تناولت مسودة الدستور الجديد أوضاع ومشكلات الإعلام في ست مواد فقط, اتسمت بالغموض والتعميم, وفشلت في مجملها في رسم خريطة طريق لإصلاح النظام الإعلامي وضمان حريته واستقلاله, أتمني من أعضاء اللجنة التأسيسية إعادة النظر في تلك المواد, وإضافة مواد جديدة في ضوء الملاحظات والتساؤلات التالية: 1 الاهتمام بالإعلام الجديد( إعلام الانترنت) والنص في مادة مستقلة علي حق الأفراد والمؤسسات في إطلاق مواقع الانترنت والمدونات والصحف الالكترونية والإذاعة والتليفزيون الأون لاين بمجرد الإخطار, أسوة بالصحافة الورقية. 2 وردت المادتان216,215 تحت عنوان مغر وجذاب لكنه مضلل, حيث تتحدث المادتان عن هيئتين فقط, وبالتالي لا داعي لصيغة الجمع في العنوان, إلا إذا كان المقصود التفخيم والتعظيم والتلاعب بمشاعر المواطنين. 3 تنص المادة215 علي إنشاء مجلس وطني للإعلام يتولي تنظيم البث الإذاعي والتليفزيوني والصحافة الورقية والرقمية, وضمان حرية الإعلام وتنوعه وعدم تركزه أو احتكاره وحماية مصالح الجمهور, ووضع معايير مهنية وأخلاقية والحفاظ علي اللغة العربية, ولم تحدد المادة القوانين أو القواعد التي تنظم عمل المجلس, أو من سيضعها, هل البرلمان أم المجلس نفسه؟, رغم أهمية تفصيل وتوضيح هذه الجوانب وآليات عمل المجلس. 4 لم يتطرق الدستور إلي ضمانات الإفصاح والشفافية عن تمويل وإدارة وسائل الإعلام, وهي مسألة بالغة الأهمية لأن معظم الصحف والقنوات الفضائية لا تفصح عن مصادر تمويلها, وأوجه الإنفاق والاستثمار. وكثير من الفضائيات العامة والدينية لا تبث إعلانات!! أو تبث قدرا محدودا من الإعلانات, ولا يتناسب دخلها مطلقا مع قدرتها علي الاستمرار, ما يثير شكوكا مشروعة حول مصادر التمويل وطبيعة الأشخاص أو الجهات التي تمولها, سواء كانت داخلية أم خارجية, وبالتالي قيام هذه القنوات بخدمة مصالح وأهداف الممولين, ما يعني ببساطة أننا إزاء مال سياسي وديني يهيمن علي الإعلام. الظاهرة نفسها نجدها في أغلب الصحف الخاصة, حيث يوزع بعضها بضعة آلاف ومع ذلك صدورها منتظم, والأدهي أنها تعطي أجورا ورواتب عالية للعاملين تبلغ أضعاف ما يتقاضاه زملاؤهم في الصحف الحكومية, ولابد لدستور الثورة أن يحسم هذا الأمر. من هنا صدمت عندما لم يلتفت الدستور لهذه المشكلة حيث اكتفت المادة215 بتحديد اختصاصات ومهام المجلس الوطني للإعلام من دون أن تشمل ضمان الشفافية والإفصاح عن مصادر تمويل وسائل الإعلام وأوجه الإنفاق, رغم أنها نصت علي ضمان حرية الإعلام وتعدديته وعدم تركزه أو احتكاره, وأعتقد أنه من الضروري مراجعة هذه المادة لأن منع الاحتكار يرتبط بالشفافية والإفصاح. 5 لم تحدد المادتان215 و216 طريقة اختيار أو انتخاب أعضاء المجلس الوطني للإعلام والهيئة المستقلة للإعلام وفق نظام وحصص مكتوبة في الدستور, وهنا أقترح تحديدها من الآن حتي لا ينفرد الرئيس أو حزب الأغلبية باختيار أعضاء المجلس والهيئة ومن ثم يسيطر علي الإعلام. في هذا الإطار اقترح أن يتم النص في مادة جديدة علي أنه لكل حزب ممثل في البرلمان الحق في ترشيح عضو واحد فقط من أعضاء المجلس أو الهيئة, بما في ذلك حزب الأغلبية, بالإضافة إلي عضوين من الأزهر والكنيسة وعضو يرشحه مجلس القضاء الأعلي, وعضو عن نقابة الصحفيين, وعضو عن نقابة العاملين في الإعلام السمع بصري, والنقابة الأخيرة غير موجودة لكني أتمني سرعه ظهورها. إلغاء حق رئيس الجمهورية في اختيار رئيس المجلس الوطني للإعلام وهيئة الصحافة والإعلام, بحيث ينص في مادة جديدة علي أن يكون رئيس المجلس بالانتخاب من بين الأعضاء, ولفترة أربع سنوات تجدد لمرة واحدة فقط. 7- اختصت المادة216 بتشكيل هيئة وطنية للصحافة والإعلام لإدارة وسائل الإعلام التابعة للدولة, لكن تظل العلاقة بين المجلس والهيئة غير واضحة, بمعني هل تمتد مهام المجلس الوطني للإشراف علي إعلام الدولة, أم أن سلطاته تقتصر علي الإعلام الخاص, وتختص الهيئة المستقلة بالإشراف علي إدارة إعلام الدولة وضمان مهنيته. أعتقد أن هناك قدرا من اللبس والغموض يتطلب مزيدا من الوضوح والحسم. 8 لم تفصل المادة216 الملكية عن الإدارة والتحرير في إعلام الدولة, وهذه هي أم المشكلات!!, وأعتقد أنه من الضروري الفصل بين التحرير والتمويل والإدارة, ولابد أيضا من إشراك العاملين في إعلام الدولة في إدارته وتنمية أصوله. والأهم إقرار حقوق للعاملين- نسبة من الأسهم مثلا- في وسائل الإعلام كافة سواء كانت عامة أو خاصة. 9 النص في مادة لا لبس فيها علي حصانة الإعلاميين والمدونين( والمواطن الصحفي) فيما يتعلق بدورهم وأعمالهم كممثلين للرأي العام, وهنا يجب تحصينهم ضد الحبس في جرائم النشر, وحقهم في الحصول علي المعلومات والحفاظ علي سرية مصادرهم. 10- لابد من النص في الدستور علي مصادر تمويل إعلام الدولة, وكيفية تطويرها, وربط زيادة هذه المصادر بالتضخم, مع النص علي أن إعلام الدولة يمثل المجتمع, ومستقل عن السلطة التنفيذية, فضلا عن توضيح علاقته بالسلطة التشريعية. المزيد من مقالات محمد شومان