اعتماد 66 مدرسة جديدة في القاهرة ضمن منظومة الجودة التعليمية    السيسي: مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان يحظى بدعم سياسي وحكومي قوي    مخاطر جسيمة.. اللاجئون السودانيون فى إثيوبيا بين مطرقة الحرب وسندان الفقر    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    عماد المندوه يقود تدريب حراس الزمالك    التحفظ على السيارة المتسببة في مصرع شاب بطريق السويس    غادة إبراهيم تشن هجومًا لاذعًا على بوسي شلبي بعد نفي ابنائه استمرار زواجه منها    مسيرات أوكرانية تستهدف موسكو مع وصول زعماء أجانب للمشاركة في الاحتفالات بيوم النصر    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    مدير هيئة نظافة القاهرة: 20 ألف طن مخلفات تخرج من العاصمة يوميا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    المشدد 7 سنوات لشقيقين في اتهامهما بقتل جارهما بأسيوط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    إيهاب فهمي: محمد سامي موهبة كبيرة.. ولا يعامل مي عمر معاملة خاصة    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    غدًا.. قصر ثقافة روض الفرج يشهد انطلاق الأسبوع ال38 لأطفال المحافظات الحدودية بمشروع «أهل مصر»    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    ابتعدي عن هذه الأكلات لحماية طفلك من النزلات المعوية في الصيف    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    أوس أوس يطلب الدعاء لوالدته بعد دخولها رعاية القلب    إزالة 8 تعديات على أملاك الدولة في حملات بالأقصر    إغماءات وبكاء... جنازة مهيبة ل'أدهم' طالب كفر الشيخ ضحية الطلق الناري من زملائه الثلاثة (صور)    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ المنيا يوافق على تحسين خدمات النقل وفتح التقديم لترخيص 50 تاكسي    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بصدق
حسابات المكسب والخسارة

الأنباء المتواترة الآن تشير إلي أن إفلاسا يهدد مصر‏,‏ وإلي طباعة بنكنوت بأرقام فلكية دون غطاء حقيقي‏,‏ وإلي أن شركات عديدة أصبحت تعجز عن سداد الرواتب‏,‏ كما أن أغلب المتفائلين يرون أن تكرار الصدامات الشعبية ينذر بحرب أهلية‏,‏ بينما يراه المتشائمون خرابا ودمارا‏,‏ وجميعها أمور يجب أن ننتبه إليها‏,‏ ليس بتصريحات التفاؤل‏,‏ وإنما بإجراءات حقيقية علي أرض الواقع‏,‏ قد تكون غير مستساغة في البداية إلا أن البديل سوف يكون أكثر مرارة‏.‏ وربما لم أكن أبدا متشائما طوال الشهور العشرين الماضية مثلما هي الحال الآن, حيث الأزمة التي طرأت علي العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية, رغم أنها مرت بسلام, بالتزامن مع جمعة أو مليونية تمت الدعوة إليها دون مبرر معقول, وما استتبعها من مصادمات دون سبب منطقي, وما رافق ذلك من عقبات واجهت اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور, وتحفظات أعضاء المحكمة الدستورية عليها, والموقف الرافض من حزب النور أيضا, ثم موقف بعض القوي السياسية الرافض دائما والمتحفز علي مدي الساعة, أضف إلي ذلك الوضع المتأزم في سيناء, والانفلات الأمني في معظم المحافظات, ثم الأزمات التموينية والاقتصادية والمالية, وما يواكب ذلك من احتجاجات وإضرابات واعتصامات.
ولأن الأمر كذلك, فسوف نظل نؤكد أن مصر الآن في حاجة إلي هدوء من أجل الإنتاج, واستقرار من أجل التنمية, وأمن من أجل الرخاء, ولن يتأتي أي من ذلك إلا إذا واجهت الدولة الرسمية أوضاع الانفلات السائدة الآن بشجاعة وشفافية مع ما يرافقها من بلطجة سياسية واضحة للعيان أسفرت, للأسف, عن حرق ونهب وإغلاق طرق وتعطيل مصالح ومؤسسات تحت شعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير, وهي أمور الثورة منها براء, والتقدم من خلالها هراء.
وما أود الإشارة إليه هو أن النهاية المتحضرة للأزمة التي لحقت بالعلاقة بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية أكدت عدة أمور, أهمها:
إن حضارة مصر الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ ألقت دائما بظلالها علي مجريات الحاضر, وقد بدا ذلك واضحا أيضا في كل الأزمات التي شابت ثورة25 يناير2011 وحتي الأزمة التي نحن بصددها, بمعني أن إعمال لغة العقل والتحضر كان دائما وأبدا سيد الموقف في النهاية, ولهذا السبب عبرت السفينة إلي بر الأمان, ولم ننجر, كغيرنا, إلي ما يعكر صفو تلك الحضارة علي مدي الشهور العشرين الماضية.
إن الرئيس بإعماله قاعدة الرجوع إلي الحق فضيلة, وانتصاره لقضاء مصر, أثبت أنه قائد علي مستوي المسئولية, لا يكابر, ولا يغامر, ولا يركن إلي العناد, وهو سلوك حضاري دعت إليه الأديان السماوية, وهو أيضا سمة نحمد الله أن اختص بها قائد البلاد في هذه المرحلة حتي يمكن أن نأمن علي مستقبلنا وسط هذه الأمواج العاتية.
إن رد فعل أعضاء السلطة القضائية, وبصفة خاصة النائب العام, كان مبررا دفاعا عن القانون وعن هيبة القضاء, أما الذين استغلوا الموقف للتصعيد علي هذا الجانب أو ذاك, فمن المهم أن يراجعوا أنفسهم الآن من أجل مصلحة هذا الوطن الذي سوف يلفظهم عاجلا أو آجلا.
إلا أن المثير في الأمر هنا, هو هؤلاء الرجال حول الرئيس, أو مستشاروه, أو من يستمع إليهم, أو سمهم ما شئت, فهم الذين أشاروا إليه بقرار إرسال النائب العام إلي الفاتيكان سفيرا, وإبعاده بذلك عن منصبه, ثم التفسير العجيب فيما بعد بأن ذلك ليس قرار إقالة, وإنما مجرد نقل من وظيفة إلي أخري, في محاولة للخروج من المأزق القانوني الذي لا يجيز الإقالة!.
رجال الرئيس هؤلاء يجب أن نتوقف ويتوقف الرئيس أمامهم طويلا للإجابة عن تساؤلات مهمة هي: هل تنقصهم الخبرة؟.. أم هم مستشارو سوء؟..أم هي الشخصية المصرية التي تري في السلطة مجرد عزبة يرتعون فيها كما يشاءون؟!, بالتأكيد هي واحدة من هذه أو تلك, وإلا لما أديرت تلك الأزمة بهذه الطريقة الدرامية التي تكفل خلالها أحدهم بحديث هاتفي مع النائب العام حسب روايته- لإقناعه بالتنحي, وآخر باتصال يحمل تهديدا ووعيدا, وهكذا بدا الأمر وكأننا أمام حزب وطني آخر لم يكلف نفسه حتي عناء البحث عن إخراج جيد.
ولهذا..
ومن خلال ثقتنا في شخصية الرئيس وحنكته فنحن علي يقين من أنه سوف يشرح الحقيقة كاملة, بل سوف يعيد النظر في مستشاريه, والأهم من ذلك أنه سوف يستفيد مما حدث في المستقبل إدراكا أن مصر دولة مؤسسات ولا يمكن بأي حال أن تدار بمثل هذه الطريقة التي كادت تعصف بمكتسبات كثيرة حققها هذا الشعب بجهده ودمه.
ولست شخصيا مع من يشيرون علي القيادة السياسية بأن كل جمعة احتجاجات يجب أن يسبقها قرار لامتصاص الغضب أو لتفويت الفرصة, وذلك لسبب بسيط وهو أن هذه التجمعات لم تعد أبدا تعبيرا عن الرأي العام الطبيعي الذي يؤثر الآن الاستقرار والهدوء أملا في تحسن أمني أو تقدم اقتصادي, كما أن من يزايدون علي قرارات الرئيس بمهاترات تأتي دائما بنتائج عكسية, عليهم أن يتوقفوا, وذلك لأن السفينة لم تعد تتحمل أكثر من ذلك.
وإذا كان البعض قد تناول هذه القضية التي نحن بصددها من منظور حسابات المكسب والخسارة استنادا إلي تراجع مؤسسة الرئاسة عن قرارها, أو اعتبار التماس المجلس الأعلي للقضاء تنازلا- فهو منظور ضيق لم يرق أبدا إلي مصلحة الوطن العليا التي بدا واضحا أنها كانت الهدف الأسمي للمؤسستين معا الرئاسية والقضائية, وهذه هي شيم الكبار التي يجب أن يتعلم منها الصغار الذين أدلوا بدلوهم علي مدي عدة ليال متتالية سواء في الفضائيات أو في مؤتمرات وتجمعات كان الهدف منها إشعال الفتنة في مجتمع ضج من مثل هذه الممارسات.
ويصبح مهما الآن..
وبعد أن هدأت الأمور أن يحاسب كل طرف أنصاره ومريديه علي ما اقترفوه في حق هذا الوطن, حيث لم يعد مقبولا استمرار هذه الأوضاع التي قد تخرج عن السيطرة يوما ما, كما يصبح من المهم أيضا, وخاصة حينما يتعلق الأمر بأجهزة رسمية, أن يكون هناك متحدث واحد ليس أكثر حتي لا تختلط الأمور, فلا يعقل أبدا أن تخرج تصريحات من محسوبين علي المؤسسة القضائية تهين أو تزدري رئيس الدولة, في الوقت الذي لا يمكن فيه القبول بأن يوجه شخص ما تحذيرات من أي نوع إلي شخص بحجم النائب العام مهما يكن موقعه أو قربه من السلطة التنفيذية.
كلها إذن ملفات تضع مؤسسة الرئاسة في موقف لا تحسد عليه, وتضع الحكومة في مأزق يومي, ويظل المواطن البسيط هو الضحية في ظل ذلك التصعيد المتعمد للأزمة من بعض القوي التي بدا واضحا أنه لن يغمض لها جفن إلا إذا رأت النظام الحاكم ينهار, غير مدركة أن الدولة هي التي تسقط وليس النظام, وهو الأمر الذي يجعل من حق الرئيس الاستعانة بأهل الثقة علي حساب أهل الخبرة الذين اعتادوا الانتقاد والاعتراض والتشكيك في أي شيء وكل شيء دون تقديم البديل, ودون محاولة حقيقية من جانبهم للمشاركة في صنع مستقبل وطن هو في أمس الحاجة الآن إلي جهود أبنائه وأفكارهم, ولكن بصدق وإخلاص.
ولذلك فمن المهم تأكيد عدة أمور أهمها:
إن المعارضة موجودة في كل دول العالم المتحضر والمتخلف علي السواء, إلا أن النموذج المصري أصبح فريدا بتلك المليونيات- لسبب ودون سبب- التي لا تريد أن تتوقف ولا يبدو في الأفق ما يشير إلي ذلك.
إن تلك التجمعات, رغم ضعف عددها وتكوينها وأسباب الدعوة إليها, تجد صدي لدي وسائل الإعلام وخاصة الأجنبية منها مما يلقي بتأثير سلبي سريع علي الاقتصاد والسياحة والأمن وكل مقومات الحياة.
إن تلك القوي التي تدعو إلي مثل هذا النوع من التجمعات بصفة دورية تدرك خطورة ذلك علي اقتصاد وأمن البلاد, وأخشي أن يكون هذا هو الهدف وصولا إلي الهدف الأكثر شيطانية وهو إسقاط النظام.
إن تمويل الإعلام في الداخل يجب أن يكون تحت مراقبة فاعلة لأن ذلك التمويل في السابق قد أسفر عن إيجاد شياطين إعلام, وها هم الآن يواصلون مسيرة التخريب والتأليب دون الأخذ في الاعتبار الحالة التي وصلت إليها البلاد أو التي يمكن أن تصل إليها.
ما أخشاه..
الآن هو ألا تكون الدولة مستعدة لمواجهة هذا المأزق بإجراءات حاسمة تتطلب صدور مراسيم رئاسية أو قوانين تمنع هذه المظاهر لفترة من الزمن, تصل إلي عامين علي الأقل, حتي يلتقط الاقتصاد أنفاسه, وما أخشاه ايضا هو أن تستمر مظاهر الانفلات أو البلطجة السياسية هذه إلي أجل غير مسمي, ثم في النهاية تأتي جمعة المحاسبة الحقيقية التي لن تستطيع فيها الحكومة الرد علي أي تساؤلات خاصة برخاء المواطن واستقراره, وما أخشاه كذلك, وهذا أمر طبيعي, هو أن تزداد الأمور سوءا فتتعاظم الديون والبطالة وعجز الموازنة وتصبح البلاد علي أبواب ثورة الفقراء التي يتم التمهيد لها الآن.
إذن..
الكرة الآن في ملعب السلطة الرسمية, فإما أن تواجه الموقف بحزم وشجاعة, وإما أن تتخاذل وتدفع الثمن, وما أود تأكيده هو أن الوقت يداهمنا, كما الانهيار تماما, ومشاريع الانفصال والتقسيم تطاردنا, كما هو حال بقية المنطقة, وفي الوقت الذي يدق فيه العدو الصهيوني طبول الحرب كل صباح, فإن الخطر للأسف يحدق بنا من الداخل أيضا, ومن هنا فلم يعد هناك أي مبرر لاستمرار هذه الأوضاع أو السكوت عنها أكثر من ذلك, وهذه هي حسابات المكسب والخسارة الحقيقية التي يجب أن نفطن إليها.
المزيد من مقالات عبد الناصر سلامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.