حتي أمس كانت موجة مظاهرات الغضب العراقية ضد حكومة نوري المالكي, مقتصرة بالأساس علي ثلاث محافظات تسكنها غالبية سنية هي, نينوي والانبار وصلاح الدين. لكن حدث تحول مهم بانضمام مدينة النجف الشيعية إلي قائمة الغاضبين من المالكي, حيث شارك قرابة700 إلف شخص في مظاهرة حاشدة, للمطالبة بإلغاء قانون الإرهاب الذي تستخدمه الحكومة ضد معارضيها. ولا شك في أن هذا التحول يخرج الغضب العراقي من دائرة البعد الطائفي اي أن السنة وهم الأقلية يحتجون علي حكم الأغلبية الشيعية, ويعكس أن العوامل المحفزة علي اشتعاله محل توافق وطني, فالمالكي حتي هذه اللحظة يعاند الحقائق علي ارض الواقع مما يضع العراق في مأزق رهيب, لأنه سيغذي النزعة الانفصالية, وسيعني عمليا تقسيم بلاد الرافدين إلي دويلات للأكراد والسنة والشيعة, وستدخل المنطقة بعدها في أزمات لا تعد ولا تحصي, نتيجة التجاذبات التالية علي اندلاعها. ومن ثم يتعين علي رئيس الوزراء العراقي أن ينحي جانبا فكرة سيطرة الأغلبية الشيعية علي مقاليد السلطة, وان يغلب المصلحة الوطنية, فالعراق تخلص من نظام صدام حسين الديكتاتوري ليستبدل بأخر ديمقراطي يراعي المواطن واحتياجاته وليس إساءة استغلال السلطة, وإحياء الدولة البوليسية وإرهاب المعارضين. ومن واجب العرب أن يمدوا أيديهم لبغداد ومخاطبة قادتها لتهدئة الأزمة والتجاوب مع المطالبة والدعوات المشروعة للعراقيين, تجنبا لتفسخ وانقسام البلاد, وانزلاقها إلي حرب أهلية لن تبقي علي الأخضر واليابس, وما تجربة سوريا عنهم ببعيد. فالنظام السوري رفض الاستجابة لطلبات بسيطة لاهالي تعرض أطفالهم لتعذيب وحشي علي يد الأجهزة الأمنية, وعاند متصورا أن ذلك سيبث الرعب والخوف في نفوس شعبه, لكنه لم يدرك إلا بعد فوات الأوان أنه بهذا اخرج المارد من قمقمه ولن يعود إليه مرة أخري.