مع إعلان الحكومة عن اتجاهها لاستكمال ميكنة اساليب توصيل الدعم, بدأ ببطاقة التموين الالكترونية المستخدمة في صرف مقررات السلع التموينية للأسر مستحقة الدعم . والتي وفرت نحو1.4 مليار جنيه من فاتورة دعم السلع التموينية وجاء دور المنتجات البترولية المدعمة مثل البنزين والسولار وأنابيب البوتاجاز التي يجري حديث الان عن استخدام بطاقات الكترونية لصرفها للمواطنين بصورة تضمن احكام الرقابة علي هذه العمليات والحد من تسرب الدعم لغير مستحقيه والمقدر بنحو30% من إجمالي فاتورة دعم تلك المنتجات أي نحو30 مليار جنيه علي الأقل. وبعيدا عن الجدل حول استعداد المجتمع لتقبل هذه الخطوة وتخوف البعض من موجة من زيادات الاسعار قد نشهدها مع تطبيق النظام الالكتروني في توصيل الدعم, فان هناك قضايا قد تكون اخطر لابد ان تنتبه لها الحكومة عند اتخاذ هذه الخطوة المهمة وهي ما الجهة التي ستشرف علي المنظومة الجديدة؟ والتي بطبيعة الحال سيتاح لها معلومات تفصيلية وبيانات عن غالبية افراد المجتمع. فالمدقق سيلاحظ ان كل افراد المجتمع بصورة ما سيتعاملون مع النظام الجديد ان لم يكن للحصول علي السلع التموينية فعند حصولهم علي انابيب البوتاجاز او البنزين, وبالتالي سيتجمع لدي الجهة المشرفة علي ادارة هذه المنظومة كم هائل من المعلومات والبيانات عن الاسر المصرية وانماط استهلاكها واحتياجات مصر من السلع الاستراتيجية وتوقيتات شرائها والأخطر موقف المخزون منها شهرا بشهر وأيضا توزيع السكان في المناطق والمحافظات المختلفة بصورة دقيقة وشاملة. ولاشك أن هذا الأمر يتطلب أن تراعي الحكومة حساسية هذه المعلومات وتأثيرها علي آمن مصر الاقتصادي, وبالتالي لا يجب لأيد اجنبية ان تتدخل في هذه المنظومة تحت اية ذريعة بل يجب ان تشرف عليها وتديرها الدولة ممثلة في احدي شركاتها او هيئاتها العامة. وما يدفعنا الي هذه المطالبة امتلاك مصر تجربة ناجحة تعد نموذج للمنطقة فوزارة المالية بالتعاون مع البنك المركزي نجحت في اطلاق منظومة المدفوعات المالية الحكومية لتحصل من خلالها مستحقات الضرائب والجمارك, بخلاف صرفها لمرتبات العاملين بالحكومة والجهاز الاداري للدولة وان كان عدد المستفيدين من منظومة المرتبات حتي الان دون مستوي طموحاتنا, ايضا صرف المعاشات الكترونيا والتي يستفيد منها اكثر من ثلاثة ملايين مواطن, وكل هذه العمليات تتم منذ سنوات وبصورة ناجحة للغاية حتي في اشد ايام الانفلات الامني ايام الثورة استمر النظام وادي دوره كما يجب. وبجانب هذه التجربة الناجحة يوجد بمصر4 أو5 شركات وطنية مملوكة بالكامل للمال العام تشرف وتدير منظومة من الخدمات الالكترونية وهو الامر الذي اسهم في بناء بنية اساسية الكترونية قوية تمتد في جميع انحاء مصر ويمكنها استيعاب حجم هائل من العمليات المالية بصورة امنة ومؤمنة بأيد وعقول مصرية. ايضا فان هناك جانب قد يكون خافيا عن البعض وهو المتعلق بإمكانية استغلال المعلومات الخاصة بالمشاركين في المنظومة حيث توجد شركات تشتري تلك البيانات فهي بالنسبة لها معلومات ثمينة عن قوة شرائية هائلة نحن ندعو الحكومة لدراسة تلك التجارب الناجحة والاستفادة بها وبالبنية الأساسية التي تم إنشاؤها خلال السنوات القليلة الماضية في مد منظومة الخدمات الالكترونية, والاهم ان تصدر كارتا الكترونيا واحدا يتعامل به المواطنون مع جميع الجهات العامة التي تقدم سلع او خدمات مدعمة, فهذا بجانب تقليله التكلفة عن الاقتصاد القومي يزيد من إحكام الرقابة علي المال العام ويؤكد حسن إدارة الحكومة لمواردنا الاقتصادية.