شهدت أوروبا أمس يوما غاضبا شمل العديد من الاضرابات العامة والمسيرات الاحتجاجية لآلاف المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن رفضهم لسياسات حكوماتهم التقشفية وارتفاع معدلات البطالة في القارة العجوز لمعدلات قياسية. ودعا رابطة التجارة بالاتحاد الاوروبي الي احتجاجات واسعة في23 دولة اوروبية رفضا للظلم الاجتماعي الواقع علي الطبقة العاملة التي تتحمل فاتورة مواجهة ازمة الديون الأوروبية فيما سماه ب يوم التحرك والتضامن. ففي اسبانيا,التي تعد رابع اقوي الاقتصاديات الأوروبية وبلغ معدل البطالة بها نحو25%, دعت الاتحادات النقابية الي الاضراب عن العمل و عدم شراء أي شئ لإظهار تفشي الفقر, والتظاهر تحت شعار انهم يضيعون مستقبلنا. ودعا الناشطون عبر الشبكات الاجتماعية الي التجمع ليلا امام مقر البرلمان الاسباني وترديد شعارات مناهضة للحكومة بعد طرد الكثير من المواطنين من منازلهم التي تسببت في حالتي انتحار خلال الاسبوعين الماضيين. جاء ذلك في الوقت الذي اعلنت فيه السطات الرسمية اصابة12 شخصا- من بينهم ثلاثة رجال شرطة- جراء الاشتباكات بين المتظاهرين ورجال الامن.كما أكد مسئولون حكوميون اعتقال28 شخصا. اما البرتغال, التي احتج مواطنوها علي زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الاخيرة لبلادهم لدعم سياساتها التقشفية, دعت النقابات العمالية امس الي التظاهر في40 مدينة وقرية عبر البلاد بما فيها العاصمة لشبونه وبورتو. وقال أرمينيو كارلوس زعيم اتحاد النقابات العمالية سي جي تي بي في البرتغال: لقد بدأنا هذه المعركة ليس فقط من أجل حق العمال ولكن أيضا للدفاع عن حقوق الأجيال القادمة, من أجل حقوق أطفالنا, و من أجل مستقبل بلدنا.ويسعي الاتحاد لمنع البرلمان من الموافقة علي ميزانية من شأنها رفع الضرائب علي المواطنين. كما تسعي النقابات لإجبار حكومة رئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلو علي تقديم استقالتها. جدير بالذكر ان معدل البطالة بلغ في البرتغال نحو16%. ولقد أثرت الإضرابات علي السكك الحديدية وحركة الاتوبيسات ومترو الانفاق في مدريد ولشبونة والموانئ والمصانع و خدمات النظافة وأسواق المنتجات الغذائية.وأظهرت التقديرات الاولية الغاء نحو600 رحلة جوية من بينها250 رحلة خارجية, وسط تصاعد مخاوف من تأثير الإضرابات علي السياحة مع تصاعد الغاء الرحلات الخارجية.في الوقت ذاته, قلصت اليونان التي تعد مركز ازمة الديون السيادية الاوروبي اضرابها العام الي ثلاث ساعات فقط ومسيرة وسط العاصمة اثينا.كذلك دعت الاتحادات النقابية الايطالية الي اضراب عن العمل لمدة اربع ساعات. وبعيدا عن الدول التي تضررت بشكل مباشر من ازمة الديون السيادية الاوروبية,شهدت العاصمة الألمانية برلين والمدن الألمانية العديد من المسيرات الشعبية. وصرح رئيس إتحاد النقابات الالمانية ميشائيل زومر في برلين أن سياسة الحكومة الألمانية التي تفرضها علي بقية الدول الأوروبية والقائمة علي التقشف والترشيد غير كافية لإنهاء الأزمة في منطقة اليورو كما انها تشكل خطرا علي السلام الإجتماعي في اوروبا, مؤكدا أن الأزمة يجب مواجهتها ببرامج واضحة لتنشيط الإستثمار وتحفيز النمو الإقتصادي وليس بتقليص حقوق العاملين ومد سن التقاعد وتخفيض الحد الأدني للأجور.واعتبر أن الإحتجاجات الأوروبية هي رسالة قوية للحكومات الأوروبية بأن عليها مراعاة البعد الإجتماعي قبل فوات الأوان. في الوقت ذاته,شهدت دول مثل بريطانيا وفرنسا والبلجيك وبولندا مسيرات احتجاجية تضامنية مع باقي الدول الاوروبية,وللاحتجاج علي خفض الاجور في بلادهم ايضا.