التجاوزات والمخالفات في مجال البناء كانت تتم بالوساطة والمحسوبية وكان التصالح مبررا لاستمرارها والسكوت عنها, فهو قانوني ولا أحد يمكنه الاعتراض طالما تم تقنين الوضع. وكانت للمخالفات مواسم مثل ليالي رمضان وأيام الاعياد والاجازات الرسمية التي يعلو فيها البناء لكن اشهر المواسم علي الاطلاق هو الانتخابات التي تنشغل فيها أجهزة المحليات والشرطة ويقدم فيها المرشحون كل التسهيلات للمخالفين كنوع من الرشوة! يؤكد المهندس محمد الحسيني( رئيس حي حدائق حلوان والمعصرة) أن الأحياء ليست دائما هي المتهمة او المسئولة عن المخالفات في ظل وجود وساطة ومحسوبية ورشوة, فالمخالف يقيم البناء, وهو يعلم أنه في الوقت المناسب في انتخابات مجلس الشعب مثلا ستكون الرشوة الانتخابية هي السبب في توصيل المرافق لبنائه المخالف برغم أنف الحي والإسكان وأكبر دليل علي ذلك الأبراج المخالفة الموجودة علي طريق المعصرة منذ عام2006, وتعشش فيها الخفافيش, وصاحبها ينتظر الوقت المناسب لتوصيل المرافق لها وبرغم أن محافظ حلوان اصدر قرارا بالتصالح علي ان يدفع المخالف مبلغا عن كل متر ليدخل صندوق الإسكان بالمحافظة, ومع ذلك رفض أصحاب الأبراج تنفيذ قرار التصالح أو قرار الهدم الذي أصدره جهاز شئون الإسكان في الوزارة ومازالت ضغوطهم مستمرة لانتهاز الفرصة لإدخال المرافق وربما يتم ذلك مع الانتخابات القادمة! حل مشكلة مخالفات البناء في رأيي خاصة أنني عملت في رئاسة احياء عديدة منها زينهم والسيدة زينب والحوامدية وشبرا وكلها بها مخالفات يضيف هو وجود شرطة متخصصة للمحليات لديها إمكانات ومعدات إزالة وايضا وجود تعاون وثيق بين المحليات والشرطة والقضاء في مواجهة المخالفين الذين يتسببون في إهدار الثروة العقارية وتدمير حياة اسر بأكملها ولابد من عقاب رادع يواجه هؤلاء من حبس وغرامة كبيرة تجعلهم عبرة لغيرهم وإزالة المباني المخالفة علي نفقة المخالفين. والأهم من كل ذلك يتابع هو القضاء علي الوساطة في هذا الموضوع فلا يتدخل اي مسئول أو عضو برلماني لمساعدة مخالف في إقامة برج لأن هذه الوساطة هي التي تعطي الفرصة لأي مخالف لأن يستمر في تحدي القانون وارتكاب التجاوزات وهو يعلم أن هناك من يسانده. والمشكلة تتضاعف عندما تقام المباني فوق الأرض الزراعية فهذه المباني حتي لو تمت إزالتها فإن الارض لن تصلح للزراعة مرة أخري! لذلك أقول يواصل إن القانون عاجز والموظف المسئول في الحي ايضا ولابد من التصدي بقوة للمخالفين وأن يستمر الإعلام في التركيز علي هذه القضية, وأيضا هناك نوع من المخالفات يتمثل في تعلية أدوار بالمخالفة وقرار الإزالة لا يتم بحجة الدراسات الأمنية, ووجود سكان والمخالفة الغالب يتصرف ببلطجة ضاربا عرض الحائط بالقوانين ولابد من تغليظ العقوبة عليه لكي يرتدع. عجز في المهندسين يقول المهندس علي محمد جمال( رئيس حي جنوبالجيزة): إن المواطن الذي يحترم القانون ويريد إقامة مبني يتقدم بطلب ترخيص ورسوماته الهندسية للحي لمراجعتها طبقا للقانون والمطابقة مع الجهات الأخري المختصة مثل الدفاع المدني والصرف الصحي والكهرباء والمياه, وبعد تجميع الموافقات الخارجية والمجمعة العشرية للرسومات يتم العرض علي إدارة الأملاك ونزع الملكية والتحسين والتخطيط العمراني والتقسيم ليصدر الترخيص, وكل فترة يمر المهندس علي المكان للتفتيش ولو حدثت مخالفات عن الرسوم مثل ارتفاعات بروز واجهات مختلفة تحرر محاضر ولا يتم توصيل المرافق إلا بعد إزالة المخالفات. وغالبية الابنية تبني بدون ترخيص للأسف يضيف ويتم اكتشاف ذلك عند مرور المهندس الخاص بالحي ويتم تحرير محاضر وصدور قرار بإيقاف أعمال البناء وإبلاغ قسم الشرطة, ويؤخذ إقرار علي الشخص المخالف بعدم استكمال البناء, وعلي الجانب الإداري أن يمارس سلطاته في التحفظ علي التشوينات الموجودة من الحديد والخشب والأسمنت. ودوري كرئيس للحي يوضح هو أن أعرض علي المحافظ قرار الإزالة للمبني المخالف للتصديق عليه وندخل بعد ذلك في قصة الدراسات الأمنية, ويحدد الأمن موعدا للإزالة وهناك لجان للتنفيذ في الحي ويحضر رئيس الحي تنفيذ الإزالة. لكن هناك عقبات في هذه القصة يشير إليها أولا: وجود نقص في عدد مهندسي الأحياء الذين يمرون لاكتشاف المخالفات فهذه الفئة تتهرب من العمل بسبب ضعف الراتب, وعلي سبيل المثال حي جنوبالجيزة نحتاج الي عشرة من المهندسين والموجود بالفعل إثنان فقط, كما أن هناك نقصا في الإمكانات وبشكل عام فإن البناء بدون وترخيص منتشر علي مستوي الدولة كلها خاصة في المناطق العشوائية مثل إمبابة ومنشية ناصر في القاهرة وفي حلوان والمنيب والقصبجي بالجيزة. أما لماذا يخالف المواطن فلأنه لا يصبر حتي يصدر الترخيص والقانون قد حدد مدة لصدوره خلال شهر وهي تمتد الي ثلاثة اشهر واحيانا لايحصل علي الرخصة لأسباب مختلفة مثل عرض الشارع الذي قد يكون ثلاثة أمتار والقانون حدد الحد الأدني له لكي يتم البناء بثمانية أمتار. شروط.. وأدوار يحدد عبد العزيز طلبه( رئيس حي الزاوية الحمراء شروط الترخيص التي يتهرب منها المخالف فيقول: اي مالك لكي يحصل علي ترخيص يتقدم بثلاثة ملفات الاول: صلاحية الموقع طبقا للقانون ومرفق به عقد الملكية ويتقدم مكتب استشاري متعاقد معه بالرسومات الهندسية التي يجب ان تراعي عرض الشارع والارتفاعات ولو ثبت مطابقة كل ذلك يحصل علي الترخيص, ثم يقوم مهندس الحي بالمرور علي المبني كل شهر للتأكد من أن البناء غير مخالف كنوع من المتابعة في التنفيذ, في نفس الوقت الذي يجب أن يتقدم فيه المهندس الاستشاري كل ثلاثة اشهر بتقرير للحي للمتابعة, وبعد إقامة المبني يحصل المالك علي ملف مطابقة او صلاحية للسماح له بإدخال المرافق طبقا للقانون رقم119 لسنة2008. والسؤال: كيف تظهر هذه المخالفات وما دور الحي فيها ؟ الرد هو أن هناك نقصا في الامكانات والمهندسين وبالتالي لا تتم عملية المرور كما ينبغي وهناك بالتالي تقصير في هذا الجانب وأحيانا يتعرض المهندس للضرب من جانب البلطجي المخالف, ويصراحة هناك ضغوط يتعرض لها مهندسو الحي المكلف بالمرور فمرتبه300 جنيه, وهو مبلغ غير كاف علي الإطلاق لمواجهة متطلبات المعيشة ثم إنه موضع اتهام دائما( بالحق والباطل) لذلك يهرب الكثير منهم من هذا العمل, ولا يقبل التعيين في المحليات.