فى خطوة تمثل بداية مرحلة جديدة لدور القطاع الخاص فى الاقتصاد القومى طرحت الحكومة مشروع قانون الشراكة مع القطاع الخاص. وذلك لتكون بمثابة اعلان عن التوسع في دور رأس المال الخاص( المصري, الأجنبي) في مشروعات البنية الأساسية وقطاعات الخدمات، وهذا عبر أشكال مختلفة من العلاقات والأدوار لكل من الحكومة والقطاع الخاص في الإدارة والتمويل والتنفيذ والتشغيل والملكية, لمشروعات الشراكة. يترتب علي إعمال القانون ما يمكن وصفه بتبادل المواقع بين القطاع الخاص والشركات العامة, أو هو بين المال العام والخاص في النشاط الاقتصادي. خاصة لما يترتب عليه من خصخصة بعض القطاعات تدريجيا, وتحويل بعض الشركات العامة إلي شركات مساهمة ودخول أخري في برنامج إدارة الأصو ل المملو كة للدولة. كما يتوقع ظهور تحالفات جديدة بين شركات مصرية وأخري أجنبية لها خبرتها في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية والخدمات. { حول مشروع القانون المطروح بما يمثله من خصخصة للمرافق علي المدي الطويل, وتحرير أسعار الخدمات التي تقدمها القطاعات المختلفة وإمكانية أن يقوم القطاع الخاص المصري في بإنشاء وإدارة هذه المرافق, وفقا للنظم المعروفة في هذه المجالات والإنشاء والتملك والتشغيل أو الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية أو بتحويل من الحكومة والتأجير للشركة أو غيرها.. طرحت السؤال علي أحد الرموز الكبيرة من الذين عملوا في قطاع الاسكان والمرافق خلال الفترة منذ الستينيات وحتي أواخر الثمانينيات, وكانت له خبرة بالمشروعات القومية الضخمة وهو المهندس حسب الله الكفراوي قال( منذ زمن وسنوات طويلة, قبل الثورة كانت شركات المياه يديرها القطاع الخاص, وكانت الكهرباء تديرها شركة خاصة أجنبية إسمها شركة ليبون لكنه طرح السؤال: هل يصلح ذلك في الوقت الحالي. وقد طرحت هذه الملاحظة علي الدكتور شريف دلاور الخبير الاقتصادي الذي أبدي تحفظه فيما يتعلق بما يثار من أن القطاع الخاص المصري قام بدور في مجال مشروعات المرافق في فترات سابقة قائلا إننا عندما نتحدث عن مصر قبل ثورة يوليو فإننا نتحدث عن دولة كان أغلب نشاطها الاقتصادي مملوكا للأجانب, البنوك أجنبية, شركات المرافق في كل المجالات تقريبا( الكهرباء, الغاز, المياه) كانت مملوكة للأجانب, فقطاع الكهرباء علي سبيل المثال كانت تمتلكه وتديره بترخيص من الحكومة المصرية شركة ليبون البلجيكية وفيما عدا ذلك كان رجل الأعمال عبداللطيف أبو رجيلة يمتل ك شركة للنقل الداخلي ورجل الأعمال عبود يمتلك شركة للنقل البحري. ويري الدكتور شريف دلاور أنه لا يجوز المقارنة بين أداء القطاع الخاص المصري في كل من الفترة قبل الثورة, والفترة الراهنة لأن لكل منهما عوامل تاريخية واقتصادية مختلفة ولكل منهما اسهاماته وأوجه فشله وفي كل الحالات فإنه من الضروري أن تتوافر معايير لاختيار الشركات التي تتولي إنشاء مشروعات البنية الأساسية وهي الملاءة المالية, والخبرة التكنولوجية وتوافر العنصر البشري اللازم لهذه المشروعات. ويطرح الخبراء عدة اقتراحات لتجنب مشكلات الشراكة أولها: ألا تقوم الحكومة بتعميم مشروعات الشراكة في كل قطاعات البنية الأساسية والخدمات في المرحلة الحالية. لأن دخول القطاع الخاص هذه المجالات من خلال عقود الشراكة يختلف عن دخوله سابقا في خلال القوانين الأخري التي يدخل فيها كمنفذ لمشروعات تمتلكها الدولة. كما يشير الدكتور حمدي عبدالعظيم إلي ضرورة وضع ضمانات تمنع استخدام الشركات الأجنبية الودائع الموجود ة بالبنوك المصرية من تمويل هذه المشروعات. ويقترج الدكتور شريف دلاور أن يقوم القطاع الخاص بتنفيذ المشروعات غير الاستراتيجية والمشروعات التي يمكن أن تحقق له ربحية مثل محطات تحلية المياه في المناطق والقري السياحية التي تحتاج إلي تكنولوجيا ويمكن ألا تدخل الحكومة فيها بتسعير المياه ومشروعات توفير المياه, للملاعب والأندية خاصة الجولف. وبالنسبة لقطاع الكهرباء فيقترح أن تقوم الشركات الخاصة بعمل المقايسات اللازمة لتوصيل الكهرباء اللازمة للمصانع وتحصيلها بنظام القسط مما يخفف العبء علي المستثمر بدلا من دفع مبالغ نقدية كبيرة للجهات الحكومية. وعلي الرغم من كل ما يوصف به مشروع القانون من أنه يتضمن ضوابط تمنع الفساد نهائيا و30 معيارا لاختيار الطرف الشري ك في المشروع إلا أن التجربة أثبتت أن نصوص العقد ليست شرطا لتنفيذ المستثمر التزاماته, وهو ما يلفت اليه الدكتور إبراهيم فوزي رئيس هيئة الاستثمار الأسبق ووزير الصناعة الأسبق لأن الحكومة تتغاضي في بعض الحالات عن بعض الأخطاء فهي كثيرا ما تخلط بين تشجيع وجذب الاستثمار وبين ضرورة مراجعة ومحاسبة المستثمر عند اخلاله بشروط العقد. ويشير إلي مثال لذلك قيام شركات الأسمنت الأجنبية برفع الأسعار, رغم أنها تحقق أرباحا كبيرة. وكذلك توقيع عقود الغاز لفترة طويلة, تمتد إلي20 عاما وبأسعار منخفضة. ويطالب بمتابعة ومراقبة الحكومة لمشروعات الشراكة والتدخل لتحديد أسعار الخدمات وأن تلتزم بنصوص القانون والعقود المبرمة مع الشركات ومراعاة عدم تكرار التجاوزات التي أثيرت في تنفيذ برنامج خصخصة شركات قطاع الأعمال العام. وتعكس آراء الكثير من الخبراء مطلبا مهما بدراسة تجارب الدول الأخري في الشراكة مع القطاع الخاص في مشروعات الخدمات والبنية الأساسية. وتري الدكتورة سهير أبو العينين مدير مركز العلاقات الاقتصادية الدولية بمعهد التخطيط القومي ضرورة أن تتخير الجهات المسئولة وضع شروط جيدة في التعاقد لضمان عدم حدوث تجاوزات, والاستفادة من خبرات الدول الأخري في تطبيق الشراكة حيث يوجد عدد من الملاحظات أشارت اليها التقارير الرسمية التي أصدرتها بعض الدول التي دخلت مشروعات الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص منذ فترة والتي تشير إلي أن هناك دولا تمت فيها مشروعات الشراكة دون حدوث مشكلات مثل كندا وبعض المناطق في الهند وانجلترا وجنوب أفريقيا ولكن في بعض الدول مثل استراليا ونيوزيلاند ودول وسط وشرق أوروبا وفي المملكة المتحدة حدثت مشكلات وأن هذه المعوقات كان أغلبها ناتجا من أن المستثمر يحصل علي عائد من المشروع أكبر من سعر الفائد ة علي سندات الحكومة, بما يسبب ارتفاع التكلفة بنسب تتراوح بين7,5% و15% ويصل إلي20% في بعض المشروعات رغم أن معظم المخاطر التي ترتبط بالمشروع تتحملها الدولة. بل إنه في معظم الدول كانت نماذج لتمويل التي طرحت أقل جودة وأكثر تكلفة من نماذج التمويل الحكومي وقد أصدرت بعض هذه الدول تقارير ذكرت فيها أن تقييم مزايا الشراكة مع القطاع الخاص والتعقيدات الذي تتضمنها إجراءات التعاقد والجمود التي يكتنف هذا التعاقد لطول فترته. وتنصح دول أخري بوقف الشراكة لحين تقييم الآثار طويلة الأجل للمشروعات.