تأتي الهجمة الاوروبية- الامريكية علي بعض دول القارة الافريقية حاليا تحت شعار مكافحة الارهاب والمتشددين الإسلاميين. وعلي الرغم من حقيقة هذا الخطر الذي يجتاح صحراء القارة وعددا من دولها. الا ان الكثيرين في افريقيا يعتبرون ان هذه الهجمة ليست لاغراض سياسية فقط بل هي علي الارجح لاسباب اقتصادية ايضا. لذا, فهم يعتبرونها حملة جديدة لاستعمار افريقيا التي أكد الكثير من خبراء الاقتصاد الدوليين ان دول القارة باستطاعتها ان تصل لمصاف الدول الأوروبية الكبري بحلول عام2050, هذا ان لم تقع فريسة للغرب. لكن لابد من الاشاره هنا الي نقطتين...الاولي ان هذه الطفرة الاقتصادية التي نتحدث عنها هي لمجموع الدول الافريقية وان تقدمت احدها علي الاخري حيث تتقدم نيجيريا لمصاف منطقة البريك( البرازيل والهند وروسيا والارجنتين--) ثم تليها جنوب افريقيا, كما كان من المتوقع ان تكون مصر من بين هذه الدول' لولا ما يحدث وما نحن فيه الان'. اما النقطة الثانية فهي ان دول افريقيا ستتمتع للمرة الاولي بمكانتها كقارة حديثة السن اي ان معظم سكانها سيكونون من الشباب وهو ما تتفوق به علي القارات الاخري خاصة اوروبا. كان ينظر لافريقيا دائما علي انها القارة الغنية بالمواد الطبيعية غير المستخدمة استخداما جيدا, وبالتالي كانت دولها تقوم بالتصدير للعالم الصناعي ليستفيد هو بهذه الخيرات. اما الان فقد اصبح الوضع مختلفا. فمعظم المراكز البحثية الاقتصادية في العالم تؤكد ان الدخل القومي في افريقيا سيصل الي مثيله في دول اوروبا وامريكا مجتمعتين خلال عقدين من الزمن فقط. فالمعروف ان دخل القارة الان لا يتجاوز2 تريليون دولار ويتوقع رجال الاقتصاد ان تقدم افريقيا نموذجا جديد للتنمية سيصل بدخل دولها الي29 ترليونا في الوقت الذي سيصل فيه دخل الفرد لمثيله في المانيا الان. كل هذه الحسابات تقوم بالاساس علي عدد من المتغيرات التي طرأت علي الاوضاع في افريقيا. فالآن مثلا تعتبر الزيادة السكانية في افريقيا نعمة وليست نقمة حيث أصبحت من بين اهم المتغيرات التي ستصل بالقارة لهذه الطفرة الاقتصادية. فمن المتوقع ان يصل سكان القارة في عام2050 الي2 مليار نسمة اي ان معدل زيادة السكان فيها سيكون بنحو2.2% في حين ان دول اسيا وهي الاكثر شبابا الآن يصل معدل النمو السكاني فيها لنحو9,0%. وهكذا يكون متوسط الاعمار في منطقة شبه الصحراء حوالي5,18 عاما في الوقت الذي ستعاني فيه دول اوروبا واسيا من انخفاض في هذه الاعمار يصل الي30%. هؤلاء الشباب سيسكن حوالي40% منهم في المدن وهو ما يعني المزيد من التحول باتجاه الحضر والابتعاد عن القري وبالتالي زيادة نسب التعليم والخدمات الصحية والبنية التحتية....الخ بالاضافة الي زياده في الطلب علي المنتجات والخدمات. وتؤكد الاممالمتحده ان معدلات الزياده السكانية في11 مدينة افريقية ستماثل مدن الصين الكبري بعد عشر سنوات. وستشهد دول مثل نيجيريا زيادة في هذا الاتجاه بنحو40% فيما يؤكد الخبراء ان هذه النسبة بلغت80% في دول مثل جنوب افريقيا وانجولا. هذا التوجه الحضري يعني بالضرورة ايضا التمسك بقيم الديمقراطية ومكافحة الفساد المستشري في دول القارة. وعلي الرغم من ان دول افريقيا لن تتمكن من القضاء علي الفساد بشكل كامل او الوصول الي تاكيد قيم الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة كاملة الا ان ارتفاع مستوي المعيشة والتعليم سيقللان من نسب الفساد وسيجعلان من الطبيعي ان يطالب الشباب المتعلم بالمزيد من التوجهات الديمقراطية في بلادهم وهو ما يعول عليه رجال الاقتصاد اكثر من رجال السياسة في العالم. اما التحول الذي يبدو اكثر اهمية الان في خضم هذه التنبؤات بالتقدم والرخاء فهو القفزات السريعه التي تحاول بها دول افريقيا ان تلحق فيها بالتكنولوجيا الغربية. ولان هذه القارة شابة وكما تعلمنا من ثورات الربيع العربي عندنا, فمن المتوقع خلال عامين ان يصل مستخدمون الهاتف الجوال نحو800 مليون افريقي وتحتل نيجيريا المركز العاشر بين الاسواق العالمية الكبري في هذا السياق. وعلي الرغم من ان120 مليون افريقي فقط هم من مستخدمي الانترنت وذلك لارتفاع اسعار هذه الخدمة الا ان الاتجاه المؤكد هو الزيادة حيث تقام الكثير من المشروعات في هذا القطاع وهو ما سيؤدي غالبا لخفض التكلفة. ولاننا نعرف ان استخدام الانترنت والجوال لا يعني بالضرورة طفرة تكنولوجية فقد اكد احد المراكز البحثية الكبري في هذا المجال ان دول افريقيا اصبحت الاكثر استفادة من التقدم التكنولوجي في العالم والذي اصبح من السهل نقله وتعلمه والتعامل مع كل خبرات التكنولوجيا في كل المجالات. وعلي الرغم من ان افريقيا معروفة بثرائها الفاحش في قطاع المعادن خاصة النحاس والحديد والفحم, الا انها ستصبح من اهم اللاعبين الدوليين في مجال الطاقة وهو ما سيكون له اثر كبير في التقدم المشار اليه. ففي نهاية2010 تاكد ان افريقيا تملك5,9% من البترول الخام في العالم نحو8% من مخزون الغاز الطبيعي. والان استطاعت دول افريقيا ان تصدر بترولا للعالم بنحو235 مليار دولار بعد ان كان كل ما قامت بتصديره عام1965 قد بلغ مليار دولار فقط. لكن المؤكد ايضا ان الاكتشافات الجديدة في غانا واوغندا وناميبيا سترفع هذه المعدلات خلال الاعوام القليلة المقبلة كما كان من المتوقع ان تكون مصر علي راس القائمة الخاصة بالغاز الطبيعي- لتصبح القارة بذلك مصدرا مهما للطاقة في العالم وهو ما سيجعل الكثيرون يريدون التعاون مع دولها علي اقل تقدير.