أعجبني مقالا للدكتور هشام عبد الصبور شاهين حول سورة المطففين قال فيها عز وجل (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) وقد أنزلها المولي عز وجل في شأن الذين يبخسون الميزان ولها تفسيرات عديدة منها أن التطفيف ظلم صارخ يمارس فى المجتمع على كل المستويات فيمارسها المطففون من بائعي الخضر والفاكهة حتى محتكرى الصناعات الثقيلة والخفيفة وأصحاب التجارات الواسعة مرورا بكل من يطفف بين الناس من تعاملات فى المال والخدمات والبضائع ويشمل جميع أماكن العمل والإنتاج والبنوك والمؤسسات المالية والتجارية الكبيرة والصغيرة فكل من يبخس الناس أشياءهم يدخل فى زمرة المطففين وكل من يستوفى حقه على حساب حقوق الآخرين هو مطفف وكل من يحتكر تجارة أو صناعة ويملك بماله أن يُكره الناس على ما يريد منهم هو مطفف فالحاكم الذى يرعى الفساد ولا يحاسب سارقى أموال الشعب هو مطفف بل هو راعى المطففين الأكبر والوزير الذي يتقاضى راتبا شهريا مليوني جنيه هو مطفف والمذيع الذي يتلقى الملايين فى الخفاء نظير عمل لا يساوى هذا المبلغ هو مطفف والممثلين والمغنين والراقصون ولاعبو الكرة الذين يتلقون أجورا بالملايين هم مطففون والذي يحصل بالمحسوبية والرِشوة وعلاقات المصالح بأهل الحكم على أراضى الدولة بأسعار متدنية ثم يبيعها بالآلاف والملايين هو مطفف والذى يشترى مصنعا من الدولة بأبخس سعر ثم يبيع أصوله وأراضيه بالملايين هو مطفف والذى ينفق الملايين على حملته الإنتخابية ليصبح عضوا فى مجلس الشعب أو الشورى ليتمتع بحصانة أعماله ومضاعفة أمواله هو مطفف والذى يتلقى رِشوة من مواطن كبرت أو صغرت هو مطفف والبنك الذى يربح الملايين من إيداعات عملائه ثم يلقى إليهم بالفتات هو مطفف وكل من احتكر صناعة أو منتجا وضاعف سعره على الناس هو مطفف والقاضى الذى يصدر حكمه فى قضية لا يقضي فيها بالحق لصاحبه هو مطفف والمستأجر لمسكن بقانون الإيجارات القديم باخسا المالك حقه فى ماله هو مطفف والطبيب الذى لا يولى مريضه اهتمامه ويبالغ فى تقدير أتعابه هو مطفف وكل من يحصل من غيره على ما ليس من حقه هو مطفف، ومن أهم وجوه التطفيف في المجتمع المصري ما عانى من آثاره ملاك العقارات حين سُلط على رقابهم قانون الإيجار القديم قانون العلاقة بين المالك والمطفف فالمستأجر انتهز فرصة تأييد النظام الناصري له وترك السادات ومبارك الوضع على حاله مخافة إغضاب المستأجرين واهتبال تأبيد عقد الإيجار بينه وبين المالك فاستوفى حقه ثم سطا على حقوق المالك 6 عقود منذ تدخل عبد الناصر في تحديد القيمة الإيجارية وتخفيضها عدة مرات حتى أصبح الإيجار المدفوع للمالك لا يشتري كيلو طماطم ونسى المستأجر وورثته ممن استولوا على منزل المالك أنهم بتمسكهم بظلم المالك يدخلون في زمرة المطففين وهكذا سنجد المطففين موجودين فى كل مناحي حياتنا ولا يقتصر وجودهم على بائعي الخضر والفاكهة الذين يغشون فى الميزان كما اعتقدنا بل إن التطفيف أصبح عبر العقود الماضية ظاهرة مجتمعية خطيرة نمت وترعرعت وكبرت مع الفساد الذى انتشر وأزدهر وأثمر ثمار الحنظل ويترتب على التطفيف آثاراٌ اجتماعية جسيمة وآلام نفسية عنيفة من القسر والإجبار يتفشى بها الظلم بين الناس حين يصبحون أعداء بالقانون وتشيع روح الكراهية بين أفراد المجتمع ويسود الإحباط والانهزام وتنهار القيم والأخلاق وكلها سمات تميز دولة المطففين واسلمي مصر . بينما يقول الأستاذ كامل البنهاوي متعجبا أن المستاْجر يسدد فاتورة كهرباء للثلاجة وديب فريزر وتليفزيون ان لم يكن 2 او 3 غسالة عادية اواتوماتيك ومراوح سقف وتكيفات ومكواة ويسدد فاتورة غاز عن وصلتين للسخان والبوتجاز ويسدد فاتورة مياة وإشتراك إنترنت ومصاريف محمول واشتراك دش لمشاهدة المباريات من أشكال الرفاهية فى كل منزل و 90% من المستاْجرين لدىهم سيارات حديثة تمون ببنزين 92 وسيارات خاصة لنقل أطفالهم ب100 جنيه فى الشهر والدروس الخصوصية والراتب الشهرى للزوجة العاملة و1500 جنيه كل شهر للاكل والشرب ولحوم ودواجن وخضار وفاكهة وشكارة أرز 25 كيلو غير الخبز البلدى والأفرنجي وطبقي بيض ودعم التموين سكر وزيت وأرز ومسحوق غسيل 90 جنيه إريال للغسالة والسمك واللحمة المفرومة ووجبات الدليفرى وشقق وفيلات وابراج وشاليهات وساكن فى شقة ب2 جنية هل يرضى ربنا ياسادة اصحاب العقارات هم الارامل والمسنين والعواجيز و3 أجيال بعدهم وشباب يلهثون وراء شقه للزواج ولا يجدوا وليس لديهم دخلا للعيش أو شراء علاج ارحموا من فى الارض يرحمكم من فى السماء. في النهاية أود سؤال أعضاء لجنة تعديل قانون الإيجار القديم التي شكلها الدكتور طارق وفيق وزير الإسكان ونحترمهم جميعا ونرفع لهم قبعة الإحترام ونقدر جهودهم هل 80% ممن يسكنون بالإيجار القديم اثرياء ولديهم عقارات أخري يستحقون الدعم؟ بينما 20% منهم أو أقل من محدودي الدخل وفقراء وهم مسئولية الدولة، وهل الحكومة فقيرة لتستأجر بالإيجار القديم ؟ والتجار ورجال الأعمال والمهندسين والأطباء والصاغة وغيرهم وهذا المستأجر المالك لعقارات ويسدد يضعة جنيهات وتسبب في سجن سيدة مسنة وغرامتها 10 الاف جنيه لإخلاء سبيلها حتى يجبرها على صيانة العقار وإيراده لا يكفي إفطار أسرة ولدينا مئات الالاف من المأسي التي تهتز لها الجبال ولكن للاسي والحزن لم تهتز لها مشاعر ابن أدم الذي لبس رداء الظلم ، وجميعنا نرفض طرد فقراء المستأجرين رفقا بأحوالهم ولكن الغني المقتدر عليه أن يسدد الإيجار العادل بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية، فلا تخلطوا الزيت بالعسل وأضرار القانون وأياديه ضالعة وملوثة بالظلم وضلوع أهل الحكم السابق في أزمة الإسكان بمصر والحلول لا حصر لها لإنقاذ مصر من كوارث الأزمة ؟ المزيد من مقالات أحمد مسعود