دائما ما تشكو الدولة من التعدي علي أملاكها من جانب بعض الافراد وتجار الاراضي.. ولكن كيف يكون الأمر عندما تتعدي الدولة علي أملاكها, بمعني تعدي أحد أجهزة الدولة أو مؤسساتها علي أملاك جهة أخري تابعة للدولة أيضا فإن يعتدي بعض الافراد علي أملاك الدولة أو أراضي الأوقاف أو طرح النهر فذلك من الأمور التي أصبح يألفها الناس خاصة بعد الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد خلال الفترة الماضية, لكن غير المألوف هو تعدي بعض الجهات والمصالح الحكومية علي هذه الأراضي علي اعتبار أنهم يجب أن يكونوا قدوة للآخرين فضلا عن كونهم حماة هذه الأملاك. ومن بين أهم أسباب التعدي علي أملاك الدولة ضعف قبضة الدولة في الفترة الأخيرة وتنازع الوزارات والهيئات الحكومية علي هذه الملكية, وكذلك الصراع الدائر بين المحافظات ووزارة الزراعة في تقنين أراضي الاستصلاح لواضعي اليد وتضارب الاختصاصات بين أجهزة الدولة والصراع بين بعضها البعض, حيث لايزال المحافظون بدون صلاحيات حقيقية للتصرف في الاراضي الواقعة داخل زمام محافظاتهم, وترفض وزارة الزراعة تدخل المحافظين في بيع الأراضي وفي الوقت نفسه تماطل في بيع الاراضي للمستثمرين الجادين والنتيجة ظهور مافيا الأراضي مما يهدر علي الدولة آلاف الأفدنة ومئات الملايين من الجنيهات. وتعد أراضي الأوقاف والآثار وطرح نهر النيل الأكثر عرضة لهذه التعديات. المنصورة المحاسبات يكشف مخالفات ضباط أمن الدولة علي النيل عطية عبدالحميد ومحمد عطية في الوقت الذي أكد فيه علي ابراهيم مدير عام إدارة الأملاك بمحافظة الدقهلية عدم وجود اعتداءات من قبل جهات حكومية علي أرض مملوكة للدولة بالمحافظة.. فإن تعديات بعض هذه الجهات علي أراضي نهر النيل بمدينتي المنصورةوطلخا تعد مثلا صارخا للغاية والمثال الأبرز علي ذلك تعدي عدد من ضباط أمن الدولة سابقا علي مساحة1400 متر مربع أقاموا عليها برجا سكنيا علي شاطيء النهر مباشرة دون مراعاة مسافة ال30 مترا التي ينص القانون علي وجوب تركها بين الشاطيء وأي مبني يقام بالقرب منها ولكن حدث ذلك في عام2010 في ظل النظام البائد, وقد أعد الجهاز المركزي للمحاسبات فرع المنصورة تقريرا رفعه الي المستشار هشام جنينه رئيس الجهاز. وأكد أحد المصادر للأهرام أن المستشار جنينه في طريقه خلال أيام لرفع هذا التقرير الي النائب العام المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود لاتخاذ قرار بشأنه.. خاصة أن معظم ضباط أمن الدولة سابقا الذين استفادوا من إقامة البرج والحصول علي وحدات سكنية فيه قاموا ببيعها لعدد من أعضاء الحزب الوطني المنحل المتقدمين بطلبات للترشح لخوض انتخابات مجلس الشعب التي اجريت في عام2010 علي قوائم الحزب ووصل ثمن الوحدة السكنية الي نحو مليون جنيه. صورة صارخة أخري لتعديات جهاز الشرطة علي نهر النيل في ظل نظام المخلوع عندما قام المسئولون بمديرية أمن الدقهلية بإقامة نادي التجديف لضباط الشرطة بالمنصورة علي شاطيء النهر وبعد استقطاع جزء من حديقة جزيرة الورد الشهيرة.. صورة ثالثة لمحاولات بعض ضباط الشرطة السطو علي أراضي أملاك الدولة باسم القانون حيث خصص أحد محافظي الدقهلية منذ نحو5 سنوات مساحة32 ألف متر مربع تقريبا بمدينة جمصه لعدد من كبار رجال الشرطة لإقامة ما سمي وقتها بقرية الصفوة وكاد المشروع ان يتم لولا قيام ثورة25 يناير, أما الصورة الرابعة لوزارة الصحة التي أقامت جزءا من مستشفي طلخا المركزي علي جزء من أراضي طرح النهر. أما المشهد الخامس فكان من نصيب الوحدة المحلية لمدينة طلخا التي أقامت ناديا للعاملين بها علي شاطيء النيل بجوار كوبري طلخا في تقليد أعمي لمن سبقهم من المواطنين والنقابات المهنية في استمراء التعدي علي شاطيء وجسر النيل. أسيوط تأشيرة سياسية تهدر20 فدانا للأوقاف حمادة سعيد في أسيوط صورة أخري بطلها هيئة الأوقاف المصرية عندما قامت بالمخالفة للقانون بالتفريط في نحو عشرين فدانا قيمة الوقف الخيري الذي وهبه الأنبا ميخائيل نخلة بأبو تيج من مجموع35 فدانا و7 قراريط و8 أسهم هي قيمة الوقف علي أن تؤول حصة منه لتصرف علي المدارس والمستشفيات بتأشيرة سياسية في تحد لقانون هيئة الأوقاف المصرية. ترجع وقائع الموضوع إلي تاريخ31 ديسمبر عام1987 عندما بدأت هيئة الأوقاف المصرية في التحرك لاسترداد هذا الوقف الذي قام الأنبا ميخائيل نخلة بوقفه في سنة1928 بحجة وقف تحمل رقم6609/55 مصر والتي يذكر فيها الواقف بأنه أوقف هذه الأطيان الواردة بالحجة وقفا خيريا وبناء عليه قامت منطقة الأوقاف بأسيوط باتخاذ إجراءات تسلم أطيان هذا الوقف, إلا انه ولدي شروع هيئة الأوقاف في إتمام محضر استلام الحصة الخيرية في هذا الوقف ومقدارها عشرون فدانا اعترض مطران مطرانية أبو تيج علي استلام الهيئة لهذه الحصة مدعيا ملكية المطرانية لهذه الأطيان وعدم أحقية وزارة الأوقاف في إدارة هذا الوقف وقد تم حسم هذا الخلاف في الاجتماع الذي تم بهيئة الأوقاف بالقاهرة برئاسة رئيس الإدارة المركزية للملكية العقارية والزراعية بالهيئة بالقاهرة بتاريخ29 أغسطس1988 والذي حضره كل من مدير منطقة أوقاف أسيوط ومندوب المطرانية بأبو تيج بناء علي توجيهات محافظ أسيوط في ذلك الحين. وفي8 سبتمبر1988 وردت إشارة من وكيل وزارة الأوقاف لشئون الملكية العقارية تفيد بإيقاف جميع الإجراءات الخاصة باستلام أطيان هذا الوقف لحين صدور أوامر أخري وظل الأمر متوقفا. وفي3 ديسمبر1994 واستنادا إلي أحكام القانون وتوصيات المحاسبات تم حسم الأمر والانتهاء من كل إجراءات الاستلام بمعرفة هيئة الأوقاف المصرية والتي قامت بإرسال خطاب رسمي إلي راعي الكنيسة الإنجيلية ومطران مطرانية أبو تيج جاء فيه نحيط سيادتكم علما بأن هيئة الأوقاف المصرية قامت باستلام مساحة عشرين فدانا الخاصة بالحصة الخيرية في وقف الأنبا ميخائيل نخلة حنا في3 ديسمبر1994 وتم بالفعل ربط هذه المساحة مع المستأجرين الواردة أسماؤهم بكشوف الجمعية التعاونية الزراعية بأبو تيج والحائزين لهذه المساحات من هذا الوقف وسوف تقوم المنطقة بتحصيل المبالغ الخاصة بالإيجار من هؤلاء المستأجرين ابتداء من عام1995 الزراعي, والمنطقة تحيط علم قداستكم بذلك كي لا يقوم مندوب المطرانية بتحصيل إيجار من مستأجرين من هيئة الأوقاف المصرية والتي تقوم بدورها بصرف هذه الأموال علي دور العبادة سواء كانت قبطية أو إسلامية, وكذلك الفقراء والمحتاجون واعتبار هذه المبالغ أموالا عامة تعود في النهاية لخزينة الدولة مما دفع الأنبا اندروس أسقف أبو تيج في ذلك الوقت للتقدم بشكوي لمديرية أوقاف أسيوط لوقف هذا الاستلام ليتم تجميد قرار الاستلام لفحص الشكوي والتي انتهت إلي تسلم هيئة الأوقاف المصرية لحصتها في هذا الوقف. وفي23 نوفمبر1996 صدرت تعليمات من وزير الأوقاف بتوقف كل أعمال الاستلام الخاصة بهذا الوقف والتي اعتبرت في وقتها أنها تأشيرة سياسية وأنها تخالف نص القانون, وفي20 نوفمبر2007 ورد كتاب وزارة الأوقاف الذي يحمل رقم3150 لإعادة فتح الملف والاطلاع علي المستندات الخاصة به وبعد فحصها تبين أحقية هيئة الأوقاف فيه. البحيرة أرض الآثار تحت رحمة التعديات تامر عبدالرءوف تحتل أراضي الآثار المرتبة الأولي من بين التعديات, حيث يوجد في المحافظة أكثر من106 تلال أثرية تتعدي مساحتها1500 فدان. ويوضح جمعة منيسي أحد أبناء مدينة دمنهور أن معظم أراضي التلال الأثرية متاخمة للمدن والقري, وتقع مساحات كبيرة منها داخل الحيز العمراني, مما يحتم ضرورة الحفاظ عليها من التعديات, لكن مع ضعف الأجهزة الأمنية وقبضة الدولة في الفترة الأخيرة, الذي تم التعدي علي مساحات كبيرة منه ورغم حاجة الأهالي إلي جزء من مساحته لاقامة مشروعات للنفع العام عليه رفضت الآثار لكون الأرض مسجلة بها. ويؤكد أنه رغم مطالبتنا المتكررة وإثارة الموضوع لم تتحرك الآثار, فلا هي أنهت عمليات التنقيب وسلمت الأرض للمحافظة ولا حافظت عليها من التعديات. ويضيف انه تم التعدي علي مساحة55 فدانا في أراضي تل كوم الغرف بالمحمودية, كما لا تزال أراضي وبركة قرية كوم جعيف الأثرية بإيتاي البارود غير مستغلة, وتحولت إلي بركة من المياه الراكدة ينتشر فيها البوص والحشائش, وتحوي الحشرات والقوارض, ومستنقعا للإصابة بالأمراض, بخلاف ما تم نهبه من آثار موجودة بها مشيرا إلي ضبط المباحث قبل أيام قليلة لمجموعة من الأشخاص أثناء قيامهم بأعمال الحفائر. ومن قرية كوم جعيف بإيتاي البارود إلي قرية صفط خالد بذات المركز حيث تسبب نزاع بين وزارة الزراعة والأوقاف علي مزرعة تبلغ مساحتها1100 فدان في تشجيع عدد من الأهالي علي التعدي علي الأرض والاستيلاء عليها, وتكشف أوراق المحضر رقم13004 عن قيام من الأهالي, بإبلاغ الشرطة بواقعة قيام بعض أهالي قرية صفط خالد بمركز إيتاي البارود, بمحاولة الاستيلاء علي المزرعة. أما عطية السيد أحد شباب ائتلاف ابناء وادي النطرون, فيوضح أن هناك الآلاف من أفدنه الأراضي الصحراوية بوادي النطرون تتنازعها كل من محافظة البحيرة, والهيئة العامة للتنمية الزراعية, مما يشجع البعض للاستيلاء عليها, وأن مجرد تقديم طلب لتقنين وضع اليد علي أراضي الدولة يمنح الحق لواضع اليد أن يبيع الأرض بأضعاف ثمنها. الاقصر نزاع عمره50 عاما بين المحافظة وشركة السكر البحيرة في الاقصر تتعدد الملكيات مابين اراضي مملوكة للاثار وأخري للاصلاح الزراعي وثالثة لمحافظة الأقصر, ويعد النزاع الأكبر والاشهر بين محافظة الاقصر وشركة السكر الحكومية فالخلاف علي قطعة ارض مساحتها فدانان و12 قيراطا بحوض فهمي40 بجوار بنك التنمية بمدينة أرمنت, فشركة السكر تقدمت بخطاب تطالب فيه بقطعة الأرض التابعة لها بعقد مسجل برقم3629 لسنة1998, وتطالب الوحدة المحلية لمركز ومدينة أرمنت باخلائها, وهو الامر الذي كاد يحدث بالفعل حيث لم يكن لدي رئيس المدينة علم بتبعية الارض للوحدة المحلية, وعند البحث في الامر وجد ان قطعة الارض محيزة باسم الوحدة المحلية لمركز ومدينة ارمنت بسجلات الجمعية الزراعية تحت رقم659 لسنة1977 و801 368 لسنة1981 و84 404 لسنة.1984 ففي عام1962 اي منذ50 عاما تسلمت الوحدة المحلية لمركز ومدينة أرمنت قطعة الارض من الاصلاح الزراعي بالتملك لتصبح تحت حيازتها وسيطرتها حيازة مستقرة لتقوم الوحدة المحلية بعد ذلك بالسماح لشركة المقاولون العرب بوضع معدات الصرف الصحي فيها منذ عام1990 لتصبح بعد ذلك الأرض ملكية خالصة للوحدة المحلية لمركز أرمنت بالمدة القانونية المكتسبة للملكية لتقوم الوحدة المحلية بعد ذلك بتخصيص قطعة الارض بالقرار رقم94 لسنة1992 كمحطة لمياه الشرب ليتم تعديل قرار التخصيص عام1999 لإنشاء مدرسة تجريبية لعدم استيفاء هذه المساحة لإنشاء محطة لمياه الشرب من السلطة المختصة فالارض من الاصلاح الزراعي الي ملكية الوحدة المحلية الي مخزن لمعدات الصرف الصحي لشركة المقاولون العرب الي مشروع محطة لمياه الشرب الي مشروع مدرسة تجريبية الي مخزن لمعدات الوحدة المحلية الي نزاع بين المحافظة وشركة السكر ولم يتم إنشاء المحطة ولا المدرسة ومازال الامر في القضاء. المنيا الزراعة والبترول والمحافظة.. إشتباك دائم تامر عبدالرءوف منذ أربع سنوات قامت محافظة المنيا وبالتحديد عندما كان الدكتور احمد ضياء الدين محافظا بتجربة جديدة من نوعها وهي تحصيل مبلغ ألف جنيه عن كل فدان كمقدم بيع ثمن الأرض لصالح حساب هيئة التنمية الزراعية وتلقت المحافظة طلبات باستصلاح33 ألف فدان بلغت حصيلة المقدمات33 مليون جنيه, ولكن وزارة الزراعة رفضت استلام مقدمات بيع الأرض لأن المحافظ ليس من سلطته البيع ولا الوساطة في البيع بين المستثمرين والهيئة, والنتيجة أن هذه المبالغ أصبحت مجمدة; في صناديق المحافظة فلا هي ذهبت الي هيئة التنمية الزراعية ولا هي عادت الي جيوب أصحابها. المهندس محمد عبدالباقي مدير إدارة الأملاك بمحافظة المنيا يقول إن القوانين الحالية تجعل يد المحافظ مغلولة في اتخاذ أي قرار بالتصرف في الأراضي الواقعة خارج زمام الكتلة السكنية. وطالب بضرورة صدور قرارات لتفويض المحافظين في اختصاصات وصلاحيات هيئة التنمية الزراعية في البيع والتصرف في أراضي الدولة الواقعة داخل حدود كل محافظة, ونموذج آخر هو أراضي المحاجر التي تمثل ثروة اقتصادية هائلة.. هذه الأراضي تائهة بين المحافظة وهيئة الثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول, فالمحافظة تدير مشروع المحاجر من خلال قانون المناجم والمحاجر تحت إشراف هيئة الثروة المعدنية حيث تبين اقتسام حصيلة إيراد المحاجر بين المحافظة ووزارة البترول وهذه النسبة التي تحصل عليها المحافظة من خلال مشروع المحاجر والتي تصل الي أكثر من40 مليون جنيه سنويا تمثل90% من إيرادات صندوق الخدمات والتنمية المحلية للمحافظة وهذا الصندوق دوره تنفيذ مشروعات تعجز عن سدادها الموازنة العامة للمحافظة, وبرغم صدور قرارات بإزالة الأعمال في هذه المحاجر إلا أنها لاتزال مستمرة بالمخالفة وبرغم التلوث المستمر الذي تسببه هذه المحاجر لسكان مدينة المنياالجديدة.
