هدير الزهار : جاءت الفنانة الأوروبية الشهيرة جينيفر لوبيز بفرقتها الموسيقية وملابسها الفاضحة لتحيي حفلا في باكو عاصمة أذربيجان وهي تعتقد أنها تحيي مجرد حفل غنائي عادي إلا أنه في الواقع هو خطوة أذرية تجاه التحرر من قيود التزمت والتقرب للثقافة الغربية, كما أنه في الوقت ذاته خطوة تجاه ازدياد غضب جارتها الجنوبية إيران الذي وصل لقمته. ففي الوقت الذي تعاني فيه إيران من ازدياد توتر علاقاتها بالغرب خاصة في ظل العقوبات التي فرضت عليها وجعلتها أكثر عزلة دولية وتأثرا اقتصاديا, بالإضافة لقيود التزمت الداخلية التي تعاني منها شعبها فأن جارتها الشمالية أذربيجان تأخذ الطريق المعاكس بسعيها يوما بعد يوم للانفتاح علي العالم والتقرب للغرب وثقافته والتي تمثلت أخيرا في إقامة ثلاث حفلات فنية لأشهر ثلاث مطربات أوروبيات وهن جينيفر لوبيز وريهانا وشاكيرا اللائي كن بمثابة أحدث أسلحة أعلنت بهن أذربيجان الحرب علي التشدد والتزمت وأثارت بهم غضب وغيظ الإيرانيين خاصة بعد أن حضر حفل لوبيز أكثر من3 آلاف أذري بالرغم من أن93% من سكان أذربيجان الذين يبلغ عددهم9 ملايين هم مسلمون شيعة أي يعتنقون نفس مذهب الإيرانيين إلا أن الحرية والانفتاح التي يعيشونها تختلف كثيرا عن القيود التي يتغلغل بها الإيرانيون والتي تحرمهم من أقل حرياتهم لذا فلا شك أن مثل تلك الحفلات الفنية التي تقام علي أعلي مستوي ويتم التحضير لها علي أفضل المسارح المزينة تثير قلق قادة إيران من تأثيرها علي شعبهم وزيادة تذمرهم ونقمهم علي النظام المتبع مع ازدياد القيود الفكرية عليهم خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية التي يعانون منها. وتسعي أذربيجان بطرق شتي للانفتاح علي الغرب سواء بالتقارب الثقافي عن طريق التواصل مع الموسيقي الغربية باستضافة روادها في حفلات ضخمة والصرف عليها ببذخ وحضور أعداد كبيرة من الأذريين بها بالرغم من ارتفاع أسعار التذاكر والسماح لنساءها بارتداء أحدث الملابس الغربية وتشجيعهم علي المشاركة في شتي الأنشطة الرياضية دون أي قيود مثل فرض ارتداء الحجاب, بل أنها كانت الدولة المستضيفة لمسابقات كأس العالم في كرة القدم للنساء هذا العام والتي تعد إحدي وسائل الترويج لصورتها بوصفها بلدا تقدميا يحترم المرأة وحقوقها ويشجعها علي المشاركة في الرياضة والفنون أيضا, بالإضافة إلي انتشار الملاهي الليلية في شوارعها الرئيسية والسماح بحرية العلاقة بين الفتيان والفتيات. وهو ما جعل إيران تصب جام غضبها علي أذربيجان وآخر ما اتهمته به ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن إيران نشرت العام الماضي تقريرا تقول فيه أن أذربيجان هي من وفرت القتلة الذين استعانت بهم إسرائيل لاغتيال علماء نوويين إيرانيين خاصة أن علاقتها بإسرائيل تتوطد يوما بعد يوم تلك التهمة التي نفتها أذربيجان تماما بل قامت الحكومة الآذرية برد التهمة باتهام إيران التخطيط لشن هجوم علي إحدي المدارس اليهودية في باكو وقتل مدرسيها, بالإضافة لاتهامها باستهدافها اغتيال عدد من الدبلوماسيين الإسرائيليين والسفارات الأوروبية للنيل من مصالحها مع الغرب وقد أزداد التوتر بين البلدين حدة خاصة بعد اختيار أذربيجان لاستضافة مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن المعروفة عالميا والتي استعدت لها الحكومة الأذرية بتحضير أفضل المسارح وتزينها ببذخ استعدادا لأفواج السياح والزوار, ذلك الحفل الذي جعل إيران تستشيط غضبا وتصفه بأنه يشجع علي ظاهرة المثليين بل احتجاجا عليه قامت بسحب سفيرها من أذربيجان وفي الوقت الذي أعلن فيه الأذريون استياءهم من رد الفعل الإيراني غير المبرر إلا أنهم كانوا مستمتعين بالحفلات التي جعلتهم يشعرون وكأنهم في هوليوود, بالإضافة لسعادة منظمي الحفل للكسب المادي الذي جنوه من وراء الحفل.