بعيداً عن واقعة محافظ القاهرة ورجل الأعمال مصطفي السلاب التي طغت علي سطح كلام الناس خلال الأيام الماضية، تعيش شوارع كاملة تحت مسمي أبراج المخالفات في محافظة الجيزة. رصدت العالم اليوم "الأسبوعي" هذه المناطق التي تبهرك بجمال أبراجها ولكنها للأسف تقع تحت بند مخالفات قانون الإسكان سواء كان القانون القديم أو الجديد 119 لسنة 1998. ونناقش خلال السطور التالية هذه الظاهرة التي أصبحت مثار شكوي من وقع في حبائلها واشتري فيها ليجد أن ماله قد ضاع لصدور قرارات هدم العقار الذي اشتري فيه، أو أنه يعيش بلا مرافق حية غير آدمية.. وربما ينتظر في أي لحظة رجال الحي ليهدموه!! وهكذا تحدث كل الأطراف بصراحة: استشرت بشكل مبالغ فيه ظاهرة المباني المخالفة سواء المقامة بدون ترخيص أو المبنية علي أراض زراعية أو المخالفة لشروط الترخيص، ويصطدم المواطن الغلبان هنا بوجود شوارع بل مناطق بأكملها "مخالفة" ولكن بعد أن يكون قد وقع في الورطة وتم النصب عليه لقلة الخبرة وعدم الوعي الكافي بضرورة التأكد من رخصة العقار قبل الشراء حتي لا يقع المواطن ضحية المقاولين الذين يفتقدون إلي الضمير وليس لديهم الوازع الذي يردعهم، إضافة إلي أن الحي أصبح مكانا يجب أن تحصل علي ظهر قبل أن تدخله لمجرد السؤال عن الوضع القانوني للمسكن الذي ترغب في شرائه. وحتي لا تضيع "تحويشة عمره" التي عاني الكثيرون سنوات لشراء شقة للزواج فيها أو للإقامة فيها مع أسرته، كان سؤال المواطنين المحير: لماذا تنتظر المحافظة والاحياء قيام المقاول ببناء العقار المخالف دون محاربة المخالفة منذ البداية؟ أم انهم ينتظرون السبوبة؟! ويبرئ المقاولون أنفسهم ويبررون قيامهم بالمخالفة في البناء لأن الرخصة محددة الأدوار لا تسمح وتقتصر فقط علي مرة ونصف المرة من عرض الشارع وهو ما يجعل العائد من البناء غير مجدٍ. وأوضحوا أن العائد من بيع العقارات في عمارة مرخصة لا يغطي تكلفة البناء إلا في الشوارع الرئيسية لارتفاع الأدوار وارتفاع سعر الوحدة العقارية أيضا بعكس الحال في الشوارع الضيقة التي لا تسمح إلا ببناء 5 أو 6 أدوار، مما يدفع الحي إلي إزالة الأدوار المخالفة ولكي يتم إعادتها يتم سداد مبالغ لإعادة بناء كل دور حتي يتم تسكينه بسرعة في غفلة من المحافظة. كما أن للمحافظة وجهة نظر أخري في الموضوع حيث يؤكد المسئولون أن الإزالات يتم تنفيذها علي قدم وساق، ولا يوجد إهمال ولا تصالح مع المخالفين كما ينص قانون 119 لسنة ،1998 ولا تتم المخالفات سوي في أيام الإجازات والأعياد خاصة في الليل حتي لا تشعر الجهات الرقابية بهم.. ويسخرون من ذلك بقولهم: "علي أساس أن العقار سيلبس طقية الإخفاء ليختفي بالنهار ويظهر بالليل"!! أوضاع مأساوية نبدأ الجولة بالمواطنين حيث توضح لنا داليا سلامة "ربة منزل" أنها تسكن في شارع فيصل والبرج الذي تسكن فيه مخالف دورين وجاءت لجنة من الحي وكسروا الأسقف والحوائط في الدورين.. وتقول: شعرت أننا في حالة حرب وتحملنا التأثيرات التي قد تهدد العقار وقلنا لأنفسنا لقد استرحنا من الصداع بعد الانتهاء، وتضيف: لكن المفاجأة أن الحي قد حصل علي 35 ألف جنيه ليقوم صاحب العقار بترميم الدورين من جديد ليعود كل شيء كما كان ولا توجد أي مشكلة ولا ندري أهي "سبوبة" والسلام، أم أن الأمر قانوني؟!! ويعلق أحمد رأفت بأن البرج الموجود في شارع العشرين كان به مشكلات إزالة لأنه مرخص حتي الدور الثامن، وقام المقاول بالبناء للدور العاشر، ليقوم الحي بهدم الدورين المخالفين وتسقيط الحوائط والأسقف فقام المقاول بدفع 15 ألف جنيه لكل دور وإعادة بنائه، وحدث ذلك قبل 3 أعوام، ويقول: أنا لا أعلم التسعيرة الآن، ولكني أتوقع أنها ارتفعت، ويبدو أن الكل لا يعلم أن الأوضاع تختلف بين ما بعد وقبل صدور القانون 119 حيث لا يجوز من بعده التصالح في المخالفات. ويقترح رأفت أنه مادام المقاول مخالفا، في كل الأحوال أن يتم تقنين الأوضاع وتوفيقها مع المحافظة ومحاولة إصدار قرار تسوية أو تعلية قانونية مادام حالة العقار تسمح من خلال مهندسين موثوق فيهم من المحافظة وفي هذه الحالة ستذهب الأموال الإضافية للحكومة، وليست لمجموعة مرتزقة ومرتشين.