيم الأسرة ورعاية الامهات هو شغلها الشاغل بعد أن مرت بتجربة لا تتمني أن يمر بها غيرها.. تحكيها بمنتهي التأثر: قلبي وجعني عندما رأيت ابني الكبير الذي كان يتمني ان يكون مهندسا لكنه ترك دراسته من سنة ثانية بالجامعة لأن والده غير قادر علي الانفاق عليه وتكرر نفس الوضع مع أخته.. فأنا أم لبنتين وولدين وزوجي عامل بسيط( جنايني), هنا قلت.. لنفسي: لو أنني كنت اكتفيت بابن أو اثنين ربما كان الحال قد تغير, لذلك أنصح أولادي بالاكتفاء بابن أو اثنين وزمان كان الناس يعتبرون العيال عزوة لكن الآن لديهم وعي وعرفوا ان العزوة ليست بالكثرة أما من لايفهم ذلك فإنني أنصحه لأنه ده دورنا إحنا الكبار. وتلتقط جارتها خيط الكلام فتقول: العيال مهما كان عددهم بيكبروا ويتجوزوا ويسيبوا أهلهم.. واللي معاها واحد زي اللي معاها عشرة, ويمكن لو ابن واحد كويس وحاله كويس يقدر يقف جنب أهله ويبقي أفضل من عشرة. هذا الكلام ومثله تردد علي لسان معظم نساء قري مركز دراو بمحافظة اسوان, والسبب توضحه الحاجة فاطمة محمد عثمان من قرية بلانة قائلة: البلد امتلأت جمعيات( تقصد جمعيات أهلية) وكل أسبوع ندوة, والكلام المقنع يؤثر في الناس, وتضيف: وعي الناس جعلهم يقللون عدد العيال والستات الآن تذهب للطبيب في الولادة وحتي في الختان فبعد أن كان يجري بالطريقة الصعبة اقتنع الناس بأنه خطأ وحتي اللي بيفكر يعمله بيستخبي لأنه حاسس إنه بيعمل حاجة غلط حتي الستات الكبار غيروا فكرهم والواحدة منهن بتنصح ابنها وبنتها بتنظيم الأسرة ولكن المهم اقناع الرجال خاصة في موضوع الخلفه. كلام الحاجة فاطمة صحح كثيرا من الاعتقاد الخاطئ بأن الحماة هي السبب في التمسك بكثرة الانجاب والختان, وأكدته الحماوات أنفسهن في لقاء خصص لمناقشتهن في اطار الاحتفالية التي أقيمت بمركز دراو بمناسبة زيارة السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية لوضع حجر الأساس لقرية الهلال الأحمر النموذجية لصالح متضرري السيول والأسر الأولي بالرعاية بالمحافظة وافتتاح مركز علاج الأورام واعلان أسوان أول محافظة مصرية مناهضة للختان, وهو الاعلان الذي وصفته السيدة سوزان مبارك بأنه بداية مرحلة مصيرية في تقدم المجتمع الأسواني. وقد استمعت قرينة الرئيس لآراء أهالي أسوان وناقشت رجال ونساء القرية وأطفالها وحرصت علي تحية طفلة من قري أسوان قامت بدور أساسي في منع ختان شقيقة صديقتها ولم تخف من الابلاغ ولم تتعرض لأي اذي. هذا ما اكدته مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان موضحة أنه في حالة الابلاغ عن حالة ختان لايتم الكشف عن اسم المبلغ بل يتم الاقناع والتفاهم في سرية تامة لحماية الطفلة المهددة بالختان, وأوصت بضرورة الربط بين خط نجدة الطفل16000 ولجان حماية الطفل والتنسيق مع المسئولين عن التفتيش والمراقبة للكشف عن الأطباء المخالفين وضمان الاستدامة في مناهضة الختان وتأهيل الطبيب ليكون قادرا علي رفض اجراء الختان والتواصل مع الأسر والتوسع في حركة شباب ضد ختان البنات. من جهة أخري أشارت الوزيرة الي تخصيص خط ساخن لمشاكل الصحة الانجابية وتنظيم الاسرة وهو1601 وحذرت الاهالي من كثرة الانجاب وتزويج البنات أصغر من18 سنة وحرمانهن من التعليم. وبعد إلقاء كلمتها والاستماع لآراء بعض سيدات وبنات أسوان طافت بالعديد من قري مركز دراو واجتمعت بأطفال ونساء ورجال وشيوخ قري غرب سهيل والأعقاب وغيرها.. وعندما علمت أن كبيرة العائلة وهي غالبا الحماة لها دور مؤثر في قرار الانجاب حرصت علي لقاء بعضهن وادارت معهن حوارا وديا انتهي باتفاق الجميع علي أن عهد المفاخرة بالعزوة قد ولي وأن من ينجب عددا كبيرا من الأبناء لا يضر نفسه فقط بل يؤثر علي المجتمع كله. وعقب اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان بأن طوابير العيش وأزمة المرور والبطالة وغيرها من الأزمات هي انعكاس طبيعي للزيادة السكانية, وأضاف أنه يقابل يوميا سيدات يطلبن المساعدة بمعاش أو دخل شهري لأن الأزواج تركوهن وأولادهن الذين يتراوح عددهم بين7 و8 ويقف عاجزا عن تقديم المساعدة التي تناسب عددهم. وفي مكتبه بديوان المحافظة استضاف اللواء مصطفي السيد الوزيرة مشيرة خطاب للقاء مجموعة من العاملين في تنظيم الأسرة الممثلين للقطاعات المختلفة بينهم مسئولون وتنفيذيون والتي ناقشتهم في أدق التفاصيل واتسع صدرها للاستماع للمشاكل التي تواجه العاملين في هذا المجال, كل هذا في اطار الحملة القومية لتنظيم الأسرة تحت شعار صحتك في تنظيم أسرتك التي يتم من خلالها الترويج لفكرة أسرة صغيرة وطفلان لكل أسرة. وقد بدأ الاعداد لهذه الحملة كما توضح د. سحر السنباطي رئيس قطاع تنظيم الأسرة بوزارة الصحة بعد ظهور نتائج المسح الصحي السكاني في يوليو عام2009, وهو البحث الذي أصبح يجري كل ثلاث سنوات وساعد علي تحديد القري والمناطق الأكثر فقرا والأكثر احتياجا للخدمات خاصة في مجال تنظيم الأسرة. وكانت البداية بمحافظة القاهرة وبورسعيد والفيوم كمرحلة أولي استهدفت29 ألف سيدة, ثم الاسكندرية وبني سويف والمنيا كمرحلة ثانية تشمل70 ألف سيدة, وضمت المرحلة الثالثة أسيوط وقنا وأسوان بالاضافة إلي محافظة الغربية وتستهدف أيضا70 ألف سيدة. وأوضحت ان الخدمات تقدم من خلال العيادات المتنقلة التي تجوب القري وتضم أطباء متخصصين ومزودة بأحدث الأجهزة وتقدم خدماتها بالمجان, وفي اطار الحملة أيضا يتم عمل التوعية من خلال نوادي المرأة التابعة لوزارة الصحة, وعددها16 ناديا علي مستوي المحافظة, والجمعيات الأهلية, ولقاءات الدوار التي يستضيفها العمدة أو كبير البلد وتطرح فيها الأسئلة ويجيب عنها المتخصصون في جلستين متوازيتين واحدة للرجال وأخري للنساء حتي لايكون هناك حرج في طرح الأسئلة, مع مراعاة وجود أنشطة جاذبة للسيدات لربط هذه اللقاءات بما يهم المرأة مثل تعلم حرفة أو استخراج بطاقة الرقم القومي, لذا تنفذ الحملة بمشاركة عدة جهات هي وزارات الصحة, والأسرة والسكان, والضمان الاجتماعي, والأوقاف, ومركز معلومات ودعم اتخاذ القرار, والهيئة العامة للاستعلامات والمجلس القومي للسكان, وفي اطار خطة استراتيجية يتم فيها تقييم العمل بمعدل ربع سنوي لتصحيح المسار وتعديل البرامج والخطط في أي مرحلة من المراحل, فهناك مؤشرات تدفعنا الي اعادة النظر في خطة العمل, مثل ما ظهر في المسح الصحي الأخير من ارتفاع معدل الزيادة السكانية في الحضر من2,5% إلي2,6% وانخفاض معدل الانجاب في الريف. وتقوم وزارة الأسرة والسكان بدور المنسق بين الجهات المعنية بالمشكلة السكانية وهي المشكلة التي كانت محل اهتمام نساء اسوان, وكان اللافت للنظر حرصهن علي الاستفادة من خدمات العيادات المتنقلة. ويبرر د. حسام عباس مدير عام صحة الأسرة بوزارة الصحة- إقبال السيدات علي الوحدات المتنقلة في أنها تذهب اليهم بجوار منازلهم وأن جميع الخدمات الصحية ووسائل منع الحمل بها تقدم بالمجان, كما أن الوحدة المتنقلة بها أجهزة طبية وأجهزة أشعة تليفزيونية( سونار) وطبيبات مدربات يقدمن الخدمات الطبية والمشورة والتوعية بأهمية التغذية السليمة والمحافظة علي الصحة, غير أننا نركز علي المرأة في مرحلة الانجاب( من20 إلي35 سنة) وعلي صحة المرأة في فترة النفاس, ومن لديها طفل أو اثنان, ومن سبق لها استخدام وسيلة لمنع الحمل ثم انقطعت عنها خلال سنة, والفحص للكشف المبكر عن الأورام وهذه الخدمات تقدمها18 سيارة( عيادة متنقلة) تعمل يوميا من التاسعة صباحا وحتي الرابعة, ويعلن عن تواجدها من خلال المساجد والكنائس والجمعيات الأهلية.