برلمانية تتقدم بمشروع قانون بشأن مزاولة مهنة الصيادلة    وزير المالية: نراهن على القطاع الخاص لإطلاق قدرات وإمكانيات الاقتصاد المصري    توقيع 3 مذكرات تفاهم خلال انطلاق "قمة مصر للتحول الرقمي والأمن السيبراني"    محافظ مطروح يبحث مقترحات استكمال الأعمال والبنية التحتية بالمدينة    البحيرة: توريد 203 آلاف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    تقرير لشبكة يورونيوز.. مروحية الرئيس الإيراني الراحل أمريكية الصنع    شكاوى من صعوبة امتحان الهندسة للصف الثالث الإعدادي في الأقصر    ضبط 6 أشخاص سرقوا مبلغ مالى من داخل سيارة وخزينة اموال في الجيزة    مهرجان المسرح المصري يفتح باب المشاركة العروض المسرحية في الدورة 17    هل تفكر في مشاهدة فيلم ريان رينولدز IF.. إليك أحدث تقييماته وإيراداته المتوقعة    محافظ كفرالشيخ: تقديم خدمات طبية ل 1528 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بقلين    مجلس النواب يقر نهائيا مشروع قانون المنشآت الصحية    محافظ قنا يتفقد مركز تدريب السلامة والصحة المهنية بمياه قنا    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم الإثنين    طلاب الابتدائية والإعدادية الأزهرية يؤدون امتحانات العلوم والسيرة والتوحيد    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    رسميا.. فيفا يعلن إيقاف قيد الزمالك بسبب قضية روي أجواش مساعد فيريرا    صلاح: سعيد بتتويج الزمالك بالكونفدرالية    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    رسميًا.. فيفا يُعلن إيقاف الزمالك من القيد بسبب قضية ثانية    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    محمد شحاتة يكشف تفاصيل استبداله في مباراة نهضة بركان    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    لتحقيق أرباح.. حبس المتهم بالنصب مقابل شهادات دراسية    لص يقتل شخصًا تصدى له أثناء سرقة منزله بقنا    ضبط 4 متهمين ببيع الذهب الخام الناتج عن التنقيب غير الشرعي في أسوان    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    بالصور.. محافظ أسيوط يتفقد امتحانات طلاب الكلية المصرية الألمانية للتكنولوجيا    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    بالشروط ورابط التقديم.. فتح باب التقدم لبرنامج «لوريال- اليونسكو» من أجل المرأة في العلم    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    عمر الشناوي: محدش كان يعرف إني حفيد كمال الشناوي    تجميد عضوية الشيخ محمد السلكاوي بنقابة القراء    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    وزير النقل يكشف معدلات تنفيذ المرحلة الأولى لخط المترو الرابع (صور)    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    مظاهرات أمام الكنيست اليوم للمطالبة بانتخابات فورية واستبدال حكومة نتنياهو    اليوم.. "خارجية النواب" تناقش موازنة التعاون الدولي للعام المالي 2024-2025    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصايا محمد عابد الجابرى وألغازه
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 05 - 2010

لم ينل خبر رحيل المفكر المغربى البارز محمد عابد الجابرى الاهتمام الذى يستحقه فى غالبية الصحف المصرية على الرغم من أنه كان أحد العلامات البارزة فى تاريخ الفكر العربى المعاصر‏.‏ وجاءت شهرة الجابري بفضل‏'‏ ثلاثية نقد العقل العربي‏'‏ التي ألفها لدراسة المكونات والبني الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين‏,‏ ثم انتقل إلي دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي‏,‏ وانتهي خلالها الي ابتكار مصطلح‏'‏ العقل المستقيل‏'‏ ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبري لانه‏'‏ استقال‏'‏ من مهتمه
وقد دفعت هذه الثلاثية الكاتب السوري الشهير جورج طرابيشي الي اصدار كتاب ناقد لها سماه‏'‏ نقد نقد العقل العربي‏'‏ يرد فيه علي الجابري وتطور النقاش بينهما وأخذ مسارا تعصبيا واضحا في سجال نشرته صحيفة‏'‏ الحياة‏'‏ منتصف التسعينيات‏.‏
ويميل الكثير من المهتمين بتاريخ الفكر العربي المعاصر الي تصنيف أفكار الجابري في خانة‏'‏ الاسلاميين المجددين‏'‏ لانها انطلقت من فكرة مركزية حول اهمية العمل علي الاستفادة من التراث العربي ونقده وتثويره فضلا عن انطلاقه من موقف نقدي من العقل الغربي ورفضه للقياس علي ما أنجزته الحضارة الغربية التي تجاهلت من وجهة نظره منجزات العقل في مناطق جغرافية أخري خاصة في الشرق الاقصي ومصر‏,‏ واجمالا كان الراحل في كتاباته يعلي من شأن ما أسماه‏'‏ السلفية الوطنية‏'‏ التي أنجزت نموذجها التحديثي المغاير للنموذج الغربي‏,‏ واللافت ان الجمعيات الأمازيغية في المغرب اعتبرته أحد المنظرين الأساسيين لإبادة اللغة والثقافة الأمازيغية‏,‏ رغم كونه أمازيغي أصلا‏,‏ ومصدر هذا الاتهام ان افكاره انطوت بحسب هؤلاء علي الترويج المبالغ فيه للإيديولوجيا العروبية الا انه بالرغم من تلك الاتهامات لم يكن من انصار الوحدة العربية الاندماجية التي تلغي الخصوصيات القطرية‏,‏ كما انه ينل رضا الجماعات الأصولية المتشددة التي هاجمت بشده كتابه‏'‏ مدخل إلي القرآن الكريم‏',‏ الذي تضمن فصلا بعنوان‏'‏ جمع القرآن ومسألة الزيادة فيه والنقصان‏'‏ وتعرضه لقضية اشكالية بشأن جمع القرآن الكريم في زمن عثمان أو قبل ذلك‏,‏ لانه رأي ان الذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين‏,‏ غير ان افكار الجابري وجدت اهتماما كبيرا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي علي خلفية المعركة الفكرية الشهيرة التي خاضها مع المفكر الدكتور حسن حنفي أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وهي معركة نشرت وقائعها علي صفحات مجلة‏'‏ اليوم السابع‏'‏ التي كانت تصدر في باريس ثم صدرت في كتاب بعنوان حوار المشرق والمغرب وجد رواجا كبيرا وصدر في عدة طبعات‏.‏
وتكمن أهمية هذا الكتاب من انه يحدد الملامح الرئيسية لمشروع الجابري ويرسم مسارات واضحة للتعامل معها بفضل اللغة البسيطة التي كتب بها وتعرض فيها لأمور غاية في الاهمية لا تتصل فقط بحاضر العقل العربي وانما بتاريخه وماضيه وسعيه نحو المستقبل ومن ثم يمكن اعتبار ما جاء فيها أقرب للوصايا الفكرية أو الخلاصات إن جاز التعبير‏.‏
وأولي النقاط التي أثارها الجابري في نقاشه مع حنفي حاجة القوي الفكرية والسياسية الي الانضواء في صيغة جبهوية لمواجهة ما أسماه‏'‏ المصير المشترك‏'‏ لافتا الي ان الخلاف الايديولوجي شيء مشروع ويفرضه الواقع والمصالح ويجب ان يحميه القانون ولكن عندما تكون القضية المطروحة قضية قومية وطنية مثل النهضة والتنمية والعقلانية والديموقراطية فلابد من حد أدني للعمل المشترك لانه لا توجد قوي ايديولوجية في العالم العربي تستطيع وحدها انجاز تلك المهام‏.‏
وأذكر ان ما ردده الجابري بشأن موقفه من العلمانية كان من أكثر نقاط الحوار إثارة للجدل فقد رأي انه من الضروري استبعاد‏'‏ شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي وتعويضه بشعاري الديموقراطية والعقلانية فهما اللذان يعبران من وجهة نظره عن حاجات المجتمع العربي‏,‏ فالعلمانية بمعني فصل الدين عن الدولة غير ذات موضوع في الاسلام لانه ليس فيه سلطة دينية‏(‏ رجال الكنيسة‏)‏ وهي فكرة وقف ضدها تماما جورج طرابيشي معتبرا انها دليل علي توقف النخبة العربية عن التفكير ومؤكدا ان الجابري لا يختلف في معالجته لهذه النقطة عن معالجات السلفيين ذلك علي الرغم من الاشارات التي أوردها الجابري في مؤلفاته بشأن شكل الدولة في الاسلام فهي بنص كلامه من الأمور التي تركها الاسلام لاجتهاد المسلمين يتصرفون فيها حسب ما تمليه المنفعة والمصلحة وحسب مقاييس كل عصر‏,‏ لذلك لم يكف الراحل ابدا عن الدعوة لاقامة الديموقراطية وبناء دولة المؤسسات ورفض إلهامات‏'‏ الزعيم المنتظر‏'‏ الذي قد يأتي ولا يأتي‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.